غزة واليمن .. الوجه المشترك

الأحد 8 إبريل 2018 - 09:58 بتوقيت مكة
غزة واليمن .. الوجه المشترك

مقالات-الكوثر: امام مرأى ومسمع العالم اجمع قتل جيش الاحتلال “الاسرائيلي” خلال اسبوع، 31 فلسطينيا وجرح نحو 3000 آخرين، جراح نحو 100 منهم خطيرة، لا لجريرة ارتكبوها سوى انهم تجمعوا وبشكل سلمي قرب السياج الحدودي مطالبين بعودهم الى بلداتهم وقراهم التي هجروا منها عام 1948، دون ان يحمل اي منهم حتى سكينا صغيرة.

الامر الملفت في كل هذا المشهد الدموي المستمر في غزة، هو الصمت المخزي للاعلام العالمي وعلى راسه الاعلام الغربي والامريكي، الذي يدعي، انطلاقا من “مبادىء” “حقوق الانسان ” و “حرية التعبير”، الاستقلالية والحيادية والحرفية في تناول ابسط الاحداث التي تشهدها المعمورة، فهذا الاعلام ومن اجل فضح الجهات الجشعة التي تعمل على اصطياد حيوان الفقمة بشكل بشع، نراه يرسل كاميراته ومصوريه الى القطب الشمالي من اجل رصد عمليات قتل هذا الحيوان، ونقل كل ما يجري على شاشات الفضائيات، بينما لا نرى موقفا لهذا الاعلام وعلى مدى ما يقارب الاسبوعين، ازاء ما يجري في غزة، بينما ما نشهده هناك ليست مجزرة ضد ناس مسالمين جاؤا يطالبون بحقوقهم الدنيا وبشكل سلمي.

صحيح ان انحياز الرئيس الامريكي دونالد ترامب الكلي لـ”اسرائيل” وتجاهله بالمطلق لحق الفلسطينيين بارضهم، والاجراء الظالم والمتعسف الاخير الذي اتخذه والمتمثل بنقل السفارة الامريكية الى القدس واعتبارها عاصمة “اسرائيل”، كان سبب توحش “اسرائيل” اكثر مما هي متوحشة، واعتبرت مواقف واجراءات ترامب ضوء اخضر لا لبناء المستوطنات وابتلاع ما تبقى من الاراضي الفلسطينية المحتلة فحسب، بل للفتك بالفلسطينيين وارتكاب افضع الجرائم بحقهم من اجل دفعهم للهجرة عما تبقى من ارضهم، على امل قيام كيان يهودي على الارض الفلسطينية لا مكان لها لعربي مسلم كان ام مسيحي، الا ان الراي العالم العالمي كان ينتظر ان توجه كاميرات الاعلام الغربي عداساتها نحو غزة وما يجري فيها من انتهاكات فاضحة لحقوق الانسان، عملا بالمبادىء التي يدعي هذا الاعلام تجسيدها.

ما كان بمقدور “اسرائيل” ان تتمادى بغيها الى هذا الحد وتسترخص الدم الفلسطيني بهذا الشكل الفظيع، لو نقل الاعلام الغرب ما يجري في غزة بالصوت والصورة الى المخاطب الغربي، فمن الواضح ان الاعلام الغربي، وعن قصد، يتعمد الا ينقل ما يجري في غزة فحسب، بل يساهم في خلق حالة من الضبابية حول ما يجري عبر نقل الاحداث بشكل خبيث.

يبدو ان “اسرائيل” التي وضعت الاعلام الغربي في جيبها، لم تتمكن بعد من اخفاء جرائمها بحق الانسانية في غزة بشكل كامل، فهناك الكاميرا الفلسطينية التي تنقل، رغم امكانياتها المتواضعة، جانبا من هذه الجرائم، الامر الذي يفسر هذا الاستهادف المعتمد للصحفيين والمصوريين الفلسطينيين الذين حاولوا ايصال جانبا من مظلومية الشعب الفلسطيني الى الراي العالمي.

في يوم الجمعة 6 نيسان / ابريل، قتل جيش الاحتلال “الاسرائيلي” 10 فلسطينيين، بينهم مصورا صحفيا قرب السياج الفاصل شرق قطاع غزة، والمصور كان يعمل لصالح وكالة “عين ميديا”، وقد أظهر مقطع فيديو التُقط أثناء نقله إلى مركز صحي، يرتدي سترة كُتب عليها “برس” (صحافة) .

الصحفي الشهيد، لم يكن هو الهدف الوحيد لرصاص الاحتلال في ذلك اليوم، فقد اكدت نقابة الصحافيين الفلسطينيين ان خمسة صحافيين آخرين جرحوا الجمعة، بالرغم من انه كان يمكن التعرف عليهم بسهولة بسبب ستراتهم المنقوشة ب “برس”.

هذا التعتيم الاعلامي الغربي ازاء ما يجري في جرائم في غزة، لم نشهد له مثيلا الا ازاء ما يجري في اليمن من فظائع بحق الانسانية، فالامر ذاته يتكرر بحذافيره، فلا اثر للصور والافلام التي ترصد الاجسام الغضة لاطفال اليوم وقد مزقتها قنابل طائرات التحالف السعودي، على شاشات القنوات الفضائية الغربية، ولا اثر للدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية لليمن، ولا لمليون انسان يعاني من الكوليرا، ولا لملايين اليمنيين الذين تحولوا الى هياكل عظمية من الجوع بسبب الحصار الظالم المفروض على اليمن، بل بالعكس تماما نرى هذا الاعلام الاعور مشغولا بالاخبار التي تتحدث عن رصد كل جسم يتحرك في البحر، قد يتجه الى اليمن لنقل المساعدات الى اهلها، فمثل هذه المساعدات لا يجب ان تنتهك القانون الدولي!!!.

بعد ان باع الاعلام الغربي نفسه لشيطان العنصرية والمال، لم يبق امامنا سوى الاعلام الحر في العالم، الذي يستحق ان نخاطبه، فهذا الاعلام هو اليوم امام امتحان عسير، اما ان يتحرك لانقاذ ما تبقى من علائم للحياة في جسد الانسانية التي تسلخ على مذبح المصالح غير المشروعة، عبر الاتحاد لنقل ما يجري من فظائع في غزة واليمن، واما سنكون على موعد مع موت هذه الانسانية بشكل كامل، وعندها لن يكون لهذا الاعلام من دور يفعله بعد ذلك.

المصدر: شفقنا

105

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأحد 8 إبريل 2018 - 09:49 بتوقيت مكة