{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأنعام : 17].

الأحد 13 فبراير 2022 - 09:10 بتوقيت مكة
{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأنعام : 17].

القرآن الكريم-الكوثر:

قال تعالى :  {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام : 17 ، 18].

لا كاشِفَ إلا الله

تدل هذه الآية على ان الضر كالفقر والمرض ونحوهما من صنع اللَّه ، لا من صنع الناس ، وكذا كشفهما والخلاص منهما ، إذن ، لما ذا السعي والعمل ؟ . الجواب : أولا ان السعي واجب عقلا ونقلا ، أما العقل فلأن الحياة لا تتم إلا بالعمل ، واما النقل فقد تجاوز حد التواتر ، من ذلك قوله تعالى : فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ - 10 الجمعة . وقوله : {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك : 15]. وفي الحديث : سافروا تغنموا . . تداووا فان الذي أنزل الداء أنزل الدواء . وعليه ، فمن قصر في السعي ، ومسه الضر فهو المسؤول ، ومن سعى من غير تقصير ومسه الضر تقع المسؤولية على مجتمعه الفاسد في أوضاعه وأحكامه ، وإن كان المجتمع الذي يعيش فيه صالحا فقد تضرر بقضاء اللَّه وقدره .

ثانيا : إن اللَّه سبحانه لا يريد الضرر لأحد من عباده ، كيف ؟ وهو القائل : {وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ } [ق : 29]. والقائل : {وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [البقرة : 207]. وفي الحديث : إن اللَّه أرحم بعباده من الوالدة بولدها . وعلى هذا يكون المراد بالضر في الآية ما يجازى به العبد على عمله ، أو امتحانا لمصلحته وما إلى ذلك مما لا يتنافى مع عدل اللَّه ورحمته .
{وإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} . أي لا رادّ لخيره وفضله ، قال الرازي : ذكر اللَّه في الخير انه على كل شيء قدير ، وفي الضر انه لا كاشف له إلا هو ، ذكر ذلك للدلالة على ان إرادة اللَّه لإيصال الخيرات غالبة على إرادته لإيصال المضار .

{وهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}. والقاهر يشير إلى قدرة اللَّه والخبير إلى علمه . وقهر اللَّه عباده بإيجادهم دون إرادة منهم ، وقهرهم أيضا بالموت والفناء ، قال ابن العربي في الفتوحات المكية : إن اللَّه سبحانه قهر عباده لأنهم نازعوه وخاصموه في مخالفتهم لأحكامه ، ومن خاصم اللَّه فهو مقهور ومغلوب لا محالة ....

الشيخ محمد جواد مغنية / تفسير الكاشف : ج3 ، ص169-170..

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأحد 13 فبراير 2022 - 09:05 بتوقيت مكة