خاص الكوثر - حياة بعد الحياة
نظرت إلى السيدة التي تجلس أمامي دون أن أعرفها، لكني شعرت تجاهها بشعور طيب. شعرت أنها لطيفة وطيبة، وغمرني داخلها سلام خاص وشعور بالمودة. لم أكن قد رأيتها أو عرفتها قبل ذلك، لكني شعرت بأنني أعرفها من قبل، وكان لدي شعور طيب تجاهها.
السيدة الأولى قلبت الصفحة ونظرت إلى الشاشة، فلم يظهر شيء. ثم قلبت السيدة الثانية الصفحة ولم يظهر شيء كذلك. فقلت لنفسي: "لم كنا يبكينا قبلي أو يضحكنا؟ لكني لا أرى شيئًا". حتى جاء دور السيدة الثالثة التي قلبت الصفحة، فقالت لها الأولى: "ما الذي يحدث؟" فردت عليها: "لقد مُحي كل شيء لأنها وضعت مولودها توًا. وقد أمحي كل شيء ولا شيء قد بقي. هناك شاهدت... مثل ما يشاهد... أو بالأحرى يشاهد فيلم سينمائي".
إقرأ أيضاً:
تلك اللحظة التي كانت أمي تحدثني بها بأن السيدة التي تضع مولودها يمحو الله كافة ذنوبها بسبب هذه النعمة التي أنعم الله عليها بها، وتلك الآلام التي خاضتها. كنت أسخر من أمي لقولها هذا الكلام، وكنت أعتبره مرفوض وغير ممكن. فجأة مر علي ذلك كله مثل ما يُعرض فيلم. رأيت نفسي بأني أسخر من أمي وأضحك منها وأعتبر ما تقوله سخيفًا. شاهدت تلك اللحظة. اندهشت قائلة: "يا إلهي! كم سخرت من أمي! وكم أصدرت عليها أحكامًا!" شعرت بانزعاج شديد. فقد أشعرتني تلك اللحظة بشعور سيء، وندمت على نفسي لأني لم أؤمن بذلك. فإني أنكرت ذلك وسخرت منه. لكن يحدث معي الآن ندم.
ثم قالت السيدة الثالثة بعد أن تشاورت (طبعًا مع زميلاتها): "حسنًا، لا يوجد مانع. دعوها تذهب إلى مكانها. أرسلوها إلى مكانها". وحين سمعت ما قالته، سألت: "إين يجب أن أذهب؟" تساءلت: "لماذا؟ وإين تريدين إرسالي؟" قالت: "لا تعرفين؟ لقد متِ الآن، وعلينا أن نأخذك إلى المكان المخصص لك، حيث قد مُحيت أعمالك بسبب وضعك لمولودك. ولا توجد آثام أو خطايا، عليك أن ترافقي هذه السيدة إلى المكان المخصص لك.