خاص الكوثر - ثامن الحجج
الإمام الرضا عليه السلام كان يتمتع بمكانة دينية تجعله مرجعًا للأمة الإسلامية، إلا أن مواقفه كانت تتغير تبعًا للظروف السياسية والمعطيات المتغيرة، كما كان الحال مع آبائه وأجداده من الأئمة عليهم السلام، فقد اضطر النبي الأكرم صلى الله عليه وآله إلى الصلح في بعض المواقف، وخاض الإمام علي عليه السلام الحروب، ووقعت ملحمة كربلاء، وما جرى بعد ذلك مع الإمام السجاد عليه وسائر الأئمة، كلها شواهد على أن المواقف تتبع طبيعة الظرف السياسي القائم.
وتابع فضيلة الشيخ علاء الشيخ: في زمن هارون، كان الإمام الرضا عليه السلام يدرك أن أي تحرك سياسي علني سيؤدي إلى القضاء على الجماعة الصالحة، وهو ما يعد من مسؤوليات الأنبياء والأولياء: الحفاظ على هذه الجماعة الصحالة، كذلك في عهد الأمين، كان الوضع مضطربًا، وكان كلا الحاكمَين (الأمين والمأمون) لا يتقبلان أي نوع من الحراك أو المعارضة، ورغم ذلك، شهدت تلك المرحلة العديد من الثورات في الحجاز، وخراسان، وبغداد، والكوفة، وكان لها أثر كبير على المشهد السياسي.
اقرأ ايضاً
واضاف ضيف البرنامج: الإمام الرضا عليه السلام كان على وعي تام بعدم ملاءمة الظروف لأي تحرك سياسي واضح، فالأجواء كانت ضبابية ومعقدة إلى حد كبير، وعندما نراجع التاريخ، نرى أن المأمون العباسي حاول الاستفادة من البعد المعنوي والروحي لشخصية الإمام الرضا عليه السلام، ومن علاقته بالله، تمامًا كما فعلت الدولة العباسية في بداياتها برفع شعار "الرضا من آل محمد" للتغلب على الحكم الأموي.
واردف الشيخ علاء الشيخ قائلا: المأمون وجد في الإمام الرضا علية السلام فرصة لتهدئة المعارضين لحكمه ولحكم أخيه الأمين، ووسيلة لجذب الموالين والمحبين لأهل البيت عليهم السلام، خصوصًا من يؤيدون الخط العلوي وأبناء الإمام الحسن عليه السلام، حيث كانت الأهداف مشتركة، فكان قرب الإمام الرضا من المأمون كفيلاً بكسب تعاطف هؤلاء، ما يصب في مصلحة المأمون، وتشير بعض الروايات إلى أن من أشار على المأمون بهذا الخيار كان الفضل ابن سهل.