كورونا والنفط يربكان المملكة.. 6 تحديات رئيسية تهدد الاقتصاد السعودي

السبت 22 أغسطس 2020 - 11:36 بتوقيت مكة
كورونا والنفط يربكان المملكة.. 6 تحديات رئيسية تهدد الاقتصاد السعودي

مقالات-الكوثر: تواجه السعودية أزمة اقتصادية جراء الضرر الكبير الذي أصابها من تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد وانهيار أسعار النفط إلى جانب تحديات أخرى.

في مقال بموقع "ميدل إيست آي" (Middle East Eye) الإخباري البريطاني قال الصحفي المستقل بول كوكرين (Paul Cochrane) إن السعودية طالما سعت طيلة العقود الماضية إلى تنويع مصادر اقتصادها، وهو ما أكدته رؤية 2030 للمملكة التي أطلقها ولي العهد محمد بن سلمان.

لكن تلك المساعي تعرضت -بحسب المقال- لصدمات مزدوجة ناجمة عن فيروس كورونا وتدني أسعار النفط مما كان له تأثير على خطط البلاد الاقتصادية، خصوصا ما يتعلق منها بالقطاع غير النفطي الذي يتوقع له أن ينكمش بمعدل 14% هذا العام.

وبالنسبة للمواطن السعودي العادي، فإن ذلك يعني شيئا واحدا فقط ألا وهو أن عليه الالتزام بـ "مزيد من شد الحزام" والتقشف، وتناول الكاتب أهم المهددات الرئيسية للاقتصاد السعودي.

السعودية لا تستطيع بعد اليوم الاعتماد على النفط

من نافلة القول إن عائدات النفط تشكل نحو ثلثي صادرات المملكة، بينما تستحوذ على قرابة 30% من حصة الصادرات العالمية من الذهب الأسود.

غير أن كوكرين ينقل عن كابيتال إيكونوميكس (Capital Economics) -وهي شركة استشارات للأبحاث الاقتصادية ومقرها لندن- أن تلك الأرقام قد انخفضت الآن إلى 12% فقط.

وفي مارس/آذار الماضي انخرطت الرياض في حرب أسعار، في محاولة واضحة منها لإلحاق الضرر بمنافسيها من منتجي النفط الآخرين على الرغم من تزامن ذلك مع تراجع الطلب العالمي بسبب "كوفيد-19".

فكان أن أغرقت الأسواق بالنفط، مما أدى إلى تقلص عائدات صادراتها من الخام بنسبة 65% مقارنة بإحصائيات أبريل/نيسان 2019، ومع أن الأسعار تعافت منذ ذلك الحين لتبلغ نحو 44 دولارا أميركيا للبرميل، إلا أنها لا تزال أقل من سعر 77.6 دولارا للبرميل الذي تحتاجه السعودية لتحقيق التوازن لميزانيتها.

ومن المتوقع أن تنخفض معدلات الطلب على سلعة النفط بنحو 8.1 ملايين برميل في اليوم، وهو أكبر انخفاض في التاريخ بسبب وباء كورونا، وفقا للوكالة الدولية للطاقة.

السياحة لن تنتشل الاقتصاد السعودي من أزمته

لطالما عقدت السعودية الآمال على السياحة حتى أنها احتلت جزءا كبيرا في رؤية 2030، وهي مشروع محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد، والذي يستهدف جذب 100 مليون زائر للمملكة في السنة بنهاية العقد الجاري.

وفي ضوء تفشي جائحة كورونا تتوقع الرياض الآن تراجعا في السياحة بواقع 35-45%، أي ما يعادل انخفاضا في الإيرادات بمعدل 28 مليار دولار في العام الجاري 2020.

وثمة انتكاسة أخرى للاقتصاد تمثلت في قرار تقليص أعداد الحجاج هذا العام، على الرغم مما تدره هذه الشعيرة من مال وفير للسعودية، وكانت الرياض قد أوقفت كذلك مناسك العمرة منذ مارس/آذار الماضي.

جيل الألفية السعودي المتعلم يعاني من البطالة

ظل تعداد سكان المملكة في تزايد خلال العقود الأخيرة، بل تضاعف منذ تسعينيات القرن المنصرم، لكنّ ثمة نقصا في الوظائف بالنسبة للسعوديين الذين وُلدوا في الـ 30 سنة الماضية، ورغم أن نحو ثلثي السكان تحت سن الـ 30، فإن معظمهم من خريجي الجامعات العاطلين عن العمل.

