حول تاريخ ولادة الرّسول الأعظم (ص)

الأربعاء 21 نوفمبر 2018 - 08:51 بتوقيت مكة
حول تاريخ ولادة الرّسول الأعظم (ص)

مناسبات – الكوثر: لقد اتفقت كلمة المسلمين على ولادة الرسول الأكرم (ص) في عام الفيل، وقد اختلفت وجهات النظر بين العلماء حول يوم الولادة، وتبنى علماء يوم 12ربيع الأوَّل، ومنهم من تبنّى يوم 17 ربيع الأوَّل، بينما ذهب البعض إلى أنَّ ولادته كانت ما بين 8 إلى 12 ربيع الأوَّل.

 

فقد جاء في كتاب "إقبال الأعمال" للشّيخ الصدوق: "إنَّ الذين أدركناهم من العلماء، كان عملهم على أنّ ولادته المقدّسة كان يوم الجمعة السابع عشر من ربيع الأوّل في عام الفيل. واختار الشيخ المفيد في كتاب "مسارّ الشيعة"، أنّ مولده الشريف كان في 17 ربيع الأوّل.

 

قال العلامة المجلسي في "بحار الأنوار" ج 15: "المشهور عند الإماميّة، أن ولادة النبي محمد (ص) كانت في السابع عشر من ربيع الأوّل، وذهب أكثر علماء أهل السنّة إلى أنها كانت في الثاني عشر منه، والمشهور أن ولادته كانت عند طلوع الفجر من يوم الجمعة في عام الفيل...

 

وذكر الطبري أنّ مولده (ص) كان لاثنين وأربعين سنة من ملك أنوشيروان، وهو الصحيح ...".

 

وقد عقد ابن طاووس في "إقبال الأعمال" 3/121 فصلاً في تعيين وقت الولادة، فقال:

 

"فيما نذكره من تعيين وقت ولادة النبيّ (ص)، وفضل صوم اليوم المعظّم المشار إليه، اعلم أنّنا ذكرنا في كتاب التعريف للمولد الشريف، ما عرفناه من اختلاف أعيان الإمامية في وقت هذه الولادة المعظّمة النبوية، وقلنا: إنّ الذين أدركناهم من العلماء، كان عملهم على أن ولادته المقدَّسة (صلوات الله وسلامه عليه) وعلى الحافظين لأمره، أشرقت أنوارها يوم الجمعة السابع عشر من شهر ربيع الأوّل في عام الفيل عند طلوع فجره، وأن صومه يعدل عند الله جلّ جلاله صيام سنة، هكذا وجدت في بعض الروايات، أنّ صومه يعدل هذه المقدار من الأوقات".

 

ومن علماء الإسلام من اعتبر ولادته المباركة في الثاني عشر من شهر ربيع الأوّل. وأمّا اليوم: فهو يوم الإثنين ، ففيه وُلد (ص)، وفيه بُعث، وفيه توفي .عن أبي قتادة الأنصاري قال: سُئِلَ (ص) عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الإثْنَيْنِ؟ قَالَ: "ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ - أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ ـ فِيه". [رواه مسلم، 1162].

 

قال ابن كثير: وأبعدَ بل أخطأ من قال: ولد يوم الجمعة لسبع عشرة خلت من ربيع الأوَّل. نقله الحافظ "ابن دحية"، فيما قرأه في كتاب "إعلام الروى بأعلام الهدى" لبعض الشيعة. ثم شرع ابن دحية في تضعيفه، وهو جدير بالتضعيف، إذ هو خلاف النّصّ. [السيرة النبويّة: ج1، ص199].

 

ولا بأس ونحن في هذا المقام، من الإشارة إلى نقطة أخرى مهمّة، وهي مشروعيّة الاحتفال بالمولد النبويّ الشريف، فنورد ما قاله الشيخ جعفر السبحاني في هذا المقام: "ذكروا أنّ أوّل من أقام المولد هو الملك المظفّر صاحب إربل، وقد توفي العام 630 هـ، و ربّما يقال: أوّل من أحدثه بالقاهرة الخلفاء الفاطميون، أوّلهم المعز لدين الله، توجّه من المغرب إلى مصر في شوال 361 هـ، وقيل في ذلك غيره. وعلى أيّ تقدير، فقد احتفل المسلمون حقباً وأعواماً من دون أن يعترض عليهم أيّ ابن أُنثى. وعلى أيّ حال، فقد تحقّق الإجماع على جوازه وتسويغه واستحبابه، قبل أن يولد باذر هذه الشّكوك، فلماذا لم يكن هذا الإجماع حجّة؟! مع أنّ اتفاق الأمّة بنفسه أحد الأدلّة، وكانت السيرة قائمة على تبجيل مولد النبيّ (ص)، إلى أن جاء ابن تيمية، و عبد العزيز بن عبد السلام، والشاطبي، فناقشوا فيه، ووصفوه بالبدعة، مع أنّ الإجماع فيه انعقد قبل هؤلاء بقرنين أو قرون، أوليس انعقاد الإجماع في عصر من العصور حجة بنفسه؟...". [من كتاب "رسائل ومقالات"].

 

وفي الختام، قال سماحة السيد محمد حسين فضل الله (رض) حول الذكرى وما يتصل بها: "ونحن في ذكرى مولد النبيّ (ص)، الذي تنوّعت الروايات فيه بين الثاني عشر من ربيع الأوّل أو السابع عشر منه، حتى إنّ بعض العلماء الشيعة، وهو الشّيخ الكليني، يتبنّى رواية أنّ ولادته في الثاني عشر، ولو كان المشهور بين علماء الشيعة أنّ ولادته كانت في السابع عشر، ولكن على كلّ حال، فإننا في هذه الذكرى، لا بدّ من أن نعيش مع النبي(ص)، لنستهديه ونستحضره في كلّ حياتنا، ولو كان(ص) غائباً عنا بجسده، فإنه حاضر بيننا برسالته وشريعته، وهو ما أكّده القرآن الكريم للمسلمين، عندما قيل بأنّ رسول الله(ص) قد قُتل، فقال تعالى: {وما محمّد إلا رسول قد خلت من قبله الرّسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم} (آل عمران: 144)، يموت الرسول وتبقى الرسالة، فكما التزمتم الرسالة في حياة الرسول، عليكم أن تلتزموها من بعده".

 

بينات

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأربعاء 21 نوفمبر 2018 - 08:51 بتوقيت مكة
المزيد