بطلة كربلاء زينب الكبرى عليها السلام...1 أسوة الصبر والصمود والشموخ

الإثنين 7 سبتمبر 2020 - 16:22 بتوقيت مكة
بطلة كربلاء زينب الكبرى عليها السلام...1 أسوة الصبر والصمود والشموخ

حسينيات-الكوثر: زينب الكبرى عليها السلام، مبلغة الرسالة الحسينية وبطلة كربلاء، عقيلة الهاشميين، حفيدة رسول الله (ص)، وابنتي امير المؤمنين الإمام علي بن ابي طالب وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليهما السلام، وأُخت الإمامين الحسن والحسين وعمّة الإمام زين العابدين عليهم السلام. الحديث عن العقيلة زينب الطهر الجليلة سلام الله عليها يعني الحديث عن التضحية والصبر والمقاومة والايمان، والتي كان لها كل ذلك الدور العظيم في كربلاء الطف.

أطلّت السيّدة زينب عليها السّلام على الدنيا في الخامس من شهر جمادى الأولى في السنة الخامسة للهجرة، في بيت أذن اللهُ أن يُرفع و يُذكر فيه اسمُه، و فتحت الوليدة المباركة عينيها تتطلّع إلى وجوه أكرمها ربّ العزّة عن أن تسجد لصنم قطّ ، مُتسلسلةً في أصلاب الطاهرين وأرحام المطهّرات.

نُقل عن الإمام الحسين (ع) أنّه كان إذا زارته زينب (ع)،  يقوم إجلالا لها ، وكان يُجلسها في مكانه .

ذكر أهل السِّير أنّ العقيلة زينب عليها السّلام كان لها مجلس خاصّ لتفسير القرآن الكريم تحضره النساء، وليس هذا بمُستكثر عليها، فقد نزل القرآن الكريم في بيتها.

أشبهت عقيلة بني هاشم (ع) أمَّها سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (ع) في عبادتها، فكانت تقضي ليلها بالصلاة والتهجّد، ولم تترك نوافلها حتّى في أحلك الظروف وأصعبها، فقد روي عن الإمام زين العابدين (ع) أنّه قال، إنّ عمّته زينب ما تركت نوافلها الليليّة مع تلك المصائب والمحن النازلة بها في طريقهم إلى الشام.

زينب الكبرى والإعداد للنهضة الحسينية

لقد كانت حياة السيدة زينب (ع) بمثابة إعداد وتهيئة للدور الأكبر الذي ينتظرها في هذه الحياة، كانت لإعدادها سلام الله عليها لتؤدي امتحانها الصعب ودورها الخطير في نهضة أخيها الحسين (ع) بكربلاء .

كان للسيدة زينب (ع) دور أساسي ورئيسي في هذه الثورة العظيمة، فهي الشخصية الثانية على مسرح الثورة بعد شخصية أخيها الحسين (ع). كما أنها قادت مسيرة الثورة بعد استشهاد أخيها الحسين (ع) وأكملت ذلك الدور العظيم بكل جدارة.

زينب الكبرى .. أم المصائب

تُسمّى العقيلة زينب سلام الله عليها أمَّ المصائب، وحقّ لها أن تُسمّى بذلك، فقد شاهدت مصيبة جدّها رسول الله صلّى الله عليه وآله، ومحنة أمّها فاطمة الزهراء سلام الله عليها، ثمّ رحيها مظلومة، وشاهدت مقتل أبيها الإمام عليّ بن أبي طالب سلام الله عليه، ثمّ شاهدت محنة أخيها الامام الحسن سلام الله عليه ثمّ قَتْله بالسمّ، وشاهدت أيضا المصيبة العظمى، وهي قتل أخيها الحسين عليه السّلام وأهل بيته، وقتل ولداها عَونٌ ومحمّد مع خالهما أمام عينها، وحُملت أسيرة من كربلاء إلى الكوفة، وأُدخلت على ابن زياد في مجلس الرجال، وقابلها بما اقتضاه لُؤمُ عنصره وخِسّة أصله من الكلام الخشن الموجع وإظهار الشماتة المُمضّة .

