عقائد مدرسة آل البيت (ع)..(6) مراتب الإخلاص

السبت 26 ديسمبر 2020 - 09:33 بتوقيت مكة
عقائد مدرسة آل البيت (ع)..(6) مراتب الإخلاص

اسلاميات-الكوثر: تناولنا في الحلقة السابقة (5) الإخلاص في النية والعمل، وتمثل في صفاء الأعمال والنيات من شوائب الرياء، وجعلها خالصة للّه تعالى، وهو قوام الفضائل، وملاك الطاعة، وجوهر العبادة، ومناط صحة الأعمال، وقبولها لدى المولى عز وجل، وسوف نتناول في هذه الحلقة مراتب الإخلاص.

الإخلاص هو تجريد النية من الشوائب والمفاسد. قال الله تعالى: (وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (البينة:5).

وقال عز من قائل: (أَلا لِلّهِ الدِّينُ الْخالِصُ) (الزمر: 3).

وجاء في (سورة النساء آية 146): (إِلاّ الَّذِينَ تابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ).

جاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): يقول الله تعالى: مَن عَمِلَ لي عملاً أشرك فيه غيري فهو له كلُّه، وأنا منه بريء، وأنا اغنى الأغنياء عن الشرك).

للإخلاص مراتب ثلاث، وهي: المرتبة الأولى: إخلاص العوامّ، وهو ما يوافق المعنى اللغوي، أي تصفية العمل القلبي من كلّ شوب. المرتبة الثانية: إخلاص الخواصّ، وهو إخراج رؤية العمل من العمل، بحيث لا تفتخر في نفسك بالعمل، ولا تعتقد أنّك تستحقّ عليه ثواباً. المرتبة الثالثة: إخلاص خاصة الخاصة، وهو الخلاص من رؤية نفسِ الإخلاص، وهو أشدّ المراتب وأعظمها.

فالأولى: هي تصفية الفعل من مُلاحظة المخلوقين، والثانية: هي تصفية النفس من طلب الأجر أو انتظار الثواب عليه، والثالثة: هي أن لا يرى ذلك الخلوص من الشوبِ، والخلوص من طلب الأجر، أي أن لا يرى إخلاصه، فيتّهم نفسه، ويعتقد أنّ كلّ ما عنده هو من الله تعالى، حتى الإخلاص الذي وصل إليه فهو من عند الله تعالى.

الإخلاص شرط في قبول الأعمال العبادية: وفي ضوء ذلك يتبيّن لنا بأنّ الإخلاص ليس أمراً مُكمّلاً للدعاء، وإنّما هو شرطٌ أساسي في صحّته وقبوله، بل لا يُتصوّر الدعاء بلا إخلاص، لأنّ حقيقية الدعاء تكمنُ في النيّة، وحقيقية النيّة تكمنُ في الإخلاص.

هل يُشترط كمال النية والإخلاص في العمل؟ فالجواب هو كفاية تحصيل المرتبة الأولى من الإخلاص، وهي مرتبة العوامّ، أي خلوص العمل من الشوائب والأغيار، فهذه المرتبة شرط أساسي لابدّ منه.

قال النبي الكريم (ص): (لا يقبل الله تعالى عملاً فيه مثقال ذرّة من رياء).

وأما المرتبة الثانية والثالثة فهما كماليتان للدعاء والداعي، فالسالك لا تليق به المرتبة الأُولى، حيث ينبغي له الارتقاء إلى مرتبة عدم انتظار الثواب أو الاستجابة، كما أنّ العارف الواصل لا تليق به المرتبة الثانية فضلاً عن الأُولى، حيث ينبغي له الارتقاء إلى المرتبة الثالثة وهي عدم الالتفات إلى نفس إخلاصه .

وجاء عن الامام الرضا (ع): إن أمير المؤمنين (ع) كان يقول: (طوبى لمن أخلص لله العبادة والدعاء، ولم يشغل قلبه بما ترى عيناه، ولم ينس ذكر الله بما تسمع أذناه، ولم يحرك صدره بما أُعطي غيره).

وعن جعفر الصادق (ع) في قوله تعالى: (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً). قال: (ليس يعني أكثرهم عملاً وإنما الإصابة خشية الله والنية الصادقة والخشية).

إقرأ أيضا: عقائد مدرسة آل البيت (ع)..(5) الإخلاص في النية والعمل

في الحلقة القادمة من (عقائد مدرسة آل البيت) عليهم السلام سوف نتناول بأذن الله تعالى عوائق الإخلاص.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

السبت 26 ديسمبر 2020 - 09:22 بتوقيت مكة