ما هي قصة مسجد صبور و ما علاقته بالإمام الحجة؟(1)

الإثنين 16 يوليو 2018 - 19:01 بتوقيت مكة
ما هي قصة مسجد صبور و ما علاقته بالإمام الحجة؟(1)

يقع المسجد في أطراف قرية (بلاد القديم)، في قرية صغيرة اسمها (الزنج)، وهي قرية ساحلية سابقا قبل دفن البحر وكانت تطل على (خليج توبلي)، وربما لا تتجاوز مائتان منزل، وهي تقع غرب مدينة المنامة...

الشيخ سعيد المادح 

نبذة عن المسجد:

أسماؤه:

١- يقال كان اسمه مسجد الوطية "نسبة الى "وطية" يقال أنها كانت بالمقربة منه، والوطية: هي مصطلح شعبي يطلق على أثر لقدم إنسان، وينسب لأقدام الامام المهدي (عج) كما هو شائع بين عموم الناس، ومساجد الوطية كثيرة منتشرة في مختلف مناطق البحرين، ويبنى لها سور صغير من دون سقف ولا باب، كما شاهدت ذلك في السابق في منطقتنا جدحفص وغيرها، ولقد وقفت على عشرة مساجد للوطية حاليا، وقد أعيد بناء أغلبها مع التسقيف".

٢- يقال مسجد الصبور.

٣- يقال مسجد الشيخ محسن الصبور (نسبة إلى بانيه كما يقال).

 موقعه:

يقع المسجد في أطراف قرية (بلاد القديم)، في قرية صغيرة اسمها (الزنج)، وهي قرية ساحلية سابقا قبل دفن البحر وكانت تطل على (خليج توبلي)، وربما لا تتجاوز مائتان منزل، وهي تقع غرب مدينة المنامة.

يوجد في منطقة الزنج ٩ مساجد مسجلة بالاوقاف، وأحدها مسجد الصبور.

 تاريخ تأسيسه:

قديم ومجهول.

 مساحة البناء:

هو الآن في زماننا وبعد أن أعيد بناؤه بتاريخ (١٦-١٠-٢٠٠٩م) عبارة عن مسجد صغير بمساحة تقريبية: الطول: ٦متر × العرض: ٦متر × الارتفاع: ٣متر.

 التصميم:

يتألف البناء من طابقين، طابق أرضي مسقوف وجزء منه داخل في جوف الارض (سرداب) وله نوافذ بارزة على سطح الأرض، ويرتفع سقف هذا الطابق عن سطح الارض بحدود مترين وربع تقريبا اذا حسبنا ارتفاع الشارع وردمه -ولا يبعد أنه نفس ارتفاع سور المسجد القديم. فقد قال لي الحاج علي مال الله أنه رأى سوره سابقا عندما كان مبنيا من الطين على ارتفاع مترين تقريبا-، وأما الطابق الثاني فهو مرتفع عن الارض بما يقارب المترين، وله درج، وقد بُني على سقف المحراب قبة صغيرة ذهبية اللون، وفي الزاويتين الاماميتين من جهة القبلة بُنيت منارتان صغيرتان، وترك الباقي بلا تسقيف.

 القصة المدونة وتشريحها:

نص القصة كما نقلها الطباطبائي (وهو أول من دوَّن هذه القصة ونشرها سنة ١٩٩٩م):