زينب الكبرى... خطبتها في الكوفة

حين دخل موكب سبايا اهل بيت النبوة الى الكوفة أخذ أهلها ينوحون ويبكون، قال (بشير بن خُزيم الأسدي): لَمَّا أَتَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ زَيْنُ الْعَابِدِينَ بِالنِّسْوَةِ مِنْ كَرْبَلَاءَ، وَكَانَ مَرِيضاً وَإِذَا نِسَاءُ أَهْلِ الْكُوفَةِ يَنْتَدِبْنَ مُشَقَّقَاتِ الْجُيُوبِ وَالرِّجَالُ مَعَهُنَّ يَبْكُونَ، فَقَالَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ (ع) بِصَوْتٍ ضَئِيلٍ، وَقَدْ نَهَكَتْهُ الْعِلَّةُ: إِنَّ هَؤُلَاءِ يَبْكُونَ عَلَيْنَا فَمَنْ قَتَلَنَا غَيْرَهُمْ؟ فَأَوْمَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (ع) إِلَى النَّاسِ بِالسُّكُوتِ، فلَمْ أَرَ وَاللَّهِ خَفِرَةً (عفيفة) قَطُّ أَنْطَقَ مِنْهَا كَأَنَّهَا تَنْطِقُ، وَتُفْرِغُ عَلَى لِسَانِ عَلِيٍّ (ع)، وَقَدْ أَشَارَتْ إِلَى النَّاسِ بِأَنْ أَنْصِتُوا، فَارْتَدَّتِ الْأَنْفَاسُ، وَسَكَنَتِ الْأَجْرَاسُ، ثُمَّ قَالَتْ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِهِ (ص):

(أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ يَا أَهْلَ الْخَتْلِ وَالْغَدْرِ وَالْخَذْلِ، أَلَا فَلَا رَقَأَتِ الْعَبْرَةُ وَلَا هَدَأَتِ الزَّفْرَةُ، إِنَّمَا مَثَلُكُمْ كَمَثَلِ الَّتِي‏ نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ. هَلْ فِيكُمْ إِلَّا الصَّلَفُ وَالْعُجْبُ وَالشَّنَفُ وَالْكَذِبُ، وَمَلَقُ الْإِمَاءِ، وَغَمْزُ الْأَعْدَاءِ، أَوْ كَمَرْعًى عَلَى دِمْنَةٍ، أَوْ كَفِضَّةٍ عَلَى مَلْحُودَةٍ. أَلَا بِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَفِي الْعَذَابِ أَنْتُمْ خَالِدُونَ. أَتَبْكُونَ أَخِي ؟! أَجَلْ وَاللَّهِ، فَابْكُوا فَإِنَّكُمْ أَحْرَى بِالْبُكَاءِ، فَابْكُوا كَثِيراً وَاضْحَكُوا قَلِيلًا فَقَدْ أَبْلَيْتُمْ بِعَارِهَا، وَمَنَيْتُمْ بِشَنَارِهَا، وَلَنْ تَرْحَضُوهَا أَبَداً، وَأَنَّى تَرْحَضُونَ قُتِلَ سَلِيلُ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ، وَمَعْدِنِ الرِّسَالَةِ، وَسَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَلَاذُ حَرْبِكُمْ وَمَعَاذُ حِزْبِكُمْ وَمَقَرُّ سِلْمِكُمْ وَآسِي كَلْمِكُمْ وَمَفْزَعُ نَازِلَتِكُمْ وَالْمَرْجِعُ إِلَيْهِ عِنْدَ مُقَاتَلَتِكُمْ وَمَدَرَةُ حُجَجِكُمْ وَمَنَارُ مَحَجَّتِكُمْ، أَلَا سَاءَ مَا قَدَّمَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ، وَسَاءَ مَا تَزِرُونَ لِيَوْمِ بَعْثِكُمُ، فَتَعْساً تَعْساً وَنَكْساً نَكْساً، لَقَدْ خَابَ السَّعْيُ وَتَبَّتِ الْأَيْدِي وَخَسِرَتِ الصَّفْقَةُ وَبُؤْتُمْ‏ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ، وَضُرِبَتْ عَلَيْكُمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ، أَتَدْرُونَ وَيْلَكُمْ أَيَّ كَبِدٍ لِمُحَمَّدٍ (ص) فَرَثْتُمْ وَأَيَّ عَهْدٍ نَكَثْتُمْ، وَأَيَّ كَرِيمَةٍ لَهُ أَبْرَزْتُمْ وَأَيَّ حُرْمَةٍ لَهُ هَتَكْتُمْ وَأَيَّ دَمٍ لَهُ سَفَكْتُمْ‏، لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا، تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ‏ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا، لَقَدْ جِئْتُمْ بِهَا شَوْهَاءَ صَلْعَاءَ عَنْقَاءَ سَوْدَاءَ فَقْمَاءَ خَرْقَاءَ، كَطِلَاعِ الْأَرْضِ أَوْ مِلْ‏ءِ السَّمَاءِ، أَفَعَجِبْتُمْ أَنْ تُمْطِرَ السَّمَاءُ دَماً وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى‏ وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ، فَلَا يَسْتَخِفَّنَّكُمُ الْمَهَلُ، فَإِنَّهُ (عز وجل) لَا يَحْفِزُهُ الْبِدَارُ وَلَا يَخافُ فَوتَ الثار، وإنّ ربّكم لبالمرصاد ، ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ (ع):

