ماذا تعرف عن تشيع د. أحمد راسم النفيس المصري الشافعي؟

الجمعة 5 يناير 2018 - 00:27 بتوقيت مكة
ماذا تعرف عن تشيع د. أحمد راسم النفيس المصري الشافعي؟

لم تمض فترة قصيرة من شيوع خبر استبصار الدكتور أحمد إلاّ وبادر أصحاب العقليات المنغلقة بالصاق تهمة الانحراف الفكري والخلل والعقلي بشخصية الدكتور، ثم تصدى البعض لتسقيط شخصيته والاطاحة بسمعته، بحيث أدى هذا الأمر إلى مقاطعة من قبل جمع غفير من الناس.

ولد عام 1372هـ في مدينة "المنصورة" بجمهورية مصر العربية، كان أبوه من رجال التعليم، وأما جده فكان عالماً من علماء الأزهر الشريف يقوم بالخطابة في مسجد القرية، وكان له "منتدى" يجتمع فيه المثقفون من أبناء هذه القرية، يتعلمون على يديه العلوم الدينية والفقهية والأدبية.

الأجواء التي نشأ فيها:

يقول الدكتور أحمد: تفتحت عيناي على أسماء الكتب والمؤلفات الحديثة...، وكم دارت مساجلات في بيتنا حول الشعر والأدب بين أبي (رحمة الله عليه) وبين اصدقائه من الشعراء والأدباء الذين حفلت بهم أنئذ مدينة المنصورة...، فتعلمت من أبي وجدي (رحمة الله عليهما) حبّ القراءة والاطلاع، وقرأت كل ما وقع تحت يدي من كتب اثناء طفولتي إلا كتاب واحد عجزت عن مواصلة القراءة فيه، ووهو "أبناء الرسول في كربلاء" للكاتب المصري خالد محمد خالد، حيث كنت أجهش بالبكاء في اللحظة التي أمسك فيها الكتاب وأعجز عن مواصلة قراءته....

الأجواء الجامعية التي عاشها:

توجّه الدكتور أحمد بعد ذلك إلى الدراسة الاكاديمية حتى حصل عام 1970هـ على الثانوية العامة بمجموع أهله للدخول في كلية الطب بمدينة المنصورة، وفي الكلية بادر الدكتور أحمد إلى الالتحاق باتحاد الطلبة، لأنّه وجده افضل مكان يتيح له العمل في المجال الثقافي، ومن هذا المنطلق تفتحت ذهنيته على الصراعات الفكرية والسياسية التي امتلأت بها الساحة المصرية في اوائل السبعينات.
فيصف الدكتور أحمد اوضاع تلك الحقبة الزمنية قائلا: كان التيار الشيوعي لا يزال نشطاً من خلال الموقع التى احتلها في الحقبة الناصرية. والواقع أن الحجم الإعلامي لهذا التيار تجاوز بكثير حجمه الحقيقي، وكان التيار الديني يتحرّك بصورة خجولة محاولا اكتساب بعض المواقع، وكان من الطبيعي أن يحدث الصدام بين التيارين المتناقضين، وخاصة أنّ التيار اليساري كان يتحرَّك بصورة مستفِزّة للجميع.
ويضيف الدكتور أحمد: في عام 1975م وبعد سلسلة من الاستفزازات اليسارية، خضنا الانتخابات الطلابية تحت راية التيّار الإسلامي في مواجهة التيار اليساري، وانتهت المعركة بهزيمة ساحقة لليسار وانتصار باهر للتيار الإسلامي، وتسلمت رئاسة الطلاب بكلية طب المنصورة لعامين متتالين.

أوّل التفاتته الجادّة للتشيع:

انتصرت الثورة الاسلامية في ايران 1979م، فكان لهذا الحدث اكبر تأثير في اعجاب الدكتور أحمد بهذا الشعب المسلم الذى تلقى الرصاص بصدره واستعذب الشهادة والتف حول قائدة بحماس حتى حقق لنفسه النجاح والانتصار.
يقول الدكتور أحمد: "ضايقني أن يكون ذلك الشعب "منحرف العقيدة" كما وصفه بعضهم من غير المنصفين،... وعندما حاولنا طباعة كتيّب لمناصرة الثورة الاسلامية في ايران، رفض ذلك بعض رفاقنا في العمل الثقافي، ولم يكن بوسعي يومها إلا السكوت، فليست هناك مصادر للمعرفة حول هذا الأمر".

