سيرة الامام الكاظم عليه السلام 3

الأربعاء 5 إبريل 2017 - 07:08 بتوقيت مكة

إمامته

تصدى لمنصب الإمامة بعد شهادة أبيه الإمام جعفر الصادق سنة 148 هـ، فكانت مدّة خلافته ومقامه في الإمامة بعد أبيه خمساً وثلاثين سنة. ورغم أنّ الإمام الصادق قد أوصى - لدواع أمنية ولحفظ حياة الإمام الكاظم - إلى خمسة، هم: أبو جعفر المنصور ومحمد بن سليمان وعبد الله وموسى وحميدة ، إلاّ أنّ تشخيص الإمام الحق من بين هؤلاء لم يكن بالأمر الصعب على علماء وكبار رجال مذهب أهل البيت .

دليل إمامته

روى كبار المقربين والمحدثين عن الإمام الصادق تصريحه بإمامة ابنه الكاظم منهم: مفضل بن عمر الجعفي، معاذ بن كثير، عبد الرحمن بن الحجاج، فيض بن المختار، يعقوب السراج، سليمان بن خالد، صفوان الجمال. ومن تلك الروايات ما وراه أبو بصير عن الإمام الصادق أنّه قال يوم ولد الإمام الكاظم : «وهبَ اللَّهُ لي غُلاماً وهو خيرُ من بَرَأَ اللَّه‏». وفي رواية أخرى عنه : «وَدِدْتُ أَن ليس لي ولدٌ غيرهُ حتَّى لا يشركهُ في حُبِّي لهُ أَحد».

الخلفاء المعاصرون له

عاصر إبّان إمامتة أربعة من خلفاء بن العباس، هم :

المنصور الدوانيقي (136- 158 هجرية)

المهدي العباسي ( 158- 169 هجرية)

الهادي العباسي ( 169- 170هجرية)

هارون الرشيد ( 170- 193 هجرية).

ظهور بعض الفرق الشيعية

ذهب طائفة من الشيعة في حياة الإمام الصادق إلى القول بأنّ الإمام من بعده ولده إسماعيل باعتباره الولد الأكبر، ولكن لمّا توفي إسماعيل في حياة أبيه أنكروا وفاته في بادئ الأمر، وقالوا: إنّه حي يرزق، ولمّا يئسوا من حياته ذهبوا إلى القول بإمامة ابنه محمد بن إسماعيل، ومن هنا سمّوا بـالإسماعيلية.

وذهب فريق آخر إلى القول بإمامة عبد الله الافطح ابن الإمام الصادق عرفوا بـالفطحية.

وظهرت فرقة أخرى تسمّى الناووسية؛ وإنما سميت بذلك لأنّ رئيسهم في هذه المقالة رجل من أهل البصرة يقال له عبد الله بن ناووس.

وهناك فريق آخر ذهب إلى القول بإمامة محمد بن جعفر المعروف بـالديباج.

وبعد استشهاد الإمام الكاظم أنكر فريق من الشيعة وفاته، وقالوا: «لم يمت وأنّه مهدي هذه الأمة»، ووقفوا عند الإمام السابع، ولم يؤمنوا بإمامة الرضا ، فعرفوا بـالواقفية. ولاريب أن فكرة المهدوية والقائمية تعد من أساسيات الفكر الإمامي وأنّ الشيعة يؤمنون بهما منذ نشأة التشيع التي تعود إلى عصر النبي الأكرم ، حيث طفحت كلماته وكلمات سائر الأئمة بالتبشير بالمهدي الموعود من أهل البيت (ع) ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً.

الثورات الشيعية المعاصرة للإمام

عاصر الإمام من الثورات الشيعية ثورة فخّ التي تعتبر - باستثناء عاشوراء - من أشدّ الحوادث التاريخية إيلاماً في تاريخ التشيع، وكانت بقيادة الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي المكنى بأبي عبد الله والمعروف بـصاحب فخّ، سنة 169 هـ ق ضد الهادي العباسي في منطقة فخّ القريبة من مدينة مكة المكرمة. وروى الكليني: «إنّه لمَّا خرج الحسين بن عليٍّ المقتولُ بفخٍّ جاء إلى الإمام ، فَقال له أَبو الحسن موسى بن جعفر حين ودَّعهُ: يا ابن عمِّ إِنَّك مقتولٌ فأَجِدَّ (أحدّ) الضِّرابَ فَإِنَّ القوم فُسَّاقٌ يظهرونَ إِيماناً ويسترُونَ شركاً وإِنَّا للَهِ وإِنَّا إِليه راجعون أَحتسِبُكُمْ عند اللَّه من عُصْبَة».

اعتقال الإمام وإيداعه السجن

اختلفت كلمة المؤرخين في السبب وراء اعتقال الإمام وإيداعه السجن إلاّ أنّها متفقة على مكانة الإمام ومنزلته في الوسط الشيعي وكثرة الوشاة عليه.

