من المعروف أن سرطان الرئة يصيب بشكل رئيسي المدخنين، ولكن 10 إلى 15٪ من الحالات تشمل غير المدخنين. وثمة عوامل أخرى يمكن أن تفسر بالفعل هذه الحالات: كالاستعدادات الوراثية، والتعرض للمنتجات المسببة للسرطان مثل «الجسيمات الدقيقة»، والأسبستوس (الحرير الصخري). ويقول الباحثون إن الهواء الذي نتنفسه يحتوي في الغالب على النيتروجين والأكسجين لكن وجود الأكسجين يساهم في تشكل «الراديكالات» أو الجذور الحرة في الجسم التي تتسبب في ضرر الهياكل الخلوية والحمض النووي، وبالتالي يمكننا أن نتساءل ما إذا كان هذا الأكسجين ضاراً بالصحة. ولوحظ مؤخراً زيادة في حالات السرطان عند الأطفال الذين تم تعزيزهم بالأكسجين خلال فترة ما بعد الولادة مباشرة.

ولمعرفة ما إذا كان الأكسجين يسبب السرطان بالفعل، من الممكن مقارنة صحة السكان الذين يعيشون على ارتفاعات مختلفة، لأن الأكسجين يصبح غازاً نادرًا على ارتفاع عالٍ. ومن المعروف أنه بالنسبة إلى الضغط الملحوظ عند مستوى سطح البحر، ينخفض مستوى الأكسجين إلى 88.7٪ على ارتفاع 1000 متر، وإلى 78.5٪ عند ارتفاع 2000 متر، وإلى 69.2٪ عند ارتفاع 3000 متر.

وفي مقال نشر في مجلة PeerJ، قارن باحثان من جامعتي بنسلفانيا وكاليفورنيا معدلات السرطان في 250 مقاطعة في الولايات المتحدة. مستخدمين بيانات المعهد الوطني للسرطان بين عامي 2005 و 2009. ولاحظ الباحثان أن معدل الإصابة بسرطان الرئة ينخفض 7.23 حالة من كل 100 ألف شخص لكل 1000 متر ارتفاع عن سطح البحر. ولوحظ أيضا أن العلاقة العكسية بين الارتفاع وسرطان الرئة كانت واضحة للغاية كما أخذ في الاعتبار كل من الإشعاع الشمسي والتلوث؛ لأن هذين المتغيرين يختلفان حسب الارتفاع.

ومع ذلك، لم يلاحظ الباحثون هذا الارتباط مع سرطان الثدي أو البروستات أو الأمعاء وهذا يشير إلى الدور الذي تلعبه عملية الاستنشاق وهنا لا بد من وجود مادة مسرطنة مستنشقة تكون أقل حضوراً على الارتفاعات، مما يجعل الأكسجين العنصر الجاني المحتمل. وأن الفرضية التي أطلقها الباحثون تقول بأن الأكسجين يعزز إنتاج الجذور الحرة، وهو ما يمكنه أن يحفز ظهور السرطان.

إعداد: محمد هاني عطوي

22