ابناء الامام الكاظم (ع)

السبت 19 سبتمبر 2009 - 00:57 بتوقيت مكة

أبناء الإمام الكاظم عليه السّلام المقدمة قال الشيخ المفيد في ( الإرشاد ): وكان لأبي الحسن موسى عليه السّلام سبعة وثلاثون ولداً ذكراً وأنثى، منهم: عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام، وإبراهيم، والعبّاس، والقاسم، لأمّهات أولاد. وإسماعيل، وجعفر، وهارون، والحسين، لأمّ ولد. وأحمد، ومحمّد، وحمزة، لأمّ ولد. وعبدالله، وإسحاق، وعُبيد الله، وزيد، والحسن، والفضل، وسليمان، لأمّهات أولاد.. وكان أفضل ولْد أبي الحسن موسى عليه السّلام وأنبههم وأعظمهم قَدْراً، وأعلمهم وأجمعهم فضلاً: أبوالحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام... ولكلّ واحد من ولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام فضل ومنقبة مشهورة، وكان الرضا عليه السّلام المقدَّمَ عليهم في الفضل حسب ما ذكرناه(1). أمّا الشيخ ابن شهرآشوب فقال في ( مناقب آل أبي طالب ) في أحوال وتواريخ الإمام الكاظم عليه السّلام: أولاده ثلاثون فقط، ويقال: سبعة وثلاثون. فأبناؤه ثمانية عشر: عليّ الإمام، وإبراهيم، والعبّاس، والقاسم، وعبدالله، وإسحاق، وعبيدالله، وزيد، والحسن، والفضل، من أمّهات أولاد. وإسماعيل، وجعفر، وهارون، والحسن، من أمّ ولد. وأحمد، ومحمّد، وحمزة، من أمّ ولد. ويحيى، وعقيل، وعبدالرحمن(2). أمّا ابن عنبة النسّابة، فقد ذكر في ( عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب )، في عقب الإمام موسى الكاظم عليه السّلام أنّ موسى الكاظم عليه السّلام وَلَد ستّين ولداً، سبعاً وثلاثين بنتاً، وثلاثة وعشرين ابناً، دَرَج منهم خمسة لم يُعقّبوا، بغير خلاف(3). وأمّا نجم الدين أبو الحسن عليّ بن محمّد العلويّ العَمْري النسّابة ( من أعلام القرن الخامس الهجريّ ) فذكر في كتابه ( المَجْدي في أنساب الطالبيّين ) أنّ الإمام الكاظم عليه السّلام وَلَد سبعاً وثلاثين بنتاً واثنتين وعشرين ذكراً غير الأطفال(4). الحسين بن موسى الكاظم عليه السّلام تحتضن مدينة « طَبَس » مرقداً من مراقد أهل البيت الأطهار عليهم السّلام، هو مرقد الحسين بن موسى الكاظم عليه السّلام أخي الإمام الرضا عليه السّلام ثامن أئمّة أهل البيت عليهم السّلام. وتقع مدينة طَبَس إلى الجنوب الغربيّ من مدينة مشهد المقدّسة، وسط صحراء فسيحة تُدعى بـ « صحراء لُوط »، إلى الجنوب من مدينة « قايِن » التاريخيّة. ويتوافد الزوّار على مدينة طبس لزيارة قبر ريحانةٍ من رياحين الرسالة، فيَطْوون فيافي الصحراء اللاهبة، ويذكّرهم لفح هوائها بالشفاه الذابلات لسبط الرسول صلّى الله عليه وآله: الإمام الحسين الشهيد عليه السّلام، وهم يتسابقون إلى زيارة بضعة منه، والتبرّك بلثم أعتاب فلذة من كبده: الحسين بن موسى بن جعفر عليهم السّلام. ويلوح أمام الأعين المترقّبة منظر فريد: واحة وارفة الظِّلال تغفو وسط الصحراء المترامية، ويجتذب أنظارهم الوهج المتلألئ لقُبّة مشيدة فوق المرقد المقدّس للحسين بن موسى عليه السّلام. الدخول إلى الصحن المطهّر نمضي من مركز مدينة طبس باتّجاه الصحن الطاهر، فنَرِد بخشوع الباب الرئيسيّ للصحن، ويُعرف بـ « باب السلام »، ونؤدّي آداب الاستئذان والتحيّة أمام هذه السُّلالة الطيّبة من ذريّة رسول الله صلّى الله عليه وآله. وهناك أبواب أخرى للصحن الشريف، منها « باب الرضا » يقع في الجانب الشرقيّ من الصحن في الاتجاه المقابل لمشهد الإمام الرضا عليه السّلام في خراسان، وهو باب مفتوح على مصراعيه أشبه بذراعَين مفتوحتَين ممتدّتَين للترحيب بالزائرين الكرام. وهناك باب آخر في أقصى الصحن، إلى الجانب الشرقيّ منه، يُدعى « باب الشهداء »، يقابله إلى الجانب الغربيّ من الصحن الطاهر باب آخر يُدعى « باب الحوائج »، تيمّناً بذكرى الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السّلام الملّقب بـ « باب الحوائج ». ويقابل باب الرضا عليه السّلام باب يقع في الجانب الغربيّ من الصحن، يُدعى بـ « باب الغدير » تيمّناً بذكرى عيد غدير خُمّ الذي جرى بينابيع الولاية الثرّة المعطاء. تاريخ بناء المرقد الطاهر تشير جملة من الآثار إلى أنّ تاريخ تشييد المرقد الطاهر للحسين بن موسى عليه السّلام يرجع إلى القرن الخامس الهجري، وهناك صخرة من الرُّخام تُشير إلى تاريخ 444 هـ، وهو ما يُقارن فترة حكم الملك السلجوقي طغرك بيك. ومع بداية حكومة الصوفيّين وانتشار التشيّع في إيران باعتباره المذهب الرسميّ للبلاد، أُعيد ترميم وإعمار المرقد الطاهر، وأضيف إليه الصحن وشُيّدت فيه أروقة عديدة، كما أعيد إعمار القبّة الشريفة وتزيينها، وجرى تعيين مجموعة من الأوقاف رُصدت عائداتها لتأمين نفقات المرقد الشريف. وقد أُعيد حديثاً بناء المرقد الطاهر والصحن الملحق به، وأضيف إليه أبنية تضمّ مراكز ثقافية وخدميّة لتأمين الخدمات للزائرين الكرام. وأضحت مدينة طبس ببركة المرقد الطاهر للحسين بن موسى عليه السّلام مزاراً يؤمّه الزائرون المشتاقون من أقاصي البلاد، ويُعرِّج عليها زائرو أخيه شمس الشموس وأنيس النفوس، المدفون بطوس: الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه آلاف التحيّة والثناء. ريحانة لرسول الله صلّى الله عليه وآله في أحضان الصحراء تشير جملة من المصادر التاريخية، من جملتها الرسالة التي بعث بها الإمام أبو الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام إلى عامل طبس في شهر شعبان لسنة 199 هـ، إلى أنّ الحسين بن موسى الكاظم عليه السّلام وُلد في أواخر القرن الثاني الهجري، وفي حدود سنة 178 هـ؛ فقد كان العلويّون والشيعة آنذاك مُلاحَقون من قِبل عمّال بني العبّاس، الأمر الذي دفع بالحسين ـ وكان حينذاك فتى صغيراً ـ إلى التواري والتخفيّ. يقول النسّابة المعروف السيّد المرعشي النجفي رضي الله عنه في هذا الشأن: لظاهر من كتب الأنساب والمشجّرات أنّ الحسين بن موسى هو من أولاد الإمام موسى بن جعفر بلا فصل، وليس في هذا الأمر شكّ لدى علماء الأنساب. ويعتقد طائفة من النسّابة أنّ الحسين كان له عَقِب، وأنّ ذريّته قد عاشوا منذ تلك الفترة في نفس مدينة طبس. وكان جماعة من أهل البيت ومن ولد الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام قد لجأوا سرّاً إلى « شيراز » و « وَرامين » و « كاشْمَر »، و « طَبَس »، ثم استشهدوا في تلك المناطق على أيدي عمّال المأمون. ولمّا بلغ الإمامَ الرضا عليه السّلام أنّ أخاه الحسين سار إلى خراسان، كتب رسالةً إلى عامر بن زروامهر ( مَرزبان طبسين ) ـ وكان الإمام يثق به على الظاهر ـ للعثور على أخيه الحسين. ومن خلال مطالعة سطور هذه الرسالة يتبيّن لنا جلالة قدر الحسين بن موسى ومنزلته عند أخيه الرضا عليه السّلام، حيث كتب عليه السّلام إلى مرزبان طبس يُخبره أنّهم فقدوا غلاماً راهَقَ الحُلُم ابن اثنتي عشرة سنة ـ وهو الحسين بن موسى ـ وأنّ فقده قد أورث الإمام الرضا عليه السّلام الحزن والأسى، ثمّ يطلب عليه السّلام من مرزبان طبس ومن معه من أوليائه أن يبحثوا عن الحسين في تلك الناحية، وأن يتعاهدوه إن هم عثروا عليه أن يبرّوه ويلطفوا به ويُخبروا الإمام الرضا عليه السّلام بخبره إلى أن يردّ الله تعالى هذا الغلام المفقود إلى عائلته التي دخلها الاضطراب لفقده. ثمّ يختتم الإمام الرضا عليه السّلام رسالته إلى مرزبان طبس بتذكيره ايّاه بالآية الكريمة إنّ اللهَ يأمُركُم أن تُؤدّوا الأماناتِ إلى أهلِها ، وفي ذلك إشارة إلى أنّ أهل البيت عليه السّلام ـ والحسينُ بن موسى منهم ـ أمانة إلهيّة مُستودَعة لدى الناس، وأنّ عليهم تَعاهدَ هذه الأمانة الكريمة حتّى يردّوها إلى أهلها(5). أوصافه وصفه الإمام الرضا عليه السّلام في رسالته إلى مرزبان طبس بأنّه أسمر اللون، طويل، في بياض عينه اليمنى نقطة حمراء، قاني الوجنتَين، سَبْط الشعر طويل الساعدَين. وره في الحديث روى الحسين بن موسى عن أبيه الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام، وروى عن أمّه عن أبيه عليه السّلام، وروى عن أمّ أحمد بنت موسى عليه السّلام، عن الإمام الكاظم عليه السّلام، وروى عن الإمام الرضا عليه السّلام ما يدلّ على إمامته عليه السّلام من الإخبار بالمغيّبات. كما روى عنه أحمد بن محمّد وإبراهيم بن إسحاق الأحمر وإسحاق بن محمد البصري. حديثه روى الكشّيّ في رجاله بإسناده عن أبي عبدالله الحسين بن موسى بن جعفر، قال: كنتُ عند أبي جعفر [ الجواد ] عليه السّلام بالمدينة وعنده عليّ بن جعفر وأعرابي من أهل المدينة جالس، فقال لي الأعرابي: مَن هذا الفتى ؟ ـ وأشار إلى أبي جعفر عليه السّلام ـ قلتُ: هذا وصيّ رسول الله صلّى الله عليه وآله. قال: يا سُبحان الله! رسولُ الله صلّى الله عليه وآله قد مات منذ مائتي سنة وكذا وكذا سنة، وهذا حَدَث، كيف يكون هذا وصيَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله ؟! قلتُ: هذا وصيّ عليّ بن موسى، وعليّ وصيّ موسى بن جعفر، وموسى وصيّ جعفر بن محمّد، وجعفر وصيّ محمّد بن عليّ، ومحمّد وصيّ عليّ بن الحسين، وعليّ وصيّ الحسين، والحسين وصيّ الحسن، والحسن وصيّ عليّ بن أبي طالب، وعليّ بن أبي طالب وصيّ رسول الله صلّى الله عليه وآله. قال: ودنا الطبيب ليقطع له العِرف، فقام عليّ بن جعفر فقال: يا سيّدي، يبدأ بي ليكون حدّة الحديد في قبلك. قال قلتُ: يَهنيك، هذا عمّ أبيه. قال: فقطع له العرق، ثمّ أراد أبو جعفر عليه السّلام النهوض، فقام عليّ بن جعفر عليه السّلام فسوّى له نعلَيه حتّى يلبسهما(6). وروى الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السّلام بإسناده عن الحسين بن موسى بن جعفر عليه السّلام، قال: خرجنا مع أبي الحسن الرضا عليه السّلام إلى بعض أملاكه في يومٍ لا سحاب فيه، فلمّا برزنا قال: حَمَلتم معكم المَماطِر ؟ قلنا: لا، وما حاجتُنا إلى المَماطر وليس سحاب ولا نتخوّف المطر ؟! فقال: لكنّي حَمَلتُ وستُمطَرون. قال: فما مَضَينا إلاّ يسيراً حتّى ارتفعت سحابةٌ ومُطِرنا حتّى أهَمَّتنا أنفسُنا، فما بقي منّا أحدٌ إلاّ ابتلّ(7). وروى الكليني بإسناده عن الحسين بن موسى، قال: كان أبو الحسن عليه السّلام مع رجالٍ عند قبر رسول الله صلّى الله عليه وآله، فنظر إليه وقد أخذ الحنّاء من يدَيه، فقال بعض أهل المدينة: أما تَرَون إلى هذا كيف أخذ الحنّاء من يدَيه! فالتفت إليه فقال له: فيه ما تَخبره وما لا تَخبره، ثمّ التفت إليّ فقال: إنّه من أخذ من الحنّاء بعد فراغه من إطلاء النورة من قَرنه إلى قدمَيه، أمِن من الأدواء الثلاثة: الجنون والجُدَام والبرص(8). وروى الكليني أيضاً بإسناده عن الحسين بن موسى، عن أمّه وأم أحمد بنت موسى قالتا: كنّا مع أبي الحسن عليه السّلام بالبادية ونحن نريد بغداد، فقال لنا يوم الخميس: اغتسلا اليوم لغدٍ يوم الجمعة، فإنّ الماء بها غداً قليل. فاغتسلنا يوم الخميس ليوم الجمعة(9). عقبه اختلف علماء الأنساب في عقب الحسين بن موسى، فمنهم من قال: إنّه لم يعقب، ومنهم من ذكر أنّه أعقب، وأن نسبه ينتهي إلى عبدالله وأحمد ابنَي محمّد بن عبدالله بن عمر بن أحمد ابن الحسين بن موسى، ولهما ( لعبدالله وأحمد ) عقب في طبس، منهم أبو طالب العالم الشاعر ابن أحمد المذكور(10). إبراهيم بن موسى الكاظم عليه السّلام سماته قال الشيخ المفيد في ( الإرشاد ): إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام، وكان شجاعاً كريماً، وتقلّد الإمرة على اليمن في أيّام المأمون من قِبل محمّد بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام، الذي بايعه أبو السَّرايا بالكوفة، ومضى إليها ففتحها وأقام بها مدّة، إلى أن كان من أم أبي السرايا ما كان، فأُخذ له الأمان من المأمون(11). ونقل ابن شَدقَم في ( تحفة الأزهار ) عن جدّه، أنّ إبراهيم بن موسى كان عالماً فاضلاً كاملاً من أئمّة الزيديّة، وكان شيخاً كبيراً كريماً(12). وقد امتدحه جماعة، منهم المجلسي في ( الوجيزة )، وذكر المفيد في ( الإرشاد ) أنّ لكلّ واحد من وُلد أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام فضلاً ومنقبة مشهورة، وأنّ الإمام الرضا عليه السّلام كان المقدَّم عليهم في الفضل(13). وقال المجلسي في ( الوجيزة ): إبراهيم بن موسى بن جعفر، ممدوح. وكان أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام أوصى إلى ابنه عليّ الرضا عليه السّلام وأفرده بالوصيّة في الباطن، وضمّ إليه في الظاهر: إبراهيمَ والعبّاس والقاسم وإسماعيل وأحمد وأمّ أحمد، وقال عليه السّلام في وصيّته: وإنّما أردتُ بإدخال الذين أدخلتُ معه من أولادي التنويه بأسمائهم والتشريف لهم، وإنّ الأمر إلى عليّ عليه السّلام، إن رأى أن يُقِرّ إخوته الذين سمّيتُهم في كتابي هذا أقرَّهم، وإن كَرِه فله أن يُخرجهم. اشتراكه في الثورة على العبّاسيين لمّا ثار أبو السَّرايا: السَّري بن منصور الشيباني في الكوفة سنة 199 هـ واحتلّها وقُوِي أمره، أسند إلى إبراهيم بن موسى الولايةَ على اليمن، فسار إبراهيم إليها فأذعن له أهلها بعد وقعة يسيرة بينهم(14)، وخاف المأمون العبّاسي منه فخادعه باستخلافه على اليمن، ثمّ إنّ الإمام الرضا عليه السّلام تشفّع فيه لدى المأمون بعد انكسار أبي السرايا، فشفّعه فيه وأطلق سراحه، ثمّ دسّ له السمّ فمات(15). قولُه بالوقف روى الشيخ الصدوق في ( عيون أخبار الرضا عليه السّلام ) بإسناده عن بكر بن صالح، قال: قلتُ لإبراهيم بن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام: ما قولُك في أبيك ؟ قال: هو حيّ. قلتُ: فما قولك في أخيك أبي الحسن ؟ قال: هو ثقة صدوق. قلتُ: فإنّه يقول إنّ أباك قد مضى. قال: هو أعلم بما يقول. فأعَدتُ عليه فأعاد عليّ. قلتُ: فأوصى أبوك ؟ قال: نعم. قلت: إلى مَن أوصى ؟ قال: إلى خمسةٍ منّا، وجعل عليّاً المتقدّمَ علينا(16). ـ وروى الكُليني في ( الكافي ) بإسناده عن عليّ بن أسباط قال: قلت للرضا عليه السّلام: إنّ رجلاً عنّى أخاك إبراهيم، فذكر له أنّ أباك في الحياة، وأنّك تعلم من ذلك ما يعلم. فقال: سُبحان الله! يموت رسولُ الله صلّى الله عليه وآله ولا يموت موسى عليه السّلام ؟! قد ـ واللهِ ـ مضى كما مضى رسول الله صلّى الله عليه وآله، ولكنّ الله تبارك وتعالى لم يَزَل منذ قَبضَ نبيّه صلّى الله عليه وآله هلمّ جرّاً يَمُنّ بهذا الدين على أولاد الأعاجم ويصرفه عن قرابة نبيّه صلّى الله عليه وآله هلمّ جرّاً، فيُعطي هؤلاء ويمنع هؤلاء. لقد قضيتُ عنه ( أي عن إبراهيم ) في هلال ذي الحجّة ألف دينار بعد أن أشفى على طلاق نسائه وعِتق مماليكه، ولكنْ قد سمعتَ ما لقَي يوسف عليه السّلام من إخوته(17). وفي الحديث الأخير تعريض واضح بإبراهيم بن موسى، وعتب من الإمام الرضا عليه السّلام على إبراهيم وإخوته، وأنّه لقي منهم من الحسد ما لقيه يوسف عليه السّلام من إخوته. وقد ذكر ابن الطقطقي في كتابه في الأنساب، المطبوع باسم ( غاية الاختصار في أخبار البيوتات العلويّة المحفوظة من الغبار ) أنّه يُقال: إنّ إبراهيم بن موسى ظَهَر داعياً إلى أخيه الرضا عليه السّلام، وأنّ ذلك بلغ المأمون، فشفّع الإمام الرضا عليه السّلام فيه وتركه(18). عبادته قال ابن الفوطي: المرتضى أبو أحمد إبراهيم بن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق ابن محمد الباقر. العلويّ العابد، كان من العبّاد الزهّاد، العلماء الأفراد، وكان يترنّم دائماً بهذه الأبيات: لا تُغبَطنّ إذا الدنيـا تزخرفـها   ولا لِلذّةِ وقـتٍ عُجِّلَت فَـرَحـا فالدهـرُ أسـرعُ شيءٍ في تقلُّبهِ   وفِعلُهِ بيّـنٌ للخلق قـد وَضَحـا كشـاربٍ عَسَـلاً فيـه مَنيّتُـه   فكم تَقلَّد سيفاً مَن بهِ ذُبِحا ؟!(19) وفاته وقبره توفّي إبراهيم بن موسى عليه السّلام ببغداد، وقبره بمقابر قريش عند أبيه عليه السّلام في تربة مفردة معروفة. ودفُن ابنه موسى مجاوراً له. قال ابن الطقطقي في كتابه ( غاية الاختصار ): فَحَصتُ عن قبره فدُلِلتُ عليه، وإذا بوصفهِ في دهليزِ مجرةٍ صغيرة مِلك مبارك الجوهري الهندي. ومبارك الهندي هو أمير الدين الجوهري نقيب مشهد الإمام الكاظم عليه السّلام(20). وهناك في مدينة شيراز مزار يتألّف من مرقدين لابنَي الإمام الكاظم عليه السّلام، هما: السيّد أحمد المعروف بـ « شاه چراغ »، والسيّد إبراهيم. وجاء في هامش ( الفوائد الرجالية ) للسيّد بحر العلوم: كان في صحن حرم الكاظمَين عليهما السّلام قبران ـ وقد هُدِما أخيراً ـ يزورهما الزائرون، وينسبون أحدهما إلى إبراهيم الأكبر ابن الإمام موسى الكاظم عليه السّلام، الذي هو صاحب أبي السرايا على الأشهر؛ فإنّه قد حارب المأمونَ وكُسر وفرّ إلى مكّة. ولمّا جاء المأمون إلى بغداد بعد شهادة الإمام الرضا عليه السّلام، جاء إبراهيم إلى بغداد فآمنه المأمون، ومات ببغداد ودُفن قرب قبر أبيه(21). ثمّ قال: وما ذكر صاحب ( غاية الاختصار ) من أنّ قبر إبراهيم وقبر ابنه موسى أبي شجّة بمقابر قريش في بغداد، يُنافي ما ذكره سيّدنا الحجّة الصدر الكافي من أنّ قبريهما في كربلاء خلف ضريح الإمام الحسين عليه السّلام. ولعلّهما نُقلا إلى كربلاء بعد دفنهما بمقابر قريش(22). ويؤيّده ما ذكره صاحب ( عمدة الطالب )، فقد قال بعد أن ذكر إبراهيم وذكر عقبه: وهؤلاء كلّهم في الحائر(23). ويبدو أنّ ما قاله أبو نصر البخاري يوضّح حقيقة الأمر، فقد ذكر أنّ إبراهيم الاكبر ( وأمّه أمّ وَلَد نوبيّة اسمها نجيّة ) ظهر باليمن وهو أحد أئمّة الزيديّة، وقد عرَفْنا حاله وأنّه لم يعقّب، وأعقب إبراهيم الأصغر المرتضى بنُ الكاظم عليه السّلام من رجلَين: موسى أبي سبحة ( شجّة ) وجعفر(24)؛ وهو ما يُدلّل على أنّ للإمام الكاظم عليه السّلام ولدين: أحدهما إبراهيم الأكبر المدفون بمقابر قريش في بغداد، وإبراهيم الأصغر المُجاب المدفون بالحائر. عقبه لم يعقب إبراهيم الأكبر، أما إبراهيم الأصغر فقد أعقب من رجلَين: موسى أبي سبحة ( شجّة ) وجعفر. وقال الشيخ أبو نصر البخاري: لا يصحّ لإبراهيم المرتضى بن موسى الكاظم عليه السّلام عقب إلاّ من موسى بن إبراهيم وجعفر بن إبراهيم(25). أحمد بن موسى الكاظم عليه السّلام كان أحمد بن موسى كريماً جليلاً ورعاً، وكان أبو الحسن موسى عليه السّلام يحبّه ويُقدّمه، ووَهَب له ضيعته المعروفة بـ « اليسيرة ». ويقال إنّ أحمد بن موسى رضي الله عنه أعتق ألف مملوك. روى الشيخ المفيد بإسناده عن الشريف أبي محمد الحسن بن محمد بن يحيى، قال: حدّثنا جدّي، قال: سمعتُ إسماعيل بن موسى يقول: خرج أبي بولده إلى بعض أمواله بالمدينة، قال: فكنّا في ذلك المكان، وكان مع أحمد بن موسى عشرون من خدم أبي وحشمه، إن قام قاموا معه وإن جلس جلسوا معه، وأبي بعد ذلك يرعاه ببصره ما يغفل عنه، فما انقلبنا حتّى انشجّ أحمد بن موسى بيننا(26). وذكر العَمْري في « المجدي في أنساب الطالبيّين » أن قبر أحمد بن موسى الكاظم عليه السّلام بشيراز، وهو المعروف عند العوام بـ « شاه چراغ » وذكر أنّه لم يعقّب(27) وروى الكشّي في رجاله بإسناده عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أحمد بن أسيد، قال: لمّا كان من أمر أبي الحسن [ الكاظم ] عليه السّلام ما كان، قال إبراهيم وموسى ابنا أبي سمال: فنأتي أحمد ابنه. قال: فاختَلَفا إليه زماناً، فلمّا خرج أبو السَّرايا ( في ثورته ) خرج أحمد بن أبي الحسن معه، فأتينا إبراهيم وإسماعيل فقلنا لهما: إنّ هذا الرجل قد خرج مع أبي السرايا، فما تقولان ؟ قال: فأنكرا ذلك مِن فعله ورجعا عنه وقالا: أبو الحسن حيّ، نثبت على الوقف ( أي التوقّف في الإمامة عند الإمام موسى الكاظم عليه السّلام ). وأحسب هذا ـ يعني إسماعيل بن أبي سمال ـ مات على شكّه(28). وذكر الشيخ الصدوق في « عيون أخبار الرضا »، والشيخ الكليني في « الكافي » أنّ الإمام الكاظم عليه السّلام أدخل ابنه أحمد مع أمّه في وصيّته إلى أولاده(29). إسحاق بن الإمام الكاظم عليه السّلام لُقّب إسحاق بن الإمام موسى الكاظم عليه السّلام بالأمين، وكان من أصحاب الإمام الرضا عليه السّلام، توفّي سنة 240 هـ، وعُمّرت ابنتُه رقيّة عمراً طويلاً وتوفّيت سنة 316 هـ في بغداد. وإسحاق هو جدّ الشيخ الزاهد الورع أبي طالب محمد الملهوس وأبي جعفر محمد الصورانيّ الذي قُتل في شيراز وبها قبره(30). روايته وروى إسحاق عن أخيه وعن عمّه، عن أبي عبدالله الصادق عليه السّلام، وروى الشيخ الكليني في الكافي بإسناده عن إسحاق بن موسى، قال: حدّثني أخي وعمّي عن أبي عبدالله عليه السّلام، قال: ثلاثة مجالس يَمقتُها الله ويُرسل نقمتَه على أهلها، فلا تُقاعِدوهم ولا تُجالِسوهم: مجلساً فيه مَن يَصف لسانُه كذباً في فُتياه، ومجلساً ذِكرُ أعدائنا فيه جديدٌ وذِكرنا فيه رَثّ، ومجلساً فيه مَن يصدّ عنّا وأنت تعلم. قال: ثمّ تلا أبو عبدالله عليه السّلام ثلاثَ آياتٍ من كتاب الله كأنّما كُنّ في فيه ـ أو قال: في كفّه ـ: ولا تَسُبُّوا الذينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فيَسبّوا اللهَ عَدْواً بغيرِ عِلم (31)؛ وإذا رأيتَ الذينَ يَخوضُونَ في آياتِنا فأعرِضْ عَنهُم حتّى يَخوضوا في حديثٍ غيرهِ (32)؛ ولا تقولوا لِما تَصِفُ ألسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هذا حَلالٌ وهذا حرامٌ لِتَفتَروا على اللهِ الكَذِب (33)(34). إسماعيل بن الإمام الكاظم عليه السّلام سَكَن إسماعيل بن الإمام الكاظم عليه السّلام مصر، وولدُه بها، وعَقِبُه من موسى بن إسماعيل وحده. ومن ولد موسى هذا: جعفر بن موسى بن إسماعيل الذي يُعرف بابن كَلْثَم، ويُقال لأولاده « الكَلثَميّون »، وهم بمصر، منهم بنو السمسار وبنو أبي العسّاف وبنو نسيب الدولة وبنو الورّاق(35). ولإسماعيل كتب مبوّبة يرويها عن أبيه، عن آبائه، منها: كتاب الطهارة وكتاب الصلاة. وذكر الكشّي في ترجمة صفوان بن يحيى الذي توفّي في المدينة سنة 210 هـ أنّ الإمام الجواد عليه السّلام بعث إليه بحنوطه وكفنه وأمر إسماعيل بن موسى بالصلاة عليه(36). من كتب إسماعيل بن الكاظم عليه السّلام: كتاب « الجعفريّات »، سُمّي بالجعفريّات لأنّ جميع رواياته رواها إسماعيل عن أبيه موسى عن جدّه جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام. وقد يُقال لها « الأشعثيّات » باعتبار أنّ محمّد بن محمّد بن الأشعث روى أكثرها عن موسى بن إسماعيل بن جعفر عليه السّلام. وأخبار كتاب « الجعفريّات » كلّها مرويّة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أو عن أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام، وقد ينتهي السند فيها ـ في موارد قليلة ـ إلى الإمام السجّاد أو الإمام الباقر أو الإمام الصادق عليهم السّلام. وقد فرّق المحدّث النوري أخبار الجعفريات في أجزاء كتابه مستدرك الوسائل(37). وأوّل أحاديث ( كتاب الجعفريّات ) مرويّ عن أبي محمّد عبدالله بن محمّد بن الأشعث الكوفي في كتابه سنة 314 هـ، قال: حدّثني أبو الحسن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام. قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: الماءُ يُطهِّر ولا يُطهَّر. وروى الشيخ الطوسي في ( التهذيب ) عن إسماعيل بن موسى، بإسناده إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله، قال: صِلَة الرَّحم تَزيد في العمر، وتَنفي الفَقر(38). وروي أنّ الإمام الكاظم عليه السّلام أدخل إسماعيلَ ولدَه في وصيّته إلى أولاده من بعده. وروي عن الإمام الرضا عليه السّلام أنّ أباه الكاظم عليه السّلام قدّم إسماعيل في صدقته على العبّاس وهو أصغر منه(39). وفي أمر الإمام الجواد عليه السّلام لإسماعيل بن موسى بالصلاة على صفوان بن يحيى إشارة إلى جلالته وصحّة عقيدته(40). ومن ولد إسماعيل: أبو جعفر محمد نقيب الموصل أيّام ناصر الدولة ابن حمدان(41). محمّد العابد بن الإمام الكاظم عليه السّلام قال الشيخ المفيد: وكان محمّد بن موسى عليه السّلام من أهل الفضل والصلاح؛ أخبرني أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى، قال: حدّثني جدّي، قال: حدّثتني هاشميّة مولاة رُقيّة بنت موسى عليه السّلام، قالت: كان محمّد بن موسى صاحب وضوء وصلاة، وكان ليله كلّه يتوضّأ ويصلّي، فنسمع سَكْب الماء والوضوء، ثمّ يصلّي ليلاً، ثمّ يهدأ ساعة فيرقد، ويقوم فنسمع سَكْب الماء والوضوء، ثمّ يصلّي، ثمّ يرقد سُوَيعةً، ثمّ يقوم فنسمع سَكْب الماء والوضوء، ثمّ يصلّي، فلا يزال ليله كذلك حتّى يُصبح؛ وما رأيتُه قطّ إلاّ ذكرتُ قولَه تعالى كانُوا قَليلاً مِن الليلِ ما يَهْجَعُون (42)(43). ووَلَد محمدُ بن الكاظم عليه السّلام ـ وهو لأمّ وَلَد ـ سبعةَ أولاد، منهم أربعُ بنات، هُنّ: حكيمة، وكلثوم، وبُرَيهة، وفاطمة؛ والرجال: جعفر أولَدَ وانقَرَض، ومحمّد الزاهد النسّابة رحمه الله مُقِلّ، وإبراهيم الضرير الكوفي، منه عَقِبُه(44). وذكر السيّد جعفر آل بحر العلوم في ( تحفة العالم ) أنّ محمّد العابد دخل شيراز في أيّام الخلفاء العبّاسيّين واختفى فيها، ومن أجرة كتابة القرآن أعتق ألف نسمة... وعُرف قبره في زمن أتابك بن سعد بن رنكي ( ت 659 هـ ) فبنى له قبّة في محلّة « باغ قتلغ »، وقد جُدِّد بناؤه مرّات عديدة، منها في زمان السلطان نادر خان، وفي سنة 1296 هـ رمّمه النوّاب أُويس ميرزا القاجاري(45). وقال السيّد نعمة الله الجزائري في ( الأنوار النعمانيّة ) بعد ترجمة محمّد العابد وأحمد بن موسى عليه السّلام: وهما مدفونان في شيراز، والشيعة تتبرّك بقبريهما، وتُكثر زيارتهما. وقال ابن شدقم في ( تحفة الازهار ): محمّد العابد خلّف ابنين: تاج الدين أبا محمّد إبراهيم الضرير ـ يُعرف بالمُجاب ـ وأبا جعفر محمّد الزاهد. والسبب في تلقيبه ـ يقصد إبراهيم الضرير ـ بالمجاب، قيل إنّه قصد زائراً قبر جدّه أمير المؤمنين عليه السّلام، فأجابه الإمام من الضريح. زيد بن الإمام الكاظم عليه السّلام ساهم زيد بن موسى عليه السّلام في الثورة على العبّاسيين، فقد خرج أيّام أبي السَّرايا، فعَقَد له محمّد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام على الأهواز، ولمّا دخل البصرة وغلب عليها أحرق دُورَ بني العبّاس وأضرم النار في نخيلهم وجميع أسبابهم، فقيل له « زيد النار »(46). ثمّ حاربه الحسن بن سهل فظفر به وأرسله إلى المأمون، فأُدخل عليه بـ « مَرْو » مقيّداً، فأرسله المأمون إلى أخيه عليّ الرضا عليه السّلام ووهب له جُرمَه فحلف عليّ الرضا عليه السّلام أن لا يكلّمه أبداً وأمر بإطلاقه، ثمّ إنّ المأمون سقاه السمّ فمات(47). وروى الشيخ الصدوق بإسناده عن الحسن بن موسى بن علي الوشّاء البغداديّ، قال: كنت بخراسان مع عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام في مجلسه وزيدُ بن موسى حاضر، قد أقبل على جماعة في المجلس يفتخر عليهم ويقول: نحن ونحنُ؛ وأبو الحسن عليه السّلام مُقبِل على قومٍ يحدّثهم، فسمع مقالة زيد، فالتفت إليه فقال: يا زيد، أغرّكَ قولُ ناقلي الكوفة « إنّ فاطمة عليها السّلام أحصنت فرجها، فحرّم اللهُ ذرّيّتها على النار »، فواللهِ ما ذاك إلاّ للحسن والحسين وولد بطنها خاصّة، فأمّا أن يكون موسى بن جعفر عليهما السّلام يطيع اللهَ ويصوم نهارَه ويقوم ليلَه، وتعصيه أنت، ثمّ تجيئان يوم القيامة سواء ؟! لأَنتَ أعزّ على الله عزّوجلّ منه! إنّ عليّ بن الحسين عليه السّلام كان يقول: لِمُحسننا كِفْلان من الأجر، ولمُسيئنا ضِعفان من العذاب(48). وروى الصدوق بإسناده عن ابن أبي عبدون، عن أبيه، قال: لمّا جيء بزيد بن موسى أخي الرضا عليه السّلام إلى المأمون، وقد خرج بالبصرة وأحرق دور العبّاسيين، وذلك في سنة تسع وتسعين ومائة، فسُمّي « زيد النار »، قال له المأمون: يا زيد، خرجتَ بالبصرة وتركتَ أن تبدأ بدور أعدائنا من بني أميّة وثقيف وعَدِيّ وباهلة وآل زياد، وقصدتَ دور بني عمّك ؟! قال ـ وكان مزّاحاً ـ: أخطأتُ يا أمير المؤمنين من كلّ جهة، وإن عُدتُ بدأتُ بأعدائنا! فضحك المأمون وبعث به إلى أخيه الرضا عليه السّلام وقال: قد وهبتُ جُرمَه إليك. فلمّا جاءوا به عَنّفه وخلّى سبيله، وحَلَف أن لا يكلّمه أبداً ما عاش(49). وروى الصدوق بإسناده عن الحسن بن الجهم، قال: كنتُ عند الرضا عليه السّلام وعنده زيد بن موسى أخوه، وهو يقول: يا زيد، اتّقِ الله، فإنّه بَلَغْنا ما بلغنا بالتقوى؛ فمَن لم يتّقِ اللهَ ولم يُراقبه فليس منّا ولسنا منه. يا زيد، إيّاكَ أن تُهين مَن به تصول مِن شيعتنا فيذهب نورك. يا زيد، إنّ شيعتنا إنّما أبغضهم الناس وعادَوُهم واستَحلُّوا دماءهم وأموالهم لمحبّتهم لنا واعتقادهم لولايتنا؛ فإن أنت أسأتَ إليهم ظلمتَ نفسَك وبطّلتَ حقّك(50). وقال الشيخ أبو نصر البخاريّ: زيد بن موسى لم يُعقّب، وجماعة من المنتسبين إليه بأرجّان اليوم، وهم ـ على ما يزعمون ـ من وُلد زيد بن علي بن جعفر بن زيد بن موسى، وهو غير صحيح. وقال غير البخاري ـ وعليه الشيخ العمري وشيخ الشرف العبيدليّ وأبو عبدالله بن طباطبا وغيرهم ـ: أعقبَ زيدُ النار بن موسى الكاظم عليه السّلام من أربعة رجال: الحسن ولده بالمغرب والقيروان، والحسين المحدّث، وجعفر، وموسى الأصمّ(51). القاسم بن الإمام الكاظم عليه السّلام من أولاد الإمام الكاظم عليه السّلام، وكان الإمام الكاظم عليه السّلام يحبّه ويرأف به، يشهد بذلك الرواية التي رواها الكلينيّ بإسناده إلى يزيد بن سليط في حديثه مع أبي عبدالله الصادق وأبي إبراهيم الكاظم عليه السّلام، وجاء في الحديث المذكور أنّ الإمام الكاظم عليه السّلام قال ليزيد بن سليط: يا أبا عمارة، إنّي خرجتُ من منزلي فأوصيتُ إلى ابني فلان ( يقصد الإمامَ الرضا عليه السّلام )، وأشركتُ معه بَنيّ في الظاهر، وأوصيتُه في الباطن وأفردتُه وحده، ولو كان الأمرُ إليّ لجعلتُه في القاسم ابني لحبّي إيّاه ورأفتي عليه، ولكن ذلك إلى الله عزّوجلّ يجعله حيث يشاء(52). وروى الكلينيّ بإسناده عن سليمان الجوهريّ، قال: رأيتُ أبا الحسن [ الكاظم ] عليه السّلام يقول لابنه القاسم: قُم يا بُنيّ فاقرأ عند رأس أخيك والصافّات صفّاً حتّى تستتمّها ـ وكان أحد أبناء الإمام الكاظم عليه السّلام يحتضر ـ فقرأ، فلمّا بلغ أَهُم أشَدُّ خَلْقاً أم مَن خَلَقْنا (53) قضى الفتى، فلمّا سُجّي وخرجوا أقبل عليه يعقوب بن جعفر فقال له: كنّا نعهد الميّت إذا نزل به الموت يُقرأ عنده يس * والقرآنِ الحكيم ، فصرتَ تأمرنا بالصافّات! فقال: يا بُنيّ، لم تُقرأ عند مكروبٍ من موتٍ قطُّ إلاّ عجّل اللهُ راحتَه(54). وروى الكليني في الكافي أنّ الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام جعل ابنه القاسم متولّياً على صدقته بعد وفاة عليّ أو إبراهيم(55). وقال السيّد حسن الصدر الكاظمي في رسالته المخطوطة ( تحيّة أهل القبور بالمأثور ): إنّ القاسم بن الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام قبره قر نهر الجرَبوعيّة من أعمال الحلّة؛ جرت سيرةُ العلماء الأجلاّء الحُجج على شدّ الرحال لزيارته من النجف وكربلاء. وجاء في ( مراصد الاطّلاع ) ذيل مادّة « شوشة »: شوشة قرية بأرض بابل