هل تعرف الوهابية الجواب عن سؤال ...ما معنى الأخلاق؟

الثلاثاء 24 يوليو 2018 - 13:15 بتوقيت مكة
هل تعرف الوهابية الجواب عن سؤال ...ما معنى الأخلاق؟

وهم يريدون الدعوة إلى دينهم بالحديد والنار ، وبمنطق القوّة لا قوّة المنطق ، وإنّما قوّة العنف والإرهاب...

لم يسمع الوهابيون والسلفيون بشي اسمه الأخلاق الفاضلة ، والقيم الإنسانيّة ، فإنّهم لم يعرفوا هکذا امور أبداً ، أو إنّهم سمعوا بها ولكنّها كانت غير منسجمة مع سلوكهم فرفضوها تماماً. والله سبحانه يريد الدعوة :(بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (1).

وهم يريدون الدعوة إلى دينهم بالحديد والنار ، وبمنطق القوّة لا قوّة المنطق ، وإنّما قوّة العنف والإرهاب ، وإذا أردت الحوار معهم فلا أسهل من السباب والشتائم ، والتكفير والإشراك والإلحاد التي ستكون بانتظارك دائماً وأبداً ؛ فتراهم يشوّشون ويصرخون ، ويقذفون الناس بالسباب لأتفه الأسباب ، ولمجرد الاختلاف بالرأي معهم.

والاختلاف بالرأي حالة طبيعية وتكوينية في حياة الإنسان ، الله سبحانه وتعالى رعاها حين قال على لسان رسوله الكريم صلى‌الله‌عليه‌وآله: (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (2).

أمّا الوهّابي فيقول لك : أنت على ضلال دائماً وهو على الهدى المبين ، لا لقول الله عزّ وجلّ ، ولا لقول رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل لقول ابن تيمية ، أو ابن الجوزية ، أو ابن عبد الوهّاب ، أو الألباني ، أو ابن باز وأمثالهم.

ورحم الله الشاعر الذي قال :

وحسبكمُ هذا التفاوتُ بيننا / وكلُّ إناءٍ بالذي فيهِ ينضحُ

فلا غرابة من سوء أخلاقهم ، وفظاظة ألفاظهم ، وجفاف أذواقهم ، وقلّة أدبهم تجاه مَنْ يحاورونه ، أو يراسلونه ، أو حتّى بحديثهم العادي الغير موجّه.

أين الأخلاق الإسلاميّة؟

الكلّ يعلم ، أنّ الأخلاق أساس من أسس التكوين الاجتماعي ، ودعامة من الدعامات التي يقوم عليها التجمّع الإنساني ؛ ولذا فهي مدار بحث منذ القديم وحتى العصر الراهن ، كما تقدّم .

والشاعر العربي يقول :

إنّما الأممُ الأخلاقُ ما بقيت / فإنْ همُ ذهبتْ أخلاقُهم ذهبوا

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «الخُلق الحسن نصف الدّين»(3)

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أثقل ما يوضع في الميزان الخُلق الحسن» (4)

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً» (5).

وعن الحسن بن الجهم قال : سألت الرضا عليه‌السلام : جُعلت فداك ، ما حدّ التوكّل؟

قال لي : "أن لا تخاف مع الله أحداً."

قال : فقلت : فما حدّ التواضع؟

قال : "أن تُعطي الناس من نفسك ما تحبّ أن يعطوك مثله".

قال : قلت : جُعلت فداك ، أشتهي أن أعلم كيف أنا عندك؟

فقال : "انظر كيف أنا عندك".

وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام يقول : "حَسِّنْ مع جميع الناس خُلقك ؛ حتّى إذا غبت عنهم حنّوا إليك ، وإذا متّ بكوا عليك ، وقالوا : إنّا لله وإنّا إليه راجعون. ولا تكن من الذين يُقال عند موته : الحمد لله ربّ العالمين" (6).

هذه أخلاق الأُمم الحضارية ، هذه هي أخلاق الله الذي ربّى عليها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي قال : «أدّبني ربّي فأحسن تأديبي» (7)

وعليها ربّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أهل بيته الأطهار عليهم‌السلام : "نحن صنايع ربّنا، والخلق من بعد صنايعنا" (8).

وعليها تربّت الأُمّة كلّها منذ اليوم الأوّل للرسالة المباركة ، إلاّ البعيدون عن أخلاق أهل البيت عليهم‌السلام ؛ لأنّهم تربّوا على يدي محمد بن عبد الوهاب حديثاً وابن تيمية قديماً ، وفاقد الشيء لا يُعطيه ؛ لأنّهما كانا بعيدين كلّ البُعد عن الخُلق النبوي الشريف.

قتل الزائرين للعتبات المقدّسة

سُئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام عن الفرق بين الحقّ والباطل ، فأحال السؤال إلى ولده البار الإمام الحسن المجتبى عليه‌السلام ، فقال : "أربع أصابع"، ووضع يده الشريفة على خدّه المبارك وأردف قائلاً : "فالحقّ أن تقول : رأيت ، والباطل أن تقول : سمعت."

وسأل رجل من العرب المولى أبا عبد الله الحسين عليه‌السلام قائلاً : كم بين الإيمان واليقين؟ قال عليه‌السلام : «الإيمانُ ما سَمِعناهُ ، واليقينُ ما رأيناهُ ، وبين السَّمع والبَصرِ أرَبعْ أصابعَ» (9).

