الاخلاص لله تعالی فی کل شئ: يمكن القول إن الإخلاص لله تعالى هو حقيقة الدين، وملخص دعوة الأنبياء (على رسولنا وآله وعليهم السلام)، فما من رسول ولا نبي إلا وقد دعا قومه إلى إخلاص كل شئ وخاصة العبادة لله تعالى، واجتناب الشرك، وقد بين الله تعالى عظم أهمية الإخلاص في الكثير من آيات القرآن الكريم، ويمكن بيان ذلك -كمثال واحد- في قوله تعالى: {قُل إِنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحيايَ وَمَماتي لِلَّـهِ رَبِّ العالَمينَ * لا شَريكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرتُ وَأَنا أَوَّلُ المُسلِمينَ}.١٦٢-١٦٣ سورة الانعام

وقال أمير المؤمنين علي (ع): طوبى لمن اخلص لله عمله وعلمه وحبه وبغضه واخذه وتركه وكلامه وصمته وفعله وقوله.

في هذه الرواية، يعلمنا الامام علي (ع) منزلة الشرف الاعلى، وهو الفوز بالجنة، لذلك قال؛ طوبى لمن اخلص لله تعالى، ولكنه يجمع في كلامه كل افعال الانسان، وسكناته، وكل كلامه، ومقالاته. السبب هو ان الاخلاص يجب ان يستوعب وجوده، فيشمل عمله وعلمه وحبه وبغضه واخذه وتركه، وكلامه وصمته وقوله وفعله.

 في هذا الحديث من بديع الكلام لا يخفى على القارئ اللبيب والعربي البليغ. ما يهمنا هو المعنى المقصود الذي يستجمع العلم مع العمل، والكلام مع الصمت، والاخذ بالترك، والحب بالبغض، والفعل مع القول. اذا اخلص الانسان في كل ما تقدم استحق ان يسمى في ملكوت السماوات عظيما.

الاخلاص مفهوم جامع، ان تحقق لابد أن يكون مستوعباً، شاملاً لكل جزئية من افعال الانسان، وحركاته، وسكناته، وان انتقضت في جزء واحد؛ فقد انتقضت في المجموع بما هو مجموع.

إقرأ أيضا: قبسات قرآنية (13).. وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون

ومن هنا يقول الإمام السجاد (ع) في دعائه في استقبال شهر رمضان -بعد سلسلة فقرات من دعوات تكامل في الحياة تصلح كمنهج سلوك متكامل- ما يلي: (لا نشرك فيه أحدا دونك، ولا تبتغي فيه مرادا سواك( .

تطبيق من الحياة

ان الحياة ككل للانسان المؤمن، هي مجموع متكامل، لا أجزاء فيه، ولا تبعيض، لذا فالاخلاص يشمل كل مرافق الحياة كما لاحظنا من معنى الآية الكريمة، والرواية الرائعة عن الإمام علي، والدعاء الشريف عن الإمام السجاد عليهما السلام.