ومع افتتاح النفق العابر أسفل سلوان، أصبح السور الجنوبي للمسجد الأقصى معلقا في الهواء دون أساسات تحميه، ما يجعل انهياره احتمالا واردا، في حين أن الأنفاق الأخرى والحفريات المستمرة منذ سنوات نهشت أسفل المسجد، وخلخلت أساساته تحضيرا لتحقيق أحلام المستوطنين بانهياره.
وافتتحت سلطات الاحتلال، قبل أيام، نفقا تحت قرية سلوان، في القدس المحتلة؛ جزءا من افتتاح ما يسمى بـ"طريق الحجاج" لجبل الهيكل المزعوم، الذي دشنته جمعية "إلعاد" الاستيطانية، بمشاركة السفير الأميركي في كيان الاحتلال ديفيد فريدمان ومبعوث الرئيس الأميركي للمنطقة جيسون غريبنلات، وشوهد فريدمان وهو يحمل مطرقة ضخمة يهدم بها حائطا داخل النفق، في إشارة إلى تشجيع الحفريات والاستيطان؛ وهو الأمر الذي أغضب الفلسطينيين.
وأكد عضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان فخري أبو ذياب، أن هذا المشروع التهويدي يعني البدء عمليا في مخططات الاحتلال لهدم أجزاء من المسجد الأقصى، مشيرا إلى أن هذا النفق بدأ التخطيط له منذ عام 2005 ووقع عليه نتنياهو عام 2010 وبدأ العمل فيه منذ ذلك العام.
وأكد أبو ذياب -وفق صحيفة "فلسطين"- أن هذه المخططات التهويدية تعد مرحلة متقدمة من مراحل السيطرة على المدينة المحتلة، مؤكدا أن مثل هذه الممارسات التلمودية سترتد في نهاية الأمر نحو الاحتلال ومستوطنيه.
وبشأن المعلومات حول النفق، ذكر أبو دياب أن النفق يمتد من البؤرة الاستيطانية من "مدينة داود" في ضاحية سلوان إلى حائط البراق الملاصق للمسجد الأقصى في البلدة القديمة من القدس المحتلة.
ويأتي النفق ضمن مخطط ما يسمى طريق "درب الحجاج" الممتد على طول 700 متر في إطار مساعي الاستيطان والتهويد لأسوار القدس القديمة وبلدة سلوان التي تعد الخاصرة الجنوبية لمنطقة القصور الأموية التي حولتها سلطات الاحتلال إلى "حدائق توراتية".
وأشار أبو دياب إلى أن حفر النفق الذي يمر من أسفل منازل الفلسطينيين أدى الى حدوث تشققات في تلك المنازل، مؤكدا أن الاحتلال يضع العراقيل الكثيرة والصعبة في طريق ترميم أي منزل فلسطيني في البلدة القديمة من القدس المحتلة.
وبين أن هذا النفق هو جزء من سلسلة مخططات وضعها الاحتلال بالشراكة مع جمعيات دينية، وتنفذها بلدية القدس وجمعية "إلعاد" الاستيطانية؛ من أجل التمهيد لربط ساحة البراق بسلوان للوصول إلى أسفل قبة الصخرة المشرفة.
ورأى أبو دياب أن مشاركة المسؤولين الأميركيين فريدمان وغرينبلات في الافتتاح يشير إلى طبيعة انتمائهما للتيار الديني اليهودي المرتبط بالتيار الإنجيلي المسيحي المتنفذ في الولايات المتحدة، عادا أن مشاركتهما تعطي تأكيدا على الضوء الأخضر الممنوح للاحتلال لإكمال المخططات والمشاريع التهويدية داخل وأسفل البلدة القديمة.
وذهب إلى أن الصمت العربي والإسلامي، وضعف التحرك العربي وغياب الإستراتيجية العربية الموحدة، سهلت الظروف أمام الاحتلال لتحقيق أهدافه، وتنفيذ مخططاته الاستيطانية دون مساءلة.
15 نفقا أسفل الأقصى
من ناحيته، أكد نائب مدير أوقاف القدس الشيخ ناجح بكيرات، أن سلطات الاحتلال أكملت حتى الآن حفر 15 نفقا أسفل المسجد الأقصى، مشددا على أن تلك الأنفاق تركت جزءا كبيرا من المسجد ومحيطه دون أساسات تحميه من خطر الانهيار.
وقال بكيرات: إن المعاول التي ظهرت على الإعلام وهي تنهش في أسفل المسجد الأقصى هي في حقيقة الأمر معاول تهدم تاريخ المسلمين في المدينة وحاضرهم ومستقبلهم إن لم يقوموا من سباتهم وينصروا مقدساتهم، وفق ما نقلته صحيفة فلسطين.
وأشار إلى النفق المفتتح هو الجزء الأول الذي يصل نحو 545 مترا، منبها لأن الاحتلال يريد أن يعزز تغلغله داخل الجزء الجنوبي من مدينة القدس المحتلة الذي تقطنه العائلات الفلسطينية.
وأشار بكيرات إلى أن الهدف الأساسي من هذه الحفريات هو البحث عن آثار مزعومة تعود لليهود، مشددا على أنهم وبرغم كل الحفريات الواسعة الجارية منذ احتلال المدينة في عام 1967 إلا أنهم لم يجدوا حتى الآن أي آثار أو حجر يخص التاريخ اليهودي القديم.
وأوضح أن الحفريات المستمرة أسفل الأقصى ومحيطه قد تسببت بالكثير من التشققات في المنازل الفلسطينية مثلما حصل في المنازل الواقعة أعلى النفق الذي افتتح عام 1996 على طول الجدار الغربي للمسجد الأقصى بدءا من المدرسة العمرية في طريق المجاهدين وصولا إلى منطقة حائط البراق.
وشدد بكيرات على أن تلك الحفريات هي بطابع سياسي وليس علميا بحثيا كما يروج لذلك الاحتلال، محذرا من أنه في حال حصول زلزال أو تفجير قوي فإنه قد يؤدي إلى انهيار المسجد أو جزء منه.
وقال: إن المقدسيين باتوا مقتنعين أن مخططات التهويد نضجت ولم يتبق سوى حصادها، مشيرا إلى أن سلطات الاحتلال أصبحت تدرس أساليب امتصاص غضب الجمهور الإسلامي وردة فعله عندما يحدث الأمر.
وأكد أن التصدي لمخططات الاحتلال يجب أن يكون على مستويات عدة منها: المستوى السياسي من خلال خطوات تأخذها السلطة الفلسطينية والأنظمة العربية تجاه الاحتلال، والمستوى القانوني من خلال تفعيل النصوص القانونية التي تحمي المقدسات والآثار الاسلامية، والمستوى الشعبي من خلال زيادة وتيرة الوجود في الأقصى ومحيطه للفلسطينيين في الضفة والداخل المحتل.
المركز الفلسطيني للإعلام