والواقع أصدق من كلّ تقارير الأخبار والصحفيين في العالم ، وما عليك يا عزيزي الكريم إلاّ الوقوف لحظات أمام شاشة التلفاز وتنتقل بين الفضائيات ولا سيما الإخبارية وما أكثرها ؛ حتّى تعلم إلى أيّ مدى وصل العنف الوهابي؟ وبالتالي باتت عمليات القتل والتدمير والاغتيالات بالجملة في المشهد العالمي. فالتكفير صار أمراً طبيعياً عند هذه الجماعة!

إنّهم يريدون تجميد الحياة ، أو إعادتها إلى آلاف السنين إلى الوراء ، فهم يرفضون حتّى النظريّات العلميّة ، والنهضات العالميّة والإبداعات والمبتكرات العقليّة التي توصّل إليها الإنسان في هذا العصر الذي قفزت فيه البشريّة قفزات نوعيّة لا تُقاس بأيّة قفزة كانت قبلها ، ولا ينكر هذا إلاّ الجاهل أو الغافل.

فهل تعلم أنّهم ينكرون حتّى كرويّة الأرض ودورانها حول نفسها ، أو حول الشمس ، كما نُقل عن عبد العزيز بن باز مفتي الديار السعودية الذي يستدلّ على بطلان الكرويّة والدوران بعدم انكباب ، أو انصباب الماء من الكأس الذي يضعه على الطاولة أمامه. تصوّر يرعاك الله موقفهم من هذه الأمور العلميّة التي صارت من البديهيّات عند أطفالنا.

ويتمثل الخطر السلفي الوهابي في ناحيتين :

1 ـ الخطر الخارجي على غير المسلمين : الذين يريد الوهابيّون منهم أن يسلّموا قهراً ، ويعتنقوا الوهابيّة حصراً ، أو أن دماءهم وأموالهم وأعراضهم مباحة ؛ لأنّهم كفّار ومشركون.

2 ـ الخطر الداخلي على المسلمين : وذلك بسبب سياسة التكفير للأُمّة الإسلاميّة ، وهي من أخطر الدعوات الخارجية (من الخوارج) التي ظهرت في الدين الإسلامي ، منذ ظهوره المبارك وحتّى الآن ، فما من دعوة أو نزعة ، أو بدعة ظهرت ، إلاّ وكانت تلاحظ الأُمّة الإسلاميّة ، وترعى بيضة الإسلام ، إلاّ هؤلاء الذين يكفّرون الأُمّة كلّها. سبحانك اللّهمّ هذا بهتان عظيم!

فالعنف الوهابي العملي ظاهر للعيان ، وحقدهم مشتعل النيران ، تغلي بها القلوب الحجريّة التي يحملونها في صدورهم ، وما الأحداث التي جرت في أفغانستان والباكستان ، والهند والسعودية ، واليمن ولبنان ، ومصر والجزائر ، وخصوصاً العراق الجريح وسائر البلدان ، إلاّ شاهد على أعمالهم التخريبيّة التي شوّهت صورة الإسلام في العالم ، وصار يُعرف بأنّه دين دموي! وإليكم ما تناقلته وكالات الأنباء العالمية :

سلسلة جرائم نكراء أُخرى يندى لها الجبين ، أقدمت عليها الأُمويّة الجديدة من زمر الوهابيّة ، وفلول البعث الكافر المرتبطين بتنظيمات القاعدة الإرهابيّة ، أعداء الدين والإنسانيّة تُضاف إلى سجّل جرائمهم البشعة ، وأعمالهم الوحشيّة الجبانة بحقّ الشعب العراقي المسلم عامّة ، وشيعة أهل بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على وجه الخصوص. إذ قام أعداء الإنسانيّة صباح هذا اليوم العاشر من المحرّم 1425 هـ بما يلي :

1 ـ تفجير خمس عبوات ناسفة بالقرب من ضريح أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين عليه‌السلام في مدينة كربلاء المقدّسة ، أسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا بين شهيد وجريح ، رجالاً ونساءً وأطفالاً كلّهم من الزوّار الأبرياء.

2 ـ وبنفس التوقيت في مدينة الكاظمية حيث مرقد الإمامين الجوادين (موسى الكاظم ومحمد الجواد عليهما‌السلام) في ضواحي بغداد العاصمة العراقيّة.

3 ـ وفي مدينة الصدر ببغداد التي قدّمت آلاف الشهداء في طريق العدل والحريّة والسّلام.

ارتكبت بنفس الأسلوب الجبان من خلال تفجير عدّة عبوات ناسفة ، ثلاث منها خارج وداخل حرم الإمامين الجوادين عليهما‌السلام في الكاظميّة ، أسفرت عن مقتل وجرح العديد من المواطنين الأبرياء يقدّر بالعشرات. وبين يدي العشرات من الأوراق التي تصف الحالة التي تمّ بها التفجير ، وكلّها تؤكّد أنّها عمليات انتحاريّة كانت تستهدف الشيعة الإماميّة في يوم عزائها الأكبر عاشوراء.

الهوامش :

1-ورة النحل : الآية 125.

2- سورة سبأ : الآية 24.

3-موسوعة البحار 71 ص 385.

4-موسوعة البحار 71 ص 383.

5-موسوعة البحار 71 ص 389.

6- الأمالي ـ للشيخ الصدوق ص 311 ح360 ص 8.

7- نهج البلاغة ص قصار الحكم رقم 10.

8-بحار الأنوار 16 ص 210 ، شرح نهج البلاغة 11 ص 233.

9-تفسير البرهان 4 ص 167 ، كفاية الأثر ص 232.

 المصدر: راسخون

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الثلاثاء 24 يوليو 2018 - 13:15 بتوقيت مكة