نشرت "فرانس برس" تقريرا اليوم ( 2 تشرين الثاني 2017)، يتحدث عن "وعد بلفور"، حيث أوضحت انه في الثاني من شهر تشرين الثاني عام 1917، وقع وزير خارجية المملكة المتحدة آنذاك، آرثر بلفور وعدا ينص على "أن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية".
وأضاف التقرير ان "لندن كانت تسعى مع دخول الحرب العالمية الأولى سنتها الأخيرة، الى تعزيز مواقعها والحصول على دعم الحركة الصهيونية النامية وسط السكان اليهود في الدول الأوروبية والأميركية"، حيث نظم الصحفي والكاتب تيودور هرتزل، في بال بسويسرا أول مؤتمر صهيوني شارك فيه نحو 200 مندوب قدموا من شرق أوروبا خصوصاً من روسيا.
وأعلن المجتمعون في مؤتمرهم أن "الصهيونية تطمح الى تأسيس موطن للشعب اليهودي في فلسطين يضمنه القانون العام"، كما اكدوا انه يريدون تشجيع "استيطان مزارعين وعمال وحرفيين يهود في فلسطين وتعزيز الشعور القومي اليهودي، والحصول على الموافقة الضرورية لإنجاز تطلعات الصهيونية، من مختلف الحكومات".
وأشار تقرير "فرانس برس" إلى ان المشاعر المعادية لليهود في أوروبا والعمليات ضدهم في روسيا، سرعت في انتقال العديد من هؤلاء الى فلسطين، حيث بلغ عدد اليهود في فلسطين 47 ألفاً في 1895 مقابل 24 ألفاً في 1882، فيما تأسست في الجانب الفلسطيني، وبعد احتجاجات من أعيان القدس، أولى المنظمات السياسية في 1911 في حيفا ويافا لمقاومة الصهيونية.
وبالعودة إلى مصالح بريطانيا في المنطقة فقد بحثت المملكة المتحدة والجمهورية الفرنسية عام 1915، تقاسم المناطق العربية التابعة للإمبراطورية العثمانية التي خسرت الحرب، لكن بموازاة ذلك، كان مبعوثون بريطانيون يتفاوضون مع الشريف حسن أمير الحجاز، ملوحين له باستقلال عربي.
وفي العام 1916، اتفق كل من الفرنسي فرنسوا جورج-بيكو والبريطاني مارك سايكس على وضع فلسطين تحت إدارة دولية في إطار تقسيم المقاطعات العربية التابعة للعثمانيين بين فرنسا وبريطانيا، لكن المملكة المتحدة لم تكن راضية عن فكرة التدويل، ولو أنها حصلت بمقتضاها على الإدارة المباشرة لميناءي حيفا وعكا. وسعت بريطانيا الى الاستفادة من الطموحات الصهيونية، معتبرة أن الاعتراف بـ"وطن قومي يهودي" يخدم ضمان مصالحها في الشرق الأوسط، حينها بدأت الحركة الصهيونية مفاوضاتها مع الحكومة البريطانية، وساعدها فيها تعيين آرثر بلفور المناصر لليهود بنهاية 1916 وزيراً للخارجية.
وقام بلفور في الثاني من تشرين الثاني 1917، بتوجيه رسالة مطبوعة الى الممثل الأعلى للطائفة اليهودية البريطانية اللورد والتر روتشيلد، صادقت عليها الحكومة البريطانية، وطلب منه فيها أن يبلغ مضمونها الى الاتحاد الصهيوني.
وجاء في نصّ الرسالة "عزيزي اللورد روتشيلد، يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته "إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر". وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح، المخلص آرثر جيمس بلفور.
وشكل هذا النص القصير المؤلف من 67 كلمة باللغة الإنكليزية، نصراً كبيراً لرئيس الصهاينة في المملكة المتحدة حاييم ويزمان، الذي أصبح في ما بعد أول رئيسللكيان الإسرائيلي.
وقد تم تنفيذ مضمون الرسالة دون التشاور مع العرب في الشرق الأوسط، ولا حتى إبلاغهم، في حين كانت نسبة اليهود في 1917 لا تزيد عن 7% من شعب فلسطين، وانطلقت أول الاحتجاجات الفلسطينية على وعد بلفور في شهر شباط عام 1920 في مدن القدس ويافا وحيفا.
وبالرجوع إلى تأسيس "إسرائيل"، فقد منح مؤتمرا روما ولندن في نيسان 1920، حق الانتداب البريطاني على فلسطين، وبحسب نص الانتداب الذي أقر نهائياً في 1922 في عصبة الأمم، تتولى المملكة المتحدة "مسؤولية أن ترسي في هذا البلد (فلسطين) وضعاً سياسياً وإدارياً واقتصادياً من شأنه أن يضمن إقامة وطن قومي للشعب اليهودي".
لكن بريطانيا اصطدمت بالثورة العربية الكبرى بين عامي 1936 و1939، ومع صعود النازية في ألمانيا وبعد المذابح التي تعرّض لها اليهود فيها أثناء الحرب العالمية الثانية، اتخذت هجرة اليهود الى فلسطين حجماً كبيراً، وقامت مجموعات مسلحة صهيونية زادت الضغط على أهل البلد.
وأصدرت الأمم المتحدة قرارا في تشرين الثاني 1947، ينص على تقسيم فلسطين الى دولتين، واحدة فلسطينية وأخرى يهودية مع وضع القدس تحت الإشراف الدولي، وفي 14 أيار 1948، أعلن ديفيد بن غوريون إقامة دولة "إسرائيل" مع انتهاء الانتداب البريطاني لفلسطين.
24
NRT