خاص الكوثر - عراق الغد
ويرتكز الخلاف بين الطرفين على تقاسم المناصب السيادية والسياسية والإدارية العليا، وهو ما ينذر بانعكاسات سلبية متزايدة على الوضع الاقتصادي في الإقليم، فضلاً عن علاقاته مع بغداد ودول الجوار، وتنامي التململ الشعبي من استمرار الأزمة.
هذه الأزمة ليست جديدة على الإقليم، إذ شهدت دورات برلمانية سابقة فترات متفاوتة من التعثر، تراوحت بين تشكيل حكومي سريع، وأزمات استغرقت قرابة عام، تخللتها مراحل من الشد والجذب والخلافات الحزبية الحادة.
وتعود جذور الانقسام الراهن إلى التنافس التاريخي بين الحزبين اللذين تقاسما السلطة عقب الحرب الأهلية في تسعينيات القرن الماضي، وما زالت الشراكة بينهما تشوبها حالة من انعدام الثقة، رغم تشكيلهما حكومات سابقة مشتركة في الإقليم وتحالفات متفرقة في بغداد.
ومع ظهور نتائج الانتخابات، لوّح كل طرف بإمكانية الاستغناء عن الآخر. فالحزب الديمقراطي ألمح إلى إمكانية تشكيل حكومة أغلبية بالتعاون مع أحزاب أصغر، متخوّفًا من أن مشاركة الاتحاد الوطني قد تعرقل برنامجه من داخل الحكومة. في المقابل، سعى الاتحاد الوطني لتشكيل تحالف بديل يضم قوى معارضة بهدف تأليف حكومة من دون الديمقراطي، إلا أن هذه السيناريوهات بقيت نظرية، نظرًا لصعوبة تأمين أغلبية مستقرة من دون توافق الحزبين اللذين تقاسما الحكم لعدة عقود.
وعلى مدى أكثر من ست جولات تفاوضية منذ ديسمبر الماضي، تبادل الطرفان قوائم بمطالبهم من المناصب، دون التوصل إلى اتفاق نهائي. وكان آخر هذه الاجتماعات رفيع المستوى قد عُقد في منتجع دوكان بمحافظة السليمانية، وجمع رئيس وزراء الإقليم مسرور بارزاني، وهو أيضًا نائب رئيس الحزب الديمقراطي، مع بافل طالباني، رئيس الاتحاد الوطني. ورغم الأجواء الإيجابية التي أحاطت باللقاء، إلا أن مصادر مطلعة أكدت عدم تحقيق أي اختراق جوهري، لا سيما في ما يخص المناصب السيادية المختلف عليها.
ويبدو أن طريق تشكيل الحكومة لا يزال طويلاً، في ظل تعقيدات سياسية متراكمة وتوازنات دقيقة تمنع أي طرف من الحسم أو الانفراد بالقرار، ما يطرح تساؤلات ملحّة حول مستقبل الاستقرار السياسي والمؤسساتي في إقليم كردستان.