خاص الكوثر - الوجه الاخر
قال الدكتور حطيط : من ينظر إلى المقاومة باعتبارها منظومة سلاح أو منظومة عسكرية فقط، بحيث إن نزع السلاح يعني انتهاء المقاومة، فهو مخطئ ومتسرع، المقاومة ليست صاروخًا أو سلاحًا فقط؛ قد تُنزع أسلحة من الشعوب أو من أي حركة مقاومة، لكن فكرة المقاومة تحتاج إلى أجيال لإعادة تصنيع العقل والسلوك والعقيدة، وبما ان فكرة مقاومة المشروع الصهيوني والأمريكي في إطار عنوان عقائدي إسلامي؛ وطالما أن الإسلام محفوظ وأن "الذكر" محفوظ وله حافظون، فهذا يعني أن المنبع الرئيسي للفكر المقاوم محاط بالوعد الإلهي بالحفظ، لذلك المسألة ليست مجرد معطى سياسي عابر، بل أمر إلهي وجهادي لا ينبغي التهاون فيه.
وتابع : التاريخ يعلّمنا أن الظالم قد ينتصر ميدانيًا أو يضطهد الأقوياء؛ فقد حاصروا الأنبياء والرسل والأئمة والصالحين وقتلوا وحاولوا إحراقهم وصلبهم، لكن فكرة المقاومة استمرّت، البعض يظن أن الهدف الأساسي للمقاومة هو الانتصار في معركة عسكرية لتحرير أرض أو أسرى أو للسيطرة على السلطة؛ وإذا حُصر المشروع في هذه الأهداف الجزئية فقد يفقد ارتباطه بالمشروع الإلهي الكلّي. أما المشروع المقاوم الصحيح فهو مشروع إلهي يسعى لتعميم الدين الإلهي، ومسألة الانتصار أو الخسارة جزئية في سياق حرب أكبر بين الخير والشر.
واضاف : من هذا المنطلق، الخسارة في معركة لا تعني خسارة الحرب. الذين يقاتلون لأهداف دنيوية يعلنون انتصارهم في معارك جزئية، بينما المقاومة ذات البُعد الإيماني ترى نفسها جزءًا من حرب كونية ممتدة من بداية الخلق وحتى ظهور الإمام الحجة (عج)، لذلك لا نرفع الرايات البيضاء عند هزيمة مؤقتة.
وختم الدكتور نسيب حطيط حديثه بالقول: الفكر المقاوم، وخصوصًا في المذهب الشيعي، مرتبط بالفكر المهدوي والانتظاري؛ ومن يعيش هذا الفكر لا يقبل أن تكون المقاومة منتهية، الفكر الانتظاري المهدوي هو فكر مقاوم: عندما تنتظر الفرج لا تستسلم، ولا تسلم السلاح، ولا تتنازل عن الحقوق، وإذا لم تُستَعد الحقوق في هذه اللحظة، فواجبك الشرعي ألا توقِف النضال، لأن الأجيال القادمة قد تستعيد ما فُقد؛ فلا تحرمها حق التحرير والاستعادة.