الليلةُ التي نام فيها الأسد بعمقٍ شديد!

الخميس 3 مايو 2018 - 09:43 بتوقيت مكة
الليلةُ التي نام فيها الأسد بعمقٍ شديد!

مقالات _ الكوثر: قبل أيام من العدوان الثلاثي على سورية علمت القيادة السورية، وتحديدا سيادة الرئيس بشار الأسد، بهذا الهجوم وأبعاده، من خلال معلومات واضحة تقول بأن الإدارة الأمريكية عازمة على توجيه ضربة صاروخية لأهداف محددة في سورية، ويمكن لهذه الضربة ان تتحوّل إلى كرة نار متدحرجة، بحيث تؤثر على الخارطة الجديدة لانتشار قوى “حلف المقاومة” في مواجهة كيان الاحتلال، وكانت المعلومات جازمة لجهة طبيعة الردّ على هذا العدوان، حيث أنّ هذا الردّ ونتائجه سوف تحدّد مراحل صيرورة العدوان ذاته، وأشكال ومستويات تدحرج كرة نار هذا العدوان..

أصرّ الرئيس الأسد على مواجهة الضربة الأولى وحيداً، وإسقاط إمكانية التعويل على إطالة أمدّ العدوان في دفعته الأولى وإلحاق الهزيمة به، دون أن يتدخل أحدٌ من الحلفاء على مستوى “حلف المقاومة” أو “حلف مكافحة الارهاب”، بالرغم من أنّ “حلف المقاومة” كان قد أعدّ العدّة جيّداً لاحتمالات تطوّر هذا العدوان، من خلال خرائط ميدانية وضِعت بوضع قتالي عالي الاستعداد..

اصرّ الرئيس الأسد على المواجهة من قبل سلاح الدفاع الجويّ السوريّ وبسلاح روسي قديم، طوّرته مراكز ابحاث القوات المسلحة السورية البطلة، حيث اضافت عليه مجموعة من الميزات التي كان يجهلها كثيرون، حتى ان الصديق الروسي لم يكن على اطلاع كامل بما أعدّ السوريون من مفاجآت على هذا الصعيد..

في تلك الليلة لم ينم سيادة الرئيس الأسد، كان بانتظار “التوماهوك” وملحقاته “الغبية”، مع كثيرٍ من أبنائه الذين كانوا يعدّون العدّة لتلك المواجهة، المواجهة التي كان يعوّل عليها الأمريكي ومن يقف إلى جانبه، فالقرار كان مأخوذا بأنّه لا بدّ من ثني الأسد عن تقدمه وانجازاته المتلاحقة، من خلال إلحاق الهزيمة به شخصيّاً، وأن تبدأ هذه الهزيمة باستهداف بعض المطارات الهامة، وهي المطارات التي كانت تشكّل مفاصل روح حقيقية في جسد بنية القوات المسلحة السورية، والتي حاولت أدوات الفوضى النيل منها خلال سنوات العدوان..

قامت القيادة السورية بتحييد سلاح الجو، ونعني به هنا سلاح الطيران، فالمعركة في هذه المرحلة أداتها الرئيسية هي الصواريخ، وتحديداً الصواريخ المضادة للصواريخ، حيث تمّ وضع الخطة التي تقول بأنّه لا بدّ من إلحاق الهزيمة بالذراع النارية “الذكية” التي يتغنّى ويتفاخر بها الأمريكي، خاصة وأنها الذراع التي شكّلت رافعة تدمير العراق وإسقاط الدولة فيه..

كانت عيون وأفئدة أبنائنا من سلاح الدفاع الجويّ تنتظر أوّل شارات رادارية تقول بأنّ الامريكي بدأ العدوان، والتعليمات واضحة تماماً، الصواريخ بالصواريخ، علماً أنّ سلاح الطيران الأمريكي كان قد فهم رسالة الـ “F16 الاسرائيلية” جيّداً، وبالتالي فإنّ قراره كان واضحا،ً بأن يبقى سلاح الطيران بعيداً عن الوقوع في شباك المصيدة السورية التي شلّت ذراع سلاح طيران العدو الصهيوني قبل أسابيع قليلة..

هل ينجح الأسد بهزيمة العدوان، بعد سنوات سبع من المواجهة والحصار والقتال، هل ينجح الأسد بإفشال العدوان وإسقاطه، ويلقي بكرة النار إلى وجوه أطراف العدوان، إنّها مهمة صعبة جدّاً، خاصة وأنّ الاختبار هنا ليس اختباراً فقط، وإنّما على نتائجه سيُبنى ويحدّد مصير الأمة، فإذا سقطت سورية ليس هناك من قلاع بعدها، وإذا تمّ إضعاف الأسد تمّ تمرير صفقات لهذا القرن ولقرون ستأتي!!!..

