خاص الكوثر - الوجه الآخر
قال الدكتور فراس الياسر إن أحد أهداف الثقافة القرآنية هو التأسيس للهوية الثقافية للمجتمع الإسلامي. إحدى هذه الأسس والركائز أن القرآن يؤكد على ربط السعادة بالموت. وهذا من الأمور التي لم تعتاد عليها الذائقة الأممية في أغلب المجتمعات، أن تأتي ثقافة الموت وترتبط بالسعادة وتؤسس للخلود.
وأضاف: بمعنى أن ثقافة الشهادة مرتبطة بالتضحية وبطعم الخلود. هذه الثقافة ترتبط بالإيمان بالغيب في بداية سورة البقرة: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}. لذلك، الثقافة الإسلامية والشريعة الإسلامية أكدت على ضرورة أن يكون للإنسان جانبين:
الجانب المعنوي والتجرد
وجانب المادة المحسوس
من المعروف في الفلسفة الإسلامية أن النفس تتعلق عندما تتلذذ بالمحسوسات الدنيوية. لذلك نجد القرآن الكريم دائماً يشير إلى تجنب الشخصية الإسلامية عن التعلقات، ويذم الدنيا - طبعاً ليس أي دنيا، بل الدنيا المذمومة بخصائص معينة.
إقرأ أيضاً:
وتابع الدكتور ياسر ان ثقافة الشهادة التي جاءت ضمن هذا السياق الثقافي تُغيِّر كل ثقافات المجتمعات. الإنسان دائماً ما يرغب في الخلود في الحياة (لا في الآخرة)، بينما الإسلام والثقافة القرآنية تقول: "لا! الخلود ليس في هذه الدنيا القصيرة التي هي بضع سنوات، بل هنالك رؤية للجانب الآخر من النشأة الأخروية ونشأة القيامة". فيما يخص سؤالك، فإن القضية مرتبطة بالتلاعب بالمفاهيم، وهذا جزء من الحرب الناعمة التي سُلطت على الأمة الإسلامية. أحد أساليبها أن كل من يُقتل في ساحة الجهاد أو القتال يُطلق عليه مفهوم "الشهادة" دون تمييز.
واختتم الدكتور ياسر قوله: لذلك أعتقد أن القضية - رغم وجودها في الثقافة القرآنية والشريعة الإسلامية والروايات والآيات - إلا أن من أسس وأعاد إحياء ثقافة الشهادة هو الثورة الإسلامية الإيرانية بقيادة الإمام الخميني (رض). ونلاحظ كيف ربط ديناميكية الثورة على امتداد 40-50 سنة بثقافة الشهادة، وهذا الارتباط أصبح من الصعب فكه الآن بين مفهوم حركة الثورة وامتدادها بكل أبعادها، وبين ثقافة الشهادة.