ما لا تعرفه عن مشهد المقدسة...الجوهرة في قلب التاريخ

الأربعاء 25 يوليو 2018 - 11:52 بتوقيت مكة
ما لا تعرفه عن مشهد المقدسة...الجوهرة في قلب التاريخ

أما الضريح الحالي فهو الخامس من الأضرحة التي أثبتتها لمشهد الرضا عليه السلام مدوَّنات التاريخ، تم نصبه يوم عيد الأضحى المبارك من سنة 1421...

يُعدّ المشهد الرضويّ المبارك المزار الأوّل في إيران، ولا شكّ أنّه من المشاهد الإسلاميّة المقدّسة التي يُجلّها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، وهو سابع مشهد في العالم الإسلاميّ كلّه بعد: مكّة والمدينة، والعتبات المقدّسة الأربع في العراق [النجف الأشرف، وكربلاء المعلاّة، والكاظميّة المشرّفة، وسامرّاء حيث مرقد الإمامين: الهادي والعسكريّ عليهما السّلام]. على أنّ هناك من يرى أنّ مشهد الإمام الرضا عليه السّلام يكون سادس المشاهد الشريفة، قبل المشهد العسكريّ.

يمكن أن تُعتبر مدينة مشهد إلى حدٍّ ما وريثةَ «طوس» التي كانت موجودة هناك قبل الإسلام، وكان قبر الإمام الرضا عليه السّلام، وليس قبر هارون، هو الذي جعل «سناباذ» أو (نُوقان) تشتهر في طول العالم الشيعيّ وعرضه، فنمت وتوسّعت بمرور الزمن من قرية صغيرة إلى مدينة تُسمّى بـ«المشهد».

أمّا ابن حوقل.. فهو يطلق على الروضة الرضويّة المباركة نفسها كلمة «مشهد» فقط، بينما يسمّيها ياقوت الحمويّ في (معجم البلدان) «المشهد الرضويّ»، ويرِد الاسم بالتعبير الفارسيّ هكذا: «مشهد مقدّس»، في حين يعبّر الرحّالة ابن بطّوطة عن المدينة بـ «بلدة مشهد الرضا». وقد لُوحظ في الكتابات الأدبيّة، لا سيّما في الشعر، اسم «طوس» فقط بدلاً من ذلك، أي طوس الجديدة التي اكتسبت أسمى شرف بأن كان فيها مضجع المولى الإمام عليّ بن موسى الرضا صلوات الله عليه.

وظلّت «سناباذ - مشهد» تزداد أهمّيّةً بازدياد الشهرة التي حظيَ بها المزار المقدّس خلال السنين والأجيال، وقد ضَعُف شأن طوس وهُجرت بعد الضربة القاصمة التي تلقّتها عام 791م على يد ميرانشاه أحد أولاد تيمورلنك، حيث قتل من سكّانها عشرة آلاف نسمة، أمّا الذين تمكّنوا من الهرب والنجاة بأنفسهم من تلك المجرزة الرهيبة فقد التجأوا إلى حماية المشهد الرضويّ، والتفّوا حوله وسكنوا عنده، فتُركت «طوس»، فيما أخذ المشهد الرضويّ مكانها، ليكون فيما بعدُ عاصمةً للمنطقة بأسرها.


«المشهد» بأقلام الرحالة والمورّخين

ذكر المشهدَ الرضويّ المقدّس عدد من الرحّالة والمؤرّخين في القرون المتقدّمة، منهم: ابن حَوْقَل، وياقوت الحمَويّ، وابن بطّوطة، والإصْطَخريّ، وزكريّا بن محمّد القزوينيّ في (آثار البلاد)، وكذا الأمير زين الدين محمّد في (زينة المجالس)، والقاضي الشهيد نورالله التستريّ الحسينيّ في (مجالس المؤمنين)، وأحمد الرازيّ في (هَفْت إقليم) - أي الأقاليم السبعة - وميرزا حسن الزنوزيّ في (رياض الجنّة)..

وكان من المشاهدات المفصّلة ما ذكره الرحّالة المغربيّ ابن بطّوطة، حيث زار المشهد الرضويّ بعد تشييده بسنوات معدودة، فوجده مدينة كبيرةً كثيرة السكّان، ولاحظ قبّةً كبيرة تعلو المرقد الرضويّ وهي مزيّنة بستائر من حرير وشمعدانات من ذهب. كما لاحظ ابن بطّوطة تحت القبّة مقابل ضريح الإمام الرضا عليه السّلام قبر هارون الرشيد يُركل بالأرجل، ثمّ يذهب الزائرون بعد ذلك إلى ضريح المولى عليّ الرضا سلام الله عليه ليتبرّكوا به.