على أطراف الرابعة فجراً كانت طلائع الصواريخ الامريكية والانكليزية والفرنسية تدخل فضاء الوطن السوريّ، متّجهة إلى أهدافها التي أعدّت من أجلها، وكانت عيونُ أبنائنا من سلاح الدفاع الجويّ تتابع وقوع صواريخ العدوان في محرق المدى المجدي لصواريخنا المضادة، ما هي إلا دقائق قليلة حتى بدأت صواريخ العدوان تتهاوى وتتساقط بشكل مذهل، حيث غصّت السماء السوريّة بعشرات الحرائق التي أذنت بمداخل هامة ومرعبة على أطراف العدوان، فالصواريخ التي اعدّت جيّداً للأهداف السورية لم تصل إلى تلك الأهداف، سقطت جميعها، أقول جميعها، قبل أن تصل إلى أهدافها الحقيقيّة…

الرئيس بوتين يوضع بصورة المشهد حرفاً بحرف، والقيادات الإيرانية مستنفرة بكامل حضورها، والمقاومة الباسلة في حزب الله تنتظر إمكانية الانتقال إلى مراحل تالية من المواجهة، والرئيس الأسد يبتسم للحظة الحقيقة، ما هي إلا دقائق معدودات حتى تحوّل “الكروز” و”التوماهوك” وملحقاتهما إلى صواريخ غاية في الغباء، لقد كان اصطيادها رائعاً وناعماً وأنيقاً، لم تتجرأ على الاقتراب أكثر من أهدافها، وبعضها تاه وضاع ولم يرشده أحدٌ إلى مستقرٍ له، فتنازل عن كامل مفردات ذكائه..

ما لم ينتبه له كثيرون أنّ نسبة الصواريخ التي تمّ إسقاطها لم تكن – كما قيل – حوالي 70%، كون أنّ عدد الصواريخ التي تمّ إطلاقها 110 صاروخا، حيث تمّ إسقاط وإزاحة 73 صاروخاً، غير أنّ الصواريخ التي استطاعت أن تصل إلى أهدافها لم تجد شيئاً في هذه الأهداف، حيث تمّ إخلاؤها قبل فترة زمنية بعيدة، استعداداً لمثل هذا السيناريو من العدوان، بمعنى ان الصواريخ التي وصلت إلى أهدافها لا يمكن اعتبارها انها حقّقت الإصابة، باعتبار انّ هذه الاصابات لم تكن ذات قيمة، لهذا يمكننا القول بأنّ صواريخ العدوان جميعها لم تحقق أهدافها..

بعد خمسين دقيقة مضت على عمر أهم مواجهة صاروخية تحصل منذ عشرات السنوات، بهذه الكفاءة وهذه الندّية، أدركت اطراف العدوان أنّ موجة الصواريخ الأولى هُزمت وسقطت جميع اهدافها، وليس بالإمكان البناء على الاستمرار فيها، الأمر الذي دفع غرفة عمليات قيادة العدوان لاتخاذ أمر عمليات يقضي بإيقاف هذا العدوان!!!..

فجراً كان الرئيس الأسد يبتسم، حين رفعت مآذن الامويّ آذان فجرها، معلنة أنّ سماء الشام مسيّجةٌ بجنود لا تنام، وأنّ قاسيون عصيٌّ على الخنوع، شامخٌ شموخ الأبد، حين كان يصغي لتقرير هاتفي يقول: “نُفذ الأمر سيديّ القائد، فشل العدوان في الوصول إلى أهدافه”!!!!..

في صباح ذات اليوم، وعلى إيقاع الساعة الاعتيادية لذهاب سيادته الى مكتبه، ركب سيارته وحيداً، دخل الممرات الطويلة نحو مكتبه، حاملا حقيبته بيده، رافع الرأس، مفتوح الصدر، مشدود الكتفين، بخطوات متزنة كان يقطع الأمتار الاخيرة، كان هناك صحفي أجنبيّ يعلق مستغرباً: “يظهر أنّ الأسد نام ليلته البارحة بعمق شديد”!

*خالد العبود

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الخميس 3 مايو 2018 - 09:34 بتوقيت مكة
المزيد