عربي من ايران.. وأعجمي في بلاد العربان!

الثلاثاء 25 سبتمبر 2018 - 11:27 بتوقيت مكة
عربي من ايران.. وأعجمي في بلاد العربان!

مقالات ـ خاص الكوثر: هذا المقال كتبته في ذكرى التسفير الذي طال كثيرين في العراق (يصادف 6 نيسان/ ابريل 1980) بذريعة "من أصول إيرانية" لكني لم أنشره حينها كعادتي في عدم نشر كثير مما اكتبه!.. لكن اليوم وبعد الاعتداء الارهابي الذي وقع في خوزستان وادعته بعض العصابات الانفصالية والوهابية التكفيرية المدعومة من نفس القوى العالمية والانظمة الاقليمية، وبعد التشييع المهيب الذي شارك فيه العرب واللور والفرس والكورد جنباً الى جنب، فكرت في نشره.. واليكم ما كتبته حينها.

قائد الثورة الاسلامية سماحة الامام الخامنئي (حفظة الله) يؤكد في كل بيان او قرار يصدره على جذورة الحجازية، فيكتب "السيد علي الحسيني الخامنئي"، لا أحد من الايرانيين يقول انه دخيل على هذا الشعب الآري الذي يضرب بجذوره في التاريخ.. تصور انك تعلن في عربستان (السعودية حسب التسمية الايرانية) انك من القومية والعرق الفارسي، ماذا سيحلّ بك؟!

لذلك كلما شاهدت محطة تلفزيون الأهواز او سافرت الى خوزستان او إلتقيت بالخوزستانيين في مشهد المقدسة وغيرها من مشاهد أهل البيت (عليهم السلام) اعقد هذه المقارنة في مخيلتي بين ما كنّا نعيشه في العراق في  ظل حكم نظام البعث العروبي القومي، والذي لايزال العراق يئن من تبعاته النفسية والعقلية والاجتماعية الى اليوم، حيث جلّ الاكراد الفيلية وهم من اعرق سكنة العراق المتداخلة مناطقهم مع غرب ايران، لم يحصلوا على حقوقهم، بل على جثث ابناءهم الذين احتجزوا وقتلوا غيلة وغدراً...

نعم اعقد هذه المقارنة بيننا وبين الايرانيين العرب الذي يرتدون "دشداشاتهم"  ويغنون بلغتهم، حتى ان بعضهم لايحسن اللغة الرسمية للبلد (اي الفارسية)... لايخاف من أحد وليس مجبراً ان "يجارش" (يذب جرش بالمصلح الجنوبي العراقي) قبيلة فارسية او لورية او كوردية لتعترف الدولة بايرانيته.. ولايحتاج الى شهادة جنسية صفوية او قاجارية ولا معاملة للحصول عليها كانت تستمر في العراق الى اكثر من عقد من الزمان وأغلبها دون نتيجة.

ورغم ان هذا الايراني العربي، كما هو الايراني التركي من اصول مغولية (على سبل المثال السلالة القاجارية التي حكمت ايران لمدة 137 سنة حتى عام 1925 كانت ذات اصول مغولية)، نعم رغم انهم ليسوا من سكان البلاد الاصليين بالمعنى التاريخي، بل وفدوا بعد الفتح الاسلامي الى هذه البلاد، وان كنت شخصيا اشك بعروبة الكثير منهم، لانهم كأغلبية العرب اليوم في العالم من العرب المستعربة، الا انه لا احد سفّره بدعوى انه من اصول سعودية او يمنية او حتى عراقية، بالعكس حتى الجماعات والاسر التي ذهبت او اجبرها صدام حسين في بداية قادسيته المشؤومة على النزوح الى العراق لم تواجه مشكلة في عودتها الى حضن الوطن (ايران) بعد نهاية الحرب مع العراق.. فلماذا تتعدد القوميات وتحترم في ايران ولربما في بلدان اخرى وتنعدم وتتقهقر في العراق زمن صدام – او كما نراه اليوم في السعودية والامارات والأردن واشباهها من المجتمعات التي تهمين عليها التوجهات الشوفينية او الوهابية، مع ان سكان الساحل الخليجي اغلبهم من اصول ايرانية؟

