أدونيس يهاجم "الربيع" العربي مجددا.. ومعرضيه يصفونه بـ"العهر"!

الجمعة 28 يوليو 2017 - 09:35 بتوقيت مكة
أدونيس يهاجم "الربيع" العربي مجددا.. ومعرضيه يصفونه بـ"العهر"!

تصريح المفكر والشاعر السوري "أدونيس" والذي هاجم فيه الربيع العربي، أثار جدلا واسعا بين المصريين، فكتب الروائي عبد النبي فرج معلقا: ”شفت عهر اكثر من كده، السؤال ما الذي خسره ادونيس تحت حكم العسكر والامراء والملوك لا شيء ولكن المكاسب بالجملة”.

واليكم ما كتبه ادونيس في صحيفة الحياة اللندنية:

يقول أدونيس فى مقاله "حتّى الآن، حقّقت «ثورات الرّبيع العربيّ» المنجَزات التّالية:

أوّلاً ـ وسّعَت حدود هذا «الربيع» فصار الآن إسلاميّاً أيضاً.

ثانياً ـ كانت الغالبيّةُ الكبرى من سكّان العالم العربى فقراء، عاطلين من العمل، أمّيين... إلخ. اليوم صارت أكثر فقراً، وبطالةً، وجهلاً.

ثالثاً ـ كانت الغالبيّةُ أكثرَ ميلاً للكفاح من أجل التقدّم التحرّر، وهى اليوم، على العكس، أكثر ميلاً للخضوع إلى «عقليّة» التخلّف والتراجع. تركيا المثل الأوّل. السودان مثلٌ آخر.

رابعاً ـ كان العرب أكثرَ سيطرةً على ذواتهم وأدواتهم وثرواتهم، فصاروا اليوم أكثر قرباً إلى ما يناقض هذا كلّه. صارت «ذاتُهم» لغيرهم، إذا تكلّمنا بلغة الفارابي: صاروا «أدواتٍ» و «آلات».

خامساً ـ الحضور العربيّ، اليوم، فى العالم لا يقوم على التفرُّد العلمى أو التّقنى أو الأخلاقيّ، وإنّما يقوم، بالأحرى، على «الثّروات» والفضاء الاستراتيجيّ، والعدد السكّانيّ.

سادساً ـ أكّدَت «ثورات الربيع العربيّ» أنّها «تهديمٌ ذاتيّ» و «تبعيّة» شبه عمياء. بحيث بدا، تاريخياً، أنّ العالم العربى ليس موجوداً على خريطة العالم إلاّ بوصفه «يأكل بعضُه بعضاً» وبوصفه «تابعاً»، وبوصفه هوَساً سلطويّاً لا يترك أى مجالٍ حقيقى لحقوق الإنسان الفرد وحرّيّاته. ولا مكانَ فيه إلاّ لهذا الثّنائيّ: الآمِر والمأمور، المالِك والمملوك، السيّد والعبد.

يتمثّل هذا «التّهديمُ الذّاتيّ» وهذه «التّبَعيّة» فى مصير القضيّة الكبرى والرمز الأكبر: فلسطين. فقد هُمِّشَت هنا، وأُهمِلَت هناك، وأُلغِيَتْ هنالك.

سابعاً ـ أكدَتْ هذه الثورات، على رغم هذا كلِّه، أنّ العالَم العربى خزّانٌ بشرى عظيمٌ للطّاقات الإنسانيّة الفرديّة الخلاّقة فى جميع الميادين. وأنّ هذه الطّاقات تتفوّق على أقرانها، أحياناً، فى مختلف بلدان العالم. لكن لا سبيل لها، لكى تحيا بحرّيّة إلاّ الهجرة: كأنّها، على نحْوٍ مفارقٍ، لا «تتعرّب» ما لم «تتغرّب».

والفاجع فى هذا الأمر أنّها ليست معياراً فى التقدّم أو التّخلّف. المعيار سياسيّ - اجتماعيّ - اقتصاديّ، وهو، إذاً، فى «المؤسّسات» و «الأنظمة».

والمثال الصارخ على ذلك لبنان وسورية.

هل نقول:

انتهى كلُّ شيء،

ولم يبدأ أى شيء.

هل نقول:

ما أشقى بشراً

لا يقدرون أن يعملوا إلاّ بشفاههم،

ولا يقدرون أن يقرأوا إلاّ بصواريخهم.

*

وأنت أيّها «الربيع «العربيّ» الخاص»، من أين لك

هذا الظلّ الوحشيّ.

تَعانَقَ العالمُ تحت نوافذك،

قال: كلّ شيء سيكون مختلفاً. وها هو، إذاً، هذا «الاختلاف»:

نساء تُباع، بشرٌ يُذبَحون. أسواقٌ تُدَمَّر وتُنهَب. متاحفُ تُسرَق وتُباعُ. مدنٌ تُسَوّى بالأرض ـ مآثرَ وعمارات.

انهيارٌ يبتلع الفضاءَ العربيّ:

أهذا، إذاً، أنت، أيُّها «الرّبيع»؟

أسّسْتَ الحاضرَ العربى على أساسَين: قاطِعِ رأسٍ، ورأسٍ مقطوع.

المالُ والقَتْلُ حجَرا هذه الطّاحونة البدائيّة الحديثة:

الحَنْجَلةُ الثّوريّة، والعنفُ ضدّ الإنسان وحقوقه وإبداعاته،

معاً فى سريرٍ واحد.

دمُ الإنسان يُعبِّد الطّريق. القتلُ يرسم الإشاراتِ والاتّجاهات.

السّماءُ تتمدّد على الوسائد فى مُخَيَّمات الخائبين، المُهَجَّرين، الذين يتسوّلون « ضيافةَ» الأمم « الصّديقة»، « الراعية».

أهذا، إذاً، أنتَ أيُّها « الرّبيع»؟

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الجمعة 28 يوليو 2017 - 09:35 بتوقيت مكة