رجال حول أمير المؤمنين (ع).. (24) صعصعة بن صوحان العبدي (رض)

الثلاثاء 9 فبراير 2021 - 09:58 بتوقيت مكة
رجال حول أمير المؤمنين (ع).. (24) صعصعة بن صوحان العبدي (رض)

اسلاميات-الكوثر: ولد صعصعة بن صوحان بن حُجْر العبدي (قبيلة عبد القيس) سنة ٢٤ قبل الهجرة النبوية، وكان مسلماً على عهد النبي (صلى الله عليه وآله) ولم يره .

كان من كبار أصحاب الإمام علي (عليه السلام)، ومن الذين عرفوه حقّ معرفته كما هوحقّه، وكان خطيباً بليغاً .
أثنى عليه أصحاب التراجم بقولهم : كان شريفاً ، أميراً ، فصيحاً ، مفوّهاً ، خطيباً ، لسناً ، ديّناً ، فاضلاً .
نفاه عثمان إلى الشام مع اخوه (زيد) ومالك الأشتر ورجالات من الكوفة، وعندما ثار الناس على عثمان، واتفقوا على خلافة الإمام أمير المؤمنين‏ (ع) قام هذا الرجل الذي كان عميق الفكر، قليل المثيل في معرفة عظمة الامام علي (ع) فعبّر عن اعتقاده الصريح الرائع بإمامه، وخاطبه قائلاً : (والله يا أمير المؤمنين ! لقد زيّنت الخلافة وما زانتك، ورفعتها وما رفعتك، ولهي إليك أحوج منك إليها).
وعندما أشعل موقدوا الفتنة فتيل حرب (الناكثين لبيعتهم) على أمير المؤمنين (ع) في واقعة الجمل بقيادة (عائشة)، كان صعصعة إلى جانب الإمام، فكان أخوه (صيحان) حامل لواء قبيلة عبد القيس في المعركة، وبعد استشهاده حمل اللواء أخوه الآخر (زيد)، فاستشهد زيد فحمل اللواء من بعدهما صعصعة، وقاتل قتال الابطال .
وفي حرب صفّين، كان صعصعة قائد قبيلة عبد القيس القاطنة في الكوفة، وكان رسول‏ الإمام (ع) إلى معاوية ومن اُمراء الجيش، وراوي وقائع صفّين، كما وقف إلى جانب الإمام (ع) في حرب النهروان، واحتجّ على الخوارج بأحقّيّة إمامه وثباته .
وجعله الإمام علي (ع) شاهداً على وصيّته‏ ، فسجّل بذلك فخراً عظيماً لهذا الرجل .
شارك صعصعة في تشييع جنازة الإمام علي (ع)، وبعد الدفن أتى إلى قبره وحثى التراب على رأسه وهو يبكي، ويذكر فضائل الإمام علي (ع)، وقد سأل الله أن يجعله من محبيه وأتباعه، وكان يعتقد أنَّ الخلافة لا تزان إلا بالإمام علي (ع)، معتبراً إنَّ الإمام علي (ع) هو الذي زين الخلافة وما زانته، ورفعها وما رفعته، وهي أحوج إليه من حاجته إليها.
ونطق صعصعة بفضائل الإمام ومناقبه أمام معاوية وأجلاف بني اُميّة مراراً، وكان يُنشد ملحمة عظمته أمام عيونهم المحملقة ، ويكشف عن قبائح معاوية ومثالبه بلا وجل، وكم أراد منه معاوية أن يطعن في علي (ع)، لكنّه لم يلقَ إلاّ الخزي والفضيحة، إذ جُوبِه بخطبه البليغة الأخّاذة.
   آمنه معاوية مكرهاً بعد استشهاد أمير المؤمنين (ع) وصلح الإمام الحسن (ع)، فاستثمر صعصعة هذه الفرصة ضدّ معاوية، وكان معاوية دائم الامتعاض من بيان صعصعة الفصيح المعبّر وتعابيره الجميلة في وصف فضائل الإمام أمير المؤمنين (ع)، ولم يخفِ هذا الامتعاض‏ .
