ترامب بين الأمس واليوم..غيض من فيض سوءآت لن ترحمه؟

الخميس 14 يناير 2021 - 09:02 بتوقيت مكة
ترامب بين الأمس واليوم..غيض من فيض سوءآت لن ترحمه؟

مقالات-الكوثر: اميركا.. أرادها أولاً ، فصارت في مهب الريح ! لم يذكر التاريخ المعاصر وعلى امتداد عقود، رؤساء اميركا إلاّ بسيرة مشوّهة او قرارات خاطئة او فضيحة تُزكم الأُنوف او حروب مدمرة او سلوك عدواني إستعلائي.

البعض من رؤساء اميركا علاوة على ما ذُكر، إقترن اسمه ببعض المكاسب والإنجازات النسبية داخلياً وخارجياً.
لكن ترامب شكل الظاهرة الاستثنائية والشاذة جداً ،على المدى القريب والبعيد في تاريخ الامبراطورية الاميركية او ما تُسمّى القوة الأعظم في العالم.
وما يُلفت الانتباه في عهد الرئيس الخامس والاربعين ، إن مجيئه كان صاخباً كما هو رحيله.
ترامب كان أشبه بكرة الثلج، كلما نَمت كانت أثاره التخريبية أكبر، حتى بلغ مداه هذه الايام!
اميركا اليوم على مفترق طرق مفتوحة على كل الاحتمالات وليس أقلها ، الانقسام المجتمعي الحاد الذي يُنذر بحرب أهلية طاحنة وتفكك خطير وانقسام مناطقي وجغرافي وسياسي.
ترامب الذي رفع شعار (( امريكا أولاً )) منذ حملته الانتخابية ٢٠١٧ وسار وفق تلك الرؤية ، إختتم عهده بنكسة كبرى وضع معها هيبة ومصداقية وجبروت امريكا ووحدتها على المحك وزاد من عداوات الحكومات والشعوب لها.

هنا جرد سريع وإستذكار لأهم وأخطر سوءآت ترامب طوال ٤ سنوات ، لنفهم كيف إنقلب السحر على الساحر وأضحت امريكا فُرجة امام العالم.

