مفهوم “الصورولوجيا” في تحديد الأنا والآخر

الأربعاء 20 ديسمبر 2017 - 09:24 بتوقيت مكة
مفهوم “الصورولوجيا” في تحديد الأنا والآخر

مقالات - الكوثر

يعتبر مفهوم “الصورولوجيا” مفهوما مرتبطا أساسا بصورة شعب لدى شعب آخر، فمن خلال تناولنا للصورة وجدنا أنها تحمل العديد من التمثلات، نجملها في الصورة الذهنية الأنا عن الآخر (أو الغير).
عالج مفهوم “الصورولوجيا” العديد من الإشكاليات من أهمها ما هي صورة الاخر لدى العرب؟ وما هي صورة الأنا لدى الغرب؟ ومن هو “الأنا”؟ ومن هو”الآخر” أي الغير؟ كل هذه الإشكاليات سنتصدى لها من خلال معرفة الذات وارتباطها بالهوية والتاريخ والحضارة والثقافة والدين؛ إذ من أجل معرفة الآخر يجب علينا معرفة الأنا.
فالآخر لم تأتينا أخباره إلا عن طريق الرحلات، أو بالأحرى الرحالة، وعلى سبيل المثال لا الحصر رحلة ابن فضلان، ورحلة ابن خلدون، ورحلة ابن جبير، حيث وصفوا لنا عادات وتقاليد وثقافة ونمط عيش مختلف الشعوب التي زاروها، فالرحلة هي الجسر الذي يصلنا بالآخر ويجعلنا نتعرف عليه. فالذي يرى عن كثب ليس كمن يسمع أو يقرأ، وهنا يحضرنا البحث الميداني الذي أساسه الاكتشاف.
إبان العصور الوسطى كان العرب ينظر إليهم نظرة العظمة والتقدم والازدهار، وكان ينظر إلى الغرب نظرة الاحتقار وينعتون بالهمجية والتخلف، وكانت بغداد هي مركز الإشعاع الحضاري منذ العصور الوسطى، بينما الغرب لم يستيقظ إلا في العصور الشرق؟
يشكل سقوط غرناطة بداية الحداثة الأوروبية وأصبحت أوروبا مركز الإشعاع الثقافي والحضاري والإبداعي كما هو الشأن في الرواية والمسرح والفلسفة وعلم الاجتماع …).
ويعتبر الاستشراق طرفا أساسيا في المقاربة الصورولوجية بالنسبة للغرب تجاه الشرق فهو دراسة مفصلة من طرف الأوروبيين حول الشرق من أجل معرفته وفهمه (العادات ، التقاليد، الدين اللغة، علم الاجتماع)؛ قصد احتلاله والهيمنة عليه، وبواسطته أدركوا عقلية الأمم الشرقية.
لذا تبقى جدلية الأنا والآخر معقدة وينبغي التوقف عند جذورها الفلسفية، ففي علم النفس “الأنا” ذات عاقلة تحترم معايير جزئية؛ ويمكننا أن نربطها كذلك بـ ”الأنا الأعلى” و”الهو”، فالأنا الأعلى هو القيم والأخلاق والمجتمع، و”الهو” هو تلك الغرائز والشهوات.
وفي الفلسفة أخذ مفهوم “الأنا” بعدا آخر مع ديكارت حين عرفه بـ”الأنا” تحرك الواقع وتتحمل مسؤوليات أفعال كل شيء، أما الآخر قد يكون معي في نفس المجتمع الذي أنتمي إليه، ويشترك معي في الثقافة والدين والوطن على سبيل المثال (عربي- أمازيغي)، أما “الغير” فهو يختلف عني تماما في اللغة والعقيدة والوطن وهنا نستحضر قولة الفيلسوف موريس ميرلوبونتي في تعريف “الغير”:”هو ذات مثلي يشبهني ويختلف عني”، وكذلك عرفه الفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر ” هو الأنا الذي ليس هو أنا”.
فمن خلال هذه التعاريف يمكننا تحديد “الأنا” و”الآخر”، ويمكننا أن نرى اليوم بأن الهوية مرتبطة أساسا في العالم الإسلامي بالمظهر، باعتبارالمظهر تشبثا بالهوية في ارتباطها بالوطن والدين والحضارة.
فالثقافة الوطنية هي التعبير عن مجموع القيم والمعتقدات والمبادئ السلوكية للشعب في ذاكرته الجماعية، ولنأخذ على سبيل الهوية في المجتمعات البدائية السلوكية حضارة الإنكا بأمريكا اللاتينية نموذجا، والتي شيدت حضارتها على ثلاثة مبادئ وهي (لا للسرقة، لا للكذب، لا للتكاسل)، وأصبحت هذه المبادئ عنوان حضارة الإنكا، واليوم تتمثل هذه القيم في دولة بوليفيا التي أسست قانونها على هذه المبادئ فقضت على الأمية والفساد، وتشبثت بوليفيا بمبادئها حيث أصبحت جزءا من ثقافتها الوطنية.
فالثقافة هي ذلك الجزء الفكري من الحضارة وهنا نستحضر التعريف الذي أعطاه المسيو Herriotلـ”الثقافة” حين قال: إنها “ما يبقى لدينا بعد أن ننسى كل شيء”.

 

المصدر: الوطن العمانية

 

101/23

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأربعاء 20 ديسمبر 2017 - 09:12 بتوقيت مكة