لهذه الاسباب...الأئمة الإثنا عشر أئمة الإسلام لا الشيعة!

الجمعة 25 مايو 2018 - 14:02 بتوقيت مكة
لهذه الاسباب...الأئمة الإثنا عشر أئمة الإسلام لا الشيعة!

وقد أدى رسول الله (صلى الله عليه وآله) المهمة المطلوبة منه على الوجه الأكمل حيث تمكن من إنهاء عصر عبادة الأوثان والأصنام...

الشيخ محمد توفيق المقداد

 

قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه: ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً)، وقال عز وجل أيضاً: (وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين).

تصرح هاتان الآيتان الكريمتان بشكل واضح وجلي أن الله سبحانه قد بعث نبيه الخاتم محمداً (صلى الله عليه وآله) ليكون الشاهد على الإنسانية كلها في عصره، ولكي يبشرهم بالجنة ونعيمها، وينذرهم من النار وعقابها، عبر الدعوة الإسلامية التي أنزلها الله إليه لتكون السراج المنير الذي يهتدي به البشر ليخرجوا من الظلمات إلى النور، ومن الكفر إلى الإيمان، ومن اليأس إلى الأمل.

 

وقد أدى رسول الله (صلى الله عليه وآله) المهمة المطلوبة منه على الوجه الأكمل حيث تمكن من إنهاء عصر عبادة الأوثان والأصنام، وإعلان عصر بداية الله الواحد القهار عندما فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة المباركة، واستطاع النبي (صلى الله عليه وآله) أن يؤسس النواة الرئيسة للدولة الإسلامية التي اتسعت فيما بعد عصره حتى أصبحت من أكبر الدول التي عرفها تاريخ البشرية سواء من المساحة الجغرافية، أو عدد السكان، مع حضارة متميزة قدمت الكثير من الخدمات الجليلة للإنسانية في شتى أنواع المعارف والعلوم الدينية والدنيوية.

ومع مرور الوقت بعد رحيل النبي (صلى الله عليه وآله) وقعت خلافات كثيرة بين المسلمين نتيجة تَشَعُّب الولاءات والعصبيات وتنوع المشارب العقائدية والفقهية، وانقسم المسلمون بسبب ذلك إلى مذاهب متعددة، وكل مذهب يتبع مدرسة عقائدية وفقهية تختلف في بعض التفاصيل عن المدارس الأخرى، والكل يعتبر أن القرآن الكريم والسنة النبوية تؤيده فيما ذهب إليه من آراء عقائدية وفقهية.

وكل الانقسامات الحاصلة بين المسلمين يمكن جمعها تحت عنوانين كبيرين هما "الشيعة" و"السنة"، فمن أخذ بمقولة النص على الخلافة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) وأنها لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) كانوا هم "الشيعة"، ومن أخذ بمقولة "الشورى" كانوا هم "السنة".

ومن قال بمقولة "النص" لم يقتصر الأمر عندهم على علي (عليه السلام) وحده، بل يشمل عندهم عقائدياً كل الأئمة الإثني عشر (عليهم السلام)، الذين كان علي (عليه السلام) أولهم، وآخرهم هو المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه) الذي يملأ الأرض عندما يخرج عدلاً وقسطاً كما ملأها البشر ظلماً وجوراً، ودليلهم على ذلك هو خلافة الإمام الحسن (عليه السلام) بعد أبيه علي (عليه السلام)، وخلافة الإمام الحسين (عليه السلام) الواردة في نص الصلح بين الإمام الحسن ومعاوية فيما لو مات معاوية وكان الحسن (عليه السلام) قد مات، ودليلهم أيضاً هو الشعار الذي حمله العباسيون عندما ثاروا ضد الأمويين وهو يا لثارات الحسين (عليه السلام)، وكذلك في زمن العباسيين عندما اختار الخليفة المأمون الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) ولياً للعهد، فهذا كله لم يكن ليحصل لولا نص النبي (صلى الله عليه وآله) كما أمره الله على أن يكون الأئمة (عليهم السلام) هم خلفاء النبي (صلى الله عليه وآله) بعده في الولاية على الأمة الإسلامية.

