فضائح الفاتيكان .. وقمة الاعتداءات الجنسية

الثلاثاء 5 مارس 2019 - 10:18 بتوقيت مكة
فضائح الفاتيكان .. وقمة الاعتداءات الجنسية

أوروبا-الكوثر: لقى خطاب البابا فرنسيس بابا الفاتيكان والذي ألقاه الشهر الماضي رفض واسع وإستنكار من منظمات معنية بحماية الضحايا، ومن مؤسسات قريبة من الكنيسة، وحتى وسائل إعلام كاثوليكية.

«قمة الاعتداءات الجنسية» التي ترأسها البابا فرنسيس نهاية الشهر الفائت، هي تكريس رسمي لقرار المواجهة التي يخوضها الفاتيكان ضد الانهيار الأخلاقي الذي توّجته أخيراً إدانة وزير الاقتصاد في الفاتيكان، الكاردينال الأسترالي جورج بيل، بانتهاكات جنسية. لم يعد سراً أن أعلى المرجعيات الكاثوليكية في العالم تواجه أكبر أزمة في تاريخها الحديث، بسبب مسلسل الفضائح المتواصل منذ سنوات، حول الانتهاكات الجنسية ضد الأطفال والمراهقين.

الصحوة التي تشهدها الكنيسة الكاثوليكية، وقد ازدادت تفاعلاً منذ أشهر، قد تكون الحدث الأبرز في تاريخها المعاصر. وقد أخذت تتبلور حركة إصلاحية داخل الكنيسة، هدفها معالجة أخطر ملف تواجهه منذ عقود، أي الاعتداءات الجنسية المزمنة على الأطفال والمراهقين من قِبَل كهنة وأساقفة، واستغلال القاصرين جنسياً، إضافة إلى ظاهرة التعدي على الراهبات، وإجبارهن على الإجهاض. والخطوة الإصلاحية التي بدأت دوائر الفاتيكان تكسر الصمت حولها تُعدّ الأهم، لأنها تمثل في عمقها التصادم الحقيقي بين التعاليم الروحية للكنيسة التي تعطي الإنسان الأولوية، والهيكلية الكنسية الإدارية التي تعلي شأن رجال الكنيسة، وتعظّم دورهم، على حساب الفئات الأضعف من أطفال ونساء. ولأنها قضية إنسانية، لا صلة لها بالتبشير وتفسير العقيدة وتوسع النفوذ الكنسي الكاثوليكي، ولا بحوار الحضارات ومحاربة الإرث الشيوعي والانفتاح على العالم الإسلامي والكنائس الشقيقة، اتخذت خطوة البابا فرنسيس، بالدعوة إلى قمة استثنائية موسعة حول حماية القاصرين، دلالات تحتاج إلى وقت لتبيان حقيقتها وما ستؤول إليه، لا سيما أنها تتزامن مع أول إجراءات جدية لمحاكمة مسؤولين نافذين في الكنيسة متهَمين بالتحرش الجنسي، من دون أن تتبلور بعد ماهية الإجراءات الكنسية الحاسمة في حقهم، بعدما تدخل القضاء المدني في ألمانيا وأستراليا والولايات المتحدة وفرنسا لمحاكمة مرتكبين ومتسترين.

لولا حملة الضغط الإعلامية لبقيت الانتهاكات مدفونة داخل جدران الفاتيكان
وعلينا أن نعترف بأهمية الدور الذي لعبته وسائل الإعلام الدولية الجدية، على رغم اتهامات بخلفيات سياسية ودينية وراءها، في تسليط الضوء على أهوال هذه القضية. فقد رفضت وسائل إعلام معروفة الرضوخ لضغوط الكنيسة الكاثوليكية في الفاتيكان، أو في الدول الأخرى حيث تتمتع بنفوذ سياسي وقضائي قوي، وتمسّكت بنشر شهادات الضحايا. وهؤلاء هم اليوم العصب الحقيقي لكل ما يذهب الفاتيكان اليوم إلى كشفه، بعد سنوات طويلة من التستر خلف جدران مغلقة.

إن دور وسائل الإعلام والكتب والأفلام التي عُنيت بهذا الموضوع الحساس يأخذ أهمية قصوى في مواجهة الصمت المدوي للإكليروس، وحتى العلمانيين الذين يرضخون لضغط السلطة الدينية. صحيح أن الفاتيكان كان دائماً محط الأنظار بفعل عدد من القضايا والاتهامات التي تحيط برجاله، مثل ملفات المصارف والأموال، وارتباط نافذين فيه بالمافيا الإيطالية، ومحاربة الكنائس الأخرى، والوقوف إلى جانب الديكتاتوريات والنازية، لكن مشكلة التحرش الجنسي، وعمرها سنوات طويلة، لم تُطرح جدياً إلا في الآونة الأخيرة، وصولاً إلى «قمة الاعتداءات الجنسية» التي ترأسها البابا فرنسيس؛ وذلك نظراً لحساسيتها وسكوت العدد الأكبر من الضحايا. ولولا حملة الضغط الإعلامية الدولية لبقيت مدفونة داخل جدران الفاتيكان والكنائس والأديرة، تماماً كما حصل في إيرلندا أوائل القرن الماضي، مع قضية الراهبات اللواتي كنّ يسلبن أولاد الأمهات العازبات لتسويقهم خارج البلاد، والاعتداءات التي كانت تحصل أيضاً في أماكن التبشير في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. والأهم، لولا الضغط الدولي، لكان القضاء المدني لا يزال خاضعاً لتأثير سلطة الكنيسة والنافذين فيها، علماً أن الأمور لا تزال في بدايتها، خصوصاً في بلاد تدين فيها الطبقة السياسية بالولاء للكنيسة.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الثلاثاء 5 مارس 2019 - 10:15 بتوقيت مكة
المزيد