مؤتمر"دعم الإنتفاضة الفلسطينية" يعيد البوصلة باتجاه فلسطين

الأربعاء 22 فبراير 2017 - 08:03 بتوقيت مكة
مؤتمر"دعم الإنتفاضة الفلسطينية" يعيد البوصلة باتجاه فلسطين

في الوقت الذي تتنافس فيه بعض الانظمة العربية مع تركيا على كسب ود “اسرائيل”، وعلى دفن القضية الفلسطينية والى الأبد، انطلقت اليوم الثلاثاء 21 شباط / فبراير في طهران اعمال المؤتمر الدولي السادس لدعم انتفاضة الشعب الفلسطيني، بمشاركة وفود وشخصيات من ثمانين بلدا.

توقيت عقد المؤتمر كان بحد ذاته رسالة الى كل الذين هرولوا وما زالوا يهرولون الى البيت الأبيض وتل ابيب من العرب والأتراك، من اجل التوقيع على شهادة وفاة القضية الفلسطينية، والتحالف مع الصديق الحميم “اسرائيل”، ومفاد هذه الرسالة: ان القضية الفلسطينية لن تموت مهما تنازل بعض العرب والأتراك، فهؤلاء لا يمثلون شيئا بالنسبة للشعوب العربية والاسلامية التي تعيش القضية الفلسطينية في قلوبهم وعقولهم وتسري مسرى الدماء في عروقهم.

مكان عقد المؤتمر كان رسالة اقوى وقعا من التوقيت، على اولئك الذين نصبوا انفسهم ممثلين للمسلمين السنة في العالم، بفتوى امريكية، ومفاد هذه الرسالة: ان طهران لن تتخلى عن الشعب الفلسطيني مهما كانت الظروف، ولن تخشى التهديدات الامريكية ولا “الاسرائيلية” ولا “المحور” الذي صنعته اميركا لحماية “اسرائيل”، ولن تسمح لأحد ان يمس بمكانة القضية الفلسطينية التي تتربع في قمة قائمة قضايا العرب والمسلمين، عبر اختراع “اعداء” وهميين.

قد ارسلت بعض الأنظمة العربية وتركيا ممثليها الى ميونيخ تحت ذريعة المشاركة في مؤتمر الأمن الذي عقد هناك ، فوزعت امريكا و”اسرائيل ” على ممثلي هذه الدول الكلمات التي يجب ان يلقوها في المؤتمر، فكانت جميعها مستنسخة وتؤكد على ان لا عدو لهم الا “ايران” وان “اسرائيل” ليست فقط صديقة بل حليفة ايضا.

اكثر الحكومات اندفاعا لتشكيل “جبهة” للتصدي ل”الفرس” و”الشيعة”، هي تركيا وشخص رئيسها رجب طيب  اردوغان، الذي ظهر في البداية كمناصر للقضية الفلسطينية، بعد حادث سفينة “مافي مرمرة” التي تمت مهاجمتها من قبل قوات الاحتلال الصهيوني في أيّار (مايو) من العام 2010 عندما كانت متوجهة إلى غزة لكسر الحصار، الأمر الذي أدى إلى مقتل وجرح عشرات الأتراك الذين كانوا على متنها، وعلى اثرها قطع اردوغان علاقاته مع “اسرائيل” واشترط رفع الحصارعن غزة من اجل اعادتها، لكن اردوغان اعادها بعد سنوات دون ان يرفع الحصارعن غزة، الا انه نجح باستغفال البعض عبر استخدامه  لورقة السفينة”مافي مرمرة” في تلك السنوات، حتى وصفه البعض ب “خليفة المسلمين” الجديد.

اردوغان هذا، ارسل قبل ايام وزير خارجيته مولود جاوش أوغلو الى مؤتمر الأمن في ميونيخ ليعلن من على منبره، ان العدو اليوم هو الخطر “الايراني الطائفي”، وان “إيران تريد تحويل سوريا والعراق إلى المذهب الشيعي”!!، وان لا خيار امام بلاده الا تطبيع العلاقات مع “اسرائيل” ودعا العرب الى يحذو حذوه بلاده، كما التقط صورة “سيلفي” مع وزيرة الخارجية “الإسرائيلية” السابقة تسيبي ليفني، التي شاركت في المؤتمر ايضا.