اسفل من حلّة بني مَزِيد، بها قبر القاسم بن موسى بن جعفر، ويقرب منها قبر ذي الكِفل(56). عبدالله بن الإمام الكاظم عليه السّلام ذكره الشيخ الطوسيّ في أصحاب الإمام الكاظم عليه السّلام، وقال إنّه روى عن أبيه عليه السّلام، وذكره أخرى في أصحاب الإمام الرضا عليه السّلام(57). وتقدّم عن الشيخ المفيد في ( الإرشاد ) أنّ لكلّ واحد من وُلد أبي الحسن موسى عليه السّلام فضلاً ومنقبة مشهورة. وروى الشيخ المفيد في كتابه ( الاختصاص )(58) رواية جاء فيها أن عبدالله بن موسى تصدّى للفتوى بغير علم، وأنّ الإمام أبا جعفر الجواد عليه السّلام نهاه عن ذلك، فانتهى واستغفر الله تعالى. روى عبدالله عن أبيه الكاظم عليه السّلام، وروى عنه الكلينيّ في ( الكافي ) بإسناده عن عليّ بن السائح(59). وقال العمري النسّابة في ( المجدي ): وولَدَ عبدالله بن الكاظم عليه السّلام ـ وهو لأمّ ولد، يقال لولده « بنو العوكلاتي » ـ ثلاثَ بنات، هنّ: زينب وفاطمة ورقيّة، وخمسة ذكور هم: أحمد ومحمد والحسين والحسن وموسى أولَدَ كلٌّ منهم(60). الحسن بن الإمام الكاظم عليه السّلام روى الحسن بن موسى عن أمّه وأم أحمد بن موسى بن جعفر عليهما السّلام، وروى عنه الصدوق في ( مَن لا يَحضُره الفقيه )، باب غُسل يوم الجمعة روايةً روى الكليني مَثيلتها بإسناده عن الحسين بن موسى(61). عبدالرحمن بن الإمام الكاظم عليه السّلام ذكره النسّابة العمري في كتابه ( المجدي في أنساب الطالبيين ) وقال: لم يُعقّب(62). جعفر بن الإمام الكاظم عليه السّلام ذكره ابن عنبة في ( عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب )، وقال: إنّ العقب من جعفر ـ ويقال له الخواريّ، ويُقال لولده الخواريوّن والشجريّون أيضاً؛ لأنّ أكثرهم بادية حول المدينة يَرعَون الشجر ـ في رجُلَين: موسى والحسن. أما موسى فهو جدّ آل المليط بالحلّة والحائر. قال شيخ الشرف العُبيدليّ: هو المليط الثائر بالمدينة(63). سليمان بن الإمام الكاظم عليه السّلام ذكره العمري النسّابة في ( المجدي ) وقال إنّه لم يُعقّب(64). الفضل بن الإمام الكاظم عليه السّلام ذكره العمري في ( المجدي ) وذكر أنّه لم يُعقّب(65). هارون بن الإمام الكاظم عليه السّلام أمّه أمّ ولد، وقد اختلف علماء الأنساب في عقبه، فمنهم ـ كالشيخ أبي نصر البخاري ـ من قال إنّه لم يعقّب، ومنهم ـ كالشيخ أبي الحسن العمري والشيخ أبي عبدالله بن طباطبا وابن عنبة ـ من قال إنّه أعقب من أحمد بن هارون وهو لأمّ ولد. وأعقب أحمد بن هارون من رجلين: محمّد وموسى. أمّا موسى فقد كان أعقب عقباً يُقال لهم « بنو الأفطسيّة »(66). حمزة ابن الإمام الكاظم عليه السّلام ذكره ابن عنبة في ( عمدة الطالب )، وقال إنّ العقب منه ـ وكان لأمّ ولد، وكان كوفيّاً ـ كثير ببلاد العجم من رجُلَين: القاسم وحمزة. وكان له عليّ بن حمزة مضى دارجاً، وهو المدفون بشيراز خارج باب اصطَخْر، له مشهد يُزار. وأمّا حمزة بن حمزة بن الكاظم عليه السّلام ـ وأمّه أمّ ولد ـ فكان متقدّماً بخراسان، وله عقب قليل بعضهم ببلخ. وأمّاالقاسم بن حمزة بن الكاظم عليه السّلام وفيه البقيّة ويُعرف بالأعرابي، وأمّه أمّ ولد، فأعقب من محمد وعلي وأحمد، ولهم أعقاب منهم نقباء طوس وساداتها(67).   المصادر: 1ـ الإرشاد للمفيد 244:2 ـ 246. 2ـ مناقب آل أبي طالب 324:4؛ ولا يخفى عدم تطابق العدد والمعدود، والظاهر أنّ منشأه أغلاط النسخ واختلافها. 3ـ عمدة الطالب 177 ـ 178. 4ـ المجدي في أنساب الطالبيّين 106 ـ 107. 5ـ مكاتيب الإمام الرضا عليه السّلام 209 ـ 210 / الرقم 157. 6ـ رجال الكشّي 728:2 ـ 729 / الرقم 804. معجم رجال الحديث، للسيّد الخوئي 317:12. 7 ـ عيون أخبار الرضا عليه السّلام 221:2 / ح 37 ـ باب دلالات الرضا عليه السّلام. 8ـ الكافي للكليني 509:6 / ح 5 ـ باب الحّنّاء بعد النورة. 9ـ الكافي 42:3 / ح 6. 10ـ الفخري، لعزيز الدين المروزي الأزوقاني 2؛ منتقلة الطالبيّة، للنسّابة ابن طباطبا 218 ـ 219؛ عمدة الطالب، لابن عنبة 178. 11ـ الإرشاد 245:2 ـ 246. 12ـ تحفة الأزهار لابن شدقم (مخطوط ) نقلاً عن هامش الفوائد الرجاليّة للسيّد بحر العلوم 413:1. 13ـ الإرشاد 246:2. 14ـ تاريخ الطبري ـ حوادث سنة 200 هـ. 15ـ تحفة الأزهار لابن شدقم (مخطوطة ) ـ نقلاً عن هامش ( الفوائد الرجاليّة ) للسيّد بحر العلوم 413:1. 16ـ عيون أخبار الرضا عليه السّلام 39:1 ـ 40 / ح 4 ـ الباب 5. 17ـ الكافي 380:1 ـ 381 / ح 2. 18ـ نقلاً عن ( موسوعة العتبات المقدّسة )، جعفر الخليلي 18:10. 19ـ موسوع العتبات المقدّسة، جعفر الخليلي 19:10 ـ 20. 20ـ موسوعة العتبات المقدّسة 18:10 ـ 20. 21ـ هامش ( الفوائد الرجالية ) 428:1. 22ـ هامش ( الفوائد الرجالية ) للسيّد بحر العلوم 434:1. 23ـ هامش ( الفوائد الرجالية )436:1. 24ـ عمدة الطالب لابن عنبة 183. 25ـ عمدة الطالب 183. 26ـ الإرشاد للمفيد 244:2 ـ 245. 27ـ المجدي في أنساب الطالبيين للعَمْري 107. 28ـ رجال الكشي. 29ـ عيون أخبار الرضا عليه السّلام، للصدوق 33:1 ـ 37؛ الكافي 316:1. 30ـ سفينة البحار للمحدّث القمّي 99:4؛ المجدي للعمري النسّابة 118. 31ـ الأنعام: 108. 32ـ الأنعام: 68. 33ـ النحل: 116. 34ـ الكافي 378:2 / ح 12. 35ـ عمدة الطالب لابن عنبة 212. 36ـ سفينة البحار للمحدّث القمّي 283:4. 37ـ سفينة البحار للقمّي 283:4. 38ـ التهذيب للشيخ الطوسي 3:6. 39ـ عيون أخبار الرضا للصدوق 38:1 ( آخر وصيّه الإمام الكاظم عليه السّلام ). 40ـ رجال الكشّي 423 ( طبعه النجف ). 41ـ المجدي في أنساب الطالبيّين للعمري النسَّابة 122. 42ـ الذاريات: 17. 43ـ الإرشاد للمفيد 245:2. 44ـ المجدي في أنساب الطالبيين للعمري النسّابة 120. 45ـ روضات الجنّات للخوانساري 97:1. 46ـ عمدة الطالب لابن عنبة 202 ؛ مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الاصفهاني 436. 47ـ عمدة الطالب 202. 48ـ عيون أخبار الرضا عليه السّلام للصدوق 257:2 / ح 1. 49ـ عيون أخبار الرضا عليه السّلام للصدوق 258:2 / ح 2. 50ـ عيون أخبار الرضا عليه السّلام 260:2 / ح 6. 51ـ عُمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب لابن عنبة 202. 52ـ الكافي للكليني 250:1 ـ 251 / ح 14؛ بحار الأنوار 12:48 ـ 14 / ح 1. 53ـ الصافّات:11. 54ـ بحار الأنوار للمجلسيّ 289:48 / ح 6. 55ـ معجم رجال الحديث للسيّد الخوئيّ 63:15. 56ـ مراصد الاطلاع ـ مادّة « شوشة »، ومثله ما في معجم البلدان لياقوت الحمويّ. 57ـ معجم رجال الحديث للخوئي 376:11. 58ـ الاختصاص 102. 59ـ الكافي 2 ـ كتاب الإيمان والكفر ـ ح 3، نقلاً عن معجم رجال الحديث 377:11. 60ـ المجدي في أنساب الطالبيين للعمري 116 ـ 117. 61ـ معجم رجال الحديث للخوئي 156:6؛ الكافي للكلينيّ 509:6 / ح 5. 62ـ المجدي في أنساب الطالبيين 107. 63ـ عمدة الطالب لابن عنبة 199. 64ـ المجدي في أنساب الطالبيين للعمري 107. 65ـ المجدي 107. 66ـ عمدة الطالب لابن عنبة 210. 67ـ عمدة الطالب لابن عنبة 208 ـ 209. <span style="color: #000080;"><strong>أبناء الإمام الكاظم عليه السّلام</strong></span> <p dir="RTL" align="center"><strong> </strong></p> <p dir="RTL"><strong>المقدمة</strong><br /> قال الشيخ المفيد في ( الإرشاد ): وكان لأبي الحسن موسى عليه السّلام سبعة وثلاثون ولداً ذكراً وأنثى، منهم: عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام، وإبراهيم، والعبّاس، والقاسم، لأمّهات أولاد.<br /> وإسماعيل، وجعفر، وهارون، والحسين، لأمّ ولد.<br /> وأحمد، ومحمّد، وحمزة، لأمّ ولد.<br /> وعبدالله، وإسحاق، وعُبيد الله، وزيد، والحسن، والفضل، وسليمان، لأمّهات أولاد..<br /> وكان أفضل ولْد أبي الحسن موسى عليه السّلام وأنبههم وأعظمهم قَدْراً، وأعلمهم وأجمعهم فضلاً: أبوالحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام... ولكلّ واحد من ولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام فضل ومنقبة مشهورة، وكان الرضا عليه السّلام المقدَّمَ عليهم في الفضل حسب ما ذكرناه(1).<br /> أمّا الشيخ ابن شهرآشوب فقال في ( مناقب آل أبي طالب ) في أحوال وتواريخ الإمام الكاظم عليه السّلام: أولاده ثلاثون فقط، ويقال: سبعة وثلاثون. فأبناؤه ثمانية عشر: عليّ الإمام، وإبراهيم، والعبّاس، والقاسم، وعبدالله، وإسحاق، وعبيدالله، وزيد، والحسن، والفضل، من أمّهات أولاد.<br /> وإسماعيل، وجعفر، وهارون، والحسن، من أمّ ولد.<br /> وأحمد، ومحمّد، وحمزة، من أمّ ولد.<br /> ويحيى، وعقيل، وعبدالرحمن(2).<br /> أمّا ابن عنبة النسّابة، فقد ذكر في ( عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب )، في عقب الإمام موسى الكاظم عليه السّلام أنّ موسى الكاظم عليه السّلام وَلَد ستّين ولداً، سبعاً وثلاثين بنتاً، وثلاثة وعشرين ابناً، دَرَج منهم خمسة لم يُعقّبوا، بغير خلاف(3).<br /> وأمّا نجم الدين أبو الحسن عليّ بن محمّد العلويّ العَمْري النسّابة ( من أعلام القرن الخامس الهجريّ ) فذكر في كتابه ( المَجْدي في أنساب الطالبيّين ) أنّ الإمام الكاظم عليه السّلام وَلَد سبعاً وثلاثين بنتاً واثنتين وعشرين ذكراً غير الأطفال(4).</p> <p dir="RTL"><strong> </strong></p> <p dir="RTL"><strong>الحسين بن موسى الكاظم عليه</strong><strong> </strong><strong>السّلام</strong><br /> تحتضن مدينة « طَبَس » مرقداً من مراقد أهل البيت الأطهار عليهم السّلام، هو مرقد الحسين بن موسى الكاظم عليه السّلام أخي الإمام الرضا عليه السّلام ثامن أئمّة أهل البيت عليهم السّلام.<br /> وتقع مدينة طَبَس إلى الجنوب الغربيّ من مدينة مشهد المقدّسة، وسط صحراء فسيحة تُدعى بـ « صحراء لُوط »، إلى الجنوب من مدينة « قايِن » التاريخيّة.<br /> ويتوافد الزوّار على مدينة طبس لزيارة قبر ريحانةٍ من رياحين الرسالة، فيَطْوون فيافي الصحراء اللاهبة، ويذكّرهم لفح هوائها بالشفاه الذابلات لسبط الرسول صلّى الله عليه وآله: الإمام الحسين الشهيد عليه السّلام، وهم يتسابقون إلى زيارة بضعة منه، والتبرّك بلثم أعتاب فلذة من كبده: الحسين بن موسى بن جعفر عليهم السّلام.<br /> ويلوح أمام الأعين المترقّبة منظر فريد: واحة وارفة الظِّلال تغفو وسط الصحراء المترامية، ويجتذب أنظارهم الوهج المتلألئ لقُبّة مشيدة فوق المرقد المقدّس للحسين بن موسى عليه السّلام.