لقي معاويةُ صعصعةَ بعد الصلح في الكوفة، وقال له: والله كنت أبغض أن تكون في أماني، فرد صعصعة عليه: والله، إني أيضاً أبغض أن أسميك بهذا الاسم، ثم سلَّم على معاوية بالخلافة، وقال له معاوية: إن كنت صادقاً فيما تقول فاصعد المنبر، والعن عليا (ع)، فصعد صعصعة المنبر، وحمد الله، وأثنى عليه، فتحدث بكلام مكنّى، وفيه إيهامٌ وقال: (أيها الناس أتيتكم من عند رجل قدم شره، وأخر خيره، وأنَّه أمرني أن ألعن علياً، فالعنوه لعنه الله، فضج أهل المسجد بآمين).
 وكفى في عظمة صعصعة (رض) قول الإمام جعفر الصادق (ع): ما كان مع أمير المؤمنين (ع) من يعرف حقّه إلاّ صعصعة وأصحابه‏ .
موقفه من الخليفة الثالث :
في الأمالي للطوسي، عن صعصعة بن صوحان: دخلت على عثمان بن عفّان في نفر من المصريّين، فقال عثمان: قدّموا رجلاً منكم يكلّمني، فقدّموني، فقال عثمان: هذا ، وكأنّه استحدثني.
فقلت له: إنّ العلم لوكان بالسنّ لم يكن لي ولا لك فيه سهم، ولكنّه بالتعلّم .
فقال عثمان: هات، فقلت: بسم الله الرحمن الرحيم (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُواْ الصَّلَوةَ وَءَاتَوُاْ الزَّكَوةَ وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ).
فقال عثمان: فينا نزلت هذه الآية .
فقلت له صعصعة: فمر بالمعروف وانه عن المنكر .
فقال عثمان: دع هذا وهات ما معك .
فقلت له: بسم الله الرحمن الرحيم (الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا الله) إلى آخر الآية .
فقال عثمان: وهذه أيضاً نزلت فينا.
فقلت له: فأعطنا بما أخذت من الله .
فقال عثمان: يا أيّها الناس، عليكم بالسمع والطاعة، فإنّ يد الله على الجماعة وإنّ الشيطان مع الفذّ، فلا تستمعوا إلى قول هذا، وإنّ هذا لا يدري مَن الله ولا أين الله .
فقلت له: أمّا قولك: (عليكم بالسمع والطاعة) فإنّك تريد منّا أن نقول غداً: (رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا)، وأمّا قولك: (أنا لا أدري من الله) فإنّ الله ربّنا وربّ آبائنا الأوّلين، وأمّا قولك: (إنّي‏ لا أدري أين الله) فإنّ الله تعالى بالمرصاد .
قال صعصعة: فغضب عثمان وأمر بصرفنا وغلق الأبواب دوننا .


مسجد صعصعة بن صوحان

لصعصعة واخيه زيد مسجدين في الكوفة قرب مسجد السهلة المعظم، وقد اعيد بناء مسجد صعصعة الذي يبعد عن مسجد السهلة بنحو 200 متر، والآخر لزيد ألحق بالبناء الجديد لمسجد السهلة، وللمسجدين  أذكار وصلوات وأعمال مذكورة في الكتب المختصة بالأدعية.

اقرأ ايضا:

رجال حول أمير المؤمنين (ع).. (23) زيد بن صوحان العبدي (رض)

 

وفاته :
نفاه معاوية إلى البحرين، وتوفي فيها سنة ٥٦ هـ، وقيل غير ذلك، ومزاره مشهور يزوره المؤمنون في جنوب (المنامة)، عاصمة البحرين .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الثلاثاء 9 فبراير 2021 - 09:44 بتوقيت مكة