المهم أن الانقسام بين الفريقين من المسلمين امتد إلى المجال الفقهي، فالمذاهب السنية الأربعة اعتمدوا في ذلك على الروايات الواردة عن أمثال حبر الأمة "إبن عباس" و"عائشة زوجة النبي (صلى الله عليه وآله)"و"جابر بن عبد الله الأنصاري" و"أبي هريرة" و"عبد الله بن مسعود" وغيرهم من الصحابة مضافاً إلى الكتاب وسنة النبي (صلى الله عليه وآله)، بينما أخذ الشيعة أحكام فقههم عن الكتاب والسنة وروايات الأئمة الإثني عشر (عليهم السلام) لأنهم الشارحون والمفسرون لكل ما جاء به الله في القرآن وما ورد في السنة النبوية الشريفة، وهذا ما أدى إلى اعتبار الأئمة (عليهم السلام) على أنهم فقهاء المذهب الشيعي لا غير وليسوا فقهاء الدين الإسلامي بشكل عام. وقد ارتكز هذا الأمر في قلوب وعقول أتباع المذاهب الأربعة عبر العصور حتى صار كأنه حقيقة لا مجال لإنكارها أو للتحقيق فيها، وكانت الحجّة عند فقهاء المذاهب الأربعة لعدم الأخذ بكلام الأئمة (عليهم السلام) أن النصوص والروايات تنتهي عندهم ولا يصل سند الأحاديث منهم إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، وهذا ما أدى إلى خلو كتب الحديث عند "السنة" من الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت "عليهم السلام" إلا فيما قل وندر.

ونحن في هذه المقالة سنحاول إماطة اللثام عن هذه المسألة لتبيان حقيقة مغايرة وهي أن الأئمة (عليهم السلام) هم حماة الإسلام بما هو دين الجميع من كل أبناء المذاهب والمشارب الفكرية وليسوا رؤساء المذهب الشيعي فقط.

ودليلنا على هذه الحقيقة أمران أساسيان:

- الأول: نسب الأئمة (عليهم السلام).

- الثاني: سيرتهم العملية في الذود عن الإسلام وفي تعاملهم مع المسلمين.

فمن جهة النسب فهم من نسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) مباشرة لأنهم أبناء ابنته الوحيدة "فاطمة الزهراء" عليها السلام التي أنجبت الحسن والحسين (عليهما السلام) اللذين ورد في حقهما من الأحاديث الكثير عن النبي (صلى الله عليه وآله) الذي ورد عنه: (الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا) و(الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا) و(الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة)، ومن الإمام الحسين (عليه السلام) تولّد الأئمة التسعة الباقون، ومع الإمام علي وهو ابن عم النبي (صلى الله عليه وآله) أصبح المجموع "إثني عشر إماماً".

ونجد هنا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندما طلب الأجر من أمته على هدايتهم إلى الإسلام لم يطلب إلا مودة أهل بيته وحفظهم بعده، وفي ذلك يقول القرآن الكريم: (قل لا أسألكم أجراً إلا المودة في القربى).

وقرابة النسب هنا لا يريد منها النبي (صلى الله عليه وآله) مجرد حفظ الأئمة (عليهم السلام) لأنهم من نسل ابنته، بل ليشير أيضاً إلى أنهم الوارثون لنبوته وهم هداة الأمة وسفينة النجاة التي من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى كما ورد في أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) عنهم.

وقد ثبت في سيرة الأئمة أنهم لم يتلقوا علوم الدين الإسلامي عن أحد من علماء الإسلام، بل كانوا مؤهلين ذاتياً لصفاء إيمانهم وإخلاصهم لحمل الأمانة بصدق وقوة وعزيمة ثابتة لا تهتز ولا تلين ولا ترضخ للضغوطات أو الظروف القاهرة .

بل ورد أن العديد من فقهاء المذاهب الأربعة تتلمذوا على أيدي الأئمة (عليهم السلام) وخصوصاً الإمام " أبو حنيفة النعمان" الوارد عنه بعدما تلقى علومه عند الإمام الصادق (عليه السلام): (لولا السنتان لهلك النعمان).