"103- مسجد في البحرين يكشف سقفه حتى يظهر الحجة (ع): ومن علامات الظهور قضية مسجد صبور في البحرين في قرية الزنج. إذ رأى الشيخ البجلي شخصاً عليه آثار الهيبة والجلالة يصلي في خربة فقال له تفضّل إلى المسجد وصلّ هناك قال: لا إنَّ هذا مسجد في الأصل، فأمر أهل القرية أن يبنوا هذا المسجد فقال من أنت يا شيخ؟ قال: أنا صاحب الأمر فتمسك به وقبل يديه فقال: له دع عنك هذا وخط له المسجد وحدوده .قال يا مولاي إنّ أهل القرية يتّهموني بطلب الصدقة لنفسي إنّ طلبت المال لبناء المسجد فما العلامة التي أدفع فيها تهمتهم؟ قال: العلامة أن هذا لا يقبل التسقيف مادمت غائباً فبنوا المسجد وحاولوا تسقيفه وإذا بسقف المسجد ينقلع كالغطاء من العلبة فإتهمت الحكومة الشيعة بالكذب فسلّطوا الشرطة وسقفوا المسجد بأقوى ما أمكن دفعاً لهذه الكرامة وتكذيباً للشيعة ووضعوا الحرس حتى لا يهدمه أحد وإذا بالحرس يضرب عليهم النعاس ويصبح الصباح وإذا بالمسجد قد انقلع سقفه وانقلب إلى الجانب الآخر كأنه غطاء علبة وبقي حتى اليوم وحتى ظهور الحجة (ع)( كتاب: مائتان وخمسون علامة حتى ظهور الإمام المهدي (ع)، تأليف: السيد محمد علي الطباطبائي، نشر: مؤسسة البلاغ ، بيروت، الطبعة : الاولى 1999، عدد الصفحات: 246.)

 تشريح القصة:

توطئة

بنظرة علمية موضوعية نجد أن القصة تتألف من جزئين:١- أحداث ومجريات القصة.

٢- نص كلام منسوب للإمام المنتظر(ع).

 والجزء الأول له أدوات علمية لإثباته أو نفيه، وهي تختلف عن أدوات الجزء الثاني.

 فالاحداث التاريخية تبحث في علم التاريخ، ولها وسائل وأدوات تختلف عن البحث في نص كلام المعصوم المعبر عنه علميا بــ(الرواية) حيث يبحث هذا الأخير في علم الرواية والدراية وعلم الرجال وعلم الأصول والفقه.

 وحيث أن كلام المعصوم تترتب عليه أحكام فقهية وعقائدية، ويعبِّر عن رأي الدين وحكم الله عزوجل، فإنه يجري التعامل معه بأقصى درجات التثبُّت والتأكُّد من صدوره "نصا" وبالدقة في ألفاظه وكل كلمة وحرف فيه، ويجري التأكد من وثاقة وصدق من نقل هذا الكلام عبر آليات علمية تخصصية ليس هذا محل عرضها.

 كل ذلك من أجل أن نصل إلى العلم والدليل العلمي بصدور هذا الكلام عن الإمام؛ ليصُحّ بعد ذلك نسبته إلى الدين وإلى الله سبحانه، فنقول أن هذا حكم الله تعالى في هذه القضية أو تلك، فالمسألة خطيرة والتهاون فيها يوجب العذاب الأليم، فما أعظم جريمة التقوُّل على الله عز وجل بغير (علم)، قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾(1).

وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ (2).

 من هنا فإنه حتى لو جرى التساهل والتسامح في نقل مجريات القصة كحدث لا يتصل بتكاليف شرعية إلزامية، إلا أنه لا يجوز التساهل في نسبة "نص كلام" إلى الإمام المعصوم (ع) بدون علم ولا بينة.

 والآن فلنشرِّح القصة لنرى هل تفيد علما يُعتمد عليه، أم لا.

 التشريح:

