شاركوا هذا الخبر

في ذكرى ولادته العطرة.. لمحة من حياة وتراث الإمام الباقر عليه السلام

الأئمة الأطهار هم القادة العظام ، وأبواب علم النبوة ، وخزان كنوز الوحي ، وحاملي اسرار التنزيل فهم الاسلام الاصيل ، والعالم اليوم يجب ان ينظر الى القيم والفكر والعقيدة الاسلاميَّة من نافذة هذا البيت المقدس المطهر .

في ذكرى ولادته العطرة.. لمحة من حياة وتراث الإمام الباقر عليه السلام

أهل البيت - الكوثر

 

الحديث عن التأريخ المشرق الوهاج للائمة الأطهار عليهم السلام من اجمل ألوان الحديث ، وان السيرة العطرة المضمخة بالأريج هي من أعذب السير .

وان كلماتهم أجمل وأحلى الكلمات ، حيث كلامهم نور وأمرهم رشد ، ووصيتهم التقوى ، وفعلهم الخير وعادتهم الإحسان ، وسجيتهم الكرم كما ورد في الزيارةِ الجامعة الكبيرة المنسوبة للإمامِ الهادي عليه السلام .

فهم القادة العظام ، وأبواب علم النبوة ، وخزان كنوز الوحي ، وحاملي اسرار التنزيل فهم الاسلام الاصيل ، والعالم اليوم يجب ان ينظر الى القيم والفكر والعقيدة الاسلاميَّة من نافذة هذا البيت المقدس المطهر .

وهذه البيوت مقدسة رفعها الله تعالى ، وعظم شأنها ، وقد قال تعالى : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ) سورة النور 26 .

ومن هذا البيت ولد وترعرع الامام الخامس محمّد بن علي الباقر ( عليه السلام)

الحديث عن خامسِ الأنوار الإلهيَّة التي تجلت في العترةِ الهاديَّة يقعُ في عدة محاور :

المحور الاول : الحياة الشخصيَّة وشؤونه الذاتيَّة من الولادة الى الشهادة .

المحور الثاني : في الكنيَّةِ واللقب والزوج والولد . المحور الثالث : أحاديث النبي الخاتم صلى الله عليه واله وسلم في مقامِ الامام الباقر ع وتعيينه وتسميته .

المحورُ الرابع : ذكر بعض معجزاته الدالة على إمامته .

المحور الخامس: ذكرالتراث العلمي الذي تركه الامام عليه السلام من بعده .

سادسا : تلامذته ، وحمال علمه وأحاديثه .

ثامنا : كيفيَّة شهادته عليه السلام

علما ان كل فقرة من هذه الفقرات تحتاج الى بحث مستقل .

اللقب الشريف هو الباقر ، وكنيته أبو جعفر ، وأمه فاطمة بنت الحسن (ع) ولد عليه السلام في 1 - رجب - 57 هـ واستشهد في اليوم 7 - ذو الحجة - 114 هـ وكانتْ مدة إمامته لمدة 19 سنة

قاتله هو هشام بن عبد الملك ، مرقده الشريف في المدينةِ المنورة في البقيع الغرقد .

وردتْ رويات كثيرة عن النبي الأعظم صلى الله عليه واله وسلم حددت اسم الامام الباقر عليهِ السلام ، ولقبه وكنيته ، وكذلك علو مقامه وسعته علمه ومعرفته وان يبقر العلم بقرا .

أشارَ النبي ص واله بقوله: ( اذا فارق الحسين الدنيا فالقائم من بعده علي ابنه وهو الحجة والإمام وسيخرج من صلبك ابنا اسمه اسمي وعلمي علمي وحكمه حكمي وهو أشبه الناس الي وهو الحجةُ والإمام بعد ابيه).

وقد سأل جابر بن عبد الله الأنصاري النبي الخاتم صلى الله عليه واله وسلم عن من هؤلاء الي الامر كما في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) النساء 59 .

