عندما يصبح العراقي ضحية الفساد والاصلاح.. ستأتيك التهم معلّبة؟!! (القسم الثاني)

الأحد 22 يوليو 2018 - 12:45 بتوقيت مكة
عندما يصبح العراقي ضحية الفساد والاصلاح.. ستأتيك التهم معلّبة؟!!  (القسم الثاني)

مقالات - الكوثر:

 

اما الاسباب الحقيقية لانتفاضة الجنوب العراقي التي بدأت مع ارتفاع معدلات الحرارة وشحة مياه الشرب وانقطاع التيار الكهربائي، والتي سأكون صريحا في بيانها ودون أية تحفظات، فهي:

  1. ضعف الحكومة وشخص رئيس الوزراء السيد العبادي على صعيد فرض القانون وتلبية حاجات المواطنين والتواصل معهم..

وعندما يعجز رئيس الوزراء من الحيلولة دون قتل آمر لواء حمايته على يد مسلحين.. او الانفجارات المشكوكة والصدامات المسلحة لبعض المجموعات مع القوات المسلحة.. كيف نتوقع من المواطن العادي ان لا تسيره الانتماءات الفئوية او العشائرية التي اصبحت اقوى من الدولة.. بحيث اضحت هناك عشرات الدول داخل الدولة العراقية في ظل حكومة العبادي.

لقد بلغت "المهزلة" حدا ان يتحاكم مسؤولوا الدولة بينهم عشائريا!!

  1. عدم وجود برنامج تنموي وخطة واضحة لاعمار وتقديم خدمات للمناطق الجنوبية.. فقد تركت الحكومة الامور سائبة بيد مجالس المحافظات التي فقدت شرعيتها منذ سنتين وهذه المجالس التي لا تقدم شيئا في الواقع العملي اضحت مصادر تمويل ونفوذ للاحزاب والشخصيات المتنفذة..

فصارت الاموال تذهب نهباً الى جيوب المقاولين المسنودين حزبياً وعشائرياً.. لذلك لن تستغرب ان يقول رئيس عشيرة انهم لا يتقاتلون على بقرة او اية دابة كما كانوا سابقا، لان القتال اليوم على المقاولات وعوائد المنافذ الحدودية!!

فمن يستطيع محاسبة مقاول او تاجر او مدير مصرف او متنفذ على معبر حدودي تابع لهذا الحزب او ذاك التيار او الشخص الفلاني او العشيرة الفلانية او "الفخذ" الفلاني.

  1. الشعور بالغبن وعدم الانتماء الى الدولة وهذه خطرة للغاية وتدفع باتجاهها بعض القوى الدولية والاقليمية لتنفيذ مشروع التجزئة والانفصال.. ومن حقه المواطن الجنوبي وخاصة ابن المحافظات الثلاث (البصرة، ميسان وذي قار) ان ينتفض وهو يرى نفطه يسبح بدولاراته الاخرون ولا نصيب له منه الا التلوث والجفاف والفقر وشحة المياه وتدمير البيئة والبطالة... الخ

هذا المواطن الجنوبي الذي حمل ثقل الدفاع عن وحدة العراق وتحرير ارضه من الارهاب ولا يزال ابناءه يقدمون دماءهم في غرب العراق وشماله ووسطه.. ليعيش السني والكردي بامان وينعم بخيرات الجنوب وامواله!!

  1. ويقودنا الامر الى مناقشة مسالة توزيع الثروة باعتبارها اهم مشكلة في المجتمع اقتصاديا حسب راي السيد الشهيد محمد باقر الصدر... لان الاستقرار والثبات الاقتصادي والسياسي يكون مقرونا باتساع نطاق الطبقة المتوسطة او البرجوازية حسب التعبير الماركسي (البرجوازية في الادبيات العامية تعني الاثرياء!!) والحدّ من الاستقطاب الطبقي بين الغنى والفقر...

