في الهداية الكبرى / ٣٤٢ : ( عن أحمد بن داود القمي ، ومحمد بن عبد الله الطلحي ، قالا : حملنا ما جمعنا من خمس ونذور وبر من غير ورق وحلي وجوهر وثياب من بلاد قم وما يليها ، وخرجنا نريد سيدنا أبا محمد الحسن (عليه السلام) فلما وصلنا إلى دسكرة الملك تلقانا رجلٌ راكبٌ على جمل ، ونحن في قافلة عظيمة فقصد إلينا وقال : يا أحمد الطلحي معي رسالة إليكم ، فقلنا من أين يرحمك الله ، فقال : من سيدكم أبي محمد الحسن (عليه السلام) يقول لكم : أنا راحل إلى الله مولاي في هذه الليلة فأقيموا مكانكم حتى يأتيكم أمر ابني محمد ، فخشعت قلوبنا وبكت عيوننا وقرحت أجفاننا لذلك ، ولم نظهره. وتركنا المسير.
واستأجرنا بدسكرة الملك منزلاً وأخذنا ما حملنا إليه ، وأصبحنا والخبر شائع بالدسكرة بوفاة مولانا أبي محمد الحسن (عليه السلام) ، فقلنا لا إله إلا الله ترى الرسول الذي أتانا بالرسالة أشاع الخبر في الناس ، فلما تعالى النهار رأينا قوماً من الشيعة على أشد قلق لما نحن فيه ، فأخفينا أمر الرسالة ولم نظهره ، فلما جَن علينا الليل جلسنا بلا ضوء حزناً على سيدنا الحسن (عليه السلام) ، نبكي ونشكي إلى الله فقده ، فإذا نحن بيدٍ قد دخلت علينا من الباب فضاءت كما يضئ المصباح وهي تقول : يا أحمد هذا التوقيع إعمل به وبما فيه ، فقمنا على أقدامنا وأخذنا التوقيع فإذا فيه :
بسم الله الرحمن الرحيم : من الحسن المسكين لله رب العالمين ، إلى شيعته المساكين : أما بعد ، فالحمد لله على ما نزل منه ونشكره إليكم جميل الصبر عليه ، وهوحسبنا في أنفسنا وفيكم ، ونعم الوكيل ، ردوا ما معكم ليس هذا أوان وصوله إلينا ، فإن هذا الطاغي قد دنت غشيته إلينا ، ولوشئنا ما ضركم ، وأمرنا يرد عليكم ، ومعكم صرة فيها سبعة عشر ديناراً في خرقة حمراء ، إلى أيوب بن سليمان ، الآن فردوها فإنه حملها ممتحناً لنا بها بما فعله ، وهو ممن وقف عند جدي موسى بن جعفر (عليه السلام) فردوا صرته عليه ، ولا تخبروه!
فرجعنا إلى قم ، فأقمنا بها سبع ليال ، ثم جاءنا أمر ابنه : قد بعثنا إليكم إبلاً غير إبلكم ، إحملا ما قِبَلَكُما عليها واخليا لها السبيل ، فإنها واصلةٌ إليَّ! وكانت الإبل بغير قائد ولا سائق ، على وجه الأول منها بهذا الشرح ، وهومثل الخط الذي بالتوقيع التي أوصلته إلى الدسكرة ، فحملنا ما عندنا واستودعناه وأطلقناهم ، فلما كان من قابل خرجنا نريده (عليه السلام) فلما وصلنا إلى سامرا دخلنا عليه فقال لنا : يا أحمد ومحمد ، أدخلا من الباب الذي بجانب الدار ، وانظرا ما حملتماه على الإبل ، فلا تفقدا منه شيئاً. فدخلنا من الباب فإذا نحن بالمتاع كما وعيناه وشددناه لم يتغير ، فحللناه كما أمرنا وعرضنا جمعه ، فما فقدنا منه شيئاً ، فوجدنا الصرة الحمراء والدنانير فيها بختمها ، وكنا قد رددناها على أيوب ، فقلنا : إنا لله وإنا إليه راجعون ، فقلنا : إنها من سيدنا ، فصاح بنا من مجلسه : فما لكما بدت لكما سؤاتكما! فسمعنا الصوت فأتينا إليه فقال : من أيوب ، وقتَ وردت الصرة عليه فقبل الله إيمانه وقبل هديته ، فحمدنا الله وشكرناه على ذلك ، فكان هذا من دلائله (عليه السلام) .
المصدر:مركز الاشعاع الاسلامي