▪️تشريعاته العنصرية والإثنية حيال جيرانه خاصة الجنوبيين(المكسيك) وسياج العزل وفصل الأطفال عن أبائهم في معسكرات الإعتقال .
▪️قوانينه الجائرة والتعسفية حول السفر والاقامة بحق رعايا دول عربية واسلامية من منطلقات عنصرية ودينية.
▪️إخطار رعايا الدول الاخرى وكذا الامريكيين بالعقوبات ومنع دخول الاراضي الامريكية اذا سافروا الى دولة محددة (ايران) كاجراء تعسفي غير مسبوق!
▪️الانسحاب من اتفاقيات ومعاهدات اقليمية ودولية واممية وقع عليها نُظرائه السابقين دون اكتراث بالتعهدات والتقاليد الدولية ( معاهدة المناخ وعضوية اليونسكو والانروا مثالاً).
▪️فرض الأتاوات التجارية الظالمة والأُحادية ضد الجميع فلم يوفر احداً من الأصدقاء والحلفاء فما بالك بالأعداء والغرماء. (اوربا،كندا،المكسيك والبرازيل والصين .. أمثلة)
▪️توجيه الإهانات المتكررة لاوربا ودول اخرى صغيرة او كبيرة ، ومنهم عربان الخليج الذين نعتهم بشتى النعوت ، فتارة حماهم في مؤخرتهم (!!) او إزدراهم بالقول انهم كادوا يستفيقون يوماً ليجدوا شعوبهم تتحدث الفارسية لولا دعمنا(!!) وكذا إهاناته لحلف الأطلسي وأعضائه فيما كان لميركل وماكرون وحتى حليفه جونسون نصيبٌ من الكلام اللاذع(!!).
▪️حضوره الاستعراضي في سوريا على شاكلة الكاوبوي و عدوانه الصاروخي عليها بادئ ذي بدء لوقف عملياتها لتحرير المدن وهزيمة داعش ، التي اتهمها ذات يوم انها صنيعة (اوباما-هيلاري) ، ليناقض نفسه لاحقاً متبادلاً الأدوار معها -داعش- وخوض الحروب في مناطق كان شعاره الانتخابي، عبثية الحضور فيها ؟!
▪️تَقنينه سرقة ثروات الشعوب باعلانه الصريح وبلا خجل انه سيبقى في سوريا لابتلاع نفطها ، مستنكراً على أسلافه الإحجام عن ذلك في العراق، الذي كان عليه -كما يرى ترامب- دفع فاتورة "تحريره" و القتال على أراضيه ، مقدراً ذلك ب ٧ ترليون دولار كان لابد أن تُسرق من نفط العراق ؟!
▪️إذلاله المتواصل لحكام الخليج واستحلابهم المتكرر بمئات ملايين الدولارات تحت يافطة (لا أمن بلا أموال)  و (لا علاقات بلا صفقات)  حتى باعهم ما باعهم من الأسلحة التي لا يَقدرون على تشغيلها وإدامتها إلاّ بإذنه !؟
▪️معركة كسر العظم مع الجمهورية الاسلامية عِبر حملة شعواء وحزمة من العقوبات أُعتبرت الأشرس والأعنف على الإطلاق في تاريخ الحروب الإقتصادية شملت حتى الدواء والعلاج؟!
▪️تدخلاته السافرة لتغيير انظمة الحكم عِبر الضغط الاقتصادي والتهديد العسكري بشكل مفضوح، وقد فضح نفسه ذات مرة عندما صرّح ان عقوبات واشنطن على طهران تستهدف تأليب الرأي العام الايراني للانقضاض على حكومته ليستدرك لاحقاً بعدما ذكروه بتبعات ذلك قانونياً ، انه انما يريد استدراج ايران-النظام الى مفاوضات جديدة !
▪️حرب اسعار النفط التي شنها بالتماهي مع السعودية وكان هدفها إفقار ايران وتطويق روسيا وابتزاز العراق وسحق فنزويلا وللطرفين في هذا منافع مشتركة علاوة على إذلال اوبك.
▪️تكريس الفوضى في العراق لإستنزافه وكذا ايران لإستدراجها وهو القائل في زيارته الخاطفة لقاعدة عين الاسد عشية حلول ٢٠١٩ : ان امريكا هنا لمراقبة ايران وحماية اسرائيل ؟!
▪️سياسة الوصاية والاملاءات الخادشة للسيادة والتي قادها وزير الخارجية الامريكي المأزوم والمهزوم مايك بمبيو ضد دول وشعوب المنطقة وحتى اوربا لضرب وتطويق دول اخرى عِبر أساليب التهديد المالي والتجاري .
▪️إدراج العديد من حركات المقاومة على لائحة الارهاب والتضييق عليها عِبر ابتزاز وإرعاب الحكومات ،كحزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي واخيراً وليس آخراً حركة انصار الله اليمنية وكل ذلك خارج السياقات الوطنية والدولية في مثل هذه الحالات.
▪️في الداخل فان إرهاصات امريكا لم تكن باقل وقعاً من عنتريات الرئيس المنفوخ في الخارج !
فترامب وككل الشعبويين مارس حملة(شلع قلع) على الطريقة العراقية شملت اقرب مساعديه وأعوانه ( وزراء دفاع وخارجية وعدلية وخزانة و..) وكذلك مستشاره وحليفه من نمطه، جون بولتون مستشار الامن القومي علاوة على كبار موظفي البيت الابيض ، فيما كانت سجالاته المقرفة مع الاعلام والاعلاميين مثالاً صارخاً للعتوّ الترامبي!
▪️انانية ترامب واستكباره قادته الى نزاع عقيم مع الصين في حرب تجارية غير مسبوقة كان لها تجلّيات غير محمودة العواقب في كل المناحي.
▪️في نفس السياق ، أدخل ترامب امريكا والعالم في أتون حرب باردة لكنها مستعرة هذه المرّة بعد التخلّي عن اتفاقيات الحد من التسلح وعسكرة العالم مما ساهم في اطلاق سباق خطير وكارثي مع روسيا وكوريا الشمالية والصين وحتى ايران.
▪️الإمعان في قهر الشعوب وظلمها والتعدّي على حقوقها وفلسطين نموذج .
حيث تهويد القدس ونقل السفارة اليها خلافاً للرؤية الاممية ودعم الاستيطان وصفقة القرن المجحفة وإن فشلت في الإطار العام إلاّ إنها فرّخت اتفاقيات ثنائية قادها المتصهين اليهودي جارد كوشنر صهر ترامب مع اذلاء العرب في اتفاقيات التطبيع المخزي.
▪️سياسة الكيل بمكيالين والتي امتهنتها الادارات الاميركية على الدوام ، لكن نفاق وازدواجية ترامب بلغت مبلغاً فريداً ، حيث قهر منظمات حقوق الانسان الامريكية وحتى العالمية على تجاهل جريمة المنشار السعودي وتقطيع جثة المعارض جمال خاشقچي أمام مرآى ومسمع العالم ولا من مغيث؟! فيما لسان وزير خارجيته ومنظماته اللاشريفة تُعيب على باقي الدول انحسار الديمقراطية وحقوق الانسان.
▪️اما جريمته النكراء في مطار بغداد الدولي ، فقد كانت فتنة وقى الله المنطقة والعراق وايران شرورها حتى الان ، فكادت أن تأخذ الجميع الى المجهول ، خاصة بعد الرد الانتقامي الايراني الاولي الذي شكل صفعة ساطعة بوجه امريكا ، فيما التهديد الترامبي الأجوف بسحق ايران  حتى في معالمها الدينية والتراثية ظل فقاعة في الهواء !
▪️الإسفاف والإنحطاط في لغة الخطاب والتعامل الصبياني وغير المؤدب لترامب مع الخارج ، وفي الداخل حتى مع محازبيه او حلفائه مما شكل صدمة نفسية وسحابة ثقيلة خيّمت على البيت الابيض جعلته منبوذاً الى هذا الحد .
▪️من هنا لعل ترامب حاز على المرتبة الاولى في حصاد الألقاب المشينة بسبب قوة الدفع وليس الجذب التي أحاطت به بعد سلسلة الاخفاقات المادية والمعنوية التي جلبها لنفسه وبلاده !!
مما جرّأ العالم كله ومواطنيه وحلفائه الاوربيين الى اطلاق ألقاب مشينة عليه كالأحمق والمعتوه والأرعن والصبي والفاشل واخرها المحرّض !!
▪️جائحة كورونا وما أدراك ما هي ، كانت واحدة من أشرس جنود القدر الذي ضرب ترامب وامريكا بالصميم وهي يومياً ولا زالت تحصد عشرات الالاف من المصابين والمتوفين بمعدلات قياسية هي الاعلى على الإطلاق في العالم كله ؟!
لقد هزّت هذه الجائحة كبرياء وجبروت امريكا من أقصاها الى أقصاها ، كان يحلم ان تكون نجاحاته الاقتصادية من خلال الاستحلاب وقهر وفرض الأتاوات على الشعوب مَعبراً وجسراً للتفاخر والزهو ، فجاءت الكورونا كالبقرات العِجاف تأكل كل ما زرع وحصد ؟!!!
كانت هذه الحادثة وفق المشيئة الكونية محط انهدام آماله ، وزاد الطين بلّة عندما مارس ببلاهته ووَصَفاته الغريبة واهماله للموضوع ابتداءاً التدخل في خطط المكافحة مما وضعه في مواجهة المؤسسة الدولية وكذا الوطنية المعنية بالامر.
ترامب في موضوع الكورونا ، أراد أن يقفز على الحقائق ، فصار أسيراً لها!

