الوحدة الوطنية قناع لتكوين عبدة الطاغوت (10)

الثلاثاء 7 نوفمبر 2017 - 13:33 بتوقيت مكة
الوحدة الوطنية قناع لتكوين عبدة الطاغوت (10)

مفاهيم قرآنية - الكوثر

  بقلم آية الله المجاهد الشيخ نمر باقر النمر

«الثاني عشر» الأصالة والسِّيادة للقيم الرسالية أولاً وبالذات:

ولكي يكون هناك تأصيل أصيل للرؤية إلى الوطنية والوحدة الوطنية والولاء الوطني لا بُدَّ في البدء أن نعلم أن الأصالة والسيادة والمحورية والحاكمية في الوجود بين المخلوقات أولاً وبالذات للقيم الرسالية التي استُوحِيت واستُنبِطت من الوحي الإلهي الذي جُمِع بين دفتي القرآن الذي له الأصالة والسيادة الذاتية؛ فالأصالة والسيادة والمحورية والحاكمية لهذه القيم الرسالية أولاً وبالذات.

أولاً: لأن القيم الرسالية هي وحي السماء الذي أنزله الله الخالق والرب للكون والإنسان وكل شيء، والله هو وحده دون سواه الخبير العليم بما يحتاج إليه الكون والإنسان وبما يصلحهما، وما يحقق تطلعات الإنسان وأهدافه.

ثانياً: لأن القيم الرسالية هي الثوابت التي تحيط بكل الموضوعات، وتحكم كل المتغيرات.

ثالثاً: لأن القيم الرسالية شاملة لكل مجالات وأبعاد الحياة الزمانية والمكانية والموضوعية والشخصية. ولذلك تكون القيم الرسالية وحدها دون سواها هي القادرة على استيعاب جميع الأوطان في كل الأزمان، واستيعاب جميع الفئات والشرائح الاجتماعية، واستيعاب جميع التحولات والتغيرات الكونية والإنسانية؛ لأنها حاكمة وسامية على الكون والإنسان وعلى الطبيعة والجغرافيا والتاريخ.

رابعاً: لأن القيم الرسالية جامعة لكل ما يُصلِح الكون والإنسان. وبها دون سواها يمكن معالجة كل المشاكل والأزمات وإصلاح كل أنواع وأشكال الفساد.

خامساً: لأن القيم الرسالية تستجيب لكل ما يحتاجه التكوين بجميع وجوداته، وتلبي كل ما يتطلع إليه الإنسان بمختلف مشاربه.

«الثالث عشر» أهم القيم المعرفية:

والتوحيد الإلهي هو القيمة العليا والجامعة والشاملة والأصل لكل القيم الرسالية. يقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} والتوحيد الإلهي هو أصل ومنبع كل القيم الرسالية التي لا يمكن أن تكون لها أصالة وسيادة ذاتية لو لم تصدر من قيمة التوحيد الإلهي.

ومن التوحيد الإلهي تتشعب كل القيم الرسالية، وأهمها القيم المعرفية التي تتبوأ رأس الهرم للقيم الرسالية، وبقيم المعرفة المستوحاة من قيمة التوحيد يسمو الإنسان ويتبوأ أعلى درجات الكرامة، ويُفضَّل على المخلوقات؛ ومن أهم القيم المعرفية القيم التالية:

أولاً: الرحمة الإلهية وهي أعظم تجليات التوحيد الإلهي، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} ويقول الله سبحانه وتعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}.

فالرحمة الإلهية هي الهدف الأسمى والأعظم من خلق الله للإنسان؛ لأن الله ما خلق العباد إلا ليرحمهم، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}

والرحمة الإلهية وسعت كل شيء في الوجود في الدنيا والآخرة، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}

الرحمة الإلهية هي المعرفة السامية العظمى، ولب الرسالة وبصيرتها التي يحتاج العباد إلى معرفتها لكي تستقيم حياتهم، يقول الله سبحانه وتعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}.

