شاركوا هذا الخبر

إيران: وادي "جال كَندي".. حيث تُغنّي الأرض للسماء

هناك، في الشمال الهادئ من دزفول في محافظة خوزستان، تنفرج الجبال فجأة لتفتح قلبها لوادٍ يُشبه الأسطورة، اسمه "جال كَندي". ليس مجرد مكان، بل هو نبض الأرض حين تخلو من الضجيج، همس الصخور حين تتآلف مع الماء، وترنيمة الطبيعة حين تسرد حكايتها على مهل، دون استعجال الزمن.

الكوثر - إيران

يمتد هذا الوادي كقصيدة نُسجت على مهل، كل بيت فيها منحوت بين جدار صخري شاهق وهمسات نهر "دز" الذي يشق طريقه بثبات، كأنه يعرف أنه يرسم بأصابعه ملامح الجمال. هناك، حيث لا زحام ولا صخب، يعيش الهواء نقيًا كما ولدته الطبيعة، مشبعًا بعبير الزعتر البري ولسان الثور، تهمس به النسائم على استحياء، وكأنها تخشى أن تزعج سكون هذا الفردوس.

وادي "جال كَندي" لا يُشاهَد فقط، بل يُعاش. تُبحر في تفاصيله كما يُبحر الحالم في خياله، فلا تعود أنت أنت، بل تصير جزءًا من الصورة، ظلًا بين الأشجار، أو موجًا صغيرًا يراقص حواف الصخور. كل خطوة فيه دعوة للاكتشاف، وكل انعكاس على صفحة الماء وعدٌ بشيء من السلام.

إقرأ أيضاً:

وفي أعماقه، حيث يبلغ نهر "دز" ثلاثين مترًا من العمق، تنبع الحياة بألوانها. أسراب من الأسماك وسرطانات البحر تسبح بطمأنينة، وكأنها واثقة أن هذا المكان خُلق ليحتضنها، لا ليطردها. وعلى الحواف الصخرية، تتسلل الثعالب وابن آوى بخفة، وفي الأعلى، تتنقل طيور الرفراف والغربان الحمراء المنقار، ترسم بظلالها قصائد أخرى في سماء الوادي.

هذا المكان، حين تبلغه، لا تحتاج لساعةٍ تُشير للوقت، ولا لهاتفٍ يُنبهك لأخبار العالم. هنا، كل دقيقة لها مذاقها، وكل نظرةٍ تُشبع القلب قبل العين. الشمس حين تلامس جدران الوادي تبدو كأنها تُنير معبدًا مقدسًا، والماء حين يهمس بين الصخور، يروي حكايا من زمن لم يُكتب بعد.

"جال كَندي" ليس منتجعًا، بل دهشة ممتدة. دهشةٌ في تكوينه، في تفاصيله، في صمته الذي يقول كل شيء. هو دعوة للانفصال عن كل ما يثقلنا، والالتحام مع كل ما هو حقيقي وبسيط. في جال كَندي، تُولد من جديد.

أهم الأخبار

الأكثر مشاهدة