    ‏

مَا ذَا تَقُولُـــونَ إِذْ قَالَ النَّبِيُّ لَكُمْ     ‏مَاذَا صَنَعْتُمْ وَأَنْتُمْ آخِــــــــــــرُ الْأُمَمِ‏

بِأَهْلِ بَيْتِي وَأَوْلَادِي وتكْــــرِمَتِي    ‏مِنْهُمْ أُسَارَى وَمِنْهُمْ ضُرِّجُوا بِــــــدَمٍ‏

مَا كَانَ ذَاكَ جَزَائِي إِذْ نَصَحْتُ لَكُمْ     ‏أَنْ تَخْلُفُونِي بِسُوءٍ فِي ذَوِي رَحِمِي‏

إِنِّي لَأَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ يَحُــــلَّ بِكُمْ      ‏مِثْلُ الْعَذَابِ الَّـــذِي أَوْدَى عَلَى إِرَمٍ

ثُمَّ وَلَّتْ عَنْهُمْ. قَالَ بشير بن خُزيم الأسدي: (فوالله لقد رأيت الناس يومئذ حيارى يبكون، وقد وضعوا أيديهم في أفواههم، وضج الناس بالبكاء والنوح، ونشر النساء شعورهن ووضعن التراب على رؤسهن، وخمشن وجوههن، وضربن خدودهن، ودعون بالويل والثبور، وبكى الرجال، ونتفوا لحاهم، فلم ير باكية وباك أكثر من ذلك اليوم(.

زينب الكبرى في نظم الشعراء

المرحوم الشيخ احمد الوائلي (عميد المنبر الحسيني) يصف موقف السيدة زينب التي هي سليلة المجد الهاشمي والبلاغة العلوية والصبر الفاطمي في خطبتها بأهل الكوفة بكل شجاعة ورباطة جأش:

يــــا ابـنة المجد في مدى آل فهر         وابـــنة الـوحي في مدى جبرئيل

وابنة الطّــــهر فــارق الجاهليات         وأعراقـــــها بــــجــــــذر أصــيل

يـــــا مــــزاجاً به جــــهاد عـــلي         وهــــدى أحــــمد وصــبر البتول

وشمــــــوخاً مــــا أركعته الرّزايا         يوم صُــــبَّت مصـــائب كالسيول

وفــــــماً أبـــــلج البــــيان ورأساً         علــــوياً لــــم يــنحني لـــــلذيول

لســــت أنسى عينيك وهي ذهول         بين رزء غــــمر وصــــبر جميل

 

السلام عليك يا أم المصائب يا زينب الكبرى يا بنت الأكارم، يا حفيدة المصطفى وبنت علي والزهرا واخت سيدي شباب أهل الجنة عليهم جميعا سلام الله ابدا ما بقي الليل والنهار.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الإثنين 7 سبتمبر 2020 - 13:52 بتوقيت مكة
المزيد