وها هو اليوم يُودّع عرش امريكا وبلاده من شرقها الى غربها ، من شمالها الى جنوبها تصطرع مع الوباء الذي ضربها بالضربة الفنية القاضية او كاد ؟!!

▪️وتبقى المحطة الاخيرة في رحلة قطار ترامب البائس وقد أضحت كالقشة التي قصمت ظهر البعير، هو ما جرى امام وفي أروقة مبنى الكابيتول مساء وفجر ٦-٧ كانون الثاني الجاري من احداث فوضوية فاضحة زعزعت مصداقية الديمقراطية الامريكية وحطمت هيبتها وطعنت بنزاهتها وكشفت عمق الانقسام المجتمعي الحاد في امريكا ودور الدولة العميقة وأدواتها المؤثرة كالاعلام والعسكر ومنصات السوشيل ميديا والإرادات الخفيّة في خنق كل صوت نشازٍ وإسقاط كل وجه يغرّد خارج السرب او يمتهن التمرد والتنمر والطغيان بما يهدد سمعتهم وسطوتهم.

غزوة الاربعاء الاسود في امريكا صارت لعنة على ترامب اخذت تهدد شرعية بقائه لايام قلائل وقلائل جداً في البيت الأبيض فما بالك عن مستقبله السياسي الذي أضحى والى حد ما ، مع الحزب الجمهوري ، أضحيا في مهب الريح ؟!
ولِم لا ؟!
فالمشهد الحيّ وثَّق بالصوت والصورة ، إن رئيساً دشن عهده بشعار (( امريكا اولاً *)) لابد عليه أن يدفع الثمن غالياً بعد كل هذه👆🏽الأخطاء والسوءآت وهو يرفع شعاراً انتحارياً ينم عن غروره وتنمره (( *أنا أو الطوفان )) !!!

والله قاصم الجبارين ....

عامر الحسون
١٣ / ١ / ٢٠٢١

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الخميس 14 يناير 2021 - 08:15 بتوقيت مكة