خاص الكوثر - عراق الغد
قال الدكتور الربيعي: هناك آفاق مقلقة تُظلّل العراق، ولا يخفى على أحد ما تمرّ به الأمة الإسلامية من أزمات متراكمة. نحن أمام إشكالية كبيرة لها أنماط متعددة، تارة تظهر على شكل احتواء دولي لمراكز القوى في العالم العربي والإسلامي، وتارة أخرى تحت غطاء "الإرهاب" و"التكفير"، ضمن سياسة "فرّق تسد" التي تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية، الهدف من هذه السياسة هو تفريق المسلمين ومنع وحدتهم وقوتهم. وهي سياسة معروفة لدى الإمبريالية، وتُمارَس بأشكال مختلفة، منها الحروب المتعددة التي شهدتها معظم ساحات المنطقة: العراق، إيران، لبنان، اليمن، وفلسطين التي لا تغيب عن أي مشهد من مشاهد المواجهة.
اقرأ ايضاً
وتابع ضيف البرنامج : وفي الوقت الذي نشهد فيه ما يجري في غزة، نرى أيضًا كيف يُراد للعراق أن يعيش في دوامة من الاضطرابات، ضمن نظام ديمقراطي فيدرالي جلب معه الكثير من المشاكل. هذا النظام لم يُبنَ على منظومة أخلاقية أو مؤسسات متينة، بل على ثغرات وهيكليات هشّة، والعنصر الوحيد الذي يُدار بشكل مستمر هو "الانتخابات"، التي أرادت أمريكا فرضها كجوهر للعملية السياسية في العراق.
واكمل العراق اليوم يدور في حلقة مفرغة، لا تتيح له تفعيل قواه الوطنية أو الاستفادة من قدراته. مفاهيم مثل العولمة والفدرالية تُستخدم كأدوات لهدم المنظومة الأخلاقية والدينية، والهوية السيادية للبلاد، لتقوده نحو واقع ضبابي لا ضابط له.
واضاف الربيعي: هناك ضغوط تُمارس على الأولويات الوطنية، والعراق اليوم أمام ساحة مفتوحة بلا ملامح واضحة. واقعٌ مرتبك، يتطلب إدارة حكيمة، خاصة من الأحزاب العراقية التي تتصدى للمشهد السياسي.
وختم الربيعي حديثه بالقول: نحن أمام دولة مقسّمة دستوريًا بين رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان ورئاسة الوزراء، ولكن الأخطر هو تعدد الرؤوس السياسية القابلة للانقسام مع أي أزمة قد تطرأ، مثل تحالف بعض الكتل السنية مع جماعات إرهابية في سوريا، أو مع ما يُسمى "قوات العشائر" المتأثرة بالفكر الأموي، كل ذلك يؤدي إلى تصادم محتمل مع الدولة المركزية في بغداد. نعم، أمريكا تسعى لإنهاك العراق ضمن هذه الدائرة المفرغة، من دون أن تعطيه أي قيمة كدولة سيادية لها حضور ومقام بين الأمم. بل تريد له أن يبقى دولة هامشية خاضعة لمعادلات الأمن القومي الأمريكي، ولهذا تطالب في كثير من الأحيان بحل الحشد الشعبي.