فأجابه : هم خلفائي يا جابر أولهم علي بن ابي طالب ..... والباقر وأقره عني السلام .

ويقول جابر للباقر حينما التقى به : أشهد انك أوتيت الحكم صبيا .

وقد ذكرَ الكثير من المؤرخين والرواة ومنهم ابن قتيبة الدينوري الحديث النبوي يا جابر انك ستعمر بعدي حتى يولد مولود اسمه اسمي يبقر العلم بقرا فإذا لقيته فأقره مني السلام وكان جابر يتردد في سكك المدينة بعد ذهاب بصره وهو ينادي ياباقر حتى قال الناس: قد جن باقر .

فبينا هو ذات يوم بالبلاط اذ بجاريَّة يتوركها صبي فقال لها : يا جاريَّة من هذا الصبي ؟

قالتْ هذا محمد بن علي بن الحسين بن ابي طالب عليهم السلام ، فقال ادنيه مني ، فأدنته منهُ فقبل بين عينه وقال : يا حبيبي ؛ رسول الله يقرئك السلام . عيون اخبار الرضا 1 / 212، والوافي بالوفيات .

لا شكَ انّ علمَ الامام الباقر عليه السلام ومعارفه التي نشرها في عصره قد استمدها وأخذها من مدينةِ العلم المحمديَّة ، ومن بابِها العلويَّة فقد قالَ النبي المصطفى صلى الله عليه واله وسلم : ( انا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أرد المدينة والحكمة فليأتها من بابها).

 

إنما المصطفى مدينة علم

وهو الباب فمن أتاه أتاها

وللأمام الباقر عليه السلام مواقف كثيرة في محطات حياته تدل على سعة علمه ، وغزارة معرفته فهو باقر علوم الأولين والآخرين ، فهو شمس العلوم ، صاحب المعرفة الكاملة ، والحقيقة الشاملة كيف لا يكون كذلك وهو من بيت عدل القران ، ومن بيت وصفهم النبي ص واله كسفينة نوح ، وفرع من الدوحة النبويَّة ، وهو من النادرين في تأريخ الارض ، وهو الرائد والقائد للحركة العلميَّة والثقافيَّة التي عملت على تنميَّة الفكر الاسلامي ، الامام الباقر عليه السلام من الشجرة الطيبة الطاهرة التي اصلها ثابت وفرعها في السماء التي تأتي أكلها كل حين ، وهشام الأموي اللعين الذي دسم له السم في الطعام ، وقيل على سرج دابته ، وهشام من الشجرة الملعونة في القران الكريم.

تصدى امامنا الباقر ع للرد على العديد من أصحاب الفكر الملحد والكثير من الزنادقة الذين انتشروا في عصره ، وكانوا ينكرون عالم الغيب والآخرة ، وكان يصارع الموجات الإلحاديَّة والزندقة ، وقد اعرض الحكام الأمويون عن ملاحقة دعاتها مما أوجب انتشارها بين المسلمين وفي مثل هذه الحالات لا يمكن الأئمة المعصومين ان يقفوا مكتوفين الأيدي امام هذه الانحراف الفكريَّة والعقديَّة نعم فقد تصدق لها أمامنا الباقر عليه السلام ، وولده الصادق ع الى نقدها وتفنيدها .

كان الامام الباقر ع ذات يوم جالسا في فناء الكعبة فقصده رجل وقال له : هل رأيت الله حتى عبدته ؟

فقال ع : ماكنت اعبد شيئا لم اره ، فيكف رأيته ؟ فأجاب : ع لم تره الأبصار بمشاهدة العيان ولكنه رأته القلوب بحقائق الإيمان لا يدرك بالحواس ، ولايقاس بالناس معروف بالآيات منعوت بالعلامات ليس كمثله شيء ذلك الله لا اله الا هو فلما سمع الملحد الجواب تفندت اوهامه واقتنع من كلام الامام ع لانه كلام واقعي مبني على جوانب علميَّة في التوحيد ، وراح يقول : الله اعلم حيث اعلم يجعل رسالته فيمن يشاء .

