كيف نبعد الشيطان والإثم عن عملية البيع؟

الجمعة 26 يناير 2018 - 11:41 بتوقيت مكة
كيف نبعد الشيطان والإثم عن عملية البيع؟

حديث - الكوثر

نص الحديث

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الشيطان والإثم، يحضران البيع، فشوبوا بيعكم بالصدقة.

 

دلالة الحديث

الحديث المتقدم، يتناول الجانب المتصل بالتعامل مع المال، وخاصة: البيع، حيث ان البائع نتيجة حرصه علی بيع سلعته من الممكن ان يلجأ الی الغش أو البيع الربوي، أو السلعة المشبوهة، وهو ما يحذر الحديث من الوقوع فيه، حتی يسلم البائع من أكل السحت.

وقد استخدم الحديث صورة بلاغية هي: الاستعارة المتمثلة في مزج او خلط البيع بالصدقة، اي: خلع طابع المزج علی ظاهرة معنوية هي: سلامة السلوك الاقتصادي المتمثل في البيع لصورته الشرعية، ونظراً لأهمية البيع من جانب، واهمية الصدقة من جانب آخر يحسن بنا ان نعرض لهذين الجانبين من خلال البعد البلاغي او الصوري المذكور.

 

بلاغة الحديث

ان النكتة البلاغية الاولی في الحديث هي: ان الحديث ذكر موضوعين مرتبطين بالبيع، هما: الشيطان والاثم، وحذّر من كونهما يحضران عملية البيع، بمعنی ان البائع من الممكن ان يقع في المحرم من السلوك.

بيد ان السؤال هو: ان الشيطان وحده، هو صاحب الفاعلية في تزيين الانحراف، فلماذا قرنه الحديث مع الأثم؟

ان الاثم معناه: فعل ما لا يحل من السلوك، لذلك فان التصور الذاهب الی ان ما لا يحل: هو بدوره سلوك انحرافي، بدليل قوله تعالی: «الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ»، اي: ان البشر بدوره هو: شيطان او جند للشيطان في حقيقة الأمر، وهذا ما أوضحته النصوص المتنوعة المشيرة الی ان للشیطان جنداً من البشر. اذن الشيطان من جانب، والنزعة الانحرافية للبشر من جانب آخر: يحضران عند عملية البيع، وهذا ما يتطلب الحذر من البائع حتی لا يقع البيع في ما هو غير مشروع.

السؤال الآخر بلاغیاً هو: ما هي الفاعلیة للصدقة، حتی تتسبب في ابعاد عملیة البیع من الحرام؟

الجواب: من البین، ان الصدقة تدفع البلاء، ولا بلاء اشد من بلاء الذنب بطبیعة الحال ولذلك فان البائع عندما یدفع الصدقة انما یدفع عنه بلاءاً هو: بلاء الاثم بمعنی ان الله تعالی سوف یحجز البائع المتصدق من وقوعه في ما هو محرّم، وهذا هو منتهی ما یتطلع الیه البائع في عمله الاقتصادي المذكور، حیث ان الغش او الربا أو ما هو مشبوه یجعل الشخصیة أو یعرضها لیس للعقاب الاخروي فحسب، بل ثمة من الآثار الوضعیة لآكل الحرام تسحب نتائجها علی الشخصیة في نطاق سلوكها الدنیوي ایضاً.

اذن امكننا ان نتبین - ولو عابراً - جانباً من الاسرار البلاغیة الكامنة وراء الحدیث المذكور، سائلین الله تعالی ان یجنبنا كل ما هو شبهة في السلوك، وان یوفقنا الی الطاعة، انه سمیع مجیب.

المصدر: arabic.irib.ir

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الجمعة 26 يناير 2018 - 11:41 بتوقيت مكة