رؤى سياسية قرانية.. ح 11 (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ)

الأحد 20 يونيو 2021 - 09:39 بتوقيت مكة
رؤى سياسية قرانية.. ح 11 (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ)

القرآن الكريم-الكوثر: قال الله عزّ وجلّ في محكم كتابه العزيز: (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ) (الزخرف:54)... التجهيل من أساليب الطغاة لغرض البقاء في السلطة.

الدولة الاسلامية...مباديء و خصائص

1- التفسير بايجاز لقوله تعالى فاستخف قومه : المعنى فاستجهل قومه فأطاعوه لخفة أحلامهم وقلة عقولهم، . وقيل : استخف قومه أي : وجدهم خفاف العقول فدعاهم إلى الغواية فأطاعوه ،أنهم كانوا قوما فاسقين اي خارجين عن طاعة الله .

2-  رواية عرفت بانها مشهورة في اوساط الامة وذكرت في بعض كتب مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) وهي: ( كيفما تكونوا يولى عليكم).

3- فهل حقا انه قانون اجتماعي صارم، حول ان القيادات والزعامات  في الدول انما يمثلون الجماهير في بلادهم أو أنهم كما يقولون افراز طبيعي لثقافة وإرادة الجماهير.  او قد يقال انها تمثل الاغلبية ولها نفس التطلعات لجماهيرها.

4- في حال تمايز ارادة الجماهير واختلاف إرادتها مع القيادة ،  ستضطر القيادة إلى استخدام  القوة والعنف وهذا سيجر الى صراع عنيف ولكن بالتاكيد سيذهب ضحيتها الكثير من الناس حتى يتمكنوا من الإتيان بسلطة تتناغم مع تطلعاتهم

وكما قال المرجع الشهيد السيد محمد باقر الصدر "الجماهير أقوى من الطغاة مهما تفرعن الطغاة..."

5- أن البعض قد يحاول أن يثبت بان الملوك او القيادة هم خيار الشعوب  الاوحد، وقدرهم المحتوم، ولكن هذا لا يمثل الحقيقة بكل معانيها والقرآن الكريم  لا ينفي هذه الحالة تماما بل يؤكد حالة توافق الجماهير مع السلطة عندما تقبل الجماهير بكل ما تطرحه السلطة من أفكار ورؤى حتى لو كانت منحرفة، (لنخرجنك يا شعيب من قريتنا او......)او ( وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا)، إلا ان الله تعالى لا يترك الجبابرة وحتى الناس إلا وأن يبعث لهم من  يرشدهم إلى طريق الحق والعدل ثم ليتم الحجة عليهم.

6- ان فرعون لم يكن غافلا عن واقع الأمر تماما، وكان ملتفتا إلى أن لا قيمة لهذه الجماهير وانه قادر بسطوته ان يستعبدهم ويحكم فيهم كما يشاء، وقد أستخف قومه فأطاعوه.

7- ان طريقة كل الحكومات الفاسدة ومن أجل الاستمرار في تحقيق أهدافها وتسلطها على رقاب الناس، هي التجهيل وقلب الحقائق على الناس وجعل الناس في مستوى مترد من الفكر والثقافة والوعي، وتسعى إلى تركهم حمقى لا يعون ما حولهم باستخدام أنواع الوسائل، فتجعلهم غرقى في حالة من الغفلة عن الوقائع والأحداث، وتنصب لهم موازين كاذبة منحطة بدلا من الموازين الحقيقية، كما تمارس عملية غسل دماغ تام متواصل لهذه الشعوب.

8- ان يقظة الشعوب ووعيها، وتنامي رشدها الفكري يمكن ان يشكل أعظم خطر على الحكومات الظالمة، ويعتبر أكبر تحد  للحكومات الطاغوتية المستبدة.

9- وإذا كانت تحت تصرف فرعون وسائل محدودة توصله إلى نيل هدفه، فإن طواغيت اليوم يستخفون عقول الشعوب بواسطة وسائل الاتصال الجماعية، الصحف والمطبوعات، شبكات الراديو والتلفزيون، أنواع الأفلام، بل وحتى الرياضة يجعلوها في قالب الانحراف، وابتداع أنواع الأساليب المستهجنة، لتغرق هذه الشعوب في بحر الغفلة، فيطيعوهم ويستسلموا لاغوايءهم ، ولهذا كانت المسؤولية الملقاة على عاتق علماء الدين والملتزمين به (والذين يحيون خط الأنبياء الفكري والعقائدي والواعين من الامة) مسؤولية ثقيلة و كبيرة في نشر الثقافة الأصيلة النابعة من الفكر الاسلامي، وفضح الظالمين واساليبهم الخبيثة و الملتوية.

الخلاصة: ان الرواية ( كيفما تكونوا يولى عليكم) على فرض ما فيها من صحة ولو يشكل نسبي، إلا ان الآية الكريمة (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ) تؤكد على نقطة مهمة جدا، إذ ان الآية تنبه الناس او الشعوب إلى أن يلتفتوا إلى الواقع الثقافي والتربوي، و إلى القيم الإنسانية التي فطر الله تعالى الناس عليها، وعليه فيجب عليهم ان لا يقروا بالظلم الواقع عليهم، على اساس انه قدر محتوم، ولا ان يستسلموا له، وان يواصلوا جهدهم لفضح الظالم والفات الناس لواقع الامر ولمحاولات الطغاة لتجهيلهم والاسخفاف بعقولهم والسبطرة على مقدراتهم.

علي العلوي / قم المقدسة

إقرأ أيضا: رؤى سياسية قرانية.. ح 10 (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا...)

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأحد 20 يونيو 2021 - 09:25 بتوقيت مكة
المزيد