التشنيع العام ضد التشيّع:

بقي الدكتور أحمد متأنياً في اتخاذه الموقف ازاء الثورة الاسلامية في ايران، وبقي على هذه الحالة حتى وقعت الحرب العراقية الايرانية.
فيقول الدكتور أحمد في هذا المجال: "في الآونة (1982 ـ 1985) كانت هذه الحرب على أشدها، وفجأة تحوّل جزء من النفط عن مساره المعهود في تمويل آلة الحرب العراقية،... وفي هذه الآونة أمطرت الساحة المصرية بوابل من الكتب الصفراء التي تتهجّم على المسلمين الشيعة، وانطلق التيار السلفي ليقوم بالدور المرسوم له في مهاجمة المسلمين الشيعة وبيان بطلان عقائدهم. ومن الواضح تماماً أنّ هؤلاء كانوا ينفذون خطاً مرسوماً ومدعوماً، بل ويحاولون الايحاء بأنّ وراء التشيع في الجمهورية الاسلامية خطاً عنصرياً فارسياً في مواجهة الاسلام العربي! وهذه مقولة تكشف بوضوح الرؤية البعثية العراقية التي امتطت ظهر السلفية".

دواعي اختياره لمذهب أهل البيت (عليهم السلام( :

يقول الدكتور أحمد حول أسباب تركه لانتمائه السابق وتمسكه بمذهب التشيع: كنت في سفرة عائلية في أحد أيام صيف عام 1984 م، فعثرت في احدى المكتبات على كتاب عنوانه: "لماذا اخترت مذهب أهل البيت؟"، فاستأذنتُ في أخذه، ولم يكن أحد يعبأ به أو يعرف محتواه فأخذت الكتاب، وقرأته، فتعجبت، ثم تعجبت كيف يمكن لعالم أزهري هو الشيخ محمد مرعي الأمين الأنطاكي مؤلف الكتاب أن يتحول إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ، فأرقتني هذه الفكرة آونة، وقلت في نفسي: هذا الرجل له وجهة نظر ينبغي احترامها، فلم أقرر شيئاً أنئذ واحتفظت بالكتاب.
وبعد عام وفى التوقيت نفسه، وفي المكان نفسه، عثرت على الكتاب الثاني: "خلفاء الرسول الاثنا عشر" فقرأته وفهمته ولم أقرر شيئاً، ولكنني شعرت بأنني اقترب بصورة تدريجية إلى فكر أهل البيت (عليهم السلام( .
ويضيف الدكتور أحمد: مضت أيام، وكان هناك معرض للكتاب في كلية الطب بالمنصورة، فمررت به فوجدت كتاباً بعنوان "الإمام جعفر الصادق" تأليف المستشار عبد الحليم الجندي، طبعة مجمع البحوث الاسلامية 1997م.
فقلت في نفسي: هذا كتاب عن الإمام جعفر الصادق من تأليف كاتب مصري سُنّي، وصادر من قبل مؤسسة رسمية قبل قيام الثورة الاسلامية في ايران، فأخذته وقرأته وتزلزل كياني لما فيه من معلومات عن أهل البيت (عليهم السلام) طمستها الأنظمة الجائرة وكتمها علماء السوء، فان القوم لا يطيقون أن يذكر آل محمد بخير.
فعدتُ إلى الكتابين السابقين، وأخرجت ما فيهما من المعلومات، ووجدتها جميعها من مصادر سُنية، فقلت في نفسي: لعلّ المسلمين الشيعة كذَّبوا فاوردوا على الناس ما لم يقولوه! فلنعد إلى هذه المصادر بنفسها، فقمتُ بعملية جرد دقيق لجميع هذه الكتب، سواء منها ما كان في مكتبتي الخاصة، أم كان كان في مكتبة جمعية الشبان المسلمين، وتحققت فعلاً من صحة هذه المعلومات.

مرحلة الانتماء إلى مذهب التشيع:

يقول الدكتور أحمد: لم تمض إلا أسابيع بعد البحث الجاد والمقارنة بين المذهب السني والمذهب الشيعي إلا وكانت المسألة محسوسة تماماً من الناحية العقائدية، ثم التقيت بواحد من الأصدقاء القدامى الذي وجدته على هذا الأمر، وبدأنا في دراسة بعض الاحكام الفقهية اللازمة لتصحيح العبادات.
وكنت مشغولاً في هذا الوقت في إنهاء رسالة الدكتوراه، حتى أنني اقفلت عيادتي للتفرغ للعمل بهذه الرسالة، وقبلت في نيسان عام 1986 وبدأت اتأهب لدخول امتحانات الدكتوراه في تخصص "الباطنية العامة". فاقبلت على القراءة العلمية وكانت راحتي ومتعتي الوحيدة إذا اصابني الملل من القراءة في الطب، هي اللجوء إلى كتب أهل البيت (عليهم السلام( .