<br /> الدخول إلى الصحن المطهّر<br /> نمضي من مركز مدينة طبس باتّجاه الصحن الطاهر، فنَرِد بخشوع الباب الرئيسيّ للصحن، ويُعرف بـ « باب السلام »، ونؤدّي آداب الاستئذان والتحيّة أمام هذه السُّلالة الطيّبة من ذريّة رسول الله صلّى الله عليه وآله.<br /> وهناك أبواب أخرى للصحن الشريف، منها « باب الرضا » يقع في الجانب الشرقيّ من الصحن في الاتجاه المقابل لمشهد الإمام الرضا عليه السّلام في خراسان، وهو باب مفتوح على مصراعيه أشبه بذراعَين مفتوحتَين ممتدّتَين للترحيب بالزائرين الكرام.</p> <hr class="system-pagebreak" title="120" alt="kazem120" /> <p dir="RTL"><br /> وهناك باب آخر في أقصى الصحن، إلى الجانب الشرقيّ منه، يُدعى « باب الشهداء »، يقابله إلى الجانب الغربيّ من الصحن الطاهر باب آخر يُدعى « باب الحوائج »، تيمّناً بذكرى الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السّلام الملّقب بـ « باب الحوائج ». ويقابل باب الرضا عليه السّلام باب يقع في الجانب الغربيّ من الصحن، يُدعى بـ « باب الغدير » تيمّناً بذكرى عيد غدير خُمّ الذي جرى بينابيع الولاية الثرّة المعطاء.<br /> تاريخ بناء المرقد الطاهر<br /> تشير جملة من الآثار إلى أنّ تاريخ تشييد المرقد الطاهر للحسين بن موسى عليه السّلام يرجع إلى القرن الخامس الهجري، وهناك صخرة من الرُّخام تُشير إلى تاريخ 444 هـ، وهو ما يُقارن فترة حكم الملك السلجوقي طغرك بيك.<br /> ومع بداية حكومة الصوفيّين وانتشار التشيّع في إيران باعتباره المذهب الرسميّ للبلاد، أُعيد ترميم وإعمار المرقد الطاهر، وأضيف إليه الصحن وشُيّدت فيه أروقة عديدة، كما أعيد إعمار القبّة الشريفة وتزيينها، وجرى تعيين مجموعة من الأوقاف رُصدت عائداتها لتأمين نفقات المرقد الشريف.<br /> وقد أُعيد حديثاً بناء المرقد الطاهر والصحن الملحق به، وأضيف إليه أبنية تضمّ مراكز ثقافية وخدميّة لتأمين الخدمات للزائرين الكرام. وأضحت مدينة طبس ببركة المرقد الطاهر للحسين بن موسى عليه السّلام مزاراً يؤمّه الزائرون المشتاقون من أقاصي البلاد، ويُعرِّج عليها زائرو أخيه شمس الشموس وأنيس النفوس، المدفون بطوس: الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه آلاف التحيّة والثناء.</p> <p dir="RTL"><strong> </strong></p> <p dir="RTL"><strong>ريحانة لرسول الله صلّى الله عليه وآله في أحضان</strong><strong> </strong><strong>الصحراء</strong><br /> تشير جملة من المصادر التاريخية، من جملتها الرسالة التي بعث بها الإمام أبو الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام إلى عامل طبس في شهر شعبان لسنة 199 هـ، إلى أنّ الحسين بن موسى الكاظم عليه السّلام وُلد في أواخر القرن الثاني الهجري، وفي حدود سنة 178 هـ؛ فقد كان العلويّون والشيعة آنذاك مُلاحَقون من قِبل عمّال بني العبّاس، الأمر الذي دفع بالحسين ـ وكان حينذاك فتى صغيراً ـ إلى التواري والتخفيّ.<br /> يقول النسّابة المعروف السيّد المرعشي النجفي رضي الله عنه في هذا الشأن:<br /> لظاهر من كتب الأنساب والمشجّرات أنّ الحسين بن موسى هو من أولاد الإمام موسى بن جعفر بلا فصل، وليس في هذا الأمر شكّ لدى علماء الأنساب. ويعتقد طائفة من النسّابة أنّ الحسين كان له عَقِب، وأنّ ذريّته قد عاشوا منذ تلك الفترة في نفس مدينة طبس.<br /> وكان جماعة من أهل البيت ومن ولد الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام قد لجأوا سرّاً إلى « شيراز » و « وَرامين » و « كاشْمَر »، و « طَبَس »، ثم استشهدوا في تلك المناطق على أيدي عمّال المأمون.<br /> ولمّا بلغ الإمامَ الرضا عليه السّلام أنّ أخاه الحسين سار إلى خراسان، كتب رسالةً إلى عامر بن زروامهر ( مَرزبان طبسين ) ـ وكان الإمام يثق به على الظاهر ـ للعثور على أخيه الحسين.<br /> ومن خلال مطالعة سطور هذه الرسالة يتبيّن لنا جلالة قدر الحسين بن موسى ومنزلته عند أخيه الرضا عليه السّلام، حيث كتب عليه السّلام إلى مرزبان طبس يُخبره أنّهم فقدوا غلاماً راهَقَ الحُلُم ابن اثنتي عشرة سنة ـ وهو الحسين بن موسى ـ وأنّ فقده قد أورث الإمام الرضا عليه السّلام الحزن والأسى، ثمّ يطلب عليه السّلام من مرزبان طبس ومن معه من أوليائه أن يبحثوا عن الحسين في تلك الناحية، وأن يتعاهدوه إن هم عثروا عليه أن يبرّوه ويلطفوا به ويُخبروا الإمام الرضا عليه السّلام بخبره إلى أن يردّ الله تعالى هذا الغلام المفقود إلى عائلته التي دخلها الاضطراب لفقده. ثمّ يختتم الإمام الرضا عليه السّلام رسالته إلى مرزبان طبس بتذكيره ايّاه بالآية الكريمة <img src="" v:shapes="_x0000_i1025" width="9" height="16" />إنّ اللهَ يأمُركُم أن تُؤدّوا الأماناتِ إلى أهلِها <img src="" v:shapes="_x0000_i1026" width="9" height="16" />، وفي ذلك إشارة إلى أنّ أهل البيت عليه السّلام ـ والحسينُ بن موسى منهم ـ أمانة إلهيّة مُستودَعة لدى الناس، وأنّ عليهم تَعاهدَ هذه الأمانة الكريمة حتّى يردّوها إلى أهلها(5).</p> <hr class="system-pagebreak" title="121" alt="kazem121" /> <p dir="RTL"><br /> أوصافه<br /> وصفه الإمام الرضا عليه السّلام في رسالته إلى مرزبان طبس بأنّه أسمر اللون، طويل، في بياض عينه اليمنى نقطة حمراء، قاني الوجنتَين، سَبْط الشعر طويل الساعدَين.<br /> وره في الحديث<br /> روى الحسين بن موسى عن أبيه الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام، وروى عن أمّه عن أبيه عليه السّلام، وروى عن أمّ أحمد بنت موسى عليه السّلام، عن الإمام الكاظم عليه السّلام، وروى عن الإمام الرضا عليه السّلام ما يدلّ على إمامته عليه السّلام من الإخبار بالمغيّبات. كما روى عنه أحمد بن محمّد وإبراهيم بن إسحاق الأحمر وإسحاق بن محمد البصري.<br /> حديثه<br /> روى الكشّيّ في رجاله بإسناده عن أبي عبدالله الحسين بن موسى بن جعفر، قال: كنتُ عند أبي جعفر [ الجواد ] عليه السّلام بالمدينة وعنده عليّ بن جعفر وأعرابي من أهل المدينة جالس، فقال لي الأعرابي: مَن هذا الفتى ؟ ـ وأشار إلى أبي جعفر عليه السّلام ـ قلتُ: هذا وصيّ رسول الله صلّى الله عليه وآله.<br /> قال: يا سُبحان الله! رسولُ الله صلّى الله عليه وآله قد مات منذ مائتي سنة وكذا وكذا سنة، وهذا حَدَث، كيف يكون هذا وصيَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله ؟!<br /> قلتُ: هذا وصيّ عليّ بن موسى، وعليّ وصيّ موسى بن جعفر، وموسى وصيّ جعفر بن محمّد، وجعفر وصيّ محمّد بن عليّ، ومحمّد وصيّ عليّ بن الحسين، وعليّ وصيّ الحسين، والحسين وصيّ الحسن، والحسن وصيّ عليّ بن أبي طالب، وعليّ بن أبي طالب وصيّ رسول الله صلّى الله عليه وآله.<br /> قال: ودنا الطبيب ليقطع له العِرف، فقام عليّ بن جعفر فقال: يا سيّدي، يبدأ بي ليكون حدّة الحديد في قبلك. قال قلتُ: يَهنيك، هذا عمّ أبيه.<br /> قال: فقطع له العرق، ثمّ أراد أبو جعفر عليه السّلام النهوض، فقام عليّ بن جعفر عليه السّلام فسوّى له نعلَيه حتّى يلبسهما(6).</p> <p dir="RTL">وروى الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السّلام بإسناده عن الحسين بن موسى بن جعفر عليه السّلام، قال:<br /> خرجنا مع أبي الحسن الرضا عليه السّلام إلى بعض أملاكه في يومٍ لا سحاب فيه، فلمّا برزنا قال: حَمَلتم معكم المَماطِر ؟ قلنا: لا، وما حاجتُنا إلى المَماطر وليس سحاب ولا نتخوّف المطر ؟! فقال: لكنّي حَمَلتُ وستُمطَرون.<br /> قال: فما مَضَينا إلاّ يسيراً حتّى ارتفعت سحابةٌ ومُطِرنا حتّى أهَمَّتنا أنفسُنا، فما بقي منّا أحدٌ إلاّ ابتلّ(7).</p> <p dir="RTL">وروى الكليني بإسناده عن الحسين بن موسى، قال:<br /> كان أبو الحسن عليه السّلام مع رجالٍ عند قبر رسول الله صلّى الله عليه وآله، فنظر إليه وقد أخذ الحنّاء من يدَيه، فقال بعض أهل المدينة: أما تَرَون إلى هذا كيف أخذ الحنّاء من يدَيه! فالتفت إليه فقال له: فيه ما تَخبره وما لا تَخبره، ثمّ التفت إليّ فقال: إنّه من أخذ من الحنّاء بعد فراغه من إطلاء النورة من قَرنه إلى قدمَيه، أمِن من الأدواء الثلاثة: الجنون والجُدَام والبرص(8).</p> <p dir="RTL">وروى الكليني أيضاً بإسناده عن الحسين بن موسى، عن أمّه وأم أحمد بنت موسى قالتا: كنّا مع أبي الحسن عليه السّلام بالبادية ونحن نريد بغداد، فقال لنا يوم الخميس: اغتسلا اليوم لغدٍ يوم الجمعة، فإنّ الماء بها غداً قليل. فاغتسلنا يوم الخميس ليوم الجمعة(9).<br /> عقبه<br /> اختلف علماء الأنساب في عقب الحسين بن موسى، فمنهم من قال: إنّه لم يعقب، ومنهم من ذكر أنّه أعقب، وأن نسبه ينتهي إلى عبدالله وأحمد ابنَي محمّد بن عبدالله بن عمر بن أحمد ابن الحسين بن موسى، ولهما ( لعبدالله وأحمد ) عقب في طبس، منهم أبو طالب العالم الشاعر ابن أحمد المذكور(10).</p> <hr class="system-pagebreak" title="122" alt="kazem122" /> <p dir="RTL"><strong> </strong></p> <p dir="RTL"><strong>إبراهيم بن موسى الكاظم عليه</strong><strong> </strong><strong>السّلام</strong><br /> سماته<br /> قال الشيخ المفيد في ( الإرشاد ): إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام، وكان شجاعاً كريماً، وتقلّد الإمرة على اليمن في أيّام المأمون من قِبل محمّد بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام، الذي بايعه أبو السَّرايا بالكوفة، ومضى إليها ففتحها وأقام بها مدّة، إلى أن كان من أم أبي السرايا ما كان، فأُخذ له الأمان من المأمون(11).<br /> ونقل ابن شَدقَم في ( تحفة الأزهار ) عن جدّه، أنّ إبراهيم بن موسى كان عالماً فاضلاً كاملاً من أئمّة الزيديّة، وكان شيخاً كبيراً كريماً(12).<br /> وقد امتدحه جماعة، منهم المجلسي في ( الوجيزة )، وذكر المفيد في ( الإرشاد ) أنّ لكلّ واحد من وُلد أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام فضلاً ومنقبة مشهورة، وأنّ الإمام الرضا عليه السّلام كان المقدَّم عليهم في الفضل(13).