حركـة التحرير الوطني الفلسطيني فتح

الإثنين 23 إبريل 2018 - 16:22 بتوقيت مكة
حركـة التحرير الوطني الفلسطيني فتح

فلسطين - الكوثر: تأسست الحركة في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، بعد اندماج شبكات عاملة في مخيمات اللاجئين، وتجمعات الطلبة الفلسطينيين في المهجر، والجاليات الفلسطينية النامية في دول مجلس التعاون الغنية، وهي التي كانت تؤمن بالوطنية الفلسطينية.

ويرجع أحد قادة فتح أساس فكرة إنشاء الحركة، إلى تجربة "جبهة المقاومة الشعبية"، أثناء الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة، عام 1956. ويشير سليم الزعنون، العضو المؤسس في "حركة فتح"، إلى أن تلك التجربة القصيرة، كانت مسؤولة عن وضع جنين الحركة، إذ إن نحو 12 شخصاً، من أعضاء "جبهة المقاومة الشعبية"، قد اجتمعوا، في حي الزيتون، في مدينة غزة، حيث وضعوا خطة لتنظيم جبهة في فلسطين، كانت فتح هي صورته النهائية.

كانت بدايات "حركة فتح"، في الخمسينيات، حينما أغارت الطائرات الإسرائيلية على قطاع غزة، عام 1955، فتظاهر الطلبة في جامعة القاهرة، فاستدعاهم الرئيس جمال عبد الناصر، وطلب منهم أن يشكلوا وفداً لزيارة غزة. كوِّن الوفد من ياسر عرفات، وصلاح خلف، وسليم الزعنون، الذين ذهبوا إلى غزة، حيث اجتمع ياسر عرفات (رئيس اتحاد الطلبة، في ذلك الوقت) مع خليل الوزير (الذي كان رئيس تحرير مجلة "فلسطيننا")، التي تكتب في مدرسة خالد بن الوليد، فأجرى رئيس التحرير مقابلة مع ياسر عرفات، وقدم إليه صورة عن الوضع في القطاع، وكانت هذه أول مرة، يلتقي فيها الرجلان. ومنذ تلك الفترة، بدأ التخطيط لتنظيم مسلح، إذ التقيا، مرة ثانية، في القاهرة، عام 1956، ومرة ثالثة، في الكويت، حيث راحا يفكران ويناقشان قضايا شعبهما، وتعاهدا على أن يعملا شيئاً لقضيتهما. وفي اليوم التالي، اجتمعا في منزل عادل عبد الكريم، ومعهم يوسف عميرة، ومحمد شديد، وتعاهدوا على تأسيس حركة. ولم تكن أفكار ياسر عرفات وخليل الوزير وعادل عبد الكريم، بدعاً في المنطقة، بل كان هناك جماعات كثيرة، تنادي بالعمل من أجل التوحيد، وتحرير فلسطين.

ويمكن القول، إن أهم العوامل، التي ساعدت على إنشاء "حركة فتح"، هو انفصام الوحدة المصرية ـ السورية، عام 1961، وعدم قدرة الدول العربية على منع الكيان الإسرائيلي من استغلال مياه نهر الأردن في ري صحراء النقب، وشروع كيان الاحتلال في صنع السلاح النووي. وقد أقنعت هذه العوامل مجتمعة الوطنيين الفلسطينيين، ولا سيما رجال فتح، بأن الرياح ليست في مصلحة العرب بعامة، والفلسطينيين بخاصة، وأن مواجهة الدول العربية الكيان الإسرائيلي، عسكرياً، هي ضعيفة، بل مستبعدة. ولذلك، شرعت فتح تنشئ قواعدها في الجزائر، عام 1962، وفي سورية، عام 1964، حتى استكملت جناحها العسكري، "العاصفة"، والذي كانت باكورة عملياته في الأول من يناير 1965، على أرض فلسطين المحتلة عام 1948.