وأما من الجهة العملية، فقد أثبت الأئمة (عليهم السلام) أنهم حماة الإسلام بكل مذاهبه ومشاربه الفكرية وليسوا حماة المذهب الشيعي فقط، ولإثبات ذلك نذكر بعض النماذج من دفاعهم عن الدين في مواجهة أعدائه على امتداد وتاريخ وجودهم إلى حين غياب الإمام الثاني عشر "المهدي المنتظر" "عجل الله تعالى فرجه":

1- عندما كان معاوية والياً على الشام كانت بينه وبين الروم على الحدود الشمالية لولاية الشام مناوشات وحروب، وفي ذات الوقت صارت الخلافة للمسلمين للإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وعندما شعر بأن الروم يمكن أن يشكلوا خطراً على الحدود الشمالية من ولاية الشام من بلاد المسلمين، قال علي (عليه السلام) قولته المشهورة: (لو فعلها بنو الأصفر –الروم- لوضعت يدي بيد معاوية)، لأن مصلحة الإسلام تتطلب ذلك، مع أن الحرب كانت على وشك الوقوع بين علي من جهة ومعاوية من جهة أخرى لأن الإمام علياً أراد أن يعزل معاوية عن ولاية الشام لاعتبارات معروفة ومكتوبة في كتب السيرة والتاريخ.

2- صلح الإمام الحسن (عليه السلام) وتنازله عن الخلافة لمعاوية ضمن شروط عقد الصلح كان من أجل مصلحة الإسلام كدين، لأن استمرار الحرب بينهما كانت تشكل خطراً كبيراً على المسلمين، لهذا فضل الإمام الحسن (عليه السلام) التنازل عن الخلافة إلى حين موت معاوية فتعود الخلافة إليه إن كان حياً أو إلى أخيه الإمام الحسين (عليه السلام) إن كان قد مات، إلا أن الجميع يعرف وثبت ذلك عند المسلمين أن معاوية تخلص من الإمام الحسن (عليه السلام) بالسم من خلال زوجة الإمام التي أغراها بالزواج من ولده "يزيد" وألف ألف درهم، وأخذ البيعة لولده يزيد لكي يكون خليفة المسلمين بعده، ولم يلتزم بعقد الصلح أبداً.

3- ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) فقد كانت من أجل إصلاح مسيرة الأمة الإسلامية وإعادة منصب الخلافة إلى سابق عهده من الصفاء والعبادة والطاعة لله والخدمة للأمة وحراسة المسلمين وحمايتهم من الأعداء، لأن الخليفة يزيد لم يكن أهلاً لذلك المنصب بإجماع علماء الإسلام من كل المذاهب ومن جميع كتاب التاريخ الإسلامي، ولذا كان شعار الثورة هو "الإصلاح" كما قال الإمام الحسين (عليه السلام): (ألا وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا ظالماً ولا مفسداً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر...)، وكان ممن استشهد معه في كربلاء الصحابي "زهير بن القين" وكان عثماني الهوى والميل كما كان معروفاً عنه، لأن المعركة كانت بين الإسلام وبين الإنحراف.

4- دعاء الإمام زين العابدين لجيوش الإسلام بالنصر وهو المعروف بـ "دعاء الثغور"، ومن المعروف أن الإمام الرابع زين العابدين كان يعيش في ظل الخلافة الأموية التي كان أحد خلفائها "يزيد" هو من أمر بقتل أبيه الإمام الحسين (عليه السلام)، إلا أنه مع ذلك كان يدعو لجيش الإسلام كما كان ينظر إليه بالنصر والغلبة على أعدائهم، مع أن ذلك الجيش كان بأمرة الخلفاء الأمويين، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على حرص الإمام بل كلهم (عليهم السلام) على اعتبار أن الإسلام هو أكبر من كل العداوات والمصالح الشخصية والفئوية وأكبر من الأشخاص ولو مثل الإمام الحسين (عليه السلام)، سبط رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأحد سيدي شباب أهل الجنة بنص رسول الله (صلى الله عليه وآله).

