شاركوا هذا الخبر

ما سر تسمية السيدة الزهراء ب "الكوثر"؟

معنى «الكوثر» أنّه الجماعة القليلة التي تُخرِّج أفرادًا كثيرين وتهديهم، ولا يتحقّق الكوثر ما لم تصل هذه الهداية إلى الآخرين. فالإنسان إذا لم يمتلك رصيدًا علميًّا راسخًا، لا يمكنه أن يؤدي ما قامت به السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام؛ إذ لا بد أن يكون هو نفسه في مقامٍ عالٍ ليقول للناس: تعالَوا وارتقوا.

ما سر تسمية السيدة الزهراء ب "الكوثر"؟

الكوثر_مناسبات

إنّ سرّ تسمية أو اتصاف السيّدة الزهراء بـ«الكوثر» يكمن في ما تمتلكه من جامعيّة وجوديّة، فالكوثر ليس مجرد كثرة، بل هو كثرةٌ قائمة تحت قيادةٍ صحيحة وهدايةٍ رشيدة، تفتح الطريق أمام أعداد كبيرة نحو الخير والصلاح. وهنا يظهر الفرق بين «الكوثر» و«التكاثر»؛ فالأول كثرةٌ موحّدة ذات هدف، أمّا الثاني فمجرد عدد بلا روح ولا جهة.

نّ السعي للعلم ليس جريمة، وتكرار كلام الآخرين لا يصنع عالمًا. ومن يطمح إلى بلوغ القمّة لا يكون مذنبًا، بل هو مدعو إلى الارتفاع. فالإنسان الذي يريد إنجاز الأعمال الكبرى لا بد أن يتّصف بمكانة علميّة وعملية راقية حتى يستطيع أن يدعو غيره إلى النموّ والارتقاء. من لا يملك أساسًا علميًا متينًا لا يمكنه أن ينهض بدور الزهراء عليها السلام.


لقد دُعينا جميعًا للسير في طريق الكمال، وهو الطريق الذي رسمه القرآن الكريم وأئمّة الهدى، وطُلب منا أن نمضي فيه بجدّ. وقد ورد في كلمات الأئمّة عليهم السلام أنّ عندهم علومًا لا يرقى إليها إلا نبيٌّ مُرسل أو ملكٌ مقرّب أو عبدٌ مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان. وهم يذكّروننا بأنّ مقامنا عالٍ، وأنه لا ينبغي لنا أن نُبخس أنفسنا.


وعليه، فعندما نزور المشاهد المشرّفة، فطلب شفاء المرضى وقضاء الحوائج أمر حسن ومطلوب، لكن علينا أن نطلب ما هو أرفع، تلك المقامات التي قال عنها المعصوم: «لا يحتمله إلا ملك مقرّب أو نبيّ مرسل». علينا أن نطلب من أهل البيت عليهم السلام شيئًا من تلك العطايا العالية.


إنّ حضور الأماكن المقدسة والارتواء من معارف أهل البيت يجب أن يتجاوز حدود الحاجات الشخصية والدنيوية، ليكون وسيلة لتمكين المجتمع وتربية أفرادٍ مهديّين على نهج الكوثر.


رسالة إلى مؤتمر «ریحانة‌النبي» – 19 آذر 1404 هـ.ش الموافق 10\12\2025

اية الله جوادي آملي

أهم الأخبار

الأكثر مشاهدة