كان مؤسسو "حركة فتح"، يرون أهمية وجود تنظيم قيادي فلسطيني، يجمع الشعب الفلسطيني، ويقوده في معركة تحرير الوطن، معتمداً عليه هو نفسه، سواء في عملية التمويل أو المد الفكري. وألاّ يكون ذا طابع حزبي، ولا موالياً ولا معادياً لأيِّ دولة عربية، تنظيم يكون ارتباطه بالشعب الفلسطيني متجدداً، أساسه التكافل الاجتماعي، والوحدة الوطنية، والتعامل مع الدول العربية، بقدر ما تقدمه من إيجابيات للقضية الفلسطينية، سواء في المحافل الدولية أو في محافلها الداخلية.

لقد اتسمت المرحلة الواقعة بين عامَي 1959 و1964، بتوسع "حركة فتح" العددي والتنظيمي، والتي أطلق عليها صلاح خلف مرحلة "إعداد الأطر والكوادر"، حيث نشأت مئات الخلايا، على أطراف دولة إسرائيل، في الضفة الغربية وغزة، وفي مخيمات اللاجئين في سورية ولبنان، وكذلك داخل التجمعات الفلسطينية في البلدان العربية الأخرى، وفي إفريقيا وأوربا، بل في الأمريكيتَين: الشمالية، والجنوبية.

جماهير حركة فتح في رام الله

ارتكزت "حركة فتح" على مبادئ أساسية، هي:

1. فلسطين جزء من الوطن العربي، والشعب الفلسطيني جزء من الأمة العربية، وكفاحه جزء من كفاحها.

2. الشعب الفلسطيني ذو شخصية مستقلة، وصاحب الحق في تقرير مصيره، وله السيادة المطلقة على جميع أراضيه.

3. الثورة الفلسطينية طليعة الأمة العربية، في معركة تحرير فلسطين.

4. نضال الشعب الفلسطيني جزء من النضال المشترك لشعوب العالم، في مواجهة الصهيونية والاستعمار والإمبريالية العالمية.

5. معركة تحرير فلسطين واجب قومي، تسهم فيه الأمة العربية، بكافة إمكاناتها وطاقاتها، المادية المعنوية.

6. المشاريع والاتفاقات والقرارات، التي صدرت أو تصدر عن هيئة الأمم المتحدة، أو مجموعة من الدول، أو أي دولة منفردة، في شأن قضية فلسطين، والتي تهدر حق الشعب الفلسطيني في وطنه، باطلة، ومرفوضة.

7. الصهيونية حركة عنصرية، استعمارية، عدوانية، في الفكر والأهداف والتنظيم والأسلوب.

8. الوجود الإسرائيلي في فلسطين غزو صهيوني، عدواني، قاعدته استعمارية توسعية، وهو حليف طبيعي للاستعمار والإمبريالية العالمية.

9. تحرير فلسطين والدفاع عن مقدساتها، واجب عربي، وديني، وإنساني.

10. حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) حركة وطنية ثورية مستقلة. وهي تمثل الطليعة الثورية للشعب الفلسطيني.

11. الجماهير الثائرة، والتي تضطلع بالتحرير، هي صاحبة الأرض، ومالكة فلسطين.

كان إعلان الدول العربية إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية، في 28 مايو1964، حافزاً لمؤسسي "حركة فتح" إلى الانتقال إلى مرحلة العمليات العسكرية، إذ لم تقاطع الحركة المؤتمر الفلسطيني الأول، الذي انبثقت منه منظمة التحرير الفلسطينية، على الرغم من وقوع المؤتمر تحت الوصاية العربية. ويقول صلاح خلف عن سبب حضور "حركة فتح" المؤتمر الفلسطيني الأول: "إن الموقف كان يحتم عدم الانقطاع عن الحياة السياسية الفلسطينية، وضرورة التسرب إلى داخل منظمة غنية، وقوية، للإفادة من الوسائل، التي تتمتع بها"، وعن موقف الشقيري من "حركة فتح"، قال خلف: "عرضنا عليه إقامة علاقات سرية بيننا. لكن الشقيري، بدلاً من أن يساعدنا، كما وعد، فإنه

راح، بعد ذلك، يحاربنا بأقصى ما لديه من طاقة".  كذلك يقول صلاح خلف : "رغم كل تحفظاتنا، التي كانت وما زالت من منظمة التحرير، قبلنا أن نكون جزءاً منها؛ من أجل الوحدة الوطنية".