١- هذه القصة لا وجود لها بتاتا قبل عام ١٩٩٩م، كما شهد بذلك الثقاة من أهل الزنج في شهادات موثقة لدينا وسنذكرها لاحقا، ويكفي دليلا أن كل من دوَّن تاريخ البحرين لم يذكر أي شيئ عنها بتاتا، فهذه القصة لم يسمع بها أهل الزنج ولا أهل البحرين إلا بعد أن دُوِّنت في زماننا في عام ١٩٩٩م على يد شخص اسمه: السيد محمد علي الطباطبائي -كان يعيش في سوريا منذ عام ١٩٨٠م، وحاليا مستقر في لندن-، وعلاوة على أن الطباطبائي ليس من أهل البحرين، فإنه لم يذكر حتى اسم من روى له هذه القصة، وإنما ذكرها ضمن الكثير من القصص التي سمعها من هنا وهناك وضمّها الى كتابه، وكثير منها بلا مصدر ولا مستند، كما أن المؤلف نفسه لا يدَّعي صحتها، بل يقول صريحا في مقدمة الكتاب: "أن الحوادث المذكورة ربما لم تقع ولا تقع"، ويقول أنه نقلها من باب التسامح وعدم التثبّت في المسائل التي لا يترتب عليها حكم شرعي إلزامي (واجب أو محرم)، وقد صرّح بذلك في المقدمة أيضا، قال: "مع أني لم ألتزم بيني وبين الله (تعالى) بصحّة التحليلات للأحاديث المذكورة وتطبيقها على الحوادث التي أتذكرها وإنما تطبيقي لمجرد الاحتمال.

والواقع أنه لا يستطيع معرفته ويطبق الأحاديث المذكورة هنا عليه حتى أفذاذ العلماء بالتاريخ لأن كثيراً ما يفهم الباحث من حديث الإمام حادثة معيّنة والإمام (عليه السلام) قصد غيرها فليعلم ذلك أصدقاؤنا القرّاء ولا يسرعوا بالرد والنقد وإنما العصمة لله وأوليائه فقط.

  ثم أن الحوادث المذكورة فيه  ربما لم تقع ولا تقع لأنه ﴿يمحو الله ما يشاءُ ويُثبتُ وعندهُ أمُّ الكتابِ﴾(3) إلاّ علامات قليلة تعدّ من الأمر المحتوم الذي لا يتغيّر في تقدير الله (تعالى). كما أنه قد تعارف عند الفقهاء (رحم الله الماضين منهم وحفظ وسدد الباقين) قاعدة التسامح في أدلة السنن وإسناد الأمور غير اللزومية أي غير التكاليف الواجبة والمعاصي المحرمة. فيثبتون الاستحباب والكراهة والاباحة وفضائل الأنبياء والأولياء وحياتهم ومصائبهم ومثالب أعدائهم، بأحاديث بعضها غير مسندة عن صحاح وثقات الرجال".

 ثم لم ينقل القصة أحد عن الطباطبائي سوى محمد باقر ابن ملا محمد علي الناصري، فقد نقل هذه القصة عن كتاب ٢٥٠علامة للطباطبائي نفسه، ودوَّنها كما هي في كتابه (المزارات في البحرين)، ثم جاء الموقع الالكتروني للاوقاف الجعفرية التي تديرها السلطات الحكومية ونقل القصة عنه، فالمصدر واحد لا غير، ثم جاءت صفحات العوام على الانترنت ونقلت القصة عن نفس المصدر بل وأضافوا زيادات لم يقلها أحد، فدائما تنسب القصة لكتاب ٢٥٠علامة للطباطبائي، لا غير.

 ٢- قد يقال أنَّ أهل البحرين أميُّون لا يعرفون الكتابة ولذلك لم يدونوا القصة.

ولكن يلاحظ على ذلك أن البحرين لم تخل من العلماء عبر كل العصور، وكل دواعي التدوين متوفرة، فالبحرين في طول تاريخها معروفة بالولاء لأهل البيت (ع) والعشق للإمام المنتظر (عج)، وعلماؤها يهتمون بتدوين الكرامات، فمثلا الفقيه الكبير والمحدث الشيخ يوسف البحراني (قدس سره) دوَّن قصة الشيخ ابو رمانة بالتفصيل، فمثل هذه الكرامات لا يترك تدوينها كل هذه السنون لو كان لها وجود، أو كانت منقولة -ولو مشافهة- عن أشخاص يُعتنى بقولهم.

