خاص الكوثر - انوار الاباء
قال السيد عادل الحكيم : نستذكر في هذه اللحظات صبر العقيلة زينب (عليها السلام)، قد يتوهم البعض أن ما بقي من أهل البيت (عليهم السلام) بعد واقعة عاشوراء قد نجا من المذبحة، ولكن هذا غير صحيح. ما عاشه أهل البيت بعد كربلاء كان استمراراً للشهادة، فهم كانوا يعيشون كربلاء في كل يوم، في طعامهم وشرابهم ونومهم، وكانوا يستشهدون معنوياً في كل لحظة، الشهادة المادية سريعة قليلة الألم، يعقبها استقبال الملائكة والأنبياء، وينتهي معها الامتحان، أما من بقي بعد المأساة، فقد عاش سنوات طويلة وهو يحمل جراح كربلاء ومعاناتها في قلبه وروحه، وهذا أعظم ألماً وأشد ابتلاءً من الشهادة نفسها.
وتابع السيد الحكيم: أما العقيلة زينب (عليها السلام)، فهي المثال الأبرز على هذه المعاناة، كونها امرأة كاملة الأنوثة والإنسانية، تحمل الرقة والصفاء والحنان، فإن الألم يكون مضاعفاً كيف إذا فقدت هذه المرأة إخوتها وأبناءها وأحبتها، ومن بينهم ريحانة رسول الله، وقمر العشيرة أبي الفضل العباس، وعلي الأكبر الشبيه برسول الله (صلى الله عليه وآله)؟! كانت الفاجعة أعمق وأكبر من أن تُتصوّر.
واكمل ضيف البرنامج: ورغم كل هذا الألم، كان عليها أن تكمل المسيرة، تحبس دموعها، تضغط على جراحها، تدوس على آلامها، وتواجه الأعداء دون أن تظهر لهم ضعفاً أو تمنحهم فرصة الشماتة. وهكذا بقيت زينب (عليها السلام) شاهدة على كربلاء، حاملةً الرسالة، لتخلد صبرها وجهادها في ذاكرة التاريخ.