نبيل فارس
نعم .. بالأمس كنا نخشى التكفير من (السلفيين السنة) وها نحن اليوم وببركات مخابرات الثالوث الأمريكي -البريطاني -الإسرائيلي نشهد ولادة ونمو تيار (سلفي شيعي) تكفيري تجهيلي همجي جديد ، ولكن هذه المرة من داخل البيت الشيعي! أبطال هذا التيار (السلفي الشيعي) معدودون، ولكن صوتهم عالٍ ومؤثر بسبب سكوت وتساهل العقلاء وبعض العلماء عن إنحرافات هذه الثلة التكفيرية السلفية "الشيعية"...
ولذلك فإنهم إستغلوا هذا الجو من التساهل والمجاملة وحسن الظن والسكوت فبدأوا يتكاثرون ويؤثرون على المشهد الشيعي إلى درجة أن منهم خارج المذهب يتصورون لأول وهلة أنهم يمثلون فعلاً التشيع وأنهم الناطقين والممثلين عنه .
معالم التيار الشيعي السلفي ؟؟!
معالم هذا التيار لا تختلف كثيراً عن (التيار السني السلفي). فكلاهما وجهان لعملة واحدة، أما أبرز معالم هذا التيار ورموزه فيمكن تشخيصها من خلال الأمور التالية :
1- العداء الشديد ، بل المركز والعميق تجاه نظام الجمهورية الإسلامية في إيران وقادتها المخلصين لمبادئها وعلى رأسهم سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني الخامنئي “دام ظله الوارف”
ولذا فإنهم قد يتفقون معك في كل شيئ سوى سياسة ونظام الجمهورية الإسلامية ومواقف قائدها السيد الخامنئي ، بل يسعون بأقصى جهودهم للنيل من سمعة وسيرة ومكانة السيد الخامنئي الراسخة في قلوب المؤمنين والأحرار في العالم .
2-العداء الشديد لنظرية (ولاية الفقيه) والسعي من أجل تشويه حقيقتها والعمل حثيثاً من أجل تنفير المجتمع منها والإيحاء بأنها نظرية حكم سلبية فاشلة .
3- العداء للمراجع والعلماء المجاهدين والحركيين وذوي المواقف السياسية والطعن بأخلاقهم ومواقفهم المذهبية وإظهارهم بمظهر المفرط بعقيدته ومذهبه والمزايدة على إيمانهم .
4- البعد عن أي موقف سياسي وخصوصاً في المواقف الحساسة ، كما رأينا في سكوتهم المعلن وتآمرهم المبطن ضد جبهة المقاومة والممانعة وإستهداف المقدسات الإسلامية وخصوصاً الشيعية في سوريا وتخذيل الناس عن إتخاذ أي موقف من هذه الأحداث المصيرية الحساسة في تأريخ الأمة الإسلامية عموماً والمذهب الشيعي خصوصاً.
5- الترويج والتمسك بالعقائد والممارسات الخرافية والتجهيلية التي لا تملك جذوراً تأريخية أو عقلية بأي شكل من الأشكال والحديث عنها على أنها قضايا مصيرية ينتهي الدين من دونها مثل قضية التطبير والمشي على الجمر وما شابه .
6-ترسيخ وترويج مصطلحات تكفيرية داخل البيت الشيعي مثل (بكري) ، (عمري) ، (بتري) .. إلخ من العبارات والمصطلحات المعلبة الجاهزة التي يرمون بها كل مخالف ومعارض لأفكارهم التكفيرية الهدامة .
7-السعي دؤوب بكُلّ قوّة للتركيز على الخصوصيّات المذهبية ، مقابل تقليص الإضاءة على العناصر المشتركة بين المذاهب ، وهذا ما يجرّ في شكل تلقائي إلى محاولة الحفر في التراث لإلتقاط كلّ عنصر مختلف ، بوصفه معلماً من معالم التشيّع .
8-توجيه سهام التسقيط والهجوم إلى داخل المذهب وإعتبار مشروع التقريب بين المذاهب تضحيةً بالمذهب لمصالح سياسية بحتة .
9-العمل على إخراج المذهب الشيعي من مرحلة التقية والمعارضة إلى مرحلة الإعلان والمواجهة الصريحة والشفافة بما يقضي على أي مساحة هدوء فكري وعقائدي يلتقي خلاله أبناء المذاهب المختلفة
10-رفض أن يمثل التشيّع أيّ تيار فكري آخر داخل المذهب الشيعي، والتشكيك في طهارة مولد الكثير من التيارات الفكرية الشيعيّة المعاصرة الأخرى التي لا تذهب هذا المذهب .