ردود الفعل الاجتماعية:

لم تمض فترة قصيرة من شيوع خبر استبصار الدكتور أحمد إلاّ وبادر أصحاب العقليات المنغلقة بالصاق تهمة الانحراف الفكري والخلل والعقلي بشخصية الدكتور، ثم تصدى البعض لتسقيط شخصيته والاطاحة بسمعته، بحيث أدى هذا الأمر إلى مقاطعة من قبل جمع غفير من الناس.
فيقول الدكتور أحمد: كنت أتساءل بيني وبين نفسى عن سر هذا العداء والشراسة في مواجهة كل من ينتمى إلى خط آل بيت النبوة، وما هي الجريمة التي ارتكبها أولئك المنتمون؟
ويضيف أيضاً: ثم اخذ التآمر شكلاً آخر، وخطّط البعض لإخراجي من عملي بالجامعة، فبذلوا اقصى جهدهم لذلك وحاولوا استخدام كل ما لديهم من وسائل، ومن هنا تم تأخير حصولي على الدكتوراه من عام 1987م حتى 1992 م ست سنوات كاملة من الضغوط الوظيفية والمعاشية كي يجبروني على تغيير عقيدتي لكنهم لم يستطعيوا أن يزعزعوا أنملة من التزامي بمذهب أهل البيت (عليهم السلام) .

مؤلفاته:

(1) الطريق إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام) :صدر عن مركز الغدير / بيروت سنة 1418 هـ ـ 1997 م.
جاء في مقدمة الناشر: "يروى لنا في مؤلفه هذا قصة سعيه إلى هذه المعرفة وتوصله إليها في رحلة طويلة بدأت منذ نشأته في أسرة علمية واتصلت في المدرسة والمحيط والجامعة وفي دروب الحياة الملأى بالاحداث...
وتبين للمسافر في سبيل المعرفة في نهاية الرحلة، أن سفينة النجاة للامة الاسلامية تتمثل في أهل بيت النبوة، فطوبى لمن اهتدى الى هذه السفينة وانضوى تحت شراعها".
يمكن تقسيم الكتاب إلى قسمين: القسم الأول يتعرض فيه إلى تعرفه على التشيع ومراحل ذلك، والقسم الثاني يتعرض لبحث الإمامة ويدعم إمامة أهل البيت من القرآن والسنة، كما يتعرض لصلح الإمام الحسن (عليه السلام) وقيام الإمام الحسين (عليه السلام) .

(2) على خطى الحسين : صدر عن مركز الغدير سنة 1418 هـ ـ 1997م.
جاء في تقديم الناشر: "يمهد المؤلف بالحديث عن رؤيا للنبي(صلى الله عليه وآله) تكشف ان ملوك السوء سيرتقون منبره من بعده، فيحذر منهم ويدعو إلى نصرة سبطه الامام الحسين (عليه السلام) ، ويعين جماعة المنافقين ثم يبحث بشيئ من التفصيل في تحقق هذه الرؤيا، فيتحدث في الفصل أول، عن أبناء الشجرة الملعونة وهم روّاد الفتنة في الاسلام، ويبين أسسا بوصفهم الخارجين على قيادة الامة الشرعية، ويقارن هذا الخطاب بالشرعية، ويحدد مفهوم الفتنة وملابسات خديعة التحكيم واسباب وقوع فئة من المسلمين فيها، وفي فصل ثان عن قيام "ارباب السوء" ويتبين أسس شريعته، ويتبع المحاولات التي قاومت هذا النهج المزيف، وعملت على احياء قيم الاسلام. وفي فصل ثالث عن الثورة الحسينية بوصفها نهوضاً بمهمة حفظ الدين فيبين نهجها، ويتتبع مراحلها:
التمهيد، والتصميم والتخطيط، اكتمال عناصر التحرك، الهجرة الثانية: من مكة إلى الكوفة، في الطريق إلى كربلاء، ويناقش هذا السياق آراء بن كثير الذي حاول اخفاء الحقيقة وناقض نفسه، وفي فصل رابع "كربلاء: النهوض بالأمة المنكوية" ويكشف ان الموقف الحسيني معيار وقدوة، ويتجلى هذا الموقف في مواجهة إمام الحق لإمام الباطل، حيث تتبين الحقيقة وتقام الحجة، وتستنهض الأمة".