<br /> وقال المجلسي في ( الوجيزة ): إبراهيم بن موسى بن جعفر، ممدوح. وكان أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام أوصى إلى ابنه عليّ الرضا عليه السّلام وأفرده بالوصيّة في الباطن، وضمّ إليه في الظاهر: إبراهيمَ والعبّاس والقاسم وإسماعيل وأحمد وأمّ أحمد، وقال عليه السّلام في وصيّته: وإنّما أردتُ بإدخال الذين أدخلتُ معه من أولادي التنويه بأسمائهم والتشريف لهم، وإنّ الأمر إلى عليّ عليه السّلام، إن رأى أن يُقِرّ إخوته الذين سمّيتُهم في كتابي هذا أقرَّهم، وإن كَرِه فله أن يُخرجهم.<br /> اشتراكه في الثورة على العبّاسيين<br /> لمّا ثار أبو السَّرايا: السَّري بن منصور الشيباني في الكوفة سنة 199 هـ واحتلّها وقُوِي أمره، أسند إلى إبراهيم بن موسى الولايةَ على اليمن، فسار إبراهيم إليها فأذعن له أهلها بعد وقعة يسيرة بينهم(14)، وخاف المأمون العبّاسي منه فخادعه باستخلافه على اليمن، ثمّ إنّ الإمام الرضا عليه السّلام تشفّع فيه لدى المأمون بعد انكسار أبي السرايا، فشفّعه فيه وأطلق سراحه، ثمّ دسّ له السمّ فمات(15).<br /> قولُه بالوقف<br /> روى الشيخ الصدوق في ( عيون أخبار الرضا عليه السّلام ) بإسناده عن بكر بن صالح، قال: قلتُ لإبراهيم بن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام: ما قولُك في أبيك ؟<br /> قال: هو حيّ. قلتُ: فما قولك في أخيك أبي الحسن ؟<br /> قال: هو ثقة صدوق. قلتُ: فإنّه يقول إنّ أباك قد مضى.<br /> قال: هو أعلم بما يقول. فأعَدتُ عليه فأعاد عليّ. قلتُ: فأوصى أبوك ؟ قال: نعم. قلت: إلى مَن أوصى ؟ قال: إلى خمسةٍ منّا، وجعل عليّاً المتقدّمَ علينا(16).<br /> ـ وروى الكُليني في ( الكافي ) بإسناده عن عليّ بن أسباط قال: قلت للرضا عليه السّلام: إنّ رجلاً عنّى أخاك إبراهيم، فذكر له أنّ أباك في الحياة، وأنّك تعلم من ذلك ما يعلم. فقال: سُبحان الله! يموت رسولُ الله صلّى الله عليه وآله ولا يموت موسى عليه السّلام ؟! قد ـ واللهِ ـ مضى كما مضى رسول الله صلّى الله عليه وآله، ولكنّ الله تبارك وتعالى لم يَزَل منذ قَبضَ نبيّه صلّى الله عليه وآله هلمّ جرّاً يَمُنّ بهذا الدين على أولاد الأعاجم ويصرفه عن قرابة نبيّه صلّى الله عليه وآله هلمّ جرّاً، فيُعطي هؤلاء ويمنع هؤلاء. لقد قضيتُ عنه ( أي عن إبراهيم ) في هلال ذي الحجّة ألف دينار بعد أن أشفى على طلاق نسائه وعِتق مماليكه، ولكنْ قد سمعتَ ما لقَي يوسف عليه السّلام من إخوته(17).<br /> وفي الحديث الأخير تعريض واضح بإبراهيم بن موسى، وعتب من الإمام الرضا عليه السّلام على إبراهيم وإخوته، وأنّه لقي منهم من الحسد ما لقيه يوسف عليه السّلام من إخوته.<br /> وقد ذكر ابن الطقطقي في كتابه في الأنساب، المطبوع باسم ( غاية الاختصار في أخبار البيوتات العلويّة المحفوظة من الغبار ) أنّه يُقال: إنّ إبراهيم بن موسى ظَهَر داعياً إلى أخيه الرضا عليه السّلام، وأنّ ذلك بلغ المأمون، فشفّع الإمام الرضا عليه السّلام فيه وتركه(18).<br /> عبادته</p> <hr class="system-pagebreak" title="124" alt="kazem124" /> <p dir="RTL"><br /> قال ابن الفوطي: المرتضى أبو أحمد إبراهيم بن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق ابن محمد الباقر. العلويّ العابد، كان من العبّاد الزهّاد، العلماء الأفراد، وكان يترنّم دائماً بهذه الأبيات:</p> <table dir="rtl" border="0" cellpadding="0" cellspacing="0"> <tbody> <tr> <td> <p dir="RTL">لا تُغبَطنّ إذا الدنيـا تزخرفـها</p> </td> <td width="50"> <p dir="RTL"> </p> </td> <td> <p dir="RTL">ولا لِلذّةِ وقـتٍ عُجِّلَت فَـرَحـا</p> </td> </tr> <tr> <td> <p dir="RTL">فالدهـرُ أسـرعُ شيءٍ في تقلُّبهِ</p> </td> <td width="50"> <p dir="RTL"> </p> </td> <td> <p dir="RTL">وفِعلُهِ بيّـنٌ للخلق قـد وَضَحـا</p> </td> </tr> <tr> <td> <p dir="RTL">كشـاربٍ عَسَـلاً فيـه مَنيّتُـه</p> </td> <td width="50"> <p dir="RTL"> </p> </td> <td> <p dir="RTL">فكم تَقلَّد سيفاً مَن بهِ ذُبِحا ؟!(19)</p> </td> </tr> </tbody> </table> <p dir="RTL">وفاته وقبره<br /> توفّي إبراهيم بن موسى عليه السّلام ببغداد، وقبره بمقابر قريش عند أبيه عليه السّلام في تربة مفردة معروفة. ودفُن ابنه موسى مجاوراً له. قال ابن الطقطقي في كتابه ( غاية الاختصار ): فَحَصتُ عن قبره فدُلِلتُ عليه، وإذا بوصفهِ في دهليزِ مجرةٍ صغيرة مِلك مبارك الجوهري الهندي. ومبارك الهندي هو أمير الدين الجوهري نقيب مشهد الإمام الكاظم عليه السّلام(20).<br /> وهناك في مدينة شيراز مزار يتألّف من مرقدين لابنَي الإمام الكاظم عليه السّلام، هما: السيّد أحمد المعروف بـ « شاه چراغ »، والسيّد إبراهيم.<br /> وجاء في هامش ( الفوائد الرجالية ) للسيّد بحر العلوم: كان في صحن حرم الكاظمَين عليهما السّلام قبران ـ وقد هُدِما أخيراً ـ يزورهما الزائرون، وينسبون أحدهما إلى إبراهيم الأكبر ابن الإمام موسى الكاظم عليه السّلام، الذي هو صاحب أبي السرايا على الأشهر؛ فإنّه قد حارب المأمونَ وكُسر وفرّ إلى مكّة. ولمّا جاء المأمون إلى بغداد بعد شهادة الإمام الرضا عليه السّلام، جاء إبراهيم إلى بغداد فآمنه المأمون، ومات ببغداد ودُفن قرب قبر أبيه(21).<br /> ثمّ قال: وما ذكر صاحب ( غاية الاختصار ) من أنّ قبر إبراهيم وقبر ابنه موسى أبي شجّة بمقابر قريش في بغداد، يُنافي ما ذكره سيّدنا الحجّة الصدر الكافي من أنّ قبريهما في كربلاء خلف ضريح الإمام الحسين عليه السّلام. ولعلّهما نُقلا إلى كربلاء بعد دفنهما بمقابر قريش(22). ويؤيّده ما ذكره صاحب ( عمدة الطالب )، فقد قال بعد أن ذكر إبراهيم وذكر عقبه: وهؤلاء كلّهم في الحائر(23). ويبدو أنّ ما قاله أبو نصر البخاري يوضّح حقيقة الأمر، فقد ذكر أنّ إبراهيم الاكبر ( وأمّه أمّ وَلَد نوبيّة اسمها نجيّة ) ظهر باليمن وهو أحد أئمّة الزيديّة، وقد عرَفْنا حاله وأنّه لم يعقّب، وأعقب إبراهيم الأصغر المرتضى بنُ الكاظم عليه السّلام من رجلَين: موسى أبي سبحة ( شجّة ) وجعفر(24)؛ وهو ما يُدلّل على أنّ للإمام الكاظم عليه السّلام ولدين: أحدهما إبراهيم الأكبر المدفون بمقابر قريش في بغداد، وإبراهيم الأصغر المُجاب المدفون بالحائر.<br /> عقبه<br /> لم يعقب إبراهيم الأكبر، أما إبراهيم الأصغر فقد أعقب من رجلَين: موسى أبي سبحة ( شجّة ) وجعفر. وقال الشيخ أبو نصر البخاري: لا يصحّ لإبراهيم المرتضى بن موسى الكاظم عليه السّلام عقب إلاّ من موسى بن إبراهيم وجعفر بن إبراهيم(25).</p> <p dir="RTL"><strong> </strong></p> <p dir="RTL"><strong>أحمد بن موسى الكاظم عليه السّلام</strong><br /> كان أحمد بن موسى كريماً جليلاً ورعاً، وكان أبو الحسن موسى عليه السّلام يحبّه ويُقدّمه، ووَهَب له ضيعته المعروفة بـ « اليسيرة ». ويقال إنّ أحمد بن موسى رضي الله عنه أعتق ألف مملوك.<br /> روى الشيخ المفيد بإسناده عن الشريف أبي محمد الحسن بن محمد بن يحيى، قال: حدّثنا جدّي، قال: سمعتُ إسماعيل بن موسى يقول: خرج أبي بولده إلى بعض أمواله بالمدينة، قال: فكنّا في ذلك المكان، وكان مع أحمد بن موسى عشرون من خدم أبي وحشمه، إن قام قاموا معه وإن جلس جلسوا معه، وأبي بعد ذلك يرعاه ببصره ما يغفل عنه، فما انقلبنا حتّى انشجّ أحمد بن موسى بيننا(26).</p> <hr class="system-pagebreak" title="125" alt="kazem125" /> <p dir="RTL"><br /> وذكر العَمْري في « المجدي في أنساب الطالبيّين » أن قبر أحمد بن موسى الكاظم عليه السّلام بشيراز، وهو المعروف عند العوام بـ « شاه چراغ » وذكر أنّه لم يعقّب(27)<br /> وروى الكشّي في رجاله بإسناده عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أحمد بن أسيد، قال: لمّا كان من أمر أبي الحسن [ الكاظم ] عليه السّلام ما كان، قال إبراهيم وموسى ابنا أبي سمال: فنأتي أحمد ابنه. قال: فاختَلَفا إليه زماناً، فلمّا خرج أبو السَّرايا ( في ثورته ) خرج أحمد بن أبي الحسن معه، فأتينا إبراهيم وإسماعيل فقلنا لهما: إنّ هذا الرجل قد خرج مع أبي السرايا، فما تقولان ؟ قال: فأنكرا ذلك مِن فعله ورجعا عنه وقالا: أبو الحسن حيّ، نثبت على الوقف ( أي التوقّف في الإمامة عند الإمام موسى الكاظم عليه السّلام ). وأحسب هذا ـ يعني إسماعيل بن أبي سمال ـ مات على شكّه(28).<br /> وذكر الشيخ الصدوق في « عيون أخبار الرضا »، والشيخ الكليني في « الكافي » أنّ الإمام الكاظم عليه السّلام أدخل ابنه أحمد مع أمّه في وصيّته إلى أولاده(29).</p> <p dir="RTL"><strong> </strong></p> <p dir="RTL"><strong>إسحاق بن الإمام الكاظم عليه</strong><strong> </strong><strong>السّلام</strong><br /> لُقّب إسحاق بن الإمام موسى الكاظم عليه السّلام بالأمين، وكان من أصحاب الإمام الرضا عليه السّلام، توفّي سنة 240 هـ، وعُمّرت ابنتُه رقيّة عمراً طويلاً وتوفّيت سنة 316 هـ في بغداد. وإسحاق هو جدّ الشيخ الزاهد الورع أبي طالب محمد الملهوس وأبي جعفر محمد الصورانيّ الذي قُتل في شيراز وبها قبره(30).<br /> روايته<br /> وروى إسحاق عن أخيه وعن عمّه، عن أبي عبدالله الصادق عليه السّلام، وروى الشيخ الكليني في الكافي بإسناده عن إسحاق بن موسى، قال: حدّثني أخي وعمّي عن أبي عبدالله عليه السّلام، قال: ثلاثة مجالس يَمقتُها الله ويُرسل نقمتَه على أهلها، فلا تُقاعِدوهم ولا تُجالِسوهم: مجلساً فيه مَن يَصف لسانُه كذباً في فُتياه، ومجلساً ذِكرُ أعدائنا فيه جديدٌ وذِكرنا فيه رَثّ، ومجلساً فيه مَن يصدّ عنّا وأنت تعلم. قال: ثمّ تلا أبو عبدالله عليه السّلام ثلاثَ آياتٍ من كتاب الله كأنّما كُنّ في فيه ـ أو قال: في كفّه ـ: <img src="" v:shapes="_x0000_i1027" width="9" height="16" />ولا تَسُبُّوا الذينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فيَسبّوا اللهَ عَدْواً بغيرِ عِلم <img src="" v:shapes="_x0000_i1028" width="9" height="16" />(31)؛ <img src="" v:shapes="_x0000_i1029" width="9" height="16" />وإذا رأيتَ الذينَ يَخوضُونَ في آياتِنا فأعرِضْ عَنهُم حتّى يَخوضوا في حديثٍ غيرهِ <img src="" v:shapes="_x0000_i1030" width="9" height="16" />(32)؛ <img src="" v:shapes="_x0000_i1031" width="9" height="16" />ولا تقولوا لِما تَصِفُ ألسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هذا حَلالٌ وهذا حرامٌ لِتَفتَروا على اللهِ الكَذِب <img src="" v:shapes="_x0000_i1032" width="9" height="16" />(33)(34).