لماذا قائد الثورة الاسلامية في ايران الامام الخامنئي سيد قريشي (عربي) يحمل ثقافة تركية ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام السيد الهاشمي الشاهرودي من مواليد العراق ومن ابرز تلامذة السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه، وامين المجلس الاعلى للامن القومي الايراني، عربي من بني تميم (علي شمخاني) ورئيس البرلمان علي لاريجاني، شمالي من مواليد النجف الاشرف ووزير النفط كردي كرمانشاهي (بيجن زنكنه) .. فيما لايزال الكردي الفيلي وذوو الجذور الفارسية وحتى كثير من التركمان يخفون حقيقة انتماءاتهم العرقية في العراق؟

هكذا اصبح الكردي الفيلي والسومري... كنانياً والآخر جبورياً والثالث عبيدياً والرابع خفاجياً وشمرياً وربيعياً وبهادلياً ووو..الخ. من قبائل سكنت العراق بعد الفتح الاسلامي، يعني هي بالاساس ليست من سكان البلاد الاصليين... فاين ذهب أهل بابل وأريدو وسومر وشنونا وتيسفون، هل ضربتهم امريكا بالقنبلة النووية او ان سعد بن ابي وقاص ابادهم كما اباد كريستوف كولومبس الهنود الحمر بعد ان اكتشف القارة الامريكية..؟!!

وهل احد يستطيع ان يجيبني على هذا السؤال: اين هم أهل العراق وأهل جندي شاهبور الاصليين.. لماذا لانرى قبيلة في جنوب العراق تنهي شجرتها الى السومريين او البابليين؟!!

لست هنا لاتحدث بلغة شعوبية وعرقية، بلعكس وكما يقول الامام الشهيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) اتركوها فأنها نتنة!! نعم اللغة القومية والشعوبية والعرقية "لغة نتنة"، اول من استخدمها ابليس عليه لعائن الله "قال انا خير منه، خلقتني من نار وخلقته من طين" في حين ان اسلامنا يؤكد "لا فضل لعربي على اعجمي الا بالتقوى"... وان هذا التنوع العرقي والشكلي والمناطقي، هو للتعارف فقط.

لكني اوجه كلامي لدعاة القومية المدعومين من عملاء أميركا وبريطانيا والصهاينة في المنطقة.. انتم ايها المغفلون أول الخاسرين اذا كان الأمر يتعلق بالحق القومي لانكم انما دخلتم هذه الأرض (العراق وايران) بالفتح الاسلامي، والاسلام لا يعترف بالقومية كأساس في المواطنة.. اما اذا كنتم مسلمين فعندها لايحق لكم الحديث بلغة القومين والشوفينيين.. نعم العراق واجزاء من خوزستان في ايران وسوريا ومصر وفلسطين ولبنان بلدان غير عربية.. استعربت على يد الفاتحين العرب الذين وجدوا في هذه البلدان الخصبة والثرية والجميلة مهرباً من قحط وقسوة الصحراء وعطشها وجوعها.

ولأن الناس على دين ملوكها، فقد تحول الكثير من أهالي هذه المناطق على مدار الازمان الى ثقافة ولغة الولاة والامراء الذين حكموها...

أخوتي وأخواتي.. دعونا ننعم بالتنوع الثقافي والقومي واللغوي، وأن نعيش كما يعيش الانسان، اساس مجتمعاتنا المواطنة، نقتسم افراحنا واتراحنا معاً.. لاتسلموا زمامكم للمستعمر القذر، الذي هو من قسمّنا وفرقنا في سايكس ـ بيكو... والآن وبعد قرن من الزمن يريد المزيد من التقسيم لنا فيما هو يتحد رغم كل تناقضاته الدينية والمجتمعية واختلافاته العرقية واللغوية... نحن أمة واحدة، نبيها محمد (ص) ودستورها القرآن.. ومن شذّ عنا ليس منّا!!!

بقلم: علاء الرضائي

 

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الثلاثاء 25 سبتمبر 2018 - 11:26 بتوقيت مكة