ليفني نشرت صورتها الى جانب جاوش اوغلو على موقعها في “تويتر”، وعلى صفحتها الرسميّة في فيسبوك. وكتبت ليفني على الفيس بوك، مع الصورة: “أنها والوزير ناقشا سبل التطبيع وتعزيز التعاون بين إسرائيل وتركيا، وإن كلمات التعاون والمشاركة في مواجهة الإرهاب، عادوا وكرروا بكل طريق ممكن في إحدى الندوات التي شاركت فيها، ذلك لأن مكافحة الإرهاب الإسلامي هو ضرورة للجميع، والآن بات أكثر وضوحا، وما هي طبيعته .. إن إسرائيل يمكنها أن تكون شريكة مع العالم أجمع، ومع العالم العربي المعتدل في مواجهة التحديات، بما في ذلك التحدي الذي نواجهه من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية إذ أنه في الحالة الإيرانية، هناك تساوق مصالح بين إسرائيل وبين السعوديّة والدول العربية المعتدلة .. في كل مكان يوجد فيه خطر، هناك أيضا فرصة، وممنوع على إسرائيل أن تضيع هذه الفرصة”.

حديث جاوش اوغلو عن “الخطر الفارسي” وضرورة مواجهته بالتعاون مع “اسرائيل” والدول العربية المعتدلة، هو تكرار لتصريحات اردوغان الطائفية المقززة، خلال جولته في التي زار فيها السعودية والبحرين وقطر مؤخرا، لتوفير الأرضية لقيام التحالف “السني الاسرائيلي” ضد ايران، فخلال زيارته للبحرين قال ان بلاده ترفض “توجهات البعض لتقسيم سوريا والعراق، وضرورة التصدي للقومية الفارسية في العراق وسوريا، وعدم الوقوف مكتوفي الأيدي أمام الظلم الحاصل هناك”.

ما قاله اردوغان في البحرين ينطبق بالكامل على سياسته وسياسة حزبه ازاء سوريا والعراق المنطقة برمتها، فقد بات العالم اجمع على علم باطماع اردوغان بحلب والموصل، وهذه الاطماع هي السبب وراء ارساله الجيش التركي الى سوريا والعراق، رغم رفض حكومتي البلدين لهذا الانتهاك التركي الصارخ لسيادتهما، وهي السبب وراء تحمس اردوغان لفكرة اقامة مناطق امنة في شمال سوريا لتكون نواة تقسيم هذا البلد ومن ثم اقتطاع حلب منه.

في الوقت الذي يتهم اردوغان ايران بالتدخل في العراق وسوريا، نرى على الارض عكس ذلك تماما، فايران من اشد المدافعين عن الحكومتين العراقية والسورية، ومن اكثر المدافعين عن وحدة وسيادة واستقلال البلدين، ومن اشد الداعمين للعراق وسوريا في مواجهة الجماعات التكفيرية التي تمدها تركيا الى جانب السعودية وقطر بكل اسباب القوة، وهذه الحقيقة اعترف بها نائب الرئيس الامريكي السابق جو بايدن.

في الوقت الذي يتهافت بعض العرب والاتراك مثل وزير الخارجية السعودي عادل الجبير و وزير خارجية تركيا جاوش اوغلو، للالتقاء بممثلي “اسرائيل” في مؤتمر ميونيخ من امثال وزير الحرب افيغدور ليبرمان وتسيفي ليفيني، تكشف صحيفة “ايديعوت احرانوت” “الاسرائيلية” عن ان القائمين على امر المؤتمر ادخلوا تعديلا على جدول خطابات المشاركين في المؤتمر، لتفادي تواجد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على المنصة نفسها أثناء خطاب ليبرمان!!.

يكفي ايران فخرا انها تترفع حتى ان تستمع لخطابات المجرمين الملوثة ايديهم بدماء الشعب الفلسطيني المظلوم، او ان تلتقي بهم في قاعة واحدة، ويكفي ايران فخرا انها تقف الى جانب الحق الفلسطيني رغم كل الضغوطات التي تمارس ضدها حتى من جيرانها المسلمين بسبب ذلك، ويكفي ايران فخرا انها لا تقيم وزنا لا لتهديدات ترامب ولا لتهديدات نتنياهو، وهو ما اكدته ايران عمليا من خلال احتضانها مؤتمر دعم انتفاضة الشعب الفلسطيني، ووجهت بذلك رسالة واضحة الحروف والعبارات الى بعض المشاركين من العرب الأتراك في مؤتمر ميونيخ وارادوا بيع فلسطين، ومفادها ان العدو الاول للعرب والمسلمين هو”اسرائيل”، وان ايران الاسلامية تبقى سندا للشعب الفلسطيني، وان “الشيعة والسنة” أخوة في الاسلام، وان “الفرس والعرب” وباقي القوميات الأخرى هي من تشكل الشعوب العربية، ولا تنطلي على هذه الشعوب لعبة العزف على الوتر الطائفي والقومي المتهرىء، من اجل حرف بوصلة الأمة وما مشاركة هذا العدد الكبير من الوفود والشخصيات في المؤتمر الا محاولة لإعادة البوصلة باتجاه فلسطين.
 

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الثلاثاء 21 فبراير 2017 - 14:49 بتوقيت مكة