الكوثر - ايران
عطار النيشابوري شاعر الحكمة والتصوف
فريد الدين العطار النيشابوري هو أحد أعظم شعراء الفارسية، وعَلمٌ بارز من أعلام التصوف في القرن السادس الهجري (الثاني عشر الميلادي). وُلد في مدينة نيشابور، في خراسان الكبرى (حالياً في إيران)، حوالي عام 1145م، وعُرف بلقب "العطار" نسبة إلى مهنة والده التي ورثها في شبابه، حيث عمل في تحضير الأدوية والعقاقير، وكان مطلعاً واسعاً على الطب والفلسفة.
ورغم أن تفاصيل حياته الشخصية تظل غامضة إلى حد كبير، إلا أن أثره الأدبي والفكري باقٍ حتى يومنا هذا، لا سيما في أدب التصوف الفارسي.
التصوف في شعر عطار
انصرف عطار في مرحلة لاحقة من حياته إلى الزهد والتصوف، فكانت مؤلفاته انعكاساً لتجربته الروحية العميقة وسعيه للبحث عن الحقيقة والمعرفة الإلهية. يعد كتابه الأشهر "منطق الطير" (منظومة الطير) من أبرز الأعمال الصوفية، حيث يصوّر رحلة الطيور بحثاً عن ملكها "السيمرغ"، في رمز عميق للبحث عن الله واكتشاف الذات.
في هذه الرحلة الرمزية، تمر الطيور بسبع وديان تمثل مراحل السالك في الطريق الصوفي: طلب، حب، معرفة، استغناء، توحيد، حيرة، وفناء. وفي نهاية الرحلة تكتشف الطيور أن "السيمرغ" هو انعكاس ذواتهم، ما يرمز إلى أن الحقيقة الإلهية تكمن في النفس الإنسانية النقية.
اقرأ ايضاً
مؤلفاته الأخرى
إلى جانب منطق الطير، ألّف العطار عدداً من الأعمال الأخرى ذات الطابع الصوفي والفلسفي، منها:
تذكرة الأولياء: كتاب نثري يتناول سير وأقوال عدد كبير من كبار المتصوفة.
مصیبت نامه (كتاب المصائب): يضم تأملات شعرية في محن الإنسان في الحياة وسعيه نحو الله.
إلهي نامه: حوارات بين الملك وأبنائه، ترمز إلى الحوار بين النفس والروح والعقل.
وفاته وأثره
وتوفی هذا الشاعر الایراني خلال الغزو المغولي للعالم الاسلامي بدایة القرن السابع الهجري في نیشابور ویقال أنه قتل علی یدهم، قام الشیخ بهاء الدین في كتابه الشهیر «الكشكول» بعرض تفاصیل عن هذا الحادث.
ومازالت مقبرة الشیخ عطار بالقرب من نیشابور قائمة أعاد بناءها وصیانتها الوزیر حسین بایقرا في عهد الأمیر «علیشیر نوایي» بعد أن كانت قد هُدِمَت في العهد التیموري.