</p> <p dir="RTL"><strong> </strong></p> <p dir="RTL"><strong>إسماعيل بن الإمام الكاظم عليه</strong><strong> </strong><strong>السّلام</strong><br /> سَكَن إسماعيل بن الإمام الكاظم عليه السّلام مصر، وولدُه بها، وعَقِبُه من موسى بن إسماعيل وحده. ومن ولد موسى هذا: جعفر بن موسى بن إسماعيل الذي يُعرف بابن كَلْثَم، ويُقال لأولاده « الكَلثَميّون »، وهم بمصر، منهم بنو السمسار وبنو أبي العسّاف وبنو نسيب الدولة وبنو الورّاق(35).<br /> ولإسماعيل كتب مبوّبة يرويها عن أبيه، عن آبائه، منها: كتاب الطهارة وكتاب الصلاة. وذكر الكشّي في ترجمة صفوان بن يحيى الذي توفّي في المدينة سنة 210 هـ أنّ الإمام الجواد عليه السّلام بعث إليه بحنوطه وكفنه وأمر إسماعيل بن موسى بالصلاة عليه(36).<br /> من كتب إسماعيل بن الكاظم عليه السّلام: كتاب « الجعفريّات »، سُمّي بالجعفريّات لأنّ جميع رواياته رواها إسماعيل عن أبيه موسى عن جدّه جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام. وقد يُقال لها « الأشعثيّات » باعتبار أنّ محمّد بن محمّد بن الأشعث روى أكثرها عن موسى بن إسماعيل بن جعفر عليه السّلام.<br /> وأخبار كتاب « الجعفريّات » كلّها مرويّة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أو عن أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام، وقد ينتهي السند فيها ـ في موارد قليلة ـ إلى الإمام السجّاد أو الإمام الباقر أو الإمام الصادق عليهم السّلام. وقد فرّق المحدّث النوري أخبار الجعفريات في أجزاء كتابه مستدرك الوسائل(37).</p> <hr class="system-pagebreak" title="127" alt="kazem127" /> <p dir="RTL"><br /> وأوّل أحاديث ( كتاب الجعفريّات ) مرويّ عن أبي محمّد عبدالله بن محمّد بن الأشعث الكوفي في كتابه سنة 314 هـ، قال: حدّثني أبو الحسن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام. قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: الماءُ يُطهِّر ولا يُطهَّر.<br /> وروى الشيخ الطوسي في ( التهذيب ) عن إسماعيل بن موسى، بإسناده إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله، قال: صِلَة الرَّحم تَزيد في العمر، وتَنفي الفَقر(38).<br /> وروي أنّ الإمام الكاظم عليه السّلام أدخل إسماعيلَ ولدَه في وصيّته إلى أولاده من بعده. وروي عن الإمام الرضا عليه السّلام أنّ أباه الكاظم عليه السّلام قدّم إسماعيل في صدقته على العبّاس وهو أصغر منه(39).<br /> وفي أمر الإمام الجواد عليه السّلام لإسماعيل بن موسى بالصلاة على صفوان بن يحيى إشارة إلى جلالته وصحّة عقيدته(40).<br /> ومن ولد إسماعيل: أبو جعفر محمد نقيب الموصل أيّام ناصر الدولة ابن حمدان(41).</p> <p dir="RTL"><strong> </strong></p> <p dir="RTL"><strong>محمّد العابد بن الإمام الكاظم عليه</strong><strong> </strong><strong>السّلام</strong><br /> قال الشيخ المفيد: وكان محمّد بن موسى عليه السّلام من أهل الفضل والصلاح؛ أخبرني أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى، قال: حدّثني جدّي، قال: حدّثتني هاشميّة مولاة رُقيّة بنت موسى عليه السّلام، قالت: كان محمّد بن موسى صاحب وضوء وصلاة، وكان ليله كلّه يتوضّأ ويصلّي، فنسمع سَكْب الماء والوضوء، ثمّ يصلّي ليلاً، ثمّ يهدأ ساعة فيرقد، ويقوم فنسمع سَكْب الماء والوضوء، ثمّ يصلّي، ثمّ يرقد سُوَيعةً، ثمّ يقوم فنسمع سَكْب الماء والوضوء، ثمّ يصلّي، فلا يزال ليله كذلك حتّى يُصبح؛ وما رأيتُه قطّ إلاّ ذكرتُ قولَه تعالى <img src="" v:shapes="_x0000_i1033" width="9" height="16" />كانُوا قَليلاً مِن الليلِ ما يَهْجَعُون <img src="" v:shapes="_x0000_i1034" width="9" height="16" />(42)(43).<br /> ووَلَد محمدُ بن الكاظم عليه السّلام ـ وهو لأمّ وَلَد ـ سبعةَ أولاد، منهم أربعُ بنات، هُنّ: حكيمة، وكلثوم، وبُرَيهة، وفاطمة؛ والرجال: جعفر أولَدَ وانقَرَض، ومحمّد الزاهد النسّابة رحمه الله مُقِلّ، وإبراهيم الضرير الكوفي، منه عَقِبُه(44).<br /> وذكر السيّد جعفر آل بحر العلوم في ( تحفة العالم ) أنّ محمّد العابد دخل شيراز في أيّام الخلفاء العبّاسيّين واختفى فيها، ومن أجرة كتابة القرآن أعتق ألف نسمة... وعُرف قبره في زمن أتابك بن سعد بن رنكي ( ت 659 هـ ) فبنى له قبّة في محلّة « باغ قتلغ »، وقد جُدِّد بناؤه مرّات عديدة، منها في زمان السلطان نادر خان، وفي سنة 1296 هـ رمّمه النوّاب أُويس ميرزا القاجاري(45).<br /> وقال السيّد نعمة الله الجزائري في ( الأنوار النعمانيّة ) بعد ترجمة محمّد العابد وأحمد بن موسى عليه السّلام: وهما مدفونان في شيراز، والشيعة تتبرّك بقبريهما، وتُكثر زيارتهما.</p> <hr class="system-pagebreak" title="127" alt="kazem127" /> <p dir="RTL"><br /> وقال ابن شدقم في ( تحفة الازهار ): محمّد العابد خلّف ابنين: تاج الدين أبا محمّد إبراهيم الضرير ـ يُعرف بالمُجاب ـ وأبا جعفر محمّد الزاهد. والسبب في تلقيبه ـ يقصد إبراهيم الضرير ـ بالمجاب، قيل إنّه قصد زائراً قبر جدّه أمير المؤمنين عليه السّلام، فأجابه الإمام من الضريح.</p> <p dir="RTL"><strong> </strong></p> <p dir="RTL"><strong>زيد بن الإمام الكاظم عليه السّلام</strong><br /> ساهم زيد بن موسى عليه السّلام في الثورة على العبّاسيين، فقد خرج أيّام أبي السَّرايا، فعَقَد له محمّد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام على الأهواز، ولمّا دخل البصرة وغلب عليها أحرق دُورَ بني العبّاس وأضرم النار في نخيلهم وجميع أسبابهم، فقيل له « زيد النار »(46).</p> <p dir="RTL">ثمّ حاربه الحسن بن سهل فظفر به وأرسله إلى المأمون، فأُدخل عليه بـ « مَرْو » مقيّداً، فأرسله المأمون إلى أخيه عليّ الرضا عليه السّلام ووهب له جُرمَه فحلف عليّ الرضا عليه السّلام أن لا يكلّمه أبداً وأمر بإطلاقه، ثمّ إنّ المأمون سقاه السمّ فمات(47).<br /> وروى الشيخ الصدوق بإسناده عن الحسن بن موسى بن علي الوشّاء البغداديّ، قال: كنت بخراسان مع عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام في مجلسه وزيدُ بن موسى حاضر، قد أقبل على جماعة في المجلس يفتخر عليهم ويقول: نحن ونحنُ؛ وأبو الحسن عليه السّلام مُقبِل على قومٍ يحدّثهم، فسمع مقالة زيد، فالتفت إليه فقال: يا زيد، أغرّكَ قولُ ناقلي الكوفة « إنّ فاطمة عليها السّلام أحصنت فرجها، فحرّم اللهُ ذرّيّتها على النار »، فواللهِ ما ذاك إلاّ للحسن والحسين وولد بطنها خاصّة، فأمّا أن يكون موسى بن جعفر عليهما السّلام يطيع اللهَ ويصوم نهارَه ويقوم ليلَه، وتعصيه أنت، ثمّ تجيئان يوم القيامة سواء ؟! لأَنتَ أعزّ على الله عزّوجلّ منه! إنّ عليّ بن الحسين عليه السّلام كان يقول: لِمُحسننا كِفْلان من الأجر، ولمُسيئنا ضِعفان من العذاب(48).<br /> وروى الصدوق بإسناده عن ابن أبي عبدون، عن أبيه، قال: لمّا جيء بزيد بن موسى أخي الرضا عليه السّلام إلى المأمون، وقد خرج بالبصرة وأحرق دور العبّاسيين، وذلك في سنة تسع وتسعين ومائة، فسُمّي « زيد النار »، قال له المأمون: يا زيد، خرجتَ بالبصرة وتركتَ أن تبدأ بدور أعدائنا من بني أميّة وثقيف وعَدِيّ وباهلة وآل زياد، وقصدتَ دور بني عمّك ؟!<br /> قال ـ وكان مزّاحاً ـ: أخطأتُ يا أمير المؤمنين من كلّ جهة، وإن عُدتُ بدأتُ بأعدائنا! فضحك المأمون وبعث به إلى أخيه الرضا عليه السّلام وقال: قد وهبتُ جُرمَه إليك. فلمّا جاءوا به عَنّفه وخلّى سبيله، وحَلَف أن لا يكلّمه أبداً ما عاش(49).<br /> وروى الصدوق بإسناده عن الحسن بن الجهم، قال: كنتُ عند الرضا عليه السّلام وعنده زيد بن موسى أخوه، وهو يقول: يا زيد، اتّقِ الله، فإنّه بَلَغْنا ما بلغنا بالتقوى؛ فمَن لم يتّقِ اللهَ ولم يُراقبه فليس منّا ولسنا منه. يا زيد، إيّاكَ أن تُهين مَن به تصول مِن شيعتنا فيذهب نورك. يا زيد، إنّ شيعتنا إنّما أبغضهم الناس وعادَوُهم واستَحلُّوا دماءهم وأموالهم لمحبّتهم لنا واعتقادهم لولايتنا؛ فإن أنت أسأتَ إليهم ظلمتَ نفسَك وبطّلتَ حقّك(50).</p> <hr class="system-pagebreak" title="128" alt="kazem128" /> <p dir="RTL"><br /> وقال الشيخ أبو نصر البخاريّ: زيد بن موسى لم يُعقّب، وجماعة من المنتسبين إليه بأرجّان اليوم، وهم ـ على ما يزعمون ـ من وُلد زيد بن علي بن جعفر بن زيد بن موسى، وهو غير صحيح.<br /> وقال غير البخاري ـ وعليه الشيخ العمري وشيخ الشرف العبيدليّ وأبو عبدالله بن طباطبا وغيرهم ـ: أعقبَ زيدُ النار بن موسى الكاظم عليه السّلام من أربعة رجال: الحسن ولده بالمغرب والقيروان، والحسين المحدّث، وجعفر، وموسى الأصمّ(51).</p> <p dir="RTL"><strong> </strong></p> <p dir="RTL"><strong>القاسم بن الإمام الكاظم عليه</strong><strong> </strong><strong>السّلام</strong><br /> من أولاد الإمام الكاظم عليه السّلام، وكان الإمام الكاظم عليه السّلام يحبّه ويرأف به، يشهد بذلك الرواية التي رواها الكلينيّ بإسناده إلى يزيد بن سليط في حديثه مع أبي عبدالله الصادق وأبي إبراهيم الكاظم عليه السّلام، وجاء في الحديث المذكور أنّ الإمام الكاظم عليه السّلام قال ليزيد بن سليط: يا أبا عمارة، إنّي خرجتُ من منزلي فأوصيتُ إلى ابني فلان ( يقصد الإمامَ الرضا عليه السّلام )، وأشركتُ معه بَنيّ في الظاهر، وأوصيتُه في الباطن وأفردتُه وحده، ولو كان الأمرُ إليّ لجعلتُه في القاسم ابني لحبّي إيّاه ورأفتي عليه، ولكن ذلك إلى الله عزّوجلّ يجعله حيث يشاء(52).<br /> وروى الكلينيّ بإسناده عن سليمان الجوهريّ، قال: رأيتُ أبا الحسن [ الكاظم ] عليه السّلام يقول لابنه القاسم: قُم يا بُنيّ فاقرأ عند رأس أخيك <img src="" v:shapes="_x0000_i1035" width="9" height="16" />والصافّات صفّاً <img src="" v:shapes="_x0000_i1036" width="9" height="16" />حتّى تستتمّها ـ وكان أحد أبناء الإمام الكاظم عليه السّلام يحتضر ـ فقرأ، فلمّا بلغ <img src="" v:shapes="_x0000_i1037" width="9" height="16" />أَهُم أشَدُّ خَلْقاً أم مَن خَلَقْنا <img src="" v:shapes="_x0000_i1038" width="9" height="16" />(53) قضى الفتى، فلمّا سُجّي وخرجوا أقبل عليه يعقوب بن جعفر فقال له: كنّا نعهد الميّت إذا نزل به الموت يُقرأ عنده <img src="" v:shapes="_x0000_i1039" width="9" height="16" />يس * والقرآنِ الحكيم <img src="" v:shapes="_x0000_i1040" width="9" height="16" />، فصرتَ تأمرنا بالصافّات! فقال: يا بُنيّ، لم تُقرأ عند مكروبٍ من موتٍ قطُّ إلاّ عجّل اللهُ راحتَه(54).