في عهد النظام البائد كان الفقر هو السمة الاوسع انتشارا في كل العراق وخاصة الجنوب الشيعي لاسباب معروفة تتراوح بين الانتقام والعقد الطائفية والخوف من أهل الجنوب.. لكن بعد سقوط الصنم فتحت ابواب الدنيا للبعض فدخلوها بكل ثقلهم و"ربعهم!"... والامر الذي اصبح مشهودا في الجنوب العراقي بسبب المحسوبية والمنسوبية هي ان هناك عوائل اصبح دخلها نجوميا واخرى لا تجد من يستوظفها!!

  1. اليأس والاحباط من السياسيين، وهذه بعضها واقعي وحقيقي وآخر يتم الدفع اعلاميا باتجاهه.. وفي ذلك تفصيل:

مثلا ادى فساد اغلب السياسيين ولا اقول جميعهم ـ وبالتاكيد هناك ايادي نظيفة من كل الاحزاب والاتجاهات ـ وعلى مدى 15 عاما وما يراه المواطن بام عينه ويسمعه من ثراء واستعلاء واستكبار وجشع وتكاثر... الى رفضهم برمتهم وتعميم الاحكام ضدهم، ادت الى عزوف اكثر من 60% عن التصويت في الانتخابات الاخيرة.. هذا الياس ومع الاخذ بانفعالية الشارع العراقي يراد لها ان تجعل العراقي يقبل بكل الحلول، غافلا عن ان ما يتصوره حلا سيوقعه في مشاكل مضاعفة اخطر واشد.

اما الدفع الاعلامي باتجاه افشال الاداء السياسي والحكومي فهو على نوعين ايضا: بعضه عن سابق علم واصرار ويهدف الى اسقاط العملية السياسية برمتها وهو ما ترونه في اداء الشرقية والبغدادية والرافدين والتغيير والفلوجة و... سائر قنوات الاعلام البعثي ـ الخليجي منذ اليوم الاول لانطلاقاتها، وايضا المواقع والمنابر والجيوش الالكترونية الموجهة بهذا الاتجاه وبعضها موظف رسميا كما الذين يعملون مع السفارة الاميركية وبعض السبهانيين!!

وهناك فئة كبيرة تعمل نحو هذا الهدف بغباء او بتفسيرات غير منطقية، غافلة ان المركب اذا غرق سيقضي عليها هي ايضا.. ومن هؤلاء انصار التيار الصدري وبعض الابواق التي تنسب نفسها للمرجعية وهي لا تعلم ان مشروع اسقاط العملية السياسية يستهدفها ايضا.. لذلك ترونهم يبالغون في تقديم صورة سوداوية عن كل الاشياء وينغصون الفرحة في ذروة نشوة الانتصار.

وهذه الفئة وللاسف الشديد من المشاركين في صناعة قرار البلد، بل احيانا يكون حكم معتمد لديها اكثر من رئيس الوزراء نفسه.. تحاسب الدنيا ولا احد يحاسبها.

اضرب مثلا.. محافظة ميسان التي يتغنى التيار الصدري بان المحافظ الذي ينتمي له احدث نقلة في وضع المحافظة.. وكان المنطق يفرض ان لا تكون اليوم احتجات فيها لان المحافظ يكون قد اسس للبنى التحتية والموارد الخدمية و...الخ... فاين ثمرة مشاريعه في الماء والكهرباء والعلاج ووووو الى النهاية.. وهكذا النجف التي يسيطر عليها التيار المرجعي والحكمة والدعوة والصدري...؟

  1. المطالبات غير الواقعية احيانا، فبدل ان يطالبوا مثلا بتقليص عدد البرلمانيين وامتيازاتهم ودمج وزارات وتعطيل مجالس المحافظات لفترة زمنية... نراهم يطالبون بنظام رئاسي!!

لا اقول ان التحول الى نظام رئاسي مستحيل لكن يتطلب مقدمات كثيرة في حين ان المعالجات الاخرى اسهل نسبيا.

والغريب ان يتحدث احد القادة الذين يعارضون نظام الاغلبية السياسية عن التوقف من محاولة تشكيل الحكومة بذريعة تامين مطالبات المحتجين... بينما وجود حكومة شرعية وحسب التوقيتات الدستورية يعد من اولويات الاصلاح السياسي والتنموي.

والاعجب هو: من اعطى هؤلاء الزعماء السياسيين حق التصرف بالبلاد خارج نطاق الدستور والقانون؟!!

  1. لذلك من مشاكل الوضع العراقي كثرة الرؤوس واغلبها غير قانونية.. فلا يوجد في كل العالم زعيم حزب يتصور ان البلد ملكه، كما كان صدام نفسه العراق!

ان تعطيل كثرة الرؤوس، وانهاء حالة "مزرعة البصل" تكون بوجود حكومة قوية ورئيس وزراء قوي ونزيه، وان يكون همه وضع البلد على جادة الصواب.

  1. وقد ادى ضعف الحكومة المركزية وفشل التيارات والاحزاب والقيادات السياسية الى ضعف صورة العراق اقليميا ودوليا... هذه الحالة من الهزيمة النفسية، تدفع بالعديدين في العراق الى البحث عن شماعة اقليمية ليضعوا عليها فشلهم.. ولان داعمة العملية السياسية واغلب الاحزاب الحاكمة اليوم كانت ايران ـ حتى التي يهتف بعض انصارها ضد ايران، وفي ظل الهجمة الاميركية الخليجية على ايران، فان ايران اصبحت هي سبب كل مشاكل العراق!

تناسى هؤلاء ان ايران دولة كبيرة لها مشاكلها وهي تعاني من حصار خانق وتصحّر وشحة مياه وانقطاع تيار كهربائي وووكغيرها من دول المنطقة والعالم.. وان هذا البلد لا يزال مستشاروه يواجهون الارهاب في العراق وقد اختلط دمهم بدم المقاومين الحشديين وباقي ابناء القوات المسلحة... في حين ان الدول الاخرى لم يجن منها العراق غير الارهاب.. فمالكم كيف تحكمون!

في هذا الصدد تلعب التاثيرات الشوفينية البعثية دورها... فعقدة الانتماء الى الشوفينية البعثية تتجلى احيانا لدى الابناء حتى، بالعداء لايران تارة والاسلاميين تارة اخرى، وفي الدفاع عن كل ما يعارض ايران والاسلاميين.. حتى لو كان بحجم اجرام البعث والوهابية!

لربما يؤخذ على ايران انها لم تتعامل مع حلفائها واصدقائها في العراق كما تتعامل السعودية مع من تسميهم اصدقاءها وهم عبيد لها في واقع الحال.. هل تتصورون ان ايران كانت لتحتجز قياديا عراقيا كما فعلت السعودية مع الحريري وتجرده من كل شيء ببيان متلفز.. واعتراف؟!!

هذه ليست اخلاق الايرانيين ولا سياستهم، الايراني لا يتدخل في تفاصيل حياة حلفائه واذا ما اداروا ظهورهم عليه يجعلهم يعودون اليه بمليء ارادتهم!...

لذلك يجب ان لا يتوقع العراقيون من ايران ان تستل سيفا على السياسيين العراقيين وتجبرهم ان يكفوا عن الفساد ويسلكوا سلوكاً مستقيماً، مالم يقرروا همّ ذلك!

وفي النهاية لابد من عملية نفض حقيقية لكل الواقع العراقي.. سياسيا واقتصاديا واقليميا وحتى نفسيا، فبدونها لن تجدي العلاجات الآنية ولا الجراحات الموضوعية... العراق بحاجة الى علاج بـ"الكيماوي" لوجود بعض التمورات السرطانية في جسده وفكر من يتحكم به، وهم هذه التمورات (الاورام الخبيثة) هي: ترسبات التربية البعثية ومزرعة البصل بالوانها العلمانية والاسلامية والعرقية والطائفية!!

بقلم: علاء الرضائي

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأحد 22 يوليو 2018 - 12:43 بتوقيت مكة