خاص الكوثر - ثامن الحجج
قال الشيخ السكيني: الحديث الذي نُقل عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام يقول: "اتقوا الله وكونوا زينا ولا تكونوا شينا". هذه الرواية، التي وردت أيضاً عن أئمة آخرين كالإمام الهادي، الإمام الصادق، والإمام الكاظم عليهم السلام، تأتي بصيغة تربوية تهدف إلى تعليم الأخلاق والسلوك الصحيح لأتباع أهل البيت عليهم السلام.
واكمل اهل البيت عليهم السلام لا يريدون المظاهر، بل يسعون لتقويم سلوك أتباعهم. فكلما كان الإنسان مُتمسّكاً بالإيمان والتقوى في أفعاله، انعكس ذلك على سلوكه الظاهر، الإمام في بداية الحديث يؤكد: اتقوا الله، والتقوى هنا تشمل ثلاثة أبعاد: التقوى الخوفية، والتقوى الشوقية، والتقوى الذاتية.
اقرأ ايضاً
واضاف : وفي حديث للإمام الصادق عليه السلام، عندما سُئل عن معنى التقوى، قال باختصار: "أن لا يجدك حيث نهاك الله ولا يفتقدك حيث أمرك"، أي أن يكون الإنسان ملتزماً بتعليمات الله في كل أفعاله وفي خفاءه وعلانيته، ثم يقول الإمام: "كونوا زينا لنا"، أي اجعلوا سلوككم وخلقكم محاكاة لأهل البيت، لأن كل من يعلن محبته لأهل البيت يُحسب عليهم. لكن المحبة ليست مجرد شعور عاطفي؛ الحب العاطفي وحده لا يكفي، ولا ينفع إلا الحب العقائدي: أي الاعتقاد بأهل البيت ونهجهم والسير على خطاهم.
وتابع : المحب الحقيقي لأهل البيت هو من يحذو حذوهم في السلوك والأخلاق، فالإمام عليه السلام يؤكد أن الإنسان يُحاسب بحسب أعماله وأفعاله، وليس شعوره أو كلماته فقط. فحتى لو أحب شخص ما أهل البيت عاطفياً، فإن هذا الحب لا ينفعه إذا لم ينعكس على سلوكه وأفعاله.
وختم الشيخ ربيع السكيني : وفي الحديث عن الإمام الرضا عليه السلام، يتضح أن من أراد أن يكون من أهل الخير يجب أن يحقق الإصلاح الداخلي أولاً، ثم يظهر أثر ذلك على تصرفاته ومظهره الخارجي. فالقول: "كونوا زينا لنا ولا تكونوا شينا" هو دعوة لتجسيد أهل البيت في الباطن والظاهر معاً، ليكون الشيعي محققاً للسلوك الحق.