<br /> وروى الكليني في الكافي أنّ الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام جعل ابنه القاسم متولّياً على صدقته بعد وفاة عليّ أو إبراهيم(55). وقال السيّد حسن الصدر الكاظمي في رسالته المخطوطة ( تحيّة أهل القبور بالمأثور ): إنّ القاسم بن الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام قبره قر نهر الجرَبوعيّة من أعمال الحلّة؛ جرت سيرةُ العلماء الأجلاّء الحُجج على شدّ الرحال لزيارته من النجف وكربلاء.<br /> وجاء في ( مراصد الاطّلاع ) ذيل مادّة « شوشة »: شوشة قرية بأرض بابل اسفل من حلّة بني مَزِيد، بها قبر القاسم بن موسى بن جعفر، ويقرب منها قبر ذي الكِفل(56).</p> <p dir="RTL"><strong> </strong></p> <p dir="RTL"><strong>عبدالله بن الإمام الكاظم عليه</strong><strong> </strong><strong>السّلام</strong><br /> ذكره الشيخ الطوسيّ في أصحاب الإمام الكاظم عليه السّلام، وقال إنّه روى عن أبيه عليه السّلام، وذكره أخرى في أصحاب الإمام الرضا عليه السّلام(57).</p> <hr class="system-pagebreak" title="129" alt="kazem129" /> <p dir="RTL"><br /> وتقدّم عن الشيخ المفيد في ( الإرشاد ) أنّ لكلّ واحد من وُلد أبي الحسن موسى عليه السّلام فضلاً ومنقبة مشهورة. وروى الشيخ المفيد في كتابه ( الاختصاص )(58) رواية جاء فيها أن عبدالله بن موسى تصدّى للفتوى بغير علم، وأنّ الإمام أبا جعفر الجواد عليه السّلام نهاه عن ذلك، فانتهى واستغفر الله تعالى.<br /> روى عبدالله عن أبيه الكاظم عليه السّلام، وروى عنه الكلينيّ في ( الكافي ) بإسناده عن عليّ بن السائح(59).<br /> وقال العمري النسّابة في ( المجدي ): وولَدَ عبدالله بن الكاظم عليه السّلام ـ وهو لأمّ ولد، يقال لولده « بنو العوكلاتي » ـ ثلاثَ بنات، هنّ: زينب وفاطمة ورقيّة، وخمسة ذكور هم: أحمد ومحمد والحسين والحسن وموسى أولَدَ كلٌّ منهم(60).</p> <p dir="RTL"><strong> </strong></p> <p dir="RTL"><strong>الحسن بن الإمام الكاظم عليه</strong><strong> </strong><strong>السّلام</strong><br /> روى الحسن بن موسى عن أمّه وأم أحمد بن موسى بن جعفر عليهما السّلام، وروى عنه الصدوق في ( مَن لا يَحضُره الفقيه )، باب غُسل يوم الجمعة روايةً روى الكليني مَثيلتها بإسناده عن الحسين بن موسى(61).</p> <p dir="RTL"><strong> </strong></p> <p dir="RTL"><strong>عبدالرحمن بن الإمام الكاظم عليه</strong><strong> </strong><strong>السّلام</strong><br /> ذكره النسّابة العمري في كتابه ( المجدي في أنساب الطالبيين ) وقال: لم يُعقّب(62).</p> <p dir="RTL"><strong> </strong></p> <p dir="RTL"><strong>جعفر بن الإمام الكاظم عليه</strong><strong> </strong><strong>السّلام</strong><br /> ذكره ابن عنبة في ( عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب )، وقال: إنّ العقب من جعفر ـ ويقال له الخواريّ، ويُقال لولده الخواريوّن والشجريّون أيضاً؛ لأنّ أكثرهم بادية حول المدينة يَرعَون الشجر ـ في رجُلَين: موسى والحسن. أما موسى فهو جدّ آل المليط بالحلّة والحائر. قال شيخ الشرف العُبيدليّ: هو المليط الثائر بالمدينة(63).</p> <p dir="RTL"><strong> </strong></p> <p dir="RTL"><strong>سليمان بن الإمام الكاظم عليه</strong><strong> </strong><strong>السّلام</strong><br /> ذكره العمري النسّابة في ( المجدي ) وقال إنّه لم يُعقّب(64).</p> <p dir="RTL"><strong> </strong></p> <p dir="RTL"><strong>الفضل بن الإمام الكاظم عليه</strong><strong> </strong><strong>السّلام</strong><br /> ذكره العمري في ( المجدي ) وذكر أنّه لم يُعقّب(65).</p> <hr class="system-pagebreak" title="130" alt="kazem130" /> <p dir="RTL"><strong> </strong></p> <p dir="RTL"><strong>هارون بن الإمام الكاظم عليه</strong><strong> </strong><strong>السّلام</strong><br /> أمّه أمّ ولد، وقد اختلف علماء الأنساب في عقبه، فمنهم ـ كالشيخ أبي نصر البخاري ـ من قال إنّه لم يعقّب، ومنهم ـ كالشيخ أبي الحسن العمري والشيخ أبي عبدالله بن طباطبا وابن عنبة ـ من قال إنّه أعقب من أحمد بن هارون وهو لأمّ ولد. وأعقب أحمد بن هارون من رجلين: محمّد وموسى. أمّا موسى فقد كان أعقب عقباً يُقال لهم « بنو الأفطسيّة »(66).</p> <p dir="RTL"><strong> </strong></p> <p dir="RTL"><strong>حمزة ابن الإمام الكاظم عليه</strong><strong> </strong><strong>السّلام</strong><br /> ذكره ابن عنبة في ( عمدة الطالب )، وقال إنّ العقب منه ـ وكان لأمّ ولد، وكان كوفيّاً ـ كثير ببلاد العجم من رجُلَين: القاسم وحمزة. وكان له عليّ بن حمزة مضى دارجاً، وهو المدفون بشيراز خارج باب اصطَخْر، له مشهد يُزار.<br /> وأمّا حمزة بن حمزة بن الكاظم عليه السّلام ـ وأمّه أمّ ولد ـ فكان متقدّماً بخراسان، وله عقب قليل بعضهم ببلخ.<br /> وأمّاالقاسم بن حمزة بن الكاظم عليه السّلام وفيه البقيّة ويُعرف بالأعرابي، وأمّه أمّ ولد، فأعقب من محمد وعلي وأحمد، ولهم أعقاب منهم نقباء طوس وساداتها(67).</p> <p dir="RTL"> </p> <p dir="RTL">المصادر:</p> <p dir="RTL">1ـ الإرشاد للمفيد 244:2 ـ 246. <br /> 2ـ مناقب آل أبي طالب 324:4؛ ولا يخفى عدم تطابق العدد والمعدود، والظاهر أنّ منشأه أغلاط النسخ واختلافها. <br /> 3ـ عمدة الطالب 177 ـ 178. <br /> 4ـ المجدي في أنساب الطالبيّين 106 ـ 107. <br /> 5ـ مكاتيب الإمام الرضا عليه السّلام 209 ـ 210 / الرقم 157. <br /> 6ـ رجال الكشّي 728:2 ـ 729 / الرقم 804. معجم رجال الحديث، للسيّد الخوئي 317:12. 7 ـ عيون أخبار الرضا عليه السّلام 221:2 / ح 37 ـ باب دلالات الرضا عليه السّلام. <br /> 8ـ الكافي للكليني 509:6 / ح 5 ـ باب الحّنّاء بعد النورة. <br /> 9ـ الكافي 42:3 / ح 6. <br /> 10ـ الفخري، لعزيز الدين المروزي الأزوقاني 2؛ منتقلة الطالبيّة، للنسّابة ابن طباطبا 218 ـ 219؛ عمدة الطالب، لابن عنبة 178. <br /> 11ـ الإرشاد 245:2 ـ 246.</p> <hr class="system-pagebreak" title="131" alt="kazem131" /> <p dir="RTL"><br /> 12ـ تحفة الأزهار لابن شدقم (مخطوط ) نقلاً عن هامش الفوائد الرجاليّة للسيّد بحر العلوم 413:1. <br /> 13ـ الإرشاد 246:2. <br /> 14ـ تاريخ الطبري ـ حوادث سنة 200 هـ. <br /> 15ـ تحفة الأزهار لابن شدقم (مخطوطة ) ـ نقلاً عن هامش ( الفوائد الرجاليّة ) للسيّد بحر العلوم 413:1. <br /> 16ـ عيون أخبار الرضا عليه السّلام 39:1 ـ 40 / ح 4 ـ الباب 5. <br /> 17ـ الكافي 380:1 ـ 381 / ح 2. <br /> 18ـ نقلاً عن ( موسوعة العتبات المقدّسة )، جعفر الخليلي 18:10. <br /> 19ـ موسوع العتبات المقدّسة، جعفر الخليلي 19:10 ـ 20. <br /> 20ـ موسوعة العتبات المقدّسة 18:10 ـ 20. <br /> 21ـ هامش ( الفوائد الرجالية ) 428:1. <br /> 22ـ هامش ( الفوائد الرجالية ) للسيّد بحر العلوم 434:1. <br /> 23ـ هامش ( الفوائد الرجالية )436:1. <br /> 24ـ عمدة الطالب لابن عنبة 183. <br /> 25ـ عمدة الطالب 183. <br /> 26ـ الإرشاد للمفيد 244:2 ـ 245. <br /> 27ـ المجدي في أنساب الطالبيين للعَمْري 107. <br /> 28ـ رجال الكشي. <br /> 29ـ عيون أخبار الرضا عليه السّلام، للصدوق 33:1 ـ 37؛ الكافي 316:1. <br /> 30ـ سفينة البحار للمحدّث القمّي 99:4؛ المجدي للعمري النسّابة 118. <br /> 31ـ الأنعام: 108. <br /> 32ـ الأنعام: 68. <br /> 33ـ النحل: 116. <br /> 34ـ الكافي 378:2 / ح 12. <br /> 35ـ عمدة الطالب لابن عنبة 212. <br /> 36ـ سفينة البحار للمحدّث القمّي 283:4. <br /> 37ـ سفينة البحار للقمّي 283:4.</p> <hr class="system-pagebreak" title="132" alt="kazem132" /> <p dir="RTL"><br /> 38ـ التهذيب للشيخ الطوسي 3:6. <br /> 39ـ عيون أخبار الرضا للصدوق 38:1 ( آخر وصيّه الإمام الكاظم عليه السّلام ). <br /> 40ـ رجال الكشّي 423 ( طبعه النجف ). <br /> 41ـ المجدي في أنساب الطالبيّين للعمري النسَّابة 122. <br /> 42ـ الذاريات: 17. <br /> 43ـ الإرشاد للمفيد 245:2. <br /> 44ـ المجدي في أنساب الطالبيين للعمري النسّابة 120. <br /> 45ـ روضات الجنّات للخوانساري 97:1. <br /> 46ـ عمدة الطالب لابن عنبة 202 ؛ مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الاصفهاني 436. <br /> 47ـ عمدة الطالب 202. <br /> 48ـ عيون أخبار الرضا عليه السّلام للصدوق 257:2 / ح 1. <br /> 49ـ عيون أخبار الرضا عليه السّلام للصدوق 258:2 / ح 2. <br /> 50ـ عيون أخبار الرضا عليه السّلام 260:2 / ح 6. <br /> 51ـ عُمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب لابن عنبة 202. <br /> 52ـ الكافي للكليني 250:1 ـ 251 / ح 14؛ بحار الأنوار 12:48 ـ 14 / ح 1. <br /> 53ـ الصافّات:11. <br /> 54ـ بحار الأنوار للمجلسيّ 289:48 / ح 6. <br /> 55ـ معجم رجال الحديث للسيّد الخوئيّ 63:15. <br /> 56ـ مراصد الاطلاع ـ مادّة « شوشة »، ومثله ما في معجم البلدان لياقوت الحمويّ. <br /> 57ـ معجم رجال الحديث للخوئي 376:11. <br /> 58ـ الاختصاص 102. <br /> 59ـ الكافي 2 ـ كتاب الإيمان والكفر ـ ح 3، نقلاً عن معجم رجال الحديث 377:11. <br /> 60ـ المجدي في أنساب الطالبيين للعمري 116 ـ 117. <br /> 61ـ معجم رجال الحديث للخوئي 156:6؛ الكافي للكلينيّ 509:6 / ح 5. <br /> 62ـ المجدي في أنساب الطالبيين 107. <br /> 63ـ عمدة الطالب لابن عنبة 199. <br /> 64ـ المجدي في أنساب الطالبيين للعمري 107. <br /> 65ـ المجدي 107. <br /> 66ـ عمدة الطالب لابن عنبة 210. <br /> 67ـ عمدة الطالب لابن عنبة 208 ـ 209.</p>

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

السبت 19 سبتمبر 2009 - 00:57 بتوقيت مكة