والرحمة الإلهية هي القيمة والنعمة الكبرى التي أوجبها الله على نفسه لعباده؛ لكي تُطهِّر قلوبهم، وتزكِّي نفوسهم، وتُجلِي عقولهم، وتوسِّع صدورهم، وتمحو كل الذنوب والمعاصي، وتزيل كل المساوئ والمخازي؛ وما باب التوبة إلا تجلٍّ من تجليات الرحمة الإلهية، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ عَمِلُواْ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}.

والرحمة الإلهية هي التي تقتلع الإحباط واليأس والقنوط، وتجتث كل المخازي والمعاصي والذنوب، يقول الله سبحانه وتعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}.

إن الرحمة الإلهية قيمة فوق تصور البشر، وإدراك الناس، وتطلعات الإنسان؛ لأنها تُبَدِّل وتجعل جميع سيئات التائبين حسنات، وهذا مما لا يتصوره ولا يدركه ولا يتطلع إليه الناس؛ يقول الله سبحانه وتعالى: {إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}.

والرحمة الإلهية هي الحصن الذي يقي الإنسانَ من النفس الأمارة بالسوء، ويقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.

والرحمة الإلهية هي الهدف من كل التشريعات السماوية، يقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}.

والرحمة الإلهية هي النور الذي يمدُّ قلب الإنسان بالحياة، يقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.

والرحمة الإلهية هي الهدف الأسمى والأعظم لكل العقلاء والمؤمنين، يقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.

والرحمة الإلهية هي التي تحفظ الوجود؛ وبها سخَّر الله ما في الكون للإنسان؛ وبها يُرزق العباد، يقول الله سبحانه وتعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ}.

وما العدالة الإلهية والمعاد إلا غيض من فيض رحمة الله؛ وسوف يزداد تجلي الرحمة الإلهية في العدالة الإلهية والمعاد؛ في يوم الجزاء حيث تُزال الحجب، وينكشف الغطاء.

ثانياً: العدالة الإلهية التي أحاطت بكل شيء؛ وكل الوجود قائم بها؛ وما من شيء في الوجود إلا وهو موجود وقائم بالعدل الإلهي. يقول الله سبحانه وتعالى: {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.

إن الكون وما فيه من أنواع وأشكال الوجود، والتشريع وما فيه من إجمال وتفصيل للثوابت والمتغيرات، هما كلمة الله التي كَمُلتْ وتَمَّتْ على أساس الصدق والعدل، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم}.

وأما الظلم والبغي والجور والعدوان والطغيان، وجميع أنواع وأشكال الغي والفساد والانحطاط الذي نشاهده في الحياة، ما هو إلا نتاج أعمال وأفكار وتصورات وأوهام البشر الذي حكَّم الهوى، واتبع الشهوات، وغيَّب العقل، وحَجَب نورَ السماوات، يقول الله سبحانه وتعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ}.

وصيغة المبالغة في قوله سبحانه وتعالى: {بِظَلاَّمٍ} لتأكيد نفي أدنى درجات الظلم من حيث الكم والنوع؛ لأن الظلم لا يصدر إلا من الضعيف؛ ولذلك لو صدر ظلماً، ولو كان صغيراً وقليلاً وحقيراً، من الإنسان الفاضل الكريم الكبير والمتمكن القوي القدير ولكان كثيراً وعدَّ ظلماً كبيراً وعظيماً، والله عزيز قدير حكيم لا يحتاج إلى الظلم.

ثالثاً: المعاد وهو التجلي للعدالة الإلهية، ليُجَازَى ويُثاب المحسنون على إيمانهم، وعملهم الصالح، بأحسن ما كانوا يعملون، بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ويُجَازَى ويعاقب المسيئون على ما عملوه واكتسبوه من الإثم والعدوان ظلماً وفساداً، بالعذاب الأليم، يقول الله سبحانه وتعالى: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.

رابعاً: النبوة وهي من أجلى التجليات للعدالة الإلهية في الحياة الدنيا، ولإكمال وإتمام الحجة على العباد بالإنذار بعذاب الدنيا ويوم المعاد، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلاَ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {وَلَوْلاَ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلاَ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}.

ويجب الإيمان بكل الرسل والأنبياء جميعاً، يقول الله سبحانه وتعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}.

نعم هناك تفاضل بين الرسل وهذا التفاضل لا يتنافى والإيمان بهم جميعاً، يقول الله سبحانه وتعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ}.

خامساً: الإمامة وهي الامتداد الطبيعي للنبوة والرسالة، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلآ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}.

والإمامة هي إرادة منَّة إلهية، وجعل إلهي وليست اختيار بشري، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}.

وهذا الجعل الإلهي سبقه أو اقترِن به وبعده اختبار صعب وبلاء شديد يتجاوز فيه المجعول للإمامة الشح والبخل والظلم، ويتصف بالتضحية والعدالة والقسط؛ يقول الله سبحانه وتعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}.

وما استحقوا الإمامة إلا بعد ما فعلوا الخيرات، وأقاموا الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولم يرضوا لأنفسهم العبودية للمال والثروة، وأنفقوها في سبيل الله ومستحقاتها، وكانوا عباداً لله وحده، وصبروا على مختلف أنواع وأشكال الأذى، واستقاموا في تبليغ الرسالة الإلهية، وبَلَغوا الدرجة العالية من المعرفة واليقين. يقول الله سبحانه وتعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}.

ولذلك كانوا أهل التقوى، وأهل الكتاب، وأصحاب الأمر، أي أمر الشرع المقدس، والدين الإسلامي، ووجبت طاعتهم، وقرِِنت طاعتهم بطاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وطاعة الله سبحانه وتعالى؛ لأن طاعتهم طاعة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم؛ وطاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم طاعة لله سبحانه وتعالى. يقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}.

والأئمة بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هم أولي الأمر، وهم الراسخون في العلم، وعندهم علم الكتاب، ولن يفترقوا عنه، ولن يفترق الكتاب عنهم؛ فهم وحدهم مَنْ يتمكن من استنطاق القرآن لاستنباط واستخراج الرؤية الثاقبة والموقف الرشيد لكل شؤون الحياة ومتغيراتها صغيرها وكبيرها؛ يقول الله سبحانه وتعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً}.

سادساً: الكفر بالطاغوت لأن الطاغوت هو مستنقع الغي المعرفي ومصدره، يقول الله سبحانه وتعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.

والطاغوت هو وحل الضلال الفكري ومنشؤه، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}.

ويتجسد الكفر بالطاغوت في اجتنابه وعدم التحاكم إليه، يقول الله سبحانه وتعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا}.

سابعاً: الإيمان الذي يرتقي به الإنسان إلى التقوى، والتقوى التي يرتقي بها الإنسان إلى نبع اليقين، يقول الله سبحانه وتعالى: {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لاَّ يَسْتَوُونَ}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.

ثامناً: العلم الذي غُرِستْ بذرتُه في قلبٍ حُرِث بالتقوى؛ فتتهاوى حجب الهوى، وأستار الشهوات، وتُعرف حقيقة الحياة، وتُكتشف أسرار الكون، وتُخرج كنوز الأرض، إنه العلم الذي يرفع اللهُ به الإنسان العالم درجات من الفضل الكبير، والمقام المحمود، فيكون معراجاً للحكمة المتعالية، يقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}.

والحكمة المتعالية التي تحمي العلم من التبعية للشر وتستثمره للخير، وترتقي بالإنسان المتقي إلى المعرفة الإلهية، فتكون باباً مُشرَّعاً للمعرفة الإلهية، يقول الله سبحانه وتعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ}.

والمعرفة الإلهية التي يشع منها نور الله فيرى الإنسان المؤمن العارفُ الرحمة والعظمة الإلهية في نفسه والآفاق، وتنكشف له حقائق الدنيا، وحقائق الناس، فيتصاغر كل الوجود في عينيه، فيُحبُ اللهَ ويشتاق إلى ملاقاته فيَوْلَه هائماً في بساتين المعرفة بالله، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَلَوْ نَشَاء لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ}.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}.

يتبع.....

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الثلاثاء 7 نوفمبر 2017 - 11:25 بتوقيت مكة