  ٣- الشخص الذي تُنسب له دعوى اللقاء بالإمام (ع) والمسمى بــ(الشيخ البجلي) مجهول من كل النواحي، فلا يُعرف عنه شيء، وليس له أثر، والغريب أن يتشرف شخص بلقاء الإمام الحجة (ع)، وتجري على يديه كرامة باهرة بهذا الحجم، ثم لا يكون له مقام ولا أي أثر، والذي يعرف تاريخ البحرين وطبيعة أهلها يرى ذلك أمرا مستحيلا، فالبحرين خلّدت كل الصالحين وأصحاب الكرامات، وبنت على قبورهم مساجد ومزارات، يتوافد اليها الناس جيلا بعد جيل، مثل: مسجد الشيخ أبو رمانة في القرن العاشر، ومسجد الشيخ صعصعة سنة ٥٦ هجرية، ومسجد الشيخ ابراهيم الاشتر ٧١هجرية، ومسجد الشيخ عمير المعلم من القرن الأول الهجري، والشيخ سبسب، والشيخ داوود بن شافيز، وغيرهم.

 ففي البحرين ماشاء الله من القبور والمزارات للصالحين والأولياء حفظت طوال التاريخ، وخصوصا من كانت له أدنى علاقة بأهل البيت (عليهم السلام).

 ولسائل بعد ذلك أن يسأل: أين قبر (الشيخ البجلي)، وأين مزاره؟ لا يوجد أي أثر!

 فكيف اختفى كل أثر لصاحب الكرامة الباهرة بحسب القصة وهو (البجلي)؟!

وكذلك الحال بالنسبة الى (محسن الصبور) الذي ادعى البعض لاحقا أنه صاحب القصة -وكل يوم تُلصق القصة في رجل!!-، فإنه لا أحد من أهل الزنج ولا من أهل البحرين يعلم عنه شيئا، وليس له مزار ولا ذكر له بين علماء البحرين، ولا بين غير العلماء، ولا في كل تاريخ البحرين وتراثه، سوى كلمة واحدة: يُنسب له بناء المسجد.

 ٤- المذكور في القصة أن (البجلي) عندما التقى بالامام (ع) وأمره الامام بدعوة الناس لبناء المسجد رد عليه قائلا: "يا مولاي إنّ أهل القرية يتّهموني بطلب الصدقة لنفسي إنّ طلبت المال لبناء المسجد فما العلامة التي أدفع فيها تهمتهم؟"!!

وهذا الرد عجيب للغاية وغير معقول، فتصوّر لو أنك مكان هذا الرجل وقد طلب منك الإمام أن تدعو أهل قريتك لبناء مسجد، فماذا سيكون جوابك؟ الشيء المعقول أن تقول: يا مولاي إن الناس لن تصدق بأنك يا سيدي من أمر بذلك إلا بعلامة، فأعطني علامة ليصدقني الناس. هذا معقول.. وأما أن تقول أعطني علامة فإن الناس يتهموني بجمع الصدقات لنفسي، فهذا عجيب جدا! فهل أنت مخادع بنظر الناس وصاحب سوابق ولا يثقون بك؟! وهل الإمام يكلِّف شخصا لا يثق به الناس لهذه الدرجة؟!

 ٥- القصة تقول أن الشرطة سقفت المسجد وأقامت حراسات حتى لا يهدمه أحد، وذلك لتكذيب الشيعة، فهل القضية تستدعي كل هذه الجَلَبة؟! مجرّد مسجد بناه بعض الشيعة في أطراف قرية  من دون سقف، وادعوا أن الامام الغائب طلب ذلك وانتهت القصة، وما أكثر القصص التي كانت ولازالت رائجة بين الشيعة، فهل قامت ثورة شعبية مثلا، أو كان (البجلي) قائدا للشيعة وتخشى الحكومة التفاف الناس حوله؟ مجرد شخص مجهول (يخاف أن يتهمه الناس بجمع الصدقات) بحسب القصة، ولا أحد يعرف عنه شيئا إلى يومنا هذا!

 تشريح النص المنسوب للإمام:

 تضمنت القصة فقرة نصية تُنسب للامام الحجة (ع) وهي: (إنّ هذا المسجد لا يقبل التسقيف ما دمت غائباً).

