يبدو هذا العمل كرحلة محببة ينتشل فيها الشاعر قارئه من أثقال العالم وضجيجه ويجعل روحه تبحر بعيداً لمكان تتنفس فيه على مهل وتستعيد قدرتها على الإحساس والتأمل.
في فضاء هذ الكتاب تتداخل الأنغام والإيقاعات مولدة صوراً جديدة تتفتح في مخيلة القارئ كبحر له شواطئ متعددة يبحر بينها متنقلاً دون أن يفقد بوصلته. كل قصيدة تقدم بوصفها تجربة قائمة بذاتها، لكنها في الوقت ذاته جزء من رحلة طويلة يبدأها القارئ مع أول صفحة في هذا الكتاب ولاتنتهي باخر واحدة فيه. وفي أبيات أحدى القصائد تجد نفسك عائداً الى العراق:
إني أتيتك يا عراق منادياً
مازلت في قلبي وفيك بقائي
إسلامنا يهدي الحياة بلطفه
وبحكمه نغدو من السعداء
وفي ثنايا البعض الاخر ترى الحكمة تمتزج مع الانفعال وتلتقي الرهافة بالقوة ويصير الخيال أداة للتأمل:
دنياي يقتلهُ صمتٌ فلا أحدٌ
يعطي جوابَ سؤالٍ كنت اطرحهُ
هل نحن ندري بما يجري بعالمنا
أو من يرى كُنهَ ما يجري ويشرحهُ
كل بيت يحرضك على الغوص أعمق وأعمق وكل حرف يجعلك تجلل الصمت لتصغي لهمسات روحك. كل قصيدة في هذا الكتاب كما لو أنها دعوة يدعو فيها الشاعر القارئ إلى مرافقته في رحلته الداخلية، تلك الرحلة التي يتجلى فيها الصدق الشعوري وتتكشف فيها أبعاد النفس. وهكذا يتحول كل نص إلى مرآة تعكس شيئاً من نور روح القارئ وتهب المتلقي فرصة ليرى ذاته في انعكاساته وينتقل من ضفاف العالم المتعب الى عالم من المشاعر والأحاسيس التي تعيد الشباب والشغف الى روحه.
الدكتور حسن البشير أكاديمي بارز في مجال الإعلام والإتصال وأستاذ في جامعة الإمام الصادق (ع) في إيران، وأحد أعضاء هيئة التدريس في جامعة الأديان والمذاهب ويرأس حاليا قسم الاعلام في كلية العلوم الاجتماعية بالجامعة.
ولد الدكتور حسن بشير في مدينة النجف الاشرف وتلقى تعليمه في الحوزة العلمية هناك ثم واصل مسيرته الأكاديمية في المملكة المتحدة حيث نال درجتي الماجستير والدكتوراه في تخصص الإعلام.
للدكتور بشير سجل حافل بالأنشطة البحثية والجامعية إذ شغل لسنوات منصب المدير الأكاديمي في أكاديمية أوكسفورد. كما ألف العديد من الكتب والدراسات التي عالجت قضايا الإعلام والنقد الاجتماعي، وأسهم بشكل لافت في تطوير مناهج التحليل الإعلامي والاجتماعي. وإلى جانب نشاطه العلمي، يتمتع الدكتور بشير بموهبة شعرية رصينة ولغة أدبية عميقة تمس الوجدان.