المقالات:

(1) فقه التغيير بين سيِّد قطب والسيد محمد باقر الصدر:
نشرته مجلة المنهاج التي تصدر في بيروت ـ العدد السابع عشر 1421هـ ـ ربيع 2000م.
مما جاء في هذه المقالة: "التاريخ لقضية التغيير في مدرسة أهل البيت يبدأ في موعد مبكر عن التاريخ للمسألة نفسها في فكر سيد قطب، ولأسباب تختلف تماماً عن الأسباب المودعة في ملف تلك القضية عند مدرسة "الاخوان المسلمين" التي نبت فيها سيد قطب.

مدرستان:

إذن فنحن أمام مدرستين: مدرسة ترى أنّ العلة التي ضربت الأمة الإسلامية، بعد كمالها وتمامها، إنما تنبع من تبنيها لمفاهيم خاطئة لشهادة أن لا إله إلاّ الله وتنحية الشريعة الاسلامية جانباً، ومن ثمّ انقطع وجود الأمة الإسلامية، وأصبحنا نعيش في جاهلية معاصرة، ولا خروج من هذا الظلام إلاّ بظهور طليعة تعيد اعتناق الاسلام وتجعل إعلان الشهادتين معلّقاً بتأكيد مفهوم الحاكمية واعتباره ركناً اساسياً من اركان الشهادتين. وان هذه الطليعة عليها ان تواجه البشرية كما واجهتها الطليعة الاولى من المسلمين التي التفت حول رسول الله(صلى الله عليه وآله)واستعلاء على الجاهلية المعاصرة ومواجهة لها بالقوة والجهاد والهجومي لا زالة جميع العوائق.
وبالنسبة للأمور الفقهية ومسائل الاجتهاد، فهي مسائل سهلة وميسرة، ويمكن الاستعانة بأي كتاب فقهي في مكتبة المجاهدين لتحقيق الغرض، وبخاصة أنّه لا اجتهاد مع النص، إنها وصفة سهلة ومبسطة!
أما في مدرسة الشهيد الصدر، فالأمة الإسلامية تمضي في مسيرة تكاملية تتحرك نحو غاية مطلقة هي الله عزّوجلّ، وهي في مسيرها الطويل المستمر نحو المثل الاعلى، ستواجهها المثل المنخفضة من حكام ذلك الزمان وحكام هذا الزمان، ومن "وعاظ السلاطين" فضلا عن مواجهتها لـ "مثل عليا" اخرى من صنع البشر من الأخسرين أعمالاً الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا.

فالمسألة إذن ليست مجرَّد قرار باعلان الثورة، أو اعادة اعتناق "لا إله إلا الله" من جديد، أو مواجهة المجتمع المسلم بتكفيره، بل هي مسألة مسير متواصل نحو الله لا تحدَّه حدود ولا تقيده قيود نحو المطلق في إطار أصول الدين الخمسة:
التوحيد والنبوة والامامة والعدل والمعاد. تلك الاصول التي لم يتطرق سيّد قطب إلى الحديث عنها، باعتبار ان العامل الأساس في فكره هو مسألة تطبيق الشريعة الاسلامية، ومع ذلك لاحظنا مدى البساطة التي تعامل من خلالها مع تلك القضية الجوهرية...
لم يكن سيد قطب صاحب مشروع ثوري بالمعنى الحقيقي لهذه الكلمة، إنها ثورية ناقصة تخاصم الهة المرحلة الراهنة. وتثني على الهة المراحل السابقة خير الثناء، وتكيل لهم جميع اصناف المديح.
وعلى كل حال، فقد ظهرت ثمار ذلك الزرع واخفقت تلك الحركات في الوصول إلى أي نتيجة نافعة لها، أو للمجتمعات التي تحركت فيها. ونحن نقول هذا من موقف الاعتبار والتأمل الحقيقي، لان المراجعة الجذرية تثبت ان الخلل الرئيسي كان بسبب موقف هؤلاء السلبي من قضية الامامة بوصفها حجر الزاوية، والركن الاساس في بناء الامة ومحاولة اعادة وجودها الفاعل إلى ساحة التاريخ".

المصدر : مركز الأبحاث العقائدية

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الجمعة 5 يناير 2018 - 00:17 بتوقيت مكة