خاص الكوثر_الوجه الاخر
أوضح فضيلة الشيخ محمد الزعبي، إمام وخطيب جامع الخلفاء الراشدين في طرابلس، أن كربلاء تتجاوز إطار الحدث التاريخي المحدود لتصبح مفهوماً متجدداً يتكرر كلما ظهر الظلم واستُنهضت الأمة للوقوف في وجهه. وأشار إلى أن الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم تحدث عن كربلاء قبل وقوعها، ما يعني أنها لم تكن مجرد واقعة طارئة، بل نقطة مفصلية في خط المواجهة بين العدالة والطغيان.
وتابع الزعبي قائلاً إن كربلاء لم تبدأ فقط في عهد الإمام الحسين عليه السلام، بل تعود جذورها إلى أولى صور الظلم في التاريخ البشري، حين قَبل أحد ابني آدم أن يكون مظلوماً على يد أخيه. ومن هنا فإن أي تضحية في سبيل الحق هي امتداد لذلك الموقف الأخلاقي والروحي، الذي بلغ ذروته في شهادة الحسين وأهل بيته.
وأضاف أن الأثر الممتد لكربلاء يمكن قياسه من خلال استمرار استلهام المواقف الثورية منها، حتى من أولئك الذين قد يكونون على خلاف مع الحسين من حيث التوقيت أو المنهج، كما حصل مع عبد الرحمن بن الأشعث، الذي استعان بشعارات الحسين عليه السلام في ثورته ضد بني أمية.
وذكر الزعبي أن الأمة تعود إلى كربلاء كلما اشتدت الأزمة وبلغ الظلم ذروته، مشيراً إلى أن هذا المشروع لا يزال يلهم الشعوب في مختلف الأزمان، ويجدد فيهم روح المقاومة والتمسك بالقيم، في معركة تتجاوز الزمان والمكان.
وختم حديثه بالتأكيد على أن كربلاء ستبقى معيارًا لفهم الحق والباطل، ومصدرًا لإعادة الوعي، مضيفًا أن "من أحيا سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها"، والحسين عليه السلام لم يكن مجرد شهيد، بل مجدد لسنة الإصلاح والتضحية حتى قيام الساعة.