ومن الغربيّين، ذكر المشهدَ الرضويّ الشريف: «فورشاير» الرحّالة الإنجليزيّ، في المجلّد الثاني من رحلته، وكان مرّ بالمشهد سنة 1783م.

والمتجوّل «هانوي» في رحلته إلى بلاد الروس وإيران سنة 1743م، وقد تمكّن من الدخول إلى المشهد الطاهر نفسه، وأفاض الكتابة في تاريخه القديم والحديث، حتّى أورد فصولاً شائقة عن البلدة، محصياً مدارسها وعدد طلاّبها، وذاكراً أوقافها وأجناسها.. إلى غير ذلك.

وكتب الدكتور «دونالسون» فصلاً خاصّاً بالمشهد الرضويّ، وذلك في كتابه: The Shi'Ite Religion. A History oF Islam in Persia & Iraq Cluzac, London 1933

وقد حمل الفصل هذا العنوان: المشهد القَصيّ في خراسان، جاء فيه ما ترجمته:

«إنّ دفن الإمام الرضا عليه السّلام في مكان قصيّ مثل «طوس» قد حظي بنصيبه الأوفى من الرعاية والاهتمام في أخبار الشيعة. حتّى لَيُقال: إنّ النبيّ محمّداً نفسه قال مرّة: «ستُدفَنُ بضعةٌ منّي بخراسان، ما زارها مؤمنٌ إلاّ أوجب الله له الجنّة وحرّم جسده على النار». ويُنسب إلى أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام أنّه تنبّأ نبوءة جليلة حين قال: «يُقتَل ابن من أبنائي مسموماً في خراسان، ويكون اسمه اسمي، واسم أبيه موسى»، ويقول بعد ذلك: مَن زار ضريحه يغفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، ولو كانت ذنوبه بعدد النجوم..».

والمنقول أنّ الإمام موسى بن جعفر، والد الإمام الرضا عليهما السّلام، كان يقول جازماً: «يُقتَل عليٌّ ابني بالسمّ ظلماً وعدواناً، ويُدفن إلى جنب هارون».

أمّا في دائرة المعارف الإسلاميّة:

فقد جاء أنّ المشهد الرضويّ هو عاصمة خراسان الإيرانيّة، وأعظم مزار من مزارات الشيعة في إيران. يقع على ارتفاع 300 قدم فوق سطح البحر، في وادي «كشف رود» الذي يتراوح عرضه بين عشرة أميال إلى خمسة وعشرين ميلاً، ويمتدّ من الجهة الشماليّة الغربيّة إلى الجهة الجنوبيّة الشرقيّة.

من قلب العتبة الرضوية المقدسة

الضريح المنوّر: ليس من المعلوم متى وُضعت صيغة بناء سردابٍ للقبر وضريح لمزار الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام على الصورة التي نراها اليوم. ولكنّه من المسلَّم أنّه لم يكن فوق القبر المطهَّر أيّة شبابيك أو محجّرات حتّى القرن الهجريّ الثامن.

أما الضريح الحالي فهو الخامس من الأضرحة التي أثبتتها لمشهد الرضا عليه السلام مدوَّنات التاريخ، تم نصبه يوم عيد الأضحى المبارك من سنة 1421.

يشتمل تصميم هذا الضريح المتفرّد - في ما يشتمل - على (14) محراباً، تيمّناً بعدد المعصومين الأربعة عشر صلوات الله عليهم. أمّا ما في الضريح الشريف من الزخارف النباتية (التوريقية والزَّهرية) فإنّها صُمِّمت ليكون المحور في إبداعها وهيئتها: العددان (5) و (8). ولا خفاء أنّ العدد (5) إنّما يشير الى الخمسة أصحاب الكساء، في حين يشير العدد (8) الى الامام الرضا ثامن أئمة أهل البيت عليهم السلام.

القبر المقدّس: يُرى حجره الرخاميّ من شبّاك الضريح الشريف، بينما يستقرّ القبر الطاهر في جوف السرداب الذي يقع على عمق عدّة أمتار عن سطح الأرض.

السرداب الطاهر: لعلّ الأقلّ الأقلّ من الزائرين، وحتّى المجاورين للمرقد الطاهر للإمام الرضا عليه السّلام، هم الذين يعلمون أنّ تحت الضريح المطهَّر للمولى عليّ بن موسى الرضا سلامُ الله عليه سرداباً يستقرّ فيه قبره الشريف. وهنالك سرداب محيطيّ ينسحب من داخل الضريح الطاهر عن طريق نافذة صغيرة تقع تحت القدم المبارك للإمام الرضا عليه السّلام.

المصدر: مجلة شعائر

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأربعاء 25 يوليو 2018 - 11:49 بتوقيت مكة