ظلت "حركة فتح" سرية، حتى عُقد مؤتمرها العام الموسع، في دمشق، في أكتوبر 1964، وحضره قياديوها في البلدان المعادية للاحتلال، وخاصة قطاع غزة، والضفة الغربية، واتفقوا على 31 ديسمبر 1964، موعداً لأولى عملياتهم العسكرية، ضد الكيان الإسرائيلي، والتي اضطلعت بها "العاصفة"، الجناح العسكري لـ"حركة فتح". وأعلنت العملية في البلاغ العسكري، الرقم واحد، في الفاتح من يناير1965، وكذلك أعلنت بيانها السياسي الأول، الذي أذاعته القيادة العامة لقوات "العاصفة".

حينما أُعلن أول بلاغ عسكري، استثار ردود فعل، فلسطينية وعربية. أمّا ردود الفعل الفلسطينية، فتتمثل في منظمة التحرير الفلسطينية، ويوضحها سليم الزعنون بقوله: "نسجل للشقيري موقفاً مشرفاً، حيث إنه عندما انطلقت حركة فتح، العاصفة، في الأول من يناير 1965، كان هناك في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، من أراد أن يصدر بياناً ضد الانطلاقة، باعتبارها توريطاً لعمل منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن الشقيري منع صدور بيان كهذا، والتزم الصمت".

أمّا ردود الفعل العربية، فقد اتهم بعض الدول العربية "العاصفة"، بأنها تعمل في مصلحة وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، والبعض اتهم رجالها بأنهم عملاء للشيوعية الدولية، والبعض الآخر سلط عليهم القمع، لا، بل وإن "حركة القوميين العرب"، التي كتبت مقالات عديدة، في مجلة "الهدف"، نددت فيها بمبدأ الكفاح المسلح، الذي رفعته فتح شعاراً إستراتيجياً لعملها الثوري، ولكن، في عام 1966، شعرت تلك الحركة أن معظم أعضائها، قد انضموا إلى قوات "العاصفة"، فبادرت إلى تكوين فريق فلسطيني، يمارس الكفاح المسلح، مثل "حركة فتح"، أطلق عليه تنظيم " أبطال العودة"، الذي أصبح، فيما بعد، "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين".

التنازل عن المقاومة بعد أوسلو

بعد أن حزمت حركة فتح أمرها وقررت السير في خط المفاوضات، أدخلت تعديلات على ميثاقها الوطني فحذفت البنود المتعلقة بإزالة الكيان الإسرائيلي من الوجود وما يتعارض مع اتفاق أوسلو وجاء هذا التوجه واضحا في الخطاب الذي أرسله ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية السابق إلى إسحق رابين قبل توقيع اتفاق أوسلو تعترف فيه المنظمة بالكيان الإسرائيلي وحقه في العيش في أمن وسلام، ويؤكد فيه التزام المنظمة بالعمل السلمي لحل الصراع بين الجانبين ونبذ الإرهاب، وإلزام جميع عناصر المنظمة بذلك حيث قال في خطابه: "وفي ضوء إيذان عصر جديد والتوقيع على إعلان المبادئ وتأسيسا على القبول الفلسطيني بقراري مجلس الأمن 242 و338، فإن منظمة التحرير تؤكد أن بنود الميثاق الوطني الفلسطيني التي تنكر حق "إسرائيل" في الوجود وبنود الميثاق التي تتناقض مع الالتزامات الواردة في هذا الخطاب، أصبحت الآن غير ذات موضوع ولم تعد سارية المفعول، وبالتالي فإن منظمة التحرير تتعهد بأن تقدم إلى المجلس الوطني الفلسطيني موافقة رسمية بالتغييرات الضرورية فيما يتعلق بالميثاق الفلسطيني".

المصدر: وكالة وفا - مصادر فلسطينية

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الإثنين 23 إبريل 2018 - 16:18 بتوقيت مكة