الوشاية بالإمام

من الذين بلي بهم الإسلام جماعة من الأوغاد والمتزلفين، باعوا ضمائرهم فعمدوا إلى السعي بالإمام (ع) والوشاية به عند الطاغية هارون ليتزلّفوا إليه بذلك. من هؤلاء مَن أبلغ هارون بأن الإمام تجبى له الأموال الطائلة من شتّى الأقطار الإسلامية فأثار ذلك كوامن الحقد عند هارون. وفريق آخر من هؤلاء الأشرار سعوا بالإمام إلى هارون، فقالوا له: «إن الإمام يطالب بـالخلافة، ويكتب إلى سائر الأقطار الإسلامية يدعوهم إلى نفسه، ويحفّزهم ضد الدولة العباسية»، وكان في طليعة هؤلاء الوشاة يحيى البرمكي - وقيل بعض أبناء أخوة الإمام ، فأثار هؤلاء كوامن الحقد على الإمام . ومن الأسباب التي زادت في حقد هارون على الإمام وسببت في اعتقاله احتجاجه عليه بأنّه أولى بـالنبي العظيم من جميع المسلمين، فهو أحد أسباطه ووريثه، وإنّه أحق بالخلافة من غيره وقد جرى احتجاجه معه في مرقد النبي . وقد اعتقل الإمام مرتين لم نعرف عن تاريخ الأولى منهما والمدة التي قضاها في السجن شيئاً، فيما وقعت الثانية سنة 179 هجرية وانتهت بشهادة الإمام في السجن سنة 183هجرية، حيث استدعى هارون الرشيد الإمام سنة 179 هـ ق من المدينة، وأمر بالتوجه به إلى البصرة التي وصلها في السابع من ذي الحجة، فأودعوه في سجن عيسى بن جعفر، وبعد فترة انتقلوا به إلى سجن الفضل بن الربيع في بغداد ومنه إلى سجن الفضل بن يحيى وسجن السندي بن شاهك الذي كانت نهاية الإمام فيه.

كيفية شهادته

استشهد الإمام في الخامس والعشرين من شهر رجب سنة 183 هـ ق في بغداد في سجن السندي بن شاهك الذي أمر بوضع جنازة الإمام على الجسر ببغداد ونودي عليه - تمويها على قتله - هذا إمام الرافضة فاعرفوه، فأنّه موسى بن جعفر وقد مات حتف أنفه، ألا فانظروا إليه. فحف به الناس، وجعلوا ينظرون إليه. وقد اختلفت كلمة الباحثين في سبب شهادته، فذهب مشهور المؤرخين إلى أنّه مات مسموماً على يد يحيى بن خالد أو السندي بن شاهك، وقال صاحب مقاتل الطالبيين: «إن يحيى بن خالد خرج بأمر من الرشد بنفسه على البريد حتى وافى بغداد، ودعا بالسندي، وأمره فيه بأمره، فلفه السندي على بساط، وقعد الفراشون النصارى على وجهه». وقيل صُب الرصاص في فمه .

مرقده وثواب زيارته

يوم تشييع الإمام موسى يوم أغر لم تر مثله بغداد في أيامها يوم مشهود حيث هرعت الجماهير من جميع الشرائح إلى تشييع ريحانة رسول الله ، فقد خرج لتشييع جثمانه الطاهر جمهور المسلمين على اختلاف طبقاتهم يتقرّبون إلى الله جل جلاله بحمل جثمان سبط النبي ، وسارت المواكب متجهة إلى محلة باب التبن إلى المقر الأخير، وقد أحاطت الجماهير الحزينة بالجثمان المقدس وهي تتسا

بق على حمله للتبرك به، فحفر له قبر في مقابر قريش، وأنزله سليمان بن أبي جعفر في مقره الأخير، وبعد فراغه من مراسيم الدفن، أقبلت إليه الناس تعزيه وتواسيه بالمصاب الأليم. ومن ذلك الحين وحتى يومنا هذا واصلت الشيعة وغيرهم من المسلمين التوافد على زيارته والتبرك بمرقده الشريفة لما انتهى لهم من عظيم مكانته، وحثّ الأئمة المعصومين (ع) على زيارة كالمروي عن الإمام الرضا : «من زار قبر أبي ببغداد كمن زار قبر رسول الله وقبر أمير المؤمنين إلاّ أن لرسول الله ولأمير المؤمنين صلوات الله عليهما فضلهما».

وفي رواية أخرى: «زيارة قبر أبي الحسن كزيارة قبر الحسين ».

كلام الخطيب البغدادي

روى الخطيب البغدادي عن الحسن بن إبراهيم أبي علي الخلال يقول: «ماهمني أمر، فقصدت قبر موسى بن جعفر، فتوسّلت به إلاّ سهّل الله تعالى لي ما أحب»

أصحابه والرواة عنه

سجلت الكتب الحديثية والرجالية أسماء الكثير من أصحابه والراوين عنه ، حتى قال الشيخ المفيد: «أكثر الناس في الرواية عنه، وكان أفقه أهل زمانه وأحفظهم لكتاب الله، وأحسنهم صوتاً بتلاوة القرآن». فيما أوصل الشيخ الطوسي عدد الرواة عنه إلى 272 روايا.، منهم:

حمّاد بن عيسي

علي بن يقطين

هشام بن الحكم

أبو الصلت بن صالح الهروي

صفوان بن مهران

صفوان بن يحيي

محمد بن أبي عمير الأزدي

أبان بن عثمان

المفضل بن عمر.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الثلاثاء 4 إبريل 2017 - 10:47 بتوقيت مكة