وقد نهى امامنا عن الخوض في حديث الذات الإلهيَّة ، وقد ورد عن الامير علي بن ابي طالب عليه السلام : ( من تفكر في آلاء الله وفق ، ومن تفكر في ذات الله تزندق ) ، وان الخوض في ذلك ممنوع وغير مسموح به ، والاتجاه بالتأمل في مخلوقاته وآثاره بدل الحديث عن ذاته تعالى .

وقد ورد في الحمد والثناء الفلسفي لعلي بن ابي طالب ع في خطبة الوسيلة : الحمد لله الذي منع الأوهام ان تنال وجوده وحجب العقول على ان تتخيل ذاته لامتناعها عن الشبه ...... والنظير والمماثل ... .

حياة الامام الباقر ع مملوءة بالعلم والمعرفة والفضائل والمعاجز والكرامات الباهرة والآيات الظاهرة .

لقد كان الامام الباقر ع أسمى شخصيَّة في العالم الاسلامي فقد اجمع المسلمون على تعظيمها والأعراض له بالفضل وكان مقصد العلماء من جميع البلدان الاسلاميَّة وقد اثارت منزلته الاجتماعيَّة غيظ الأمويين وحقدهم ولهذا اغتالته تلك الأيادي اللعينة .

يقول الشيخ المفيد : لم يظهر عن احد من ولد الحسن والحسين ع في علم الدين والآثار والسنه وعلوم القران والسيرة والفنون والآداب ماظهر من ابي جعفر الباقر ع .

يقول بن حجر : وله من السجايا في مقامات العارفين تكل عنه السنه الواصفين .

وذكر الذهبي : في ترجمة الباقر ع كان سيد بني هاشم في زمانه اشتهر بالباقر من قولهم بقر العلم يعني شقة وان اول من لقبه بذلك هو جده رسول الله ص واله ، وكان هو المتفرد في علوم الاسلام في عصره كما اتضح ذلك من سيرته وسمي بالباقر لانه تبحر في العلم واخرج غوامضه ، والتبقر هو التوسع في العلم اي بقر العلم بقرا .

يقول القرظي او القرطبي :

ياباقر العلم لأهل التقى

وياخير من لبى على الاجبل

وقد ترجم له من العديد أمثال النووي واليافعي والزركاني والمناوي الا ابن سعد الأموي الناصبي في طبقاته فقد تكلم بكلمات فيها روائح أمويَّة حاقدة على ال البيت ع سيما على باقر العلوم عليه السلام ، وقال : ليس يروي عنه من يحتج به وهنا يجب ان يحاسب ابن سعد على هذه الكلمات البائسة التي هي عبارة عن دوافع سياسيَّة بغيضة .

أمه : السيدة فاطمة الصديقة بنت الامام الحسن المجتبى عليه السلام ، وروى الراوندي عن الامام الباقر ع : ( كانت أمي قاعدة عند جدار فتصدع الجدار وسمعنا هدة شديدة ورفعت يدها وفقالت : لا وحق المصطفى ما اذن لك في السقوط فبقي معلقاً حتى جازته فتصدق عنها ابي ع بمئة دينار .

وقال الامام الصادق ع : كانت صديقة لم ندرك في ال الحسن امرأة مثلها .

وقيل ان نصرانيا قال له انت بقر ؟

قال لا انا باقر قال له انت ابن الطباخة ؟

قال ذاك حرفتها ، قال انت ابن السوداء الزنجيَّة البذيَّة ، قال ان كنت صادقا غفر الله لها ، وان كنت كاذبا غفر الله لها.

هنا استيقظ النصراني واسلم .

أهم الأخبار