ووفقا لبول كوكرين، فإن 1.2 مليون من العمال الأجانب سيغادرون المملكة بنهاية العام الجاري بسبب سياسة "السَّعْوَدة" وهو ما سيفتح فرصا لمواطنيها للعمل، لكن ذلك لن يتأتى إلا إذا تمكنت الشركات والمؤسسات التجارية من الصمود بوجه الجائحة وما يترتب عليها من تداعيات اقتصادية، ومدى استعدادها لدفع أجور عالية للسعوديين.

مداخيل متدنية وضرائب مرتفعة

لطالما كان انعدام تحصيل الضرائب أو انخفاضها عماد الحياة في السعودية، على حد تعبير كاتب المقال، إلا أن زيادتها في السنوات الأخيرة جراء تهاوي أسعار النفط حدا بالحكومة إلى إيجاد وسائل جديدة مدرة للدخل.

وعندما سنّت الرياض للمرة الأولى ضريبة القيمة المضافة وقلّصت دعم الوقود في عام 2018 كان ذلك في الواقع أمرا مثبطا للاقتصاد الذي عانى من منح علاوة غلاء المعيشة لنحو مليون من موظفي القطاع العام.

بيد أن تلك العلاوة أُلغيت في يوليو/تموز، وذلك في إطار إجراءات التقشف التي فرضت حينها، مما وفّر للخزينة العامة حوالي 4.8 مليارات دولار في العام، وأعقبت ذلك زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى ثلاثة أضعاف لتبلغ 15%.

وضرب كاتب المقال مثلا على تراجع مستوى المعيشة في السعودية بانخفاض مبيعات السيارات إلى 400 ألف سيارة في عام 2018 بعد أن كانت 800 ألف في عام 2015، ويتوقع أن تشهد مبيعات السيارات تراجعا بمعدل الثلث في عام 2020، بسبب الزيادة التي طرأت على ضريبة القيمة المضافة.

برج المملكة المؤجل

إذا كان هناك مشروع يرمز للتحديات الاقتصادية التي تواجه السعودية فهو برج المملكة أو ناطحة السحاب التي يُطلق عليها أيضا اسم "برج جدة" الذي لم يكتمل بناؤه بعد.

وتملك شركة المملكة القابضة لصاحبها الأمير الوليد بن طلال، المشروع الذي تبلغ تكلفته الإجمالية 20 مليار دولار، ومن المخطط له أن يكون الأطول في العالم متجاوزا بذلك برج خليفة في دبي الذي يتمتع بهذه الصفة حاليا.

وقد بدأ تشييد برج جدة في عام 2013 على أمل إنجازه كليا بحلول عام 2020، إلا أن ما اكتمل من أعمال لم يتجاوز ربع المبنى حتى الآن.

يقول روري فيف (Rory Fyfe) المدير الإداري لشركة "مينا أدفايزرز" للاستشارات والبحوث الاقتصادية، كانت هناك شائعات بأن العمل في البرج سيستأنف في الربع الأول من 2020، إلا أن جائحة فيروس كورونا المستجد حالت دون ذلك.

ويضيف فيف أن هناك اعتقادا بأن الأمر يبدو محرجا للسعوديين نظرا لوجود مبنى ضخم لم يكتمل في مدينة جدة، مشيرا إلى أنه لهذا السبب ربما يُضطرون لتعديل نطاقه وتصغير حجمه حتى يتسنى استكماله.

تفاقم الديون السعودية

لم تكن السعودية -التي تعد أكبر دولة منتجة للنفط في العالم- بحاجة للاستدانة من قبل ما دام أن معدلات الإنفاق الحكومي والهبات الملكية لم تكن تتجاوز الإيرادات.

على أن تهاوي أسعار النفط في عام 2015 أجبر السعودية على التحول إلى الأسواق العالمية للاستدانة، فكان أن زادت الديون بينما ظلت أسعار النفط منخفضة.

وأشار كوكرين إلى أن المملكة بحاجة إلى تريليونات الدولارات لتمويل مشاريع "رؤية المملكة 2030".

وكشف مقال ميدل إيست آي عن أن السعودية اضطرت -بفعل تراجع عائدات النفط وجائحة "كوفيد-19"- إلى استدانة 26.6 مليار دولار.

وتوقع المقال أن تتفاقم ديون المملكة أكثر مما هي عليه، بعد أن رفعت حكومتها سقف الدَّين من 30% إلى 50% اعتبارا من عام 2022.

ثمة خطر يحدق بالسعودية وهو أن ديونها في ازدياد واحتياطياتها من النقد الأجنبي تتآكل، وهو ما ينذر بتعرض ارتباط عملتها الريال بالدولار للضغوط.


المصدر : ميدل إيست آي

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

السبت 22 أغسطس 2020 - 07:42 بتوقيت مكة