النظام البحريني وإستراتيجية إستيراد الأزمات

الثلاثاء 14 نوفمبر 2017 - 11:10 بتوقيت مكة
النظام البحريني وإستراتيجية إستيراد الأزمات

البحرين - الكوثر: لم يسجل المراقب للمشهد البحريني ، خاصة بعد عام 2011 الذي انتفض فيه الشعب البحريني على نظام الاستبداد والتمييز، ولا مرة واحدة، حالة تناولتها السلطات البحرينية حول الحراك الشعبي البحريني، دون ان تربطها بالخارج، حتى وصل الامر بهذه السلطات ان تربط الاحداث التي تقع بسبب الاهمال او القصور في منشآت البلاد بالخارج ايضا، في سياسة تحولت الى استراتيجية مرتبطة بمصير النظام نفسه.

استراتيجية استيراد الازمات التي يعتمدها النظام اخذت تثير السخرية ، فعلى سبيل المثال ، الحريق الذي اندلع بأنابيب النفط في قرية بوري صباح يوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، اعتبرته سلطات البحرين “عملا ارهابيا” واتهمت كالمعهود ايران، في الوقت الذي أعلنت شركة نفط البحرين “بابكو”، أن الحريق كان ناتجا عن تسرّب في خطوط النقل!!.

النائب البحريني السابق على الاسود شدد عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعيّ «تويتر»، على أنّ «القوى الديمقراطية المعارضة تدين العنف والتخريب – بلا مزايدات- ولديها مطالب سياسيّة بعيدا عن القضايا الأمنية، والوقوف على تلك المطالب لا يرتبط بافتعال قضايا ومشاكل بين البحرين ودول الجوار”.

اما ايران فقد دعت السلطات البحرينية للكف عن توجيه اصابع الاتهام زورا اليها بعد كل حادث يقع في البحرين ، مذكرة هذه السلطات بان عهد الاتهامات الصبيانية قد ولى.

من الجوانب المضحكة المبكية لاستراتيجية استيراد الازمات من قبل السلطات البحرينية ، كانت تعاملها مع الزعيم الوطني الامين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان الذي يقضي منذ 28 ديسمبر/كانون الأول 2014، حكما بالسجن 4 سنوات بتهم الترويج لتغيير النظام ولارتباطه بايران ، الا ان عقلية السلطات البحرينية تفتقت هذه المرة عن فكرة جديدة لتنويع مصادر استيراد الازمات ، في اطار استراتيجيتها المعهودة ، فكسرت “احتكار” ايران كمصدر لتصدير الازمات الى البحرين ، بعد ان وجدت في قطر ، مصدر آخر جديد لهذه الازمات ، اثر غضب السعودية على الدوحة بسبب الاختلاف الذي نشب بينها وبين الرياض حول تمويل وتسليح الجماعات التكفيرية في المنطقة.

قبل ايام احالت النيابة العامة البحرينيّة، الشيخ علي سلمان، والشيخ حسن علي جمعة سلطان وعلي مهدي علي الأسود إلى المحكمة الكبرى الجنائيّة، بعد أن أسندت إليهم تهمة «التخابر مع قطر، والسعي لإسقاط نظام الحكم في البلاد، وإفشاء أسرار الدفاع إلى دولة أجنبيّة، وإذاعة أخبار كاذبة” ، وتم تحديد يوم 27 تشرين الثاني / نوفمبر الجاري موعدا للنظر في القضية.

الجانب المضحك في قضية اتهام الشيخ علي سلمان بالتخابر مع دولة أجنبية (قطر) بقصد الإضرار بمصالح البحرين القومية بغية إسقاط نظام الحكم في البلاد ، هو ان إن المكالمة التي جرت بين الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان مع وزير الخارجية ورئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم آنذاك حصلت بعلم السلطات في البحرين، فهي من طلبت ذلك منه، وتفاصيل المكالمة التي  شاهد على ذلك.

المعروف ان قطر حاولت التوسط بين المعارضة والنظام البحريني في بداية الحراك الوطني في البحرين عام 2011 ، من اجل الوصول الى صيغة ترضي الطرفين ، وقد لاقى المسعى القطري في البداية تجاوبا من السلطات البحرينية ، فسمحت حينها للشيخ علي سلمان ، لمكانته وشعبيته وحكمته ، بالحديث مع حمد بن جاسم ، وان نص المكالمة موجود ، الا ان السلطات البحرينية ترفض نشرها بالكامل ، لانها ستكشف براءة الشيح سلمان من التهم الموجهة اليه ، فكل الحديث كان يدور على ضرورة الحفاظ على الطابع السلمي للحراك وعلى ضرورة ان تسمع السلطات البحرينية مطالب الشعب المشروعة.     

 جمعيّة الوفاق الوطني وصفت اتهام السلطات البحرينيّة لأمينها العام الشيخ علي سلمان بالتخابر مع قطر بأنه كيدي ومصطنع، ويعكس حجم الأزمة التي تعيشها السلطة مع الشعب، ومع الاقليم والمجتمع الدولي .. الاتهام محاولة للهروب من الاستحقاق السياسيّ الملح بضرورة التحول الجذري والكامل نحو الديمقراطيّة ، لافتة إلى أن استيراد الأزمات الإقليمية للضغط على المعارضة لا يلغي تمسّكها بثوابتها الوطنية، أو كونها شريكا أساسيا في صناعة مستقبل الاستقرار السياسي بالبحرين.

الامر الذي يثير اهتمام المراقبين في كل ما يجري في البحرين لاسيما منذ عام 2011 ، هو الالتزام المطلق للمعارضة البحرينية بسلمية حراكها ، وعقلانية ممارساتها وخطابها الوطني الشامل ، ورفضها الانجرار نحو الصدام مع السلطات ، بالرغم من كل الممارسات التعسفية ضد الانشطة المدنية والحرك الحضاري للشعب البحريني ، والتي اثارت حفيظة حتى حلفاء النظام في الغرب ، الذين اخذوا ينتقدون علانية ممارستها التي تنتهك ابسط الحقوق الانسان.

تمسك الشعب البحريني بسلمية تحركه رغم كل الضغوط والممارسات التعسقية للنظام ، هو الذي جعل النظام يتخبط ويعتمد استراتيجية استيراد الازمات  ، التي اثارت ومازالت تثير سخرية المراقبين للمشهد البحريني.

المصدر: شفقنا

31101

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الثلاثاء 14 نوفمبر 2017 - 11:02 بتوقيت مكة