11-المبالغة في إبراز الجوانب الشعائريّة للمذهب الشيعي وتحويلها من طقوس وشعائر ظاهريّة إلى جوهر أصيل للمذهب الشيعي، تماماً كتحويل التأريخ إلى معتقدات ، وهو تحويل بالغ الخطورة .
أهداف بعيدة المدى ..
القادة الحقيقيون للتيار السلفي الشيعي هم أجهزة المخابرات العالمية وتحديداً مخابرات بريطانيا وأمريكا وإسرائيل ، وهم من يحرك ويوجه ويمول هذا التيار بشكل غير مباشر على أمل تحقيق أهداف بعيدة المدى .
ولعل حرب تموز 2006 على حزب الله في لبنان والهزيمة النكراء للكيان الصهيوني ووصوله إلى نتيجة مؤكدة وهي أن التغلب عسكرياً على محور المقاومة لا يمكن أن يتحقق إطلاقاً ، لأن هذا المحور بلغ من القوة والعزة والمناعة ما جعله عصياً على أي عدوان عسكري فلم تتأثر ترسانة حزب الله العسكرية وبقي الحزب بل زاد قوة وشعبية بعد الإنتصار ونشأت وتنامت أحزاب وحركات مقاومة أخرى في المنطقة مشابهة لحزب الله كما في العراق واليمن .حينها بدأ التفكير جدياً منذ ذلك الحين بضرورة إعادة تفعيل الورقة المذهبية وإثارة السعار الطائفي وبأقصى ما يمكن ، بهدف خلق حالة عداء طائفي شديد في المشرق العربي وهي المنطقة التي تتواجد فيها دول وحركات محور المقاومة (إيران + العراق + سوريا + لبنان) فبدأوا بفتح فضائيات طائفية سلفية (سنية) تكفيرية تكفر الشيعة علناً مثل (وصال) و(صفا) وغيرها ، وبالمقابل فتحت قنوات (شيعية) تكفر السنة مثل (فدك) و(صوت العترة) و(أهل البيت) وغيرها ..
حينها إزداد السعار الطائفي والأحقاد في العالم الإسلامي بمنسوب عالٍ جداً ، مهّد الأمور لإستغلال أحداث ما يسمى بالربيع العربي الذي تبين زيفه لاحقاً فأصبحت الأرضية مواتية ومناسبة للبدأ بالضربات القاضية لمحور المقاومة والممانعة وذلك من خلال إستهداف أخطر جزء في هذا المحور وهو (سوريا)
فكان التحشيد ضد النظام السوري كله يستند إلى دعوات ونعرات طائفية تكفيرية يقودها القرضاوي والعرعور والشافي والعريفي و يستندون في دعواتهم ضد النظام على تصريحات ومواقف رموز (التيار السلفي الشيعي)ويخوفون بها أبناء السنة من (المد الشيعي !) والإيراني الصفوي مستفيدين مما تعرضه القنوات السلفية الشيعية من مواقف وتصريحات مسيئة ومستفزة وتكفيرية ضد رموزهم ولا سيما عائشة بنت أبي بكر والخلفاء الثلاثة وهو ما وفر التبرير الكافي للطرف المقابل لقول وفعل ما يشاء علناً، فتمكنت هذه الجهات من تسويق آلاف المقاتلين العرب والأجانب للمشاركة في(الجهاد !) والقتال في سوريا ضد نظام بشار الأسد الذي يصفونه بالنظام الصفوي العميل إلى إيران وحزب الله وهو ما كان يلهب حماس أتباع التيارات التكفيرية والمتطرفة في الوسط السني .
ولذا فإن هذا التيار بشقيه السني والشيعي قدم خدمة هائلة للثالوث المشؤوم (بريطانيا وأمريكا وإسرائيل) حين شغل المسلمين بمعارك وفتن داخلية طاحنة سهلت لهم إستنزاف الكثير من طاقات الأمة الإسلامية عموماً ومحور المقاومة والممانعة خصوصاً وهو ما عجزت عنه أحدث وأقوى الآلات العسكرية لجيوشهم .
المصدر: واحة الحرية