خاص الكوثر - الوجه الاخر
قال الدكتور سامح عسكر :هناك مركزية مفصلية لكتب "السياسة الشرعية" في تشكيل وتأصيل الفكر السلفي المعاصر،هذه الكتب أسست لنزعة سلطوية، وخلقت عقلية تُعنى بمراقبة سلوكيات الناس، وتطبيق السلطة على الضعفاء تحديدًا. فالمنهج السلفي الوهابي التكفيري بُني نفسيًا ليكون عاجزًا عن مواجهة الأقوياء، موجَّهًا لمهاجمة الضعفاء وفرض السيطرة عليهم.
واضاف : هناك "تصنيفات في الضمير السلفي" التي تتحكم في سلوكيات هذه الجماعات: الضعيف المخالف: يُعامَل وكأنه مهدور الدم، واما الضعيف المؤيد: يُعامَل كتابع خاضع، القوي المؤيد: يُنظر إليه كخليفة يُطاع، القوي المخالف: يُتعامل معه بالخضوع والتبعية، لا بالمواجهة، والسبب في ذلك يعود إلى جانبين أساسيين: جانب نفسي: هذه الحركات ليست مصمّمة نفسيًا على مواجهة الأقوياء أو معارضتهم ، واما جانب الثاني عقائدي–سياسي: ربطت هذه الحركات الدين بالسلطة والحكم، لا بمشروع العدالة والكرامة الإنسانية.
واكمل : فالإسلام — كمؤسسة معرفية — جاء ليُقيم العدل والمساواة ويُحقق الطمأنينة وكرامة الإنسان، أمّا عند الفكر السلفي التكفيري، فالدين تحوّل إلى "مؤسسة سياسية سلطوية"، محكومة بموازين القوة لا بمقاصد الشريعة، ومن هنا تأتي مسألة "المصالح المرسلة" في السياسات الشرعية، وهي الأدلة غير النصية التي يستندون إليها لتبرير أي فعل لا نصّ له في الشرع. وهذا المبدأ سلاح ذو حدين: يمكن استخدامه لتحقيق العدالة، أو لتبرير الحرب، والخيانة، والتطبيع مع الكيان الصهيوني — كما نراه اليوم.
واختصرالدكتور عسكر حديثه بالقول: الجذر الذي يحرك هذه الحركات نفسيّ، قبل أن يكون فقهيًّا أو سياسيًّا، فهي لا تواجه الأقوياء، وتُصمّم خطابها ليُطبَّق فقط على الضعفاء، بينما تُبرِّر مواقفها السياسية عبر مفهوم "المصالح المرسلة" بما يخدم خضوعها للسلطة.