هكذا يمكن أن تندلع الحرب في الشرق الأوسط؟

الثلاثاء 7 نوفمبر 2017 - 13:31 بتوقيت مكة
هكذا يمكن أن تندلع الحرب في الشرق الأوسط؟

مقالات - الكوثر: توزان القوى في السياسة الدولية مفهوم متعدد التعريفات ومعقد الى حد كبير، إلا ان هناك اتفاقا على خطوط وتعريفات عامة عند تتبعها نظريا يمكن التنبؤ علميا وعمليا بمسار الاحداث. هناك بشكل عام توازنات مركبة او متعددة الأقطاب وتوازنات بسيطة او ثنائية.

والتوازن المركب يعتمد على اقطاب متعددة في كل طرف تشمل دولا وتكتلات ويغلب عليه منطق التنافس والردع وغالبا ما يبتعد عن الحرب حيث يقود الى الجمود والاستقرار.

أما التوازن البسيط فهو الأخطر حيث تتمايز الكتل والتحالفات المتصارعة بشكل حاد يقود الى الحرب وتكون فترة الاستقرار هي بمثابة فترة مؤقتة مفادها الاستعداد للحرب والتأكد من متانة التحالفات ويكون الصراع بين كتلتين رئيسيتين تلتف كل كتلة منهما حول دولة كبرى تعرف بالدولة النواة فيبدو وكأنه صراع بين دولتين.

التوازن الاقليمي تسري عليه ايضا القواعد ذاتها، الا انه يؤدي دورا مزدوجا، أحدهما داخلي في الاقليم والآخر خارجي في الصراع الدولي، حيث تعتمد الصراعات الدولية وتطوراتها على الصراعات والتوازنات الاقليمية.

ونظرا لخطورة الحروب الكبرى بفعل توازن الردع النووي فإن الحروب الاقليمية هي البديل المباشر حيث تدعم كل كتلة حلفائها في الاقليم بغرض كسب موطئ قدم وزيادة الرصيد في الميزان الدولي.

بقيت نقطة نظرية اخرى قبل الشروع في التطبيق العملي على الاحداث الراهنة، وهي ان خصائص التوازن وطبيعته حيث ينقسم الى توازن جامد وتوازن مرن، حيث الجامد يعبر عن توازن بين كتل متنافرة ومتناقضة بينما المرن يعبر عن توازن بين كتل متجانسة نسبيا حضاريا وثقافيا وايدلوجيا.

وبالنظر للوضع الراهن الدولي والاقليمي، فيمكننا أن نقول إنه ومنذ انهيار سور برلين كإشارة لنهاية الحرب الباردة والتحول لعالم احادي القطب، ظلت التوازنات تتشكل حثيثا لمعادلة هذا الميزان المختل، وتشكلت على اثر ذلك تحالفات دولية وكذلك اقليمية لمواجهة القطب الامريكي وتوابعه ورؤوس حربته الاقليميين.

ونظرا لعوامل متعددة شكلت التحالفات حتى وقت قريب توازنات من النوع المركب التعددي وكذلك المرن وبرغم صدامية ترامب وتسخينه للجبهات فإن التوازن لازال مرنا وان كان يتجه ليصبح ثنائيا بينه وبين روسيا كدولتي نواة في الصراع الدولي.

ومصدر المرونة ان العوامل العقائدية لم تعد كالسابق والتي تفجرت على اثرها حرب كالحرب العالمية الثانية حيث حدة الصراع بين النازية والفاشية من جهة والمعسكر الغربي.

وبالتالي فان الصراع الدولي الحالي وان كان يتجه للتوازن الثنائي الا أنه مرنٌ لغياب عوامل الادلجة وتميز المعسكرات بالبرجماتية التي يمكن ان تكبح جماح الانزلاق لحرب عالمية الى حد كبير.

ولكن تبقى التوازنات الاقليمية مفتوحة دوما على كل الاحتمالات.

والناظر لحال المنطقة والشرق الاوسط بشكل عام يرى تطورا للتوازن من توازن مركب متعدد الاقطاب تشكل به “اسرائيل” قطبا، وايران قطبا”، وتركيا قطبا، والعرب منقسمون بين دول وتكتلات وقوى بعضها حيادي وبعضها يميل لقطب منهم والبعض يتحالف مع احدهم باستثناء “اسرائيل” حيث التحالف العلني كان خطًّا احمر الى وقت قريب ولم يعد العرب قطبا اقليميا كما كان الوضع قبل كامب ديفيد، يرى الناظر هذا التحول الى توازن ثنائي يتمحور حول “اسرائيل” وما تمثله من مندوب للهيمنة الدولية الامريكية وايران بما تمثله من مشروع مقاوم للمشروع الامريكي يتلاقى مع المناهضة الروسية لوجود قطب احادي.

إلا أن الخطورة في الاقليم والتي تميزه عن الصراع الدولي ان الامور تتجه بطبيعة التوازن الى التوازن الجامد، حيث الصراع يدخل لمناطق فكرية وايدلوجية بل ويتجه لصراع وجودي.

ان صدامية السعودية وتحديدا ولي عهدها تشبه صدامية ترامب شكلا الا ان جوهرها اخطر بكثير، حيث صدامية ترامب يمكن ان تجمحها مؤسسات واطراف متحالفة معه، كما يمكن ان تكبحها طبيعة التوازن المرن.

اما صدامية ابن سلمان فلا يكبحها عقل ولا قراءة واقعية لنتائج السياسات على الارض وتداعياتها ولا تكبحها مؤسسات، ويزيد من حدتها وتهورها طبيعة التوازن الجامد.

من هنا فاننا نرى ورغم كل القراءات العقلانية العلمية التي تصب في صعوبة الاقدام على حرب بالشرق الاوسط وتحديدا على لبنان، فان هذا الاحتمال قائم وبشدة.

"اسرائيل" التي تفيد مراكزها البحثية والاستخباراتية بانها ليست على استعداد لحسم معركة مع حزب الله ولا تستطيع تحمل كلفتها، تعلم ايضا انه وبمرور الوقت فان قوة الحزب ستزداد وبعدما حدث في سوريا والعراق وفشل مشروع التقسيم، فان قوة مضافة للحزب وايران ستجعل المستقبل الصهيوني حرجا، كما انها لا بد وان تقتنص لحظة اقليمية نادرة مفادها ان العرب يعيشون أسوأ عهودهم من حيث التفسخ والترهل والاعتراف العلني بالخيانة والعمالة واستبدال العداء للصهاينة بالعداء للمقاومة، وهذه اللحظة غير قابلة للبقاء طويلا.

من هنا فإن امكانية الاقدام على عمل متهور منسق اقليميا موجودة.

والغطاء السياسي الذي وفره مشهد استقالة سعد الحريري ومضمون الكلمة التي وضعت له ليقرأها والتي تحرض على احتراب اهلي صريح وكذلك تتابع التصريحات في عواصم عربية كبرى حول فتح قطر لمقاتلين من حزب الله حدودها دون تأشيرة لمهاجمة السعودية، تشي بعمل مدبر يريد توفير حد ادنى من الاغطية السياسية، بالرغم من ان الوضع العالمي والاقليمي لم يعد بحاجة لغطاء سياسي حيث يشهد اوضاعا عبثية اقرب للامعقول أكثر منه إلى المعقول.

المصدر: إيهاب شوقي/ الشام نيوز

101/23

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الثلاثاء 7 نوفمبر 2017 - 13:23 بتوقيت مكة
المزيد