 وكما قلنا سابقا لا يمكن التساهل مع "نص كلام" ينسب للامام المعصوم، وخصوصا إذا اراد شخص أن يبني عليه حكما شرعيا أو عقيدة، فضلا عن أن يهدم به الثابت من الدين والمعتقد.

 ويلاحظ على هذا النص:

أولا: لا يوجد طريق علمي لإثبات هذا النص المنقول في القصة، ويكفي في انعدام الطريق العلمي أن الناقل الوحيد لهذه الفقرة عن الامام وهو (البجلي أو محسن الصبور كما ادُّعي لاحقا) هما شخصيتان مجهولتان تماما ولا أحد يعرف عنهما شيئا على الإطلاق، وقد سألت أهل الزنج وكبار الباحثين المتخصصين في تاريخ البحرين وتراثة، والعلماء الأعلام في البحرين، وبحثت في (النت) فلم أجد أي أثر لهما، فكيف ننسب للإمام كلاما ينقله -حصرا- شخصٌ مجهول؟ إنه قول بغير علم، وهو من أعظم المحرمات والكبائر في الدين.

 وثانيا: لو سلّمنا -جدلا- أن الإمام قال كلاما ما لشخص ما، ولكن هل الذين نقلوا القصة عنه نقلوها كما هي، ونقلوا النص المنسوب للإمام منضبطا من دون زيادة أو نقصان؟

 هنا لا طريق لنا للعلم أيضا، فالنص لم ينقل إلينا بطريق معتبر، ومع ذلك فلو افترضنا وجود نصٍّ ما في زمان ما، فما يدرينا هل كان النص مثلا: (أن المسجد لا يقبل التسقيف)، ثم أضاف البعض (ما دمت غائبا)، أو أنه كان بهذه الصيغة: (ان المسجد لا يقبل التسقيف في زمانكم) ثم فهم البعض من هذا الكلام أنه لن يتسقف إلا في زمن ظهور الإمام، فنقل الكلام محرفا بحسب فهمه، أم غيرها من الاحتمالات فالباب مفتوح على مصراعيه. وإنك لتجد أن عموم الناس من غير أهل الرواية الثقاة لا يضبطون النصوص في الغالب، فترى الكلام الواحد ينقله الناس بألف صيغة رغم أنه قيل اليوم أو قبل أسبوع، فما بالك بكلام وقصة يُفترض أنها منقولة منذ سنوات وليس لها أي مستند معتبر.

 ثالثاً: لو تنزّلنا واعتمدنا على هكذا نقولات يتناقلها عموم الناس، فإنه أيضا لا سبيل لإثبات هذا النص؛ لأن أهل قرية الزنج والثقاة من كبار السن أنفسهم ينفون ويكذِّبون هذه القصة من أساسها فضلا عن النص الذي تضمنته، كما سيتضح في نهاية المقال.

 أخيرا: فإن ناقل القصة -الطباطبائي- لم يذكر حتى اسم من حكى له القصة، فما يدرينا، فلعل أحد الدجالين قصّها عليه ليدوّنها من أجل أن يخرج بعد ذلك ببدعة وكذبة أخرى تتأسَّس وتبتني عليها، خصوصا وأننا نعلم بوجود دجال (بحراني) كان معه في سوريا في نفس الفترة وتحديدا منذ عام ١٩٩١م، وقبل نشر القصة عام ١٩٩٩م، وهو نفسه قد خرج لنا اليوم ببدعة تبتني على أساس هذه القصة، ولدينا قرائن قوية جدا على أنه هو نفسه الذي نسج هذه القصة ورواها للطباطبائي، ونكتفي حاليا بهذه القرينة التي ذكرناها.

 وبالنتيجة: لايمكن الاعتماد على هذا النص ولا هذه القصة، ولو اعتمدنا هكذا طرق لضاع العلم وانطمست الحقيقة، ولما بقي من الدين باقية.

 يتبع...

المصدر:مركزالهدى للدراسات الاسلامية

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الإثنين 16 يوليو 2018 - 18:08 بتوقيت مكة
المزيد