أولي القبلتين- يوم القدس- الحلقة 1

إن القدس رمز للقداسة الإلهية والإسلامية، فعلى الأمة جمعاً حق للقدس. لا يشعر الفلسطيني بأنه وحيداً في جهاده ومقاومته في وجه الاحتلال فيرى الإنسان الفلسطيني مصلحته في وحدة المسلمين، فالقدس توحد المسلمين وتجمعهم وإن يوم القدس يعزز عزيمة المقاوم في وجه الكيان الصهيوني وعلى المسلمين أن يعملوا على اجتثاث الغدة السرطانية الصهيونية من جسد الأمة الإسلامية.

إنطلقت فكرة يوم القدس العالمي عند الإمام الخميني من رؤيا تشمل العالم الإسلامي في الوقت الذي كان يتحدث البعض أن قضية القدس قضية فلسطينية والبعض الآخر كان يتحدث عن القدس بأنها قضية عربية فجاء الإمام وقال أنها قضية إسلامية وليست مختصة لا بالفلسطينيين ولا بالعرب وهي قضية إسلامية.

إن يوم القدس أعطى وزناً إضافياً وبعداً إنسانياً للقضية الفلسطينية وبعداً دولياً أيضاً. فإن إيران في عهد الشاه كانت معروفة بأنها لا تمت بصلة بالقضية الفلسطينية، بل كانت على علاقات دبلوماسية مع الكيان الصهيوني. ثم أصبحت الجمهورية الإسلامية في إيران تشكل نمطاً من العلاقات الواسعة فأصبح العالم الإسلامي حاضراً في المعادلة الدولية.

إن الأثر الكبير الذي تركه الإمام الخميني تعدى الحدود الإيرانية، فقد أثر على العالم الإسلامي بأكمله. حتى في إختياره المناسبات والأيام. فآخر جمعة في شهر رمضان العظيم حدده ليكون يوماً لتذكير المسلمين وكل صاحب ضمير حي بهذه القضية وأنها تطالب بنصرتها إنها قضية القدس وعودة المقدسات إلى أصحابها الحقيقيين.

إن الاستمرار في إحياء يوم القدس من قبل المسلمين في أنحاء العالم ساهم في إنجاح هذا اليوم. وعلى رغم كل المحاولات لافشال هذا المشروع فهو يوم يجب أن يتم إحياؤه ويتم تقديم كل ما يعمل خلال العام الماضي تجاه القضية الفلسطينية فيكون يوما لعرض أعمال الدول المسلمة من أجل تحرير القدس.

وضع يوم القدس حتى لاينسى أحد في الأمة الإسلامية قضية القدس، ولتبقى محفورة في ذاكرة آحاد المسلمين. وهو اليوم الذي تتضامن فيه دول وشعوب العالم العربي والإسلامي بل وكل المستضعفين مع الشعب الفلسطيني في جهاده في أرضه وفي مقدساته، فصرخ الإمام الخميني في وجه الطغيان الأمريكي الإسرائيلي والطغيان العالمي من أجل فلسطين.

إن قضية القدس ليست قضية الشعب الفلسطيني وحده، وهذا ما أراد الإمام الخميني التأكيد عليه. فإن قضية القدس هي قضية الأمة وعلى الأمة جميعاً أن تسعى لإنقاذ القدس من التهويد ومن الاحتلال الصهيوني، خاصة أن هناك خططاً لأجل تهويد القدس وإخراج أهلها منها إلى خارجها واستقدام مستوطنين إليها من أجل تحولها إلى مدينة يهودية.

إن التاريخ الفلسطيني سيسجل هذه الوقفة من الإمام الخميني والذي منذ بداية انتصار الثورة الإسلامية. فقد كان أول حدث إزالة السفارة الإسرائيلية ووضع السفارة الفلسطينية مكانها، ولم يبادر أحد بوضع يوم القدس من قبل، فوجود هذه المدينة في ذهنية الإمام كان مترسخاً بمكانتها الدينية وقدسيتها.

يتحرك العالم الإسلامي في هذا اليوم تضامناً مع القدس وأهل القدس وتقديم الدعم للقضية الفلسطينية. هذا يعطي دفعاً للشعب الفلسطيني ويعطي قوة، إنه كلمة أطلقت وسمي فيها يوم القدس وأصبحت واقعاً موجوداً في هذا التاريخ، وفي هذا اليوم أي الجمعة الأخيرة في شهر رمضان المبارك، هناك إعادة استنهاض القضية الفلسطينية في تجمع عربي إسلامي لدعم القضية الفلسطينية.

كان انعكاس يوم القدس على الشعب الفلسطيني إيجابياً لا بل على الدول العربية والإسلامية أيضاً. فإصرار الثورة الإسلامية على أهم نقطة ارتكاز للسفارات الأمريكية في المنطقة وللقضاء على نظام كان يقيم حلفاً قوياً مع الكيان الصهيوني ويأتي مكانه نظاماً ثورياً يتبنى مشروع الأمة وهو مشروع تحرير فلسطين وبالتأكيد حظى بترحيب عربي وإسلامي.

إن اختيار آخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك، يوما للقدس لقد أعاد رمزية القدس من جديد ومعناها الإيماني البعيد وارتباطها بالرسالة النبوية للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو فعل رائع ساهم في إدراك أهمية القدس في الوجدان الإنساني والإسلامي. إنه ابتكار موفق جعل قضية فلسطين حية متوجهة ولايمكن التخلي عنها.