5- الإمام الباقر (عليه السلام) وهو خامس الأئمة مع الخليفة عبد الملك بن مروان، وذلك عندما هدد ملك الروم الخليفة "عبد الملك بن مروان" بنقش الدراهم والدنانير وفيها شتم لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، فاستشار عبد الملك أصحاب الرأي من الفقهاء وغيرهم فلم يجد عند أي منهم حلاً، إلى أن أشاروا عليه بأخذ رأي الإمام الباقر (عليه السلام) وكان في المدينة فارسل بطلبه فوافاه الإمام إلى دمشق "عاصمة الخلافة الأموية آنذاك"، وكان عبد الملك قد قال بعد تهديد ملك الروم له بشتم النبي (صلى الله عليه وآله) على الدراهم والدنانير المنقوشة: (أحسبني أشأم مولود ولد في الإسلام، لأني جنيت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) من شتم هذا الكافر ما يبقى غابر الدهر، ولا يمكن محوه من جميع مملكة العرب، إذا كانت المعاملات تدور بين الناس بدنانير الروم ودراهمهم).

وقد أعطى الإمام الباقر(عليه السلام) الحل فقال لعبد الملك: (لا يعظم هذا عليك، فإنه ليس بشيء من جهتين- إحداهما- أن الله عز وجل لم يكن ليطلق ما تهدد به صاحب الروم في رسول الله (صلى الله عليه وآله)، و- الأخرى – وجود الحيلة فيه)، فقال عبد الملك وما هي؟ قال الإمام الباقر عليه السلام: (تدعو في هذه الساعة بصُناع، فيضربون بين يديك سككاً للدراهم والدنانير، وتجعل عليها النقش صورة التوحيد وذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أحدهما في وجه الدرهم والدينار، والآخر في الوجه الثاني، وتجعل مدار الدرهم والدينار ذكر البلد الذي يضرب فيه، والسنة التي يضرب فيها تلك الدراهم والدنانير...) والحديث له تتمة طويلة مذكورة في كتب تاريخ الإسلام.

وبهذا تمكن الإمام الباقر (عليه السلام) من رد الهجمة الرومية الشنيعة التي لو تمت لكان فيه هتك لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وللإسلام والمسلمين إلى يوم القيامة، ورد عندها عبد الملك بن مروان على رسالة ملك الروم وقال له فيها: (إن الله عز وجل مانعك مما قد أردت أن تفعله، وقد تقدمت إلى عمالي "ولائي" في أقطار البلاد بكذا وكذا وإبطال السكك والرموز الرومية).

6- الإمام الصادق (عليه السلام) ومؤسسو المذاهب الإسلامية الأخرى: هنا نجد أن الإمام الصادق قد اشتهر بين المسلمين شهرة عظيمة، وقد درس عنده الكثير من فقهاء الإسلام من كل الميول والاتجاهات الفكرية، وكانت مدرسته الفقهية والعقائدية بحق مدرسة الإسلام المحمدي الذي تعالى فوق كل الاختلافات تلك، حتى ورد أن أحدهم دخل مسجد الكوفة فكان كل من فيه يقول "حدثني جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)"، وقد جاء في كتب التاريخ أن عدد تلامذة مدرسته من كل المشارب الفكرية قد بلغ "أربعة آلاف طالب"، ومن أشهرهم "أبو حنيفة" صاحب المذهب المعروف.

هذا غيض من فيض من تاريخ الأئمة الإثني عشر، ويشير بشكل واضح إلى أنهم كانوا حماة الإسلام والمدافعين عنه في مواجهة مؤامرات المنحرفين والمشككين، ولم يوفروا أية فرصة لأي كان أن يشوه هذا الدين العظيم لكي يبقى ناصعاً نقياً قادراً على حماية المسلمين من جهة، وصالحاً لهداية غير المسلمين إلى الإسلام.

من هنا نقول إن كل المسلمين مطالبون بعد أن انفتحت آفاق المعرفة بينهم على مصراعيها أن يدرسوا تاريخ هؤلاء العظام وأن لا يحصروهم في نطاق الدائرة الشيعية فقط، لأن في ذلك تفويتاً لمنافع كثيرة على الإسلام والمسلمين، خاصة في هذا الزمن العصيب الذي تمر به الأمة في مواجهة المؤامرات التي تدبرها أمريكا وربيتها جرثومة الفساد –إسرائيل- الكيان الغاصب لفلسطين والقدس الشريف.

المصدر: موقع سبل السلام

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الجمعة